الثلاثاء , 26 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

(ذكرى النصر) انتصار تموز بعيون 2020…بقلم د. ميادة ابراهيم رزوق

لأول مرة في تاريخ حروب كيان العدو الصهيوني على الدول العربية، شُنّت حرب تموز بقرار أمريكي، وحددت لها أهداف خفية، وهي احتلال سورية بسبب موقفها الثابت في دعم المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان، وجاءت إطالة أمد الحرب على لبنان في تموز من أجل تحقيق الهدف الأميركي الذي لم يكن من المُمكن تحقيقه من خلال غزو أمريكي لسورية، ليصطدم بانتصار مدوي للمقاومة اللبنانية “حزب الله” زلزل المجتمع الصهيوني.
بقراءة عاجلة لتفاصيل هذا العدوان الصهيوامريكي ، وأهم أسبابه المباشرة وبدعم ومساندة أنظمة الرجعية العربية
• للتخلص من المقاومة اللبنانية المتمثلة بحزب الله، وإسقاط نظرية السيد حسن نصرالله في خطاب النصر من بنت جبيل في 25/5/2000 “إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت” الذي حفر ولاتزال تداعيات هذا الخطاب وتأثيره قائمة عميقاً في الوعي الجمعي للكيان الصهيوني من أصغر مستوطن إلى أعلى مسؤول سياسي وأمني.
• والتأكيد أن (إسرائيل)” جدار وبيت من فولاذ” على حد قول رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتيناهو.
وكان الهدف الأساسي من معركة بنت جبيل في عدوان تموز 2006 خطاب النصر الذي أُعدَّ لرئيس الأركان في حينه دان حالوتس وسمي خطاب “بيت الفولاذ”، حيث كان مخططا أن يكون رداً على خطاب “بيت العنكبوت” وأن يطلق من المدينة نفسها بعد احتلالها، ومن المكان نفسه الذي ألقى فيه السيد حسن نصرالله خطابه الشهير، لكن الانكسار العسكري كرس نظرية “بيت العنكبوت”، وأضاف إليها إسقاط اسطورة “الميركافا”، حيث خرجت من وادي الحجير اللبناني أولى علامات الهزيمة التي منيت بها جحافل الجيش الصهيوني قبل 14 عاما، الوادي الذي حوله رجال الله إلى واد لدموع الإسرائيليات اللواتي بكين على أبنائهن الذين تاهوا وهم على متن دباباتهم وآلياتهم المحصنة، بعد أن تحولت “الميركافا” إلى تابوت حديدي تفوح منه رائحة الموت والخيبة.
وقد تحدث الأمين العام لحزب الله مرارا وتكرارا عن دور سورية وإلى جانبها إيران في دعم المقاومة في لبنان لتحقيق انتصارات متلاحقة ومنها انتصار تموز، ودون الدخول بتفاصيل ذلك في هذا المقال، لكن لا يمكن أن نغفل بأن القائد الخالد حافظ الأسد هو من أسس لهذا التعاون مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بإقامة علاقات استراتيجية معها بعد الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979.
وبالعودة إلى نتائج ووقائع الانتصار المزلزل في حرب تموز 2006، والمعادلات التي كرسها لتغيير موازين الردع، بدءاً من “معادلة ولى زمن الهزائم وبدأ زمن الانتصارات”، وانتفاء اعتماد الكيان الصهيوني على حرب خاطفة وسريعة ينتصر فيها ويحقق أهدافه، إلى تقرير فينوغراد الإسرائيلي الذي أقر بانتهاء زمن الحروب المباشرة، ووجوب تدعيم قوة الردع العسكرية، واللجوء إلى الحرب الناعمة والذكية ” حرب الإعلام وشذاذ الآفاق” ووفق ذات النظرية التي أطلقتها كوندليزا رايس لتحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد الفوضى الخلاقة (Creative chaos) ، ولكن بطريقة مغايرة ترجمت بما سمي بـ (الربيع العربي) لتفتيت وتقسيم وتجزئة المنطقة إلى كنتونات عرقية وقومية واثنية وطائفية يتسيدها الكيان الصهيوني، لتسقط نظرية الاحتلال والقدرة العسكرية وتُستبدل بمقايضة قدرة الردع العسكرية بدور قيادي اقتصادي أمني للكيان الصهيوني.
بعد فشل الحروب السياسية والعسكرية الصهيوامريكية المباشرة وغير المباشرة بأدواتهم ووكلائهم “العصابات الإرهابية التكفيرية بمختلف مسمياتها” والنظام التركي والأنظمة الرجعية العربية، لجأت الولايات المتحدة الأمريكية وقبل خروجها بشكل كامل من منطقة غرب آسيا الذي يعني بمضمونه الحقيقي تهديد أمن ووجود الكيان الصهيوني… إلى سياسة العقوبات والحصار والحرب المالية والاقتصادية وتشديد الخناق على دول محور المقاومة وحلفائه المناهضين للسياسة والهيمنة الأمريكية، لتفجير ساحات هذه الدول من الداخل نحو الفتنة والاقتتال وخسارة الحاضنة الشعبية لقادة وبيئة المقاومة، أو المقايضة بإيقاف الحصار والعقوبات والخروج الأمريكي من المنطقة بما يضمن أمن الكيان الصهيوني، وهذا الذي لم ولن تخضع له دول محور المقاومة بعد تنامي وتكامل قدراتها واستكمال ترسانتها العسكرية وتفوقها التكنولوجي كمقومات انتصار في أي حرب قادمة عنوانها زوال الكيان الصهيوني.
وهي تفاصيل شهدناها من مؤشرات داخل الكيان الصهيوني الغارق في أزماته الداخلية السياسية والاقتصادية، إلى الانجازات المتلاحقة التي حققها محور المقاومة وغيرت معادلات توازن الردع بدءاً من إسقاط الطائرة المسيرة “غلوبال هوك” درة الصناعة العسكرية الأمريكية، إلى ضربة عين الأسد التي ابتلع فيها الأمريكي لسانه، وصولاً لإنجازات الجيش اليمني الوطني واللجان الشعبية بضربة أرامكو واستهداف المنشآت النفطية والاقتصادية السعودية، إلى عملية توازن الردع الرابعة المستمرة باستهداف عمق وأطراف الكيان السعودي بمواقع ومقرات عسكرية وسيادية موجعة وأكثر تحصيناً، إلى عمليات المقاومة اللبنانية النوعية بعملية “افيفيم” في مدينة صلحة الفلسطينية المحتلة عام 1948، وعملية اختراق الأسلاك الشائكة على الحدود مع فلسطين المحتلة بعيدا عن أعين كميرات المراقبة الإسرائيلية، والتهديدات التي يعرف الكيان الصهيوني مدى صدقيتها باستهداف منصات التنقيب والحفر البحرية الإسرائيلية إن نصبت في مجالات تسلب لبنان ثرواته النفطية والغازية، إلى إسقاط قوات الجيش العربي السوري الطائرة الإسرائيلية F16 التي اخترقت الأجواء السورية، إلى الاتفاقية العسكرية الأمنية الإيرانية السورية 8/7/2020 التي ترنو إلى تطوير منظومة الدفاع الجوي لدى الجيش السوري، والتي تزوده بمنظومة الدفاع الجوي خرداد 3 و باور 373 التي توازي أو تتخطى قوة منظومة S300 الروسية، أو منظومة باتريوت الأمريكية، وبما يقوض التفوق الجوي الغربي الإسرائيلي في أي حرب مرتقبة.
مع انتقال دول محور المقاومة إلى بداية اجراءات الاكتفاء الذاتي الزراعي والصناعي، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومشاريع التكامل الاقتصادي فيما بينها، وتبادل البضائع والمواد النفطية وغيرها بالعملات المحلية، لتتقاطع مع العمل على إنجاز وتفعيل كل من مشروع خط تشابهار الإيراني الذي يربط اوراسيا بآسيا الوسطى، والاتفاقية الإيرانية الصينية التي هي قيد المناقشة، مع مشروع الحزام والطريق الصيني.. لتشكيل وفق كل ماسبق لمنظومة تؤسس لتحالف إقليمي يدق اسفينا في نعش هيمنة الدولار، وبالتالي أفول هيمنة الإمبراطورية الأميركية، وبما يشكل تهديدا حقيقيا وأمرا واقعا يستهدف وجود الكيان الصهيوني.

 

شاهد أيضاً

لبنان وفلسطين …..وحدة المعركة والمصير…بقلم ميلاد عمر المزوغي

راهن الغرب على ضعف لبنان من خلال خلق نظام طائفي للحكم,اضافة الى تكوين عملاء له, …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024