تمرّ علينا اليوم الذكرى التاسعة لمجزرة (سبايكر) المُروّعة، وهي فاجعة فاقت تصوّر من تحدّث عنها ولم يكن شاهد عيان عليها، وقليلون من نفذوا بجلودهم منها، هؤلاء المحظوظين معدودين على الأصابع، شاءت الأقدار أن يجدوا طريقا للنجاة بأرواحهم، وسط حالة من الارتباك والفوضى، لينقلوا إلينا حادثة إبادة جماعية اشتركت داعش وفلول البعث من عشائر تكريت في ارتكابها بأبشع صور القتل والتنكيل.
وداعش (1) كما نعرف تنظيم عسكري، قام بعد ذهاب أثر تنظيم القاعدة سنة 2003 – وانتهاء دوره الأمريكي في محاربة الاتحاد السوفييتي- كان هدفه إقامة دولة الخلافة، وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، من وجهة نظر وهابيّة متطرّفة عنيفة، أعلن عن قيام دولته في شهر أفريل 2013 ، ولم يكن ميسورا تأسيس هذا التنظيم الإرهابي من طرف قادته، من شيوخ الفكر الوهابي المتطرف منفردين، من دون أن تكون هناك أطراف أخرى شريكة فيه، لها مصلحة في قيامه ووجوده، لتنفيذ مخططات تستهدف تشويه الإسلام أحكاما ومقاصد، وأمن شعوب بعينها، لتفكيك أوصال بلدانها، ووضع أيديها على مقدّراتها واستهداف أمنها.
وبحسب اعترافات ساسة أمريكيين، من بينهم (دونالد ترامب و(هيلاري كلنتون)(2)، بإنّ أجهزتهم استخباراتهم كان لها دور رئيسي، في مساعدة هذا التنظيم الإرهابي في وجوده تكوينا وتمويلا، من أجل السيطرة على منطقة الشرق الأوسط،، وإدخالها في فوضى دموية، لصالح بقاء الكيان الصهيوني آمنا مطمئنا على أرض فلسطين، والقوات الأمريكية اليوم تواصل حماية ورعاية فلوله الباقية في العراق وسوريا، يتمّ ذلك في كنف السرّية، من أجل إبقاء المنطقة في حالة من عدم الأمن والإستقرار، ولكي لا يتمّ كشف الدور الأمريكي المُرِيب، ألّفوا مقابله تحالفا دوليا بعنوان القضاء عليه، والواقع أنه لم تقضي عليه سوى إرادة الشعبين العراقي والسوري وبمشاركة المتطوعين من ايران وأفغانستان والمقاومة اللبنانية ممثلة في حزب الله، وكان لروسيا دورها أيضا في القضاء على كيان إرهابي، لو نجح في البقاء بما وفّروا له من أعتدة وإمكانات، لكانت له تداعيات خطيرة على العالم الإسلامي بأسره.
وكان مؤسس موقع (ويكيليكس)، (جوليان أسانج)، قد صرّح بأن لديه أدلة، تؤكد ارتباط المرشحة للرئاسة الأمريكية، هيلاري كلينتون بـ «داعش».وذكر موقع «The Political Insider» أنه وفقا لأسانج، كلينتون لم تكن على اتصال بالإرهابيين فحسب، بل كانت ترسل أسلحة أمريكية لهم عندما كانت وزيرة للخارجية الأمريكية، وهيلاري كلينتون اثناء توليها منصب وزيرة الخارجية اعترفت في كتابها «خيارات صعبة»، ان «داعش» صناعة أمريكية – وكتبت أن الإدارة الأمريكية قامت بتأسيس ما يسمى بتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» «داعش»، لتقسيم منطقة الشرق الأوسط. وأفادت بعض المواقع، بأن الوزيرة السابقة قالت، في كتاب مذكراتها: «دخلنا الحرب العراقية والليبية والسورية وكل شيء كان على ما يرام.(3)
لقد كشفت مجزرة سبايكر التي قتل فيها المئات من خيرة شباب العراق، بما يفوق 1700 ضحية، الوجه القبيح لداعش الإرهابية، متعاونة مع فلول حزب البعث العراقي، ومن لاذ بهما من عشائر تكريت، رضوا بأن يكونوا أداة تنفيذها مجتمعين دون شفقة، وبرهنت أن أمريكا والكيان الصهيوني هما المسؤولان على ما حصل من جرائم على ارض العراق، وأصل كل بلاء فيه إلى اليوم ، اكتوى الشعب العر اقي بحرّ نارها فدفع ضريبة كبرى، بداية من أجل أن يتخلّص من نظام بعثي مجرم، جثم على صدره أكثر من ربع قرن، ذاق فيها الويلات، وتعددت أثناءها المجازر والاعتداءات بحقه، على مرأى ومسمع من أمريكا، التي كانت سياساتها ماضية في اتجاه قمع الشعوب العربية والإسلامية، من أجل اخضعها ووضعها تحت كلكلها.
سياسات أمريكا ولقيطها في المنطقة الكيان الصهيوني عدوانية، بتعدد أدواتها واختلاف أساليبها، غير عابئة بتداعياتها على دول وشعوب منطقة الشرق الأوسط،، فما يهُمّ الغربيين أعداء الفطرة الإنسانية مصالحهم، ولو كانت على حساب تلك الشعوب، وقيمة شعوبنا لا تعنس لهم شيئا في عقيدتهم السياسية وتطرّفهم الديني، والإنسان صاحب القيمة عندهم هو الغربي خصوصا اذا كان متطرّفا منقادا لأحكامهم الشاذّة عمالا بها أو مشجّعا لها كالمثلية الجنسية.
حادثة سبايكر هي جريمة داعشية بعثية أمريكية، يخطئ من يراها متعلقة فقط بمن ارتكبها، فمن مهّد وأسس وسلح وساعد على اقترافها، هو شريك لا يمكن فصله عن تبعاتها بأيّ حال من الأحوال، ولتركيا نصيب منها، فهي الشريك الرابع الذي اتخذ منه الارهابيون ممرّا تغلغلوا منه ا بعد اجتماعهم على أرضها بموافقة حكومتها، وتلقيهم أوامر الهجوم على سوريا والعراق، مجزرة محزنة في مشاهدها الدرامية، عزاؤنا الوحيد أن للعراق رجال سيثأرون من المجرمين، ويقطعون دابر الإرهاب التكفيري من بلادهم، ولن يُعْدَم العراق رجاله وقت الشدائد.
المراجع
1 – تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) https://ar.wikipedia.org/wiki/
2 – دونالد ترامب يتهم أوباما وكلينتون بتأسيس تنظيم “الدولة الإسلامي
https://www.france24.com/ar/20160811-
3 – داعش والمحتالة هيلاري
https://www.ammonnews.net/article/328355