نشر الكاتب الصحفي (أبو بكر الصغير) على الصحيفة الإلكترونية (عرب 21 ) مقالا بعنوان (دور إنساني سعودي في اليمن) جاء فيه بالخصوص :
(كما هو معلوم تبرز المملكة العربية السعودية، في ظل الأوضاع والأحداث التي تشهدها العديد من المناطق حول العالم، في طليعة الدول التي تقدم المساعدات، الخيرية والإنسانية والإغاثية والتنموية، لتحسين حياة الشعوب، وذلك عبر برامج احترافية، تخضع لمعايير فنية مُحكمة، إذ بلغ قيمة ما قدمته المملكة خلال العقود الثلاثة الماضية، أكثر من 86 مليار دولار كمساعدات إنسانية استفادت منها 81 دولة.. كما أن مساعدات المملكة تقدَّم لمستحقيها دون تمييز أو استثناء أو تفرقة بين عرق و لون و دين.. انّ خدمة الآخرين هي بوابة أكبر للنمو الروحي، إذ إن مثل هذه الأعمال لا يقوم بها إلا أصحاب الأرواح العظيمة، ذلك هو المنهج التي تتاسّس عليه سياسة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.)
مقال احتوى في مضمونه على مغالطة كبرى، أراد بها تلميع وجه سياسة المملكة السعودية، ولا أراه عملا بريئا منه، وهو الإعلامي الذي لا يجب أن يفوته شيء من الأحداث، وبالتالي فلا يمكنه أن يغمض عينيه على ما جرى في اليمن، من عدوان فظيع لا مبرّر له، بما جمعه خلال ثماني سنوات ونصف، من قتل أبرياء ودمار بناهم، وحصار تجويع من بقي منهم على قيد الحياة، محرومين من ابسط مقومات العيش الكريم، ارتكبته قوات تحالف عربي تحت قيادتها ظاهرا ولكنها واقعا بقيادة أمريكية فعلية، كانت تريد من خلاله السيطرة على مضيق باب المندب بواسطة أدواتها في المنطقة، وهي كبلد غربي استكباري، من جرائم حرب مروعة ارتكبتها القوات السعودية في عدوانها هناك.
ورغم توقف عدوانها هناك بالهدنة المعلنة، فان حصارها البحري الذي تشرف عليه أمريكا وبريطانيا، لا يزال يلقي بظلال مأساته على عموم الشعب اليمني بشماله دون جنوبه، وهو المستهدف أولا بالعدوان، بعدما خضعت محافظات الجنوب للإحتلال بإرادة قادته المغرر بهم، ويبدو أن بعضهم استفاق من غفلته، بعدما اكتشف أهداف الدول المتحالفة في العدوان، فهل أن صاحب المقال فاتته حقيقة على ما جرى خلال السنوات الماضية، من عدوان تنوّعت وتعدّدت جرائمه، فلم يسلم الأطفال والنساء والشيوخ، وحتى المرضى كان لهم نصيب من القتل والحرمان من المشافي والأدوية، فكيف تسنّت له رؤية سياسة المملكة باليمن على قبحها في
دور إنساني سعودي في اليمن.
ألم يقرأ الصحفي بو بكر ما تكتبه أطراف متابعة ومطلعة على حقيقة ما جرى باليمن، مثل هذا المقال الذي كتب في سنة 2015 وهي السنة الاولى من بدء العدوان على اليمن جاء فيه:
(على مرأى ومسمع العالم المتواطئ والمتعاطف مع مملكة آل سعود تحشد السعودية وحلفائها آلتها الحربية الهائلة، وحقدها الدفين على الشعب اليمني، وتشن عدواناً بربرياً في محاولة يائسة، لكسر صمود شعب اليمن البطل، الذي أذهل العالم بصبره وصموده، وتحمله للحصار والتجويع والظلم والعدوان، فالسعودية تقود عملية إبادة جماعية حقيقية للشعب اليمني، وبتواطؤ من الدول الغربية والديكتاتوريات العربية في الشرق الأوسط، بل إنها جريمة إبادة جماعية بالتواطؤ مع مجلس الأمن الدولي.
إن الموقف العربي التقليدي لم يعد مقبولاً، ولا بأي شكل من الأشكال، فالشعب اليمني المثخن بالآلام والجراح، وهو يودع كل يوم دفعات من شهدائه الأبرار، لن تزيده جرائم نظام آل سعود وحلفائه إلا قوة وصلابة وتماسكاً، ولن تثنيه عن مواصلة دفاعه عن أرضه وعرضه… ومهما بحثوا عن أعذار ومبررات لهذا العدوان الخليجي على اليمن، ستظل واهية ووضيعة شأنها شأن مبررات الحرب الإرهابية على سورية والعراق، وشأنها شأن مبررات العدوان الإسرائيلي الدائم ضد الفلسطينيين..)(2)
لا أعتقد أنما كتبه الصحفي أبو بكر كان بمعزل عن هذه الحقائق، التي فرضت نفسها على كل أحرار البشرية، الذين لم يصطفوا يوما إلى جانب أي ظالم معتد، مهما كانت المغريات، وكانوا مصداق وصية الامام علي لابنيه الحسن والحسين: ( كونوا للظالم خصما وللمظلوم عونا)(3)
واستغرب منه كيف رضي لنفسه بأن يكون ضمن طابور التزييف الإعلامي الذي ركب دابّته أغلب الصحفيين في عالمنا العربي، وليتهم صانوا أنفسهم من الوقوع في مستنقع آسن، مشوّه لسيرتهم المهنية، واضعا إيّاهم موضع التهمة في بيع ذممهم لمن يقايضهم بالمتاع القليل، على حساب حقوق شعب انتهكت على جميع الأصعدة، حتى لم يبق منها حقّ قائم على أصوله.
من أجل بيان حقيقة ما جرى على أرض اليمن، مقابل ما عمل على تزييفه المزيفون كتبت هذا المقال، وأقول والله لو دفعت السعودية ميزانيتها كاملة ما استطاعت أن تؤدي حقّا مهدورا واحدا فقده الشعب اليمني الصامد في وجه غطرسة الأمريكيين والبريطانيين والصهاينة، ويبقى على عماه كل من نظر إلى العدوان المسلط على اليمن بمنظار تحالف الشرّ الخليجي، وقد لا يستعيد وعيه، حتى بعد انتصار أحرار اليمن، وانهاء محنته بدحر آخر معتد على أراضيه شمالها وجنوبها، وبالتأكيد أن ذلك اليوم سيكون ثقيلا على من رأى في اليمن مغنما له ومن تبعه على أن المعتدي أصبح خيّر يساعد، بعدما كان معتديا يسفك الدماء اليمنية المحرّمة، ويحرّض بالأموال عشرات آلاف المرتزقة عليه من السودان، أنظروا إلى السودان اليوم، وقد فتح الله على نظامه أبواب جهنم، من جرّاء إرسال قواته مرتزقة لدي السعودية في عدوانها الذي شنّته على اليمن.
اليمنيون الذين وقفوا في وجه العدوان على بلادهم لم يجدوا سوى قلة من الدول العربية وقفت الى جانبهم معنويا كسوريا ولبنان والجزائر والعراق، أما البقية فقد اصطفوا الى جانب السعودية في عدوانها، ولولا الموقف الإسلامي الإيراني لأصبحت اليمن محميّة سعودية أمريكية بريطانية صهيونية، لأجل ذلك أقول: قريبا سوف ينتصر أحرار اليمن، وسيملي قادته شروطهم على من تسببوا في مأساته، وخسائره الفادحة في الأرواح والممتلكات، وقريبا أيضا سيساهم اليمن بدوره في تحرير فلسطين، قضية اليمن على وضوحها وعدالة مطالبها فهمها أحرار وثوار العالم، بينما ألقاها وراء ظهورهم من تعوّدوا على تبييض وجوه من أجرموا بحقّ الإنسانية، ولا يستوي الفريقان المعتدي والمعتدى عليه في الحقوق أبدا، مهما تفنن الإعلام العربي والغربي في حجب الحقّ اليمني.
ما يجدر بي ملاحظته أنني أرسلت المقال إلى صحيفة (عرب21 ) كردّ على ما كتبه الصحفي المرتزق، لكنني من الغد بواسطة أحد المقربين من الصحيفة تلقيت ردّا بعدم نشره، وعلى ذلك التجأت اليكم لنشره احقاقا لحق الشعب اليمني المقاوم، واظهارا لمظلوميته أمام جلّاديه خدام البيت الأبيض ومجلس اللوردات والكنيست في خليجنا، هؤلاء الذين افسدوا في الأرض فأثخنوا فيها المآسي، وما أرجوه منكم نشر هذا المقال وأنتم أهل نصرة الحق موفقين دائما.
المراجع
1 – دور إنساني سعودي في اليمن https://arab-21.com
2 – العدوان السعودي على اليمن … انكشاف العورات وسقوط الأقنعة
https://www.annabaa.org/arabic/authorsarticles/2151
3 – بحار الأنوار العلامة المجلسي ج 42 ص 356/ شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد ج3ص647/648