الإثنين , 25 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

سنوات التيه العربي والبيع على المكشوف!!…بقلم ميساء المصري

في بداية هذه المقالة، أود أن أنوه بكل حرية، لا يملك أي أحد أن يحجرعلى رأي أو يصادر فكرة لأنها تخالف قناعاته، فالفكرة حق مشروع للجميع، ولست ممن يسلم بالقناعات الممنوحة والمسلمات المتمكنة، بل أن أشد الحقائق إزعاجا للعقل هي أشدها نفعا للإنسان، ومقالتي دعوة لحوار مفتوح مع العقل والمنطق، مع التاريخ والتراث، أحاول وضعها على محك المنطق والحجة، ولكنها تطرح سؤالا خطيرا، سؤال المكان والجغرافيا والهوية والديانة..من يرضخ لمن ؟ والى أي مدى من إلغاء الوجود ؟؟

سأبدأ بالهامش من مهاجمة عدد من النواب مشروع القانون المعدل لقانون سلطة إقليم البترا التنموي السياحي تخوفا من تملك اليهود في هذه الأراضي. والذي يسمح للأشخاص بتملك الاموال غير المنقولة الواقعة في منطقة الإقليم شريطة أن تكون نسبة تملك الأردنيين فيها أكثر من 51%.. وأستغرب هنا كمواطنة عربية ثم أردنية طرح هكذا قانون خطير تحت قبة برلمان عربي أو مجلس أمة يمثل الشعب، في وقت حرج جدا من الحالة السياسية في إقليم الشرق الأوسط وإرتهان أوطان وبيع ضمائر وخيانة علنية وتطبيع مسموم ؟؟؟؟

دعونا نعود قليلا بالزمن الى فترة عام 1999 من فصل إقليم العقبة إداريا عن الأردن وضخ أموال وإنشاء المنتجعات السياحية وإنشاء ميناء جديد وتقسيم أقاليم وبيع مقدرات وثروات ومشروع مياه الديسي وناقل البحر الميت /الأحمر وبيع أراضي من السلط حتى وادي عربة المقدس لليهود وتنفيذ جمرك الماضونة والحديث عن مشروع عاصمة عمان الجديدة ومشاريع المدن الإسكانية ومشروع سكة حديد السلام لتربط دول الخليج بميناء حيفا والميناء البري ومشروع المصفاة الجديد في معان والطرق الدولية على طول خط المملكة ومشروع سكة حديد (إربد – العقبة) ومشروع الربط الكهربائي بين الأردن وفلسطين والحديث عن شراء أراضي وبيوت أثرية من السلط إلى مادبا إلى الكرك والطفيلة والشوبك والبتراء، وادي موسى، وادي إبن حماد وقرى عزرى والعدنانية وبصيرا والقائمة طويلة لكن الى أين سنصل بهذا ؟؟؟ والى أي مدى ؟؟؟؟.

ولمن لا يعلم الى أين نتجه، أقول، أن لمنظمة الشباب الإسرائيلي الهيتار نشيد ديني مقدس،  وفيه عبارة تقول: لنهر الأردن ضفتان: الضفة الغربية لنا، والضفة الشرقية لنا أيضاً!!  ويسمون الأراضي الأردنية: الجانب الأردني لأرض الميعاد !! وعندما تأتي أفواجهم السياحية إلى جبل نبو عند مادبا، حيث يزورون قبر نبيهم موسى عليه السلام؛ يقولون عن المنطقة: هذه أرض إسرائيلية داخل الأردن! .

وقبل مئة عام، قال المندوب السامي البريطاني اليهودي هربرت صمويل للقبائل العربية: إن وعد بلفور لا ينطبق على شرق النهر، وعد بلفور خاص بأرض فلسطين، وفي تلك الفترة كان حلم اليهود بعض وطن في فلسطين، ولكن في هذه الأيام، أيام التمكين فوق الأرض وتحت الأرض، فإن ورثة هربرت صمويل؛ ديفيد فريدمان، وجارود كوشنير، ودونالد ترامب، هؤلاء لن يقولوا: وعد بلفور يخص أرض فلسطين غرب النهر، وإنما سيقولون لأي مسؤول أردني: صفقة القرن تقوم على شعار؛ للنهر ضفتان، هذه لنا، وأيضاً تلك، تماما كنشيدهم الديني .

وليس هذا فحسب، فعندما سئِل وايزمن لماذا إختارت الحركة الصهيونية فلسطين وليس أوغندا أوالأرجنتين، رغم ما تمتع به الأخيرتين من ميزاتٍ تفضيلية، أجاب: إنها قوَّة الأسطورة. فهل تعلمون ما هي قوة الأسطورة الصهيونية ؟؟؟؟، هي العنصرية الدينية المحرفة أساسا في إصحاحات سفر «التكوين»، والتي تنص على حق وطني يفرض بالقوة مصادرة بلاد الشعوب. وتصبح أسطورة الإدعاءات التوراتية في المواقع الأردنية بشكل خاص ثم العراقية والسورية واللبنانية والمصرية، سند حق يتحول من وَهم الى واقع كما حصل في فلسطين.

وهنا أشيرإلى فقيه توراتي آعلن قبل فترة قريبة عن أن اليهود تاهوا في شمال السعودية حيث «نيوم» الموعود، والأدهى أن هذا الفقيه يزعم أيضاً وجود حق يهودي أيضاً في مدن رئيسية في الحجاز .

منذ فيلم جابر الذي أثارعالميا قضية الحق اليهودي المزعوم بالبتراء، الى نشر فيديو يصوّر سياح صهاينة يقيمون طقوساً دينية تلمودية في «مقام النبي هارون»، ثم إعتراف خطير لوزيرة سياحة سابقة قالت أنها فقدت وظيفتها عندما قّررت التصدي لمحاولات صهاينة “تزييف تاريخ وهمي” لليهود في مناطق أردنية، وضبط سياح إسرائيليين يقومون بدفن قطع أثريّة مصطنعة في أرض الأردن! ثم خروج مؤرخين يهود غيروا السردية التلمودية التي تتحدث عن سنوات تيه اليهود في سيناء ليزعموا أنهم لم يتوهوا بل حلوا في البتراء لأربعين عاما، لتسليط الضوء على حق عجيب لهم في البتراء، بل وصل الحد الى الترويج للبتراء في بروشورات إسرائيل السياحيّة، وفي فترة عام 2010 كانت خرائط جوجل تضع البتراء ضمن المعالم الخاصة بالكيان الاسرائيلي، وكان دخل الأردن من السياح من كيان إسرائيل لا يتجاوز رسوم دخول البتراء.

ونتساءل هنا بشدة وبإلحاح: لماذا يتم تجاوز كل ذلك من قبل الحكومة ولماذا يثار قانون تملك الصهاينة الآن، وما علاقة ذلك بتهويد القدس والأماكن المقدسة ؟ بصفقة القرن بشكل عام؟ وبالوطن البديل الذي رفع فزاعة بوجه الأردنيين ؟ هل ذكر ذلك في إتفاقية وادي عربة، هل إن الصهيوني وضع بندا إحتياطيا سريا لهذه الغاية في غفلة من الطرف الآخر ؟ متى سينتبه الأردنيون والسوريون واللبنانيون والعراقيون والمصريون والخليجيون إلى خطورة التغاضي عن كل ذلك، خوفاً أو إذعانا أو جهلاً أو طمعا ؟

وأمام هذا التخاذل ماذا سيفعل الصهاينة في المستقبل؟ هل سنشهد رفع قضايا أمام المحاكم اليهودية، وإقرار قوانين في الكنيست،  يطالبون فيها بتملك قبر موسى في نبو، وقبر هارون في البتراء ؟ كما يطالبون بضم اراضي اردنية ؟؟ وكم خطورة إذا طلب اليهود من أمريكا تنفيذ الأمر؟ وإذا إستصدرت أمريكا قراراً من مجلس الأمن بالتنفيذ؟ !! لنتكلم وقتها عن قضية فلسطينية وقضية أردنية وقضية عراقية وأخرى خليجية وغيرها مصرية ؟؟؟؟

رغم نفي الادّعاءات التوراتية في البتراء منذ عام 1966. إلا ان المستشرقين الغربيين يذكرون البتراء كملاذ أخير لليهود، وبما أن الرواية تُشير إلى أن شجر الغرقد هو الوحيد الذي سوف يحمي اليهود فإن شجرة الغرقد عرفت بها بلاد الحجاز وعدم نموها في أرض الشام والأردن، فهل هنا يجوز طرح تساؤل حول من سوف يقدمون الملاذ الآمن لليهود في اليوم الأخير؟؟.

نهاية القول . سأذكر هنا بجدلية مهمة وخطيرة ولكم أن تستفسروا من علماء الأركيولوجيا في جامعة الحسين بن طلال في الأردن حول إذا كانت البتراء -وهي فرضية تطرح بقوة لدى المؤرخين- هي المكان الذي نزل فيه الوحي والبقعة التي كانت فيها الكعبة أول الأمر؟؟؟؟، فلماذا تحولت إلى مكة؟، ما هي الأحداث التاريخية والدوافع المنطقية التي جعلت المسلمين يتحولون عنها إلى مكان بعيد في الصحراء القاحلة في السعودية؟ مكان ليس له ذكر في التواريخ والخرائط والأدبيات القديمة؟ كيف حدث ذلك ؟ وما هي المدة التي تطلبها ذلك ؟ لا بد أن حدثا جللا وقع أدى إلى ذلك التحول في التاريخ؟ مما يضعنا في جدلية نكران التاريخ والوثائق والادعاءات والقيمة المكانية والجغرافية ؟؟؟ تماما كالجدلية الصهيونية .

عليكم البحث حول معرفة قيمة البتراء الحقيقية ومدى أهميتها التاريخية والدينية وليس السياحية فقط ..والبحث عن قيمة الوطن وتراب الوطن وقيمة الهوية وقيمة الدين والأهم قيمة كرامة الإنسان ..فهل تفعلون ؟؟؟؟؟؟

 

كاتبة اردنية

 

شاهد أيضاً

قراري بخوض الانتخابات النيابية الأردنية 2024…بقلم محمد فؤاد زيد الكيلاني

الانتخابات النيابية في الأردن خلال فترة قريبة، الاستعداد لها جارٍ على قدم وساق، وبعد المشاورات …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024