أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، إن الخطط المملاة من قبل أمريكا والصهاينة، مثل صفقة القرن، وإعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وضم مرتفعات الجولان إلى غيرها من الأراضي المحتلة، محكوم عليها بالفشل.
وأضاف روحاني خلال كلمته اليوم الأربعاء، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الـ 74، ان الشرق الأوسط بات يحترق في نيران الحرب، والعدوان، والاحتلال، والتعصبات المذهبية والطائفية، والتطرف وان أكبر ضحايا مثل هذه الظروف هو الشعب الفلسطيني المظطهد. فإن التمييز، واحتلال الأراضي، وبناء المستوطنات، والإبادة لاتزال مستمرة في فلسطين.
وخلافاً للخطط الأمريكية المدمرة، فإن مساعدات الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتعاونها الإقليمي والدولي في مجال إرساء الأمن ومكافحة الإرهاب كانت مصيرية جداً. ومن أبرز أمثلتها، هو التعاون مع روسيا وتركيا في مسار عملية أستانا لتسوية الأزمة السورية، وكذلك تقديم مبادرة سلام لتسوية الأزمة اليمنية والتعاون الفاعل مع مبعوثي الأمين العام للأمم المتحدة، وكذلك المبحاثات البناءة مع أربع دول أوروبية وجهودها الفاعلة لتسهيل مباحثات السلام بين الأطراف اليمنية والتي أدت إلى اتفاق ستوكهولم للسلام بشأن ميناء الحديدة.
وأضاف: أنا قادم من بلد ظل صامداً، منذ عام ونصف عام، أمام أقسى أنواع الإرهاب الاقتصادي ودافع عن حقه في الاستقلال والتنمية العلمية والتقنية؛ فقد حاولت الإدارة الأمريكية ومن خلال فرض عقوبات عابرة للحدود وتهديد الدول الأخرى، أن تحرم إيران من مزايا المشاركة في الاقتصاد العالمي، وقد مارست قرصنة دولية عبر استغلال النظام المصرفي.
وتابع، نحن الإيرانيين كنا في طليعة شعوب المنطقة في الثورات التحررية؛ أردنا دوماً السلام والتقدم لأنفسنا ولجيراننا ولم نستسلم قط أمام العدوان والإملاءات الخارجية. إننا لا نستطيع أن نصدق الدعوة إلى التفاوض ممن يدعون أنهم فرضوا أقسى أنواع الحظر في التاريخ ضد شعبنا ومعيشته الكريمة. كيف يمكن التصديق بأن تكون ممارسة الجرائم بحق شعب والضغط على حياة 83 مليون إيراني، أن يكون أمرا ممتعا ومشرفا لمسؤولي الإدارة الأمريكية وأن يتحول استخدام العقوبات ضد مجموعة من الدول كإيران وفنزويلا وكوبا والصين وروسيا إلى إدمان مفرط. إن الشعب الإيراني لن ينسي أبداً هذه الجرائم وهؤلاء المجرمين ولن يصفح عنهم.
إن نهج الإدارة الأمريكية الحالية تجاه الاتفاق النووي ليس انتهاكاً لقرار 2231 فحسب، بل يعتبر اعتداءً على سيادة دول العالم كافة وعلى استقلالها السياسي والاقتصادي.
رغم انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، لم تزل إيران ملتزمة ولمدة عام بتعهداتها النووية وفق الاتفاق النووي. فاحتراماً لقرار مجلس الأمن، أمهلنا أوروبا لتفيَ بتعهداتها الأحد عشر لتعويض انسحاب أمريكا لكن وللأسف، لم نسمع إلا الكلام الجميل، دون أن نرى خطوة فاعلةـ اتضح اليوم للجميع أن أمريكا تدير ظهرها لتعهداتها وأوروبا تعجز عن الوفاء بتعهداتها. لكننا وحتى قررنا تطبيق بندي الـ 26 و 36 للاتفاق النووي، اتخذنا إستراتيجية الخطوة خطوة ولم نزل ملتزمين بالاتفاق النووي. إلا أن هناك حدود لصبر إيران. فعندما لا تحترم أمريكا قرار الأمم المتحدة وحينما أظهرت أوروبا عجزها عن الوفاء بتعهداتها، لن يبقى طريق غير التعويل على عزتنا وكبرياءنا واقتدارنا الوطني.
يدعوننا إلى التفاوض بينما يتهربون هم أنفسهم من التفاوض. كنا نتفاوض مع الإدارة الأمريكية الحالية على طاولة مفاوضات 1+5، لكنهم ضربوا بتعهدات سلفهم عرض الحائط.
بصفتي ممثلاً عن شعبي ووطني أعلن: أن ردنا على مقترح التفاوض في ظل العقوبات هو الرفض. فقد صمد شعب إيران وحكومتها لمدة عام أمام أقسى العقوبات ولن يتفاوضا أبداً مع عدو يريد دفع إيران إلى الاستسلام باستخدام سلاح الفقر والضغط والعقوبات.
كما قال قائد الثورة المعظم، إذا تطلبون الرد الإيجابي، فإن السبيل الوحيد للحوار هو العودة إلى التعهدات. إذا كانت لديكم حساسية تجاه اسم الاتفاق النووي، فعودوا إلى روح هذا الاتفاق وتعهدوا بسياق قرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن. أوقفوا العقوبات لكي يُفتح طريق الحوار.
أقولها بوضوح، إن رضيتم بالحد الأدني فسنكتفي نحن أيضاً بالحد الأدني. فالاتفاق النووي يمثل لنا ولكم الحد الأدنى؛ لكن إن تريدوا الأكثر فيجب عليكم أن تعطوا أكثر المزيد. إن كنتم مصرين على كلمتكم بأن لديكم مطلب واحد من إيران وهو عدم إنتاج السلاح النووي واستخدامه فهذا يتحقق من خلال فتوى قائد الجمهورية الإسلاميةـ الإيرانية، فضلاً عن رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. يكفي فقط أن تعودوا إلى حقيقة التفاوض بدل استعراض التفاوض. فالصورة التذكارية هي آخر محطة للتفاوض وليست بدايته.
نحن في إيران ورغم كل عراقيل الإدارة الأمريكية حافظنا على سيرنا في طريق تنمية وبناء الاقتصاد والمجتمع الإيراني. فالاقتصاد الإيراني حقق خلال عام 2017 أعلى نسبة نمو اقتصادي في العالم، إلى جانب خفض متواصل في معدل التضخم. واليوم وبالرغم من الاضطرابات الناجمة عن الأسباب الخارجية خلال العالم ونصف العام المنصرم، عاد الاقتصاد الإيراني مرة أخرى إلى مسار النمو والاستقرار. فمعدل نمو إجمالي الناتج المحلي الإيراني – دون احتساب النفط – أصبح إيجابياً من جديد في الشهور الأخيرة. كما أن الميزان التجاري للبلد لا يزال إيجابياً.
إن العقيدة الأمنية للجمهورية الإسلامية الإيرانية هي الحفاظ على السلام والاستقرار في الخليج الفارسي وتوفير الأمن والحرية للملاحة البحرية في مضيق هرمز الإستراتيجي. إلا أن الأحداث الأخيرة عرّضت هذا الأمن لخطر جدي. إن الأمن والسلام في الخليج الفارسي وبحر عمان ومضيق هرمز يتحققان عبر مشاركة دول هذه المنطقة، إذ هي كفيلة بضمان التدفق الحر للنفط وسائر موارد الطاقة شريطة أن نعتبر الأمن مظلة شاملة لكل الدول وفي كل المجالات.
من هذا المنطلق وبناءً على المسؤولية التاريخية لبلدي في الحفاظ على الأمن والسلام والاستقرار والتقدم في منطقة الخليج الفارسي ومضيق هرمز، فإنني أدعو كافة الدول التي تتأثر بتطورات الخليج الفارسي ومضيق هرمز إلى “تحالف الأمل”، حيث تختزل كلمة HOPE عبارة “Hormoz Peace Endeavor” أي”مبادرة هرمز للسلام”.
إن الهدف من تحالف الأمل هو الارتقاء بالسلام والاستقرار والتقدم والرخاء لكل شعوب منطقة مضيق هرمز والتشجيع على التفاهم المتبادل والعلاقات السلمية والودية والتعاون فيما بينها. هذه المبادرة تشمل مجالات التعاون المختلفة كالعمل الجماعي لتحقيق أمن الطاقة وحرية الملاحة والتدفق الحر للنفط وغيرها من الموارد من وإلى دول منطقة مضيق هرمز وأبعد منها.
يقوم تحالف الأمل على أسس مهمة كالاتزام بأهداف ومبادئ الأمم المتحدة، والاحترام المتبادل، والمكانة المتكافئة، والتحاور والتفاهم، واحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، وعدم المساس بالحدود الدولية، والتسوية السلمية لكافة الخلافات، ورفض التهديد باستخدام الضغط أو اللجوء اليه، وأهم من هذه كلها مبدأين أساسيين وهما “عدم الاعتداء” و”عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبعض”. كما أن مشاركة الأمم المتحدة ضرورية من أجل خلق مظلة دولية لدعم “تحالف الأمل”.
وسيقوم وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية بإطلاع الدول المعنية على مزيد من تفاصيل “تحالف الأمل”.
إن تشكيل أي تحالف الأمني وتحت أي عنوان في المنطقة بمحورية وقيادة القوات الأجنبية يعد مظهراً بارزاً للتدخل في شؤون المنطقة. فالتوجه الأمني تجاه الملاحة البحرية يتناقض مع حق حرية الملاحة وحق التنمية ويتسبب في مزيد من التصعيد وتعقيد الظروف وتعزيز أجواء عدم الثقة في المنطقة ويهدد أمنها واستقرارها وسلامها.
إن أمن المنطقة يتحقق بخروج القوات الأمريكية وليس بأسلحتها وتدخلها. فأمريكا وبعد مضي 18 سنة فشلت في تقليص الأعمال الإرهابية، لكن الجمهورية الإسلامية وبمساعدة الشعوب والدول الجارة أنهت فتنة داعش. إن الحل النهائي لسلام الشرق الأوسط وأمنه هو “الديمقراطية في الداخل والدبلوماسية في الخارج”. إذ لا يمكن شراء الأمن أو توفيره عبر الدول الأجنبية.
إن سلام جيراننا وأمنهم واستقلالهم هو سلامنا وأمننا واستقلالنا. ليست أمريكا جارتكم وإنما الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي جارتكم. ومن القدم علمونا “الجار ثم الدار”. فاذا وقعت الواقعة، فسنبقى نحن وأنتم لوحدنا. نحن جيران بعضنا ولسنا جيران أمريكا! .
إن أمريكا هاهنا وليست في الشرق الأوسط. أمريكا ليست وكيلة أي شعب وكفيلة أية دولة. لا تعطي أية حكومة الوكالة لحكومة أخرى أو تعطي كفالتها لآخر.
اليوم إذ وصلت شرارة النار المستعرة في اليمن إلى الحجاز، يجب البحث عمن أشعل هذه النيران وإنزال العقوبة به وليس بث التهم والضغائن ضد الأبرياء. إن أمن السعودية يتحقق من خلال إنهاء العدوان على اليمن وليس باستدعاء الأجانب. نحن مستعدون ومن أجل إرساء السلام أن نوظف جميع قدراتنا الوطنية ومكانتنا الإقليمية وقوتنا الدولية. إن الطريق نحو تحقيق السلام في جزيرة العرب، والأمن في الخليج الفارسي، والاستقرار في الشرق الأوسط يجب البحث عنه داخل الشرق الأوسط وليس خارجه. فقضايا المنطقة أكبر و أهم من أن تتمكن أمريكا منها. الإدارة التي فشلت في حلحلة قضية أفغانستان والعراق وسوريا وأسست للراديكالية والطالبانية والداعشية، لن تستطيع أبداً حل القضايا والمعضلات الأكثر تعقيداً.
أن منطقتنا تقف على حافة الهاوية، حيث أن خطأ واحداً قد يشعل حريقاً كبيراً. نحن لن نطيق تدخل الأجانب الاستفزازي وسنرد بحزم على أي اعتداء ضد أمننا ووحدة أراضينا. لكن الطريق البديل والمفضل لدينا هو التضامن بين كل الشعوب التي تجمعها المصالح المشتركة في الخليج الفارسي ومنطقة هرمز.
هذه هي رسالة الشعب الإيراني:
تعالوا لنستثمر في بناء مستقبل أفضل، بدل الاستثمار في الحرب والعنف. لنعد إلى العدالة. لنعد إلى السلام والقانون والعهود وطاولة المفاوضات. لنعد إلى الأمم المتحدة.
العالم