بلا ادنى شك، فان الساحة السياسية لعالمنا العربي والاسلامي مليئة بشخصيات، أقل ما يقال عنها أنها مشبوهة، كسبت مواقعها في المشهد السياسي، بواسطة أسلوب واحد، لم يتغير بتغير هوياتها العلمية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، وهو وضع أنفُسها في خدمة دول وجهات خارجية، طمعا في نيل مكسب سياسي أو مالي، على حساب القيم والوطن.
وحسب ما بدا لنا من متابعة ملفات بعض هؤلاء – وما أكثرهم بيننا ولكن لا ينتبه اليهم سوى القليل – من باب رد الحجارة على قاذفها، فان الذي تجرأ على ذلك التجاوز من باب وقاحته، وذهاب حيائه، يعتقد نفسه انه بمنأى عن المتابعة والتّرصد لحركاته، وهو يحظى بحصانة من اشتراه بثمن، يراه في نظره كبيرا- وقابلا للإستزادة منه طمعا – ولكنه واقعا بخس بخاسة صاحبه ومن شغّله.
هو أحد تجار السياسة، متسلق كأسوأ ما يكون التسلّق، ومتزلف وبائع متجول فيها، فاتح دكّان خدماته لمن يدفع اكثر، بياعا لأي شيء يرغب فيه أعداء تونس الحقيقيون، يستفيدون به في تحقيق مكاسب استراتيجية، على حساب أمن مستقبل تونس ومنهجها الحيادي، المطلوب في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى، خصوصا والارهاب ومشغّلوه يترصدنا من الداخل ومن الخارج.
طموحاته السياسية لقيادة البلاد، وضعته على كف تجارة وضيعة، عرفها العملاء وخونة بلدانهم منذ زمن بعيد، قد تمركز فيها مطمئنا بالغطاء الأمني، الذي لُفّ حول شخصه، والسيولة المالية لتنفيذ برامجه وتنفيذ مقترحاته، في شراء الذمم المعروضة للبيع في الساحة، فالطامعون بنيل مكاسب في عالم السياسة وبلا مبادئ، كالذباب المجتمع على القمامة.
عندما صرح الرجل من القناة التاسعة: (أنّ الرئيس قيس سعيد صار أقرب لحزب الله وإيران وحماس وهو ما يضر بعلاقات تونس الخارجية وفق موقفه). (1)
إن أحرار تونس ومناضليها الشرفاء، يعتزّون بأن تكون تونس ثابتة على مبادئها وقيمها الاسلامية والعربية، ووفية بالتزاماتها نحو اشقائها في الوقوف الى جانبهم، من أجل استعادة حقوقهم، ومن العيب بل من العار، أن ينطق أحد بما يوحي انحرافا في المواقف، وهو ما يجب القيام به، ومن باع شرف قيمه، يصبح حتما بلا قيمة، وحياة الذّل ليست من طبيعة الأحرار، وشتان بين الوطنيين والعملاء.
تكشيرة تدفعنا الى الرجوع الى الوراء لكشف نشاطات مؤسس حزب، حتى يتبين من خلالها الرّشد من الغيّ، وكلام الصواب من الخطأ، وأن كل ذي شبهة، سيظهر على لسانه ومن خلال تصرّفاته، مدى تورّطه في مستنقع العمالة لأمريكا والكيان الصهيوني وعملائهم.
نشاطه الديمقراطي على المقاس الأمريكي
(ورد اسمه ثلاث مرات على الأقل ببرقيات السفارة الأمريكية في تونس، التي نشرها موقع ويكيليكس، ويتضح من بعضها أنه يحمل رؤية واضحة للدور الأمريكي في قضية الديمقراطية بالعالم العربي، وتونس تحديدًا.) (2)
(وكشفت برقيات نشرت على موقع ويكيليكس منها الوثيقة عدد 05TUNIS1081 أنه كان يحمل منذ شهر أبريل 2005 – عندما كان مديرًا بتونس للمكتب الإقليمي لمنظمة فريدم هاوس الأمريكية المثيرة للجدل – تصورًا لضرورة إنشاء “مركز عربي للشراكة الديمقراطية” يعمل على نشر الثقافة والممارسة الديمقراطية، وهو ما يبدو أنه تحقق عبر خلق شبكة الديمقراطيين في العالم العربي.)
(وهو لا يبخل على الأمريكان بنصائحه فيما يخص الإصلاحات الديمقراطية التي يبغونها للمنطقة، إذ تشير البرقية 07TUNIS102 إلى لقاء جمعه، بمعية ناشطين تونسين آخرين، بمساعد وزير الخارجية ج. كوت كاربنتر، وتحدث فيه عن ضرورة ألا تكتفي الولايات المتحدة بأدوات قصيرة الأمد مثل برنامج MEPI ومنتدى المستقبل، بل عليها أن تُدرجَ ذلك في سياق مقاربة استراتيجية طويلة الأمد، موضحًا أن على المجتمع المدني التونسي أن ينفتح على “القطاع الخاص والمنظمات والأفراد الأمريكان”.) (3)
إنّ أخطر إتهام وجّهه نجل الرئيس الباجي قائد السبسي له، هو التخابر مع السّفارات الاجنبية، وهي تهمة صريحة بالتجسس لفائدة هذه الدول وبالطبع تكون أمريكا على رأسها:
(اتهمه نجل السبسي بالتخابر مع السفارات الأجنبية، وذلك من خلال زياراته المتكررة لسفارات دول غربية مثل الولايات المتحدة وبلجيكا وألمانيا (5)
ما الذي يربط محسن بالعميل الهارب محمد دحلان؟
ذكر احد نواب مجلس الشعب، أنه التقى بالقيادي المفصول من حركة فتح الفلسطينية محمد دحلان في صربيا، دون ذكر أسباب اللقاء، وتعددت اللقاءات، فقد (أفادت صحيفة “الشارع المغاربي” في 11 مايو 2016، بأن لقاءً سريًا جمعه بدحلان، وذلك على هامش الملتقى الذي انتظم بالعاصمة الفرنسية باريس يوم 7 مايو الماضي تحت عنوان “خمس سنوات على الربيع العربي، التقييم الأمني والاقتصادي والجيوسياسي).(6)
معاداته لمحور المقاومة
جهوده المحمومة تنوعت، لكنها تشكلت في إطار شبيه بدور دحلان العميل أمنيا، فهو مؤسس جبهة تونسية موالية لأمريكا وحلفها – الذي اصبح معروفا بدقة – معادية لكل نفس مقاوم، لمشروعها العربي والشرق أوسطي والإسلامي، وسعد الحريري عميل أمريكا في لبنان، وخادمها في مواجهة حزب الله داخل لبنان، معروفة مواقفه ومؤامراته، وهو أحد أعدى أعداء مقاومة الكيان الصهيوني(ويعرف عنه شبكة علاقاته الدولية الواسعة، حيث اجتمع خلال وجوده في العاصمة اللبنانية مطلع الشهر الحاليّ، مع رئيس الحكومة اللبنانية المُكلف سعد الحريري، ومع فؤاد السنيورة رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المستقبل، واعتبر حزبه في بيان له أن زيارته للبنان تستهدف توطيد العلاقات بينها وبين تيار المستقبل.) (7)
وبعد أيهما أحقّ بالتضامن والوفاء جبهة مقاومة العدوّ الصهيوني المتربّص بالأمة واستحقاقاتها كقضية التحرر منه أم موجة العمالة ونذالة المواقف وبيع الكرامة والشرف بمن يدفع أكثر، ويقدم لما فتات ما يجود به على عملائه مع الذّلة التي إن حلّت بقوم فيصعب عليه بعد ذلك إزالتها.
إنّ أحرار تونس يدركون جيّدا، من هو صديق تونس ومن هو عدوّها، وليسوا بحاجة الى من يرشدهم الى ذلك، فيوقعهم في وهم سياسة الاحلاف الكاذبة، وفشل الرجل في حزبه، مؤشر على فشله وعلامة على رفض أغلبية التونسيين، بيع آمالهم وحقوقهم والتزاماتهم، لأوهام ديمقراطية ترعاها أمريكا، هدفها الأخير الولاء للكيان الصهيوني، واعتقد أن في الشعب التونسي يمتلك من الوعي ما يكفي، لكي لا يوقع به من غرق في العمالة، من رأسه الى أخمص قدميه، فهو كالحُرّة التي تجوع ولا تأكل بثدييها.
المراجع:
1 – قيس سعيد صار أقرب لإيران وحزب الله وحماس
2و3و4و5و6و7 – ملف رجال الظل: صاحب الصعود السياسي المشبوه في تونس