اجتاز الشعب التونسي بنجاح اختبار الدورة الرئاسية الثانية، واستطاع ان يتفطن الى مؤامرة مرور مترشح، وقفت الى جانبه لوبيات الفساد، وبقايا المنظومة القديمة، والغرب والصهيونية وعملاؤهم، وعبّر بأسلوبه الديمقراطي، عن مساندة مرشّحه الأستاذ قيس سعيد، للوصول الى كرسي الرئاسة، بنسبة عالية مطمئنة، برهنت على مدى وعيه ونضجه، وكأني بالعناية الالهية قد احاطت به هذه المرة، لتمنعه من مزيد السقوط والانحدار، الى اسفل ترتيب الامم والشعوب المنتهكة في مقدّراتها ومستقبلها، والملعوب لها من طرف الدول الاستعمارية، الحاكمة بمصائر الدول الضعيفة.
مرحلة طواها التونسيون بكل عزم وارادة، وحققوا فيها ما لم يرده أعداؤه، الذين كانوا يتوقعون أن ينجح مرشحهم ويستمر الحبل على الغارب، بسياسة حكم عقيمة مرت عليها عقود عديدة، اضرت بالبلاد ما قبل الثورة وما بعدها، ولم يكن هناك من حل للخروج منها، سوى باختيار رجل وطني مثقف، واع بالمسؤوليات الملقاة على عاتقه، مستقلا عن الانتماءات الحزبية، له مرجعية اسلامية وسطية، ومؤمن بعدالة قضايا الوطن والأمة، وكان الاستاذ قيس سعيد في الموعد وانتصر به الشعب بنسبة قاربت ال73% .
الرئيس الجديد لتونس، يحمل نفس هموم وآمال الشعب، في أن تخرج تونس من المنحدر الخطير، الذي اوصلتها اليه سياسات محاصصات خاطئة وتوافقات كاذبة، لأحزاب لم يكن همها غير السلطة والحكم، لم يجني منها الشعب سوى الخسران، ركز في برنامجه الرئاسي على نقاط عديدة دلّت على عمق غايته وهدفه في كل مسألة، كالصحة، والتعليم، والامن الوطني، والقضاء، ومحاربة الفساد، والارتباط بعموم القضايا العربية والاسلامية، باعتبار تونس جزءا من وطن كبير، يشترك مع شعوبه آمالهم وآلامهم، مشيرا بالخصوص الى القضية الفلسطينية، التي رأى بشأنها تونس في حالة حرب مع الكيان الصهيوني، معتبرا أن ربط اي علاقة مع الكيان الغاصب، تعتبر خيانة عظمى، وهذا موقف يعتز به عموم التونسيين، ويعبّر عن موقفهم التاريخي الصادق المناصر لأشقائهم الفلسطينيين.
الصفحة الجديدة من النضال الى جانب الرئيس، قد انفتحت اليوم 13 اكتوبر 2019، لتدعو كافة فئات الشعب الى التحرّك الفعلي، ولتأسيس قاعدة جماهيرية عريضة، تكفي لتكون ثقلا راجحا ببرنامجه الاصلاحي الذي دعا اليه، فجانب كبير من البرلمانيين والاحزاب سيكونون عقبة في وجه برنامجه، على اساس أن البرلمان هو منطلق الاصلاح، بينما اتخذه من سعى الى حجز مقعد فيه، الى التحصن من تبعات مخالفاته المتراكمة، وجرائمه بحق البلاد، وبذلك فقد قدرته على الاصلاح، وثبت من خلال متابعاتنا لمجريات مداولاته، أنه برلمان شبه مشلول، وقد شهد تأجيل جلساته، بسبب كثرة الغيابات، استخفافا بواجب أخلّ به المتغيبون.
هذا الحراك الشعبي المنتظر حدوثه، والذي يجب ان يكون مؤطرا بكفاءات، تحسن القيادة والتوجيه، ولها من سعة الصدر وحسن الاخلاق، ما يجعل الجماهير تزداد التفافا بها، وبرئيسها الجديد
ثم الالتفات الى مقدّمات التغيير، كالمطالبة الشعبية، بإلغاء الحصانة عن البرلمانيين واعضاء الحكومة، حتى لا تكون حاجزا يحول بين الفاسدين، المتحصنين بعضوية البرلمان، وبين أن يقوم القضاء بواجبه، في محاسبة هؤلاء ومحاكمتهم، بما يستحقون من تجاوزات أضرت بالبلاد، لقد ظهرت على صفحات التواصل الاجتماعي دعوات، للانضمام الى حملة المطالبة بإلغاء الحصانة المذكورة، هذه الدعوة سيقع تفعيلها واخذها بعين الاعتبار، من طرف مناصري الرئيس السيد قيس سعيد، وسيكون لها أثر حسن، وستظهر نتائجها الايجابية في المستقبل، فنحن اليوم في حالة بناء هيكلية سياسية جديدة.
أول مراحل محاربة الفساد، تبدأ من جعل الناس سواسية أمام القانون، فلا يمتاز ذو منصب مهما علا، وان كان رئيسا للبلاد، كما قال السيد قيس سعيد نفسه، عندما علم بترشحه للرئاسة، وقال كلمته في هذا الصدد، مع ضمان أكبر قدر ممكن لاستقلالية القضاء، ليمارس قضاته أعلى درجات العدل، في القضايا المطروحة عليه.
بهذه الطريقة الشعبية سنعبر الى بر الأمان ببلادنا، يكون فيها الشعب مع اجهزة الحكم، العين الساهرة على امن البلاد واقتصادها، في كنف الوطنية الصادقة، التي لا تباع ولا تشترى، من طرف أيّ كان، عبور سيسجله التاريخ بإذن الله، ويرى من طرف الاشقاء نموذجا، لينسجوا على منواله، بإمكانه أن يخرج جميع شعوبنا من اوضاعها المتأزمة، وجزء كبير منها، تسببت فيه سياسات حكامها