عبث سياسات جامعة الدول العربية أضحت مثالاً مدرسياً لتعثر الوعي والإرادة, وتالياً تخبط المواقف!..
منذ بداية الحرب على سورية أضحت الجامعة مركز الاستقطابات والمماحكات أكثر من كونها بيتاً جامعاً للدول العربية (وليس للعرب) تعمل على حل مشكلات هذه الدول وحماية السلام بينها..
ولقد «جنت على نفسها براقش»… لأن انحطاط الجامعة إلى مستوى المماحكات وتنفيذ الأجندات الأجنبية حوّلها إلى «صفر على شمال الأرقام», فلم يعد أحد يحسب لها حساباً بما في ذلك تلك الدول العظمى, وخاصة الولايات المتحدة التي تسيّرها عبر إعطاء الأوامر لعدد كبير من أعضائها.
لم يعد أحد يهتم بهذه المؤسسة التي ولدت قبل مؤسسات دولية كثيرة بما في ذلك الأمم المتحدة نفسها, وكان من المفروض أن تصبح اليوم واحدة من أكثر المنظمات الدولية أهمية لو أن قادة العرب التزموا بميثاقها ومقاصدها الحقيقية..
اجتمع في القاهرة مؤخراً النفر الذين لا يهتم بهم وبجامعتهم أحد ليعلنوا إدانتهم للعدوان التركي على «سيادة سورية ووحدة أراضيها». ما شاء الله.. إنه «حق يراد به باطل», فإدانتهم هذه ليست من أجل سورية وإنما هي ضد تركيا التي تمثل مع قطر محوراً مضاداً لمحور السعودية والإمارات. والدليل على ذلك أن قطر أيدت العدوان في باطل يراد به باطل.. وهو صراع بين «الإخوانية والعثمانية الجديدة» من جهة, وبقايا الوهابية من جهة أخرى, والاثنتان عدو للعرب والعروبة.
حسناً.. أليس تمويل المرتزقة الإرهابيين لتدمير سورية «عدواناً على وحدة وسلامة وسيادة سورية»؟؟… أليس تجميد مقعد البلد المؤسس في الجامعة الفاشلة «عدواناً على سورية وسيادتها»؟؟.
ما تقوم به هذه الجامعة البائسة ليس ازدواجية المعايير..لا.. هذا أمر سهل, ما تقوم به هو أبشع أنواع العدوان الموصوف على سورية وشعبها, فالجامعة غطت القرار القطري- السعودي- التركي (عندما كانوا حلفاء) ضد سورية, وهؤلاء لم يكتفوا بموقف سياسي ودبلوماسي عدواني, بل نظموا أبشع أنواع الحروب في التاريخ ضد شعب عربي ودولته, شعب لا ذنب له سوى أنه ليس مستعداً للتخلي عن العروبة والمقاومة وفلسطين..
القرار الأخير بإدانة العدوان التركي, دوافعه وأهدافه, يستند إلى نهج هذه الجامعة البائسة وعبثها, ويضاف الى «مآثرها» المخزية على الرغم من أن إدانة العدوان حق, لكن أبشع ما في الأمر أنه حق يراد به باطل..