الأربعاء , 27 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

“صفقة القرن” إستراتيجية الشرّ الأمريكي.. بقلم المهندس: ميشيل كلاغاصي

منذ وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض, حاول أن يُثبت تمايزا ًوتفوقا ًعلى من سبقوه بطريقة إدارة الملفات والصراعات التي تخوضها بلاده, بغرض تكريس الهيمنة الأمريكية وفرض أجنداتها على العالم, لكنه فشل في تقديم وجهٍ مغاير للولايات المتحدة الأمريكية, وأكد استمرار سياساتها التي عملت لها لعقودٍ طويلة, ولم يستطع أن يُقنع أحدا ً بتقديم نفسه منقذا ً لبلاده, فقد تبُث أنه نموذج جديد للسياسات اللاأخلاقية, الساعية دائما ً وأبدا ً لتحقيق ذات الغايات الأمريكية الرامية لتوسيع رقعة الهيمنة على العالم ولضمان أمن الكيان الإسرائيلي الغاصب في الشرق الأوسط, وبذلك تحول شعاره من “أمريكا أولا ً” إلى “إسرائيل أولا ً” – بحسب الوزير محمد جواد ظريف-, عبر السعي لتصفية القضية الفلسطينينة من بوابة “صفقة القرن”, وإخضاع الشرق الأوسط وإدخاله في العصر الإسرائيلي.
وعلى الرغم من القرارات الأممية والحقائق التاريخية, وتحذيرات العقلاء لكنه أبدى تعنتا ًوإصرارا ًعلى تنفيذ نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس، وإعلانها عاصمة ً ل “إسرائيل”، وبتوقيعه قرار ضم الجولان السوري المحتل إلى السيادة الإسرائيلية, ولم يتوقف عن تشديد الخناق على المقاومة الفلسطينية واللبنانية وعلى الدولة السورية, وسعيه لإطالة أمد الحرب عليها, ومن جهةٍ أخرى بسعيه لرفع مستوى الحصار والتصعيد والتهديد العسكري للدولة الإيرانية من بوابة إنسحابه من الإتفاق النووي الإيراني وبدء تطبيق العقوبات الأمريكية عليها, وهي بمجملها أمورٌ تهدف إلى محاصرة وإرباك محور المقاومة مجتمعا ً بغية تمرير مخططاته وخصوصا ً تلك المتعلقة ب”صفقة القرن”.
وعلى الرغم من نجاحه في إعادة خلط الأوراق ورفع منسوب التوتر السياسي والتهديد والعسكري والإقتصادي في المنطقة والعالم, إلاّ أنه لم ينجح بحشد غالبية الدول للوقوف وراء سياسته الخارجية, واكتفي –حتى اللحظة- بدعم وتأييد سلطة الكيان الغاصب وبعض الدول العربية والخليجية, وفشل في تعبيد الطريق لمرور صفقة القرن, وفي دفع الفلسطينين للقبول بها على الرغم من الضغوط السياسية والإقتصادية الهائلة.
من الواضح أن الإسترتيجية التي يتحرك وفقها الرئيس الأمريكي تهدف إلى ضمان المصالح الإسرائيلية في الداخل الفلسطيني وفي محيط الكيان الغاصب، وأنها تتم وفق رؤية وأجندات اليمين الإسرائيلي الذي يصرّ على ضم كافة مستوطنات الضفة الغربية، واحتفاظه بصلاحيات الأمن والسيطرة على الحدود، وبذلك لم يعد بالإمكان توقع شكل الدولة الفلسطينية المحتمل.
ومن المتوقع أن يأتي الرفض الفلسطيني لصفقة القرن فور الإعلان عنها, وسط مخاوف من استغلال رئيس وزراء الكيان وحكومته المتطرفة الرفض ويعتبره ذريعة ً وفرصة ً لفرض السيطرة والسيادة الإسرائيلية على كامل المستوطنات في الضفة الغربية, ووسط مخاوف جدية لمباركة هذا الضم وإعتراف الرئيس ترامب به, على غرار إعترافه بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل, فقد سيق للرئيس ترامب أن اعتبر: “إن مصير القدس لم يعد مادة للتفاوض بين إسرائيل والفلسطينيين”, بما يساهم بزيادة تعقيد الملف المعقد أصلا ً.
ومن الملاحظ أن إدارة الرئيس ترامب لم تكتف بنقل السفارة إلى القدس، بل إنها عمدت إلى ممارسة ضغوطها على عديد الدول التي تدور في فلكها وتخشى غضبها, في وقتٍ لم تفلح الإتصالات الإسرائيلية المكثفة بالحكومات اليمينة وغيرها حول العالم في إقناعها بإرتكاب هذه الجريمة السافرة التي تتجاوز القانون الدولي والقرارات الأممية التي تعترف بأراضي القدس الشرقية على أنها أراضٍ فلسطينية.
وعلى الرغم من اندفاعة قوى اليمين الإسرائيلي، إلاّ أن الكثير من الإسرائيليين يتخوفون من التكلفة الكبيرة المتوقعة، ويحذرون من التداعيات السلبية للإستراتيجية الأمريكية, التي ستؤدي إلى إشعال النيران والمواجهات العسكرية مع فصائل المقاومة على كامل الأراضي الفلسطينية, فلا يمكن النظر إلى صفقة القرن سوى من خلال كونها تشكل مذبحا ً جديدا ً يُحضر لسفك المزيد من الدماء الفلسطينية ويطيح بكل التضحيات التي قدمتها الشعوب العربية عبر عقود الإحتلال البغيض, بالإضافة إلى جهود داعمي القضية الفلسطينية في الإقليم وحول العالم, ولكن الأمل يبقى معلقا ً على محور المقاومة وعلى شرفاء العالم في التصدي لهذه الصفقة الشيطانية, ولن يكون مسموحا ً لأحد في هذا العالم أن ينهي قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخة الموثقة في أرض النور وعلى ترابها المقدس.

شاهد أيضاً

72 ساعة لولادة الشيطان الجديد.. أمريكا بلا مساحيق التجميل…بقلم م. ميشال كلاغاصي

ساعات قليلة تفصل العالم عن متابعة الحدث الكبير, ألا وهو الإنتخابات الرئاسية الأمريكية, و”العرس الديمقراطي” …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024