عيب أن ينساق إعلامنا وراء حملة التهريج الذي سوّق لها الإتحاد الأوروبي وأمريكا والكيان الصهيوني وعملاؤهم في المنطقة، ففي نشرة الأخبار على الساعة الواحدة على القناة الأولى، أذاعت مقدمة الأخبار، خبرا يخصّ إيران قالت فيه: (في تحدّ جديد للمنتظم الأممي بدء إيران في تخصيب اليورانيوم بنسبة20 %)
ولو أن قسم تحرير الأخبار في القناة التونسية الرسمية، كان منصفا لما ادّعى على ايران تحدّي العالم، برفع نسبة تخصيبها لليورانيوم، فكل ما قامت به، يندرج ضمن الاتفاق النووي الموقع عليه، ولم تخرج عنه في الفصل السادس منه، في حال عدم وفاء الدول الموقعة بالتزاماتها، وها ان الزمن الذي مر على امضائه قد شارف الخمس سنوات دون أن تجني ايران من تنازلها الذي قدمته شيئا، فمن المتحدّي هنا يا ترى أإيران؟ أم الدول التي أمضت على الاتفاق؟
وكأني بقسم تحرير القناة الاولى قد رأى في تصريح وزير الدفاع الصهيوني (بيني غانتس)، تطابقا لنقل انطباع أعداء إيران، وحسّادها من الدّول الفاشلة الخانعة للغرب، عندما قال:(إيران تحدي عالمي وإقليمي، ونحن أعيننا مفتوحة).(1) ففتحت بوق نشرتها الاخبارية بتفاهة تعبير إن دلّ على شيء، فإنما على سخافة ناقلي أخبار القناة كيفما تساق اليهم.
وكأني بأسرة نقل الأخبار بالقناة الاولى ولا اقول تحريرها من قبيل( copier coller) لم تدرك حقيقة ايران تاريخا معاصرا، ثورة اسلامية لم تشهد لها البشرية مثيلا، وشعبا صامدا عزيزا عصيا على أن يكسره طرف معاد، وما حققته من انجازات خلال 40 عاما، يستحيل على الدول الخانعة للغرب أن تحقق 1% مما حققته ايران، ولو توحدوا على قصعة العمالة، ليعتاشوا من صدقاتها.
لقد برهنت ايران بإمضائها على الاتفاق النووي سنة 2015 بلوزان، على اظهار حسن نيتها الى الدول الممضية عليه وبقية دول العالم، بأنها لا تسعى الى امتلاك سلاح نووي، ولو كانت كذلك لما فاوضت ولا وافقت على اتفاق يحد من قدراتها النووية، كما هي شأن كوريا الشمالية، ولا أعتقد أن الإعلام العالمي قد غفل عن فتوى مرشد الثورة الاسلامية التي اصدرها سنة 2003 والتي قال سماحته فيها:
(نعتقد -إضافةً إلى السلاح النووي- أن سائر أنواع أسلحة الدمار الشامل، كالأسلحة الكيمياوية والميكروبية، تمثل خطراً حقيقياً على البشرية، والشعب الإيراني باعتباره ضحية لاستخدام السلاح الكيمياوي، يشعر أكثر من غيره من الشعوب، بخطر إنتاج وتخزين هذه الأنواع من الأسلحة، وهو على استعداد لوضع كافة إمكاناته، في سبيل مواجهتها، إننا نعتبر استخدام هذه الأسلحة حراماً، وإنّ السعي لحماية أبناء البشر من هذا البلاء الكبير، واجب على عاتق الجميع) (2)
إيران انتظرت طوال هذه المدّة – من دون ضعف منها – لكي تفي الدول الموقعة معها على الاتفاق، وأقصد بها الدول الاوروبية (فرنسا المانيا وانقلترا)، لكن هذه الدول اخلت بالتزاماتها، فلم تنفّذ شيئا منها، سوى الوعود بإيجاد الية أو صيغة، تمكنها من تجاوز العقوبات والعراقيل الامريكية التي عجز الأوروبيين على تجاوزها، لذلك فإن من حق ايران أن تعود في بنود الاتفاق بما يلزم جميع الاطراف الموقعة عليه تنفيذه، فلا يبقى على الطرف الايراني عبئا مكبّلا لنشاط علمائه، ومجرّد حبر على ورق كعمل بروتوكولي من الجانب المقابل
وما جدوى اتفاق أمضت عليه دولة متنازلة عن بعض قدراتها النووية، تعبيرا عن حسن نواياها تجاه المجتمع الدولي، ومع ذلك تبقى تحت طائلة العقوبات الظالمة، دون أن تحصل على ما يقابل ذلك من امتيازات اقتصادية، بدأ برفع العقوبات والتعامل المصرفي والاقتصادي، واذا كان قرار ايران في نظر أهل الحمق والمذلّة تحدّيا للمنتظم الأممي، فليكن تحديا من وجهة نظر ايرانية عصيّة إرادتها على الكسر، وايران أهل أن تبلغ به غايته التي تنتزع فيه حقها، رغم أنوف رؤوس الاستكبار العالمي وذيوله المنتشرة في بلداننا.
ويبقى الإعلام عاهة في بلداننا يقتات من نزق الغرب، ويحتسي من خمرة التبعية سكيرا مدمنا لا علاج له طالما لم تحدث فيه رجّة وعيّ من وسطه، ونبقى على مسافة منه نرقب خروقه الدعائية، فنتصدى لها بما يمليه الواجب الوطني والديني، آملين ذلك اليوم الذي أخبر عنه كتاب الله: (هذا يوم ينفع فيه الصادقون صدقهم) (3)
المراجع
1 – غانتس يعلق على قرار ايران رفع نسبة تخصيب اليورانيوم ل 20%
arabic.sputniknews.com/world/202101051047710049
2 –ما هو.. نص فتوى الإمام الخامنئي(دام ظله)والتي يحرم فيها السلاح النووي؟
3 – سورة المائدة الآية 119