كثيرة هي التساؤلات بخصوص الجائحة التي نزلت علينا دون سابق إنذار، واختطفت من بيننا أهل وأحبة ومفكرون وأصدقاء ومن العالمين الملايين بالعشرات، وقد تركت خلفها ولا تزال من أثر الإصابة أو الفقدان، الأكثر من الأسألة التي لا تزال عالقة في الأذهان، التي لا تقدم الإجابة الشافية والعلمية الموثقة خاصة في بعض البلدان، ليس نتيجة قلة الدراسات والأبحاث المتوافرة في كل مكان، لكننا بعيدا عن السياسة فسوف نحاول، تجنب الغوص فيها قدر الإمكان!
في هذه “المقالة” سوف نحاول على عجالة، تلخيص ما جاء في خمسة دراسات علمية، صادرة عن مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأمريكي، إضافة إلى منظمة الصحة العالمية، وأخرى بالخصوص من كندا وكوريا الجنوبية، ومع كل الأسف حينما حاولنا العثور على دراسة عربية، لكننا لم نوفق في ذلك، على الرغم أنه من أوائل من قام بتطوير إحدى اللقاحات “Pfizer”، هو العربي السوري وزوجته من لواء “الإسكندرون” المغتصب، Ugar Sahin!
أما ما نحن بصدده كما ألمحنا إليه أعلاه، وما هو وارد من البيانات تاليه، فقد جاء نتيجة الكثير من التساؤلات، التي يطرحها البعض ممن أنعم اللهم عليهم، بإختفاء أعراض الإصابة كدليل على الشفاء، حيث وجدنا أنه لا بد من الضروري تسليط الضوء، على سوء إستخدام حتى لانقول الجشع والإستغلال، في تكرار إجراء الفحوصات المخبرية الغير ضرورية، على الرغم من إختفاء كافة الأعراض حتى ولو تبين أنها إيجابية، كما جاء في الدراسة التي نشرت في تشرين الثاني 2020، في “JAMA Internal Medicine” التي خلصت إلى أنه ينبغي على الذين تعافوا من COVID-19، عدم الخضوع إلى الإختبارات المتكررة الروتينية، لمدة لا تقل عن تسعون يوما بعد الإصابة.
ولعله من المفيد بهذا الصدد الإشارة، إلى السيدة الكندية التي كانت مصابة بالكورونا ووضعت مولودها بالقيصرية في الأثناء بإحدى المستشفيات، وقد حرمت من رؤية طفلها لمدة شهرين، الذي تم وضعه في غرفة المراقبة المكثفة حرصا على سلامته، تنيجة تكرار إيجابية فحوص الأم المخبرية على الرغم من الزوال التام لكل الأعراض، إلى أن تمكن العلم لاحقا من أخذ عينة ذرفات “النسيج المتماثل المختص بالفيروس” من تلك السيدة، حيث تمت زراعتها ليتبين لاحقا أن العينة لم تكن تحتوي، على أي انبعاثات من ذلك الفيروس، وهكذا بعد شهرين من الزمن استطاعت الأم أن ترى وليدها لأول مرة وأن تحتضنه وتقبله، وللعلم أن مثل هذا الإجراء “زراعة العينة”، ليس ممكنا إلا في المستشفيات التي لديها مستوى عال من “الأمن البيولوجي”، التي لا تتوفر في الكثير من المصحات!
وقبل أن ننتقل إلى خلاصة الدراسة الكورية الجنوبية، فلعله من المفيد التذكير بأن القاعدة التي يستند إليها في تعافي المصاب بالكورونا، أنها تعتمد على المبدأ القائم على أساس، أنه بإستثناء الأشخاص المصابين بالأمراض المزمنة وبالتالي ضعف المناعة، فإن الناس يمكن اعتبارهم متعافين وغير معدين، بعد 10 أيام من بدء الأعراض لديهم، طالما أنهم كانوا خاليين من الأعراض في الأيام الثلاثة الأخيرة، مع عدم إرتفاع درجة الحرارة دون إستعمال الخافضات لها لمدة أربع وعشرون ساعة، وعليه يمكن إعتبار الشخص أنه قد تعافى من الإصابة بعد اليوم العاشر من حصولها، أو سلبية اختبارين متتاليين للإختبار الذي يرمز إليه بإختصار “PCR”. وعودة على نتائج الدراسة الكورية الجنوبية، فقد تابع العلماء المختصون قرابة 800 من الأشخاص، الذين سبق وأن خالطوا 285 شخصا ثبتت إيجابية الفحص لديهم، على الرغم من سلبيته في اختبارين سابقين، إلا أنهم لم يجدوا أي أثر للإصابة بالفيروس على أي فرد من الأفراد المخالطين الذين تمت متابعتهم، حتى تبين في الخلاصة لدى المهتمين بهذه الدراسة، أن ما تم إكتشافه لم يتعلق بالعدوى، وإنما بالتعافي منها!
هنالك الكثير الذي بودنا سرده، إلا أننا سوف نكتفي في هذه العجالة للقفز على الخلاصة، التي على ضوء ما يتناهى إلى أسماعنا. عن الذعر الذي يخيم على أعزائنا، من تكرار إيجابية إختبار الكورونا، على الرغم من زوال كافة أعراضه، وعدم تصدي الجهات المسؤولة لو توفر لديها الطاقم المناسب في المكان المناسب، في كبح جماح الإستغلال الحاصل في الحقل الطبي مع كل أسف، نتيجة خوف وجهل الناس كما هو واضح، والإستناد لما نحن بصدده في كل ما ذكر أعلاه، على إتباع التالي من الإجراءت والنصائح كما يؤكد عليه العلماء:
- لا ضرورة بعد إختفاء الأعراض كما أوضحنا أعلاه حيث يعتبر المصاب معافى، إعادة الفحص المخبري أو العزل، فيما لو حصل إختلاط مع آخرين مصابين بالفيروس، خلال الأيام التسعون الأولى من الإصابة بالفيروس، إلا إذا ظهرت على الفرد الأعراض التي أصبحت معروفة، وثبت بالفحص المخبري اصابته، حيث يتوجب عليه العزل لمدة عشرة أيام.
- أما إذا أصر البعض على إجراء الفحص المخبري، من منطلق الحرص على عدم نشر العدوى إلى آخرين وأحبابه، فإنه في حالة أن جاءت النتيجة إيجابية، في غياب الأعراض التي أصبحت مألوفة، خلال الأيام التسعون من الإصابة، فإنها برأي العلماء المختصون، إنما تمثل هذه النتيجة الإيجابية على الأرجح، إستمرار الفيروس في ذرف “النسيج المتماثل المختص بالفيروس”، الذي يشكل الدليل كما أسلفنا أعلاه على تعافي المصاب من تأثيرات الفيروس، في حالة غياب أعراض الإصابة.
وتلخيصا للتلخيص في زيادة للإطمئنان فإنه:
“لا ينبغي على الذين تعافوا من الإصابة بالفيروس في خلال التسعون يوما من الإصابة، أن يخضعوا لإختبار PCR الروتيني المتكرر، حتى لو خالطوا مصابين، بشرط أن لا تظهر عليهم الأعراض مجددا”
وآخر دعوانا أن يعجل الله في شفاء كل مرضانا والعالمين، وأن يمن بدوام الصحة والعافية علينا أجمعين، الصادق “الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين” صدق الله العظيم.
* فلسطيني واشنطن