تزهو وتتباهى القيادة الفرنسية الضحلة القادمة من البورصات والشركات المالية والخانعة للسيد الأميركي بكونها ذيلا للإمبراطورية الأميركية وحارسا شرسا لقاعدتها في الشرق العربي إسرائيل وهي تبالغ في تخيل حجمها السياسي كقوة ملحقة بالقرار الأميركي في سورية والمنطقة عموما.
طباع السماسرة معروفة وشائعة فهم يبيعون كلاما معسولا ليسوقوا أبشع الصفقات ويدبرون عملياتهم لصالح الوحوش والضواري في الأسواق الذين يخدمونهم ويسترضونهم بكل مذلة ويتلهفون للفتات الذي يلقونه لهم به فالسماسرة من الفتيان الذهبيين في البورصات كما يسمونهم هم اتفه اللاعبين المعتاشين طفيليا على عطاءات المتطاحنين الكبار وهم أقذرهم ومن مؤهلاتهم انهم بلا اخلاق او قيم ودائما يكونون أتباع معلمهم وسيدهم يتنقلون بين أرجل اللاعبين ليبثوا الأكاذيب ولا يترددون في الخداع للحصول على عمولاتهم فما يهمهم هو رضى السيد الذي يعملون لديه وفي النخبة الفرنسية الحاكمة حاليا لا ينازع السيد الأميركي الصهيوني أي كان على الولاء الباريسي الخالص رغم كل غبار الكلام وشبهات الافتراق حتى على حساب المصالح الفرنسية كما يحصل في الإذعان الفاضح للعقوبات على روسيا والصين وإيران حيث معادلة ماكرون هي كثير من الكلام والقليل من الأفعال في مجابهة الحصار ومساندة الابتزاز الترامبي في ملف الصواريخ الباليستية.
من مفردات الخيال الفرنسي المريض تورّم الحجم الافتراضي للنفوذ الفرنسي في المنطقة ومنذ جاك شيراك طردت الدولة الاستعمارية العجوز من العراق واقتلع نفوذها ولا مكان لها في سورية المقاومة بعدما خسرت العديد من فرص الشراكة الندية التي أفسحتها لها الجمهورية العربية السورية وقابلتها باريس بالغدر اللئيم فتقدمت بشراسة معسكر العدوان على سورية وكانت الحاضن الرئيسي لزمر العملاء ولعصابات الإرهاب اما في لبنان فالأكيد الحاسم ان ما من شيء يتقدم على المصالح الصهيونية في حسابات فرنسا والجميل الذي يحاولون تربيحه للبنانيين من جراء مشاركتهم في قوات اليونيفيل هو ناتج الحرص على الكيان الصهيوني بعد هزيمته في حرب تموز وليس أبدا من اجل لبنان.
السيد مانويل ماكرون يمعن في مواقفه البشعة من سورية وهي محور الغزوة الأميركية الصهيونية للمنطقة وهدفها المركزي وغايته تعويض الذعر الصهيوني من مخاطر قيامة سورية فيطلب من الحكومات العربية فرملة عودتها إلى دمشق ويعطل المبادرة الروسية لعودة النازحين السوريين إلى وطنهم وهذا ما اكدته تصريحاته الأخيرة من القاهرة بينما كان وزير خارجيته إيف لودريان يفضح المخاتلة الفرنسية مع لبنان فيقحم مخاض تأليف الحكومة في موجة تهديد لبنان بحرب صهيونية جديدة ويناشد حكومة نتنياهو عدم المبادرة إلى الحرب قبل تشكيل الحكومة.
هذه الرسالة تطرح احتمالين لقراءة خلفياتها فهي محاولة لحماية العدو من التداعيات المعنوية والسياسية لحديث قائد المقاومة السيد حسن نصرالله عبر تصوير إسرائيل بموقع القادرة على شن حرب جديدة وبالتالي ففرنسا “بمهابتها الدولية ترجو نتنياهو ألا يهاجم لبنان” والاحتمال الثاني هو ان لورديان يتعهد بكلامه ضمنا بأن تأتي الحكومة الجديدة بمعادلة تريدها فرنسا لصالح شروط اسرائيل وأميركا المناهضة للمقاومة وحيث وسيلة فرنسا لمسك لبنان من رقبته هي الاستغلال القذر لمأزقه الاقتصادي بهدف فرض وصايتها السياسية والمالية المكتسبة في مقررات سيدر.
نتمنى انتفاضة سيادية ضد الإهانة الفرنسية وإعلانا صريحا بإعادة النظر في التزامات سيدر التي يفترض عرضها بندا بندا على مجلس النواب وكشفها للرأي العام اللبناني حتى يقرر موقفه منها على مسطرة معايير السيادة والاستقلال والمقاومة والكرامة الوطنية.
إن دماء شعبنا التي قد يسفكها العدوان الصهيوني ليست جزءا من محافظ الأسهم التي يديرها السيد ماكرون ومعاونوه وتضحيات المقاومين وبواسل الجيش اللبناني التي ردعت العدو الصهيوني في حرب تموز هي ملك لشعبنا وحده وليست ملكا لأي من المسؤولين في الغرب وفي فرنسا بالذات ليقامروا بها والمطلوب قرار لبناني بهذا المستوى وكم نامل ألا يطول انتظارنا.