الخميس , 28 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

قراءة في اتفاقيات الاطار لوزارة المجاهدين وذوي الحقوق   استعدادا لإحياء ستينية الاستقلال(1962-2022)

بقلم ياسين شعبان*

  في اطار الاستعدادات الجارية في الجزائر لإحياء ستينية الاستقلال  قامت وزارة المجاهدين وذوي الحقوق – وزارة قدماء المحاربين – بإبرام عدد من الاتفاقيات الثنائية للتعاون في مجال التراث التاريخي والثقافي  مع عدد من القطاعات الوزارية الاخرى كوزارة الشؤون الدينية ووزارة التكوين المهني ووزارة التربية ووزرة التعليم العالي والكشافة الاسلامية الجزائرية وغيرها..،  بأهداف ومضامين نبيلة ،وأخرها اتفاقية اطارمع الإذاعة الجزائرية، اتفاقية تعاون وتنسيق مع وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، تندرج في إطار التحضير لاحتفالات الذكرى الـ 60 لاسترجاع السيادة الوطنية تحت شعار “ماض مجيد وعهد جديد”.

وتهدف هذه الاتفاقية التي وقعت  تحت إشراف السيد وزير المجاهدين العيد ربيقة والسيد وزير الاتصال محمد بوسليماني  إلى “تبليغ رسالة التاريخ الوطني وترسيخ القيم والمبادئ السامية لثورة أول نوفمبر 1954 ونشر الثقافة التاريخية عبر مختلف الوسائط الاعلامية “.

وأكد وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة أن الاتفاقية المبرمة تتضمن تحديد الاطار العام لتعزيز التعاون والتنسيق بين قطاع المجاهدين وذوي الحقوق والإذاعة الجزائرية للمحافظة على الذاكرة الوطنية والتعريف بها وترسيم القيم والمبادئ السامية  لثورة التحرير الوطني، لاسيما لدى فئة الشباب عبر حصص إذاعية تستحضرنا وتستوقفنا عند محطات ورموز تاريخية .

  وانطلاقا من تصريحات وزير القطاع السيد “العيد ربيقة ” وتصريح سابق له يقول فيه  “تهدف هذه الاتفاقات أيضا بالخصوص للحفاظ والتعريف بالذاكرة التاريخية وتكريس قيمها وأبعادها ودلالاتها الرمزية العميقة وتعميم الثقافة التاريخية وبهدف ارساء قواعد متينة للعمل التكاملي والتنسيق الدائم والتعاون المثمروالتشاركي  بين كل هذه القطاعات لتعميم الثقافة التاريخية وترقية الذاكرة الجماعية للأمة باعتبار كل مؤسسة لها تأثيرها الخاص المتميز على الفئة المتعامل معها من طرف كل قطاع ” .

 من خلال هذه التصريحات نستشف ان تفعيل هذه الوسيلة وهي ابرام ااتفاقيا ت اطار للعناية بالذاكرة التاريخية  قصد تنفيذ برنامج قصير أو متوسط المدى هي الوسيلة الانجع لتحقيق هدف نشر الرسالة التاريخية حفاظا على الموروث التاريخي الوطني بتأطير من الوزارة المختصة تنسيقا مع القطاعات الاخرى لفتح مجالات ومساحات مشتركة مباشرة مع مختلف فئات المجتمع حفاظا على احد أهم مقومات الشخصية الوطنية والمكونات الاساسية للهوية الوطنية وترسيخا لروح الثوابت الوطنية لدى نشئنا الصاعد مما سيسمح بإعطاء  الاجيال من الجزائريين لقوة تاريخهم المجيد  وكيف يمكن أن نبني الجزائر معا ، وهي المساهمة من هذا القطاع الاستراتيجي في خلق  ديناميكية وحركية ضمن المجتمع للتعريف بتاريخ الجزائر لا سيما المرتبط بالمقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954.

هذه الاتفاقيات بأهداف تعليمية ورسالة التاريخ أيضا يجب أن تكون مدروسة دراسة علمية وفكرية لإعطاء صورة تستقطب وتثير  الرغبة في الاهتمام والتعلم من طرف المهتمين والشباب والذي ترجو منه وزارة المجاهدين وذوي الحقوق من خلال أهدافها تلك الصحوة التاريخية التي تقوي الاعتزاز الوطني وحب الوطن ، ولذلك ستسمح هذه الاتفاقات الاطار وتحدد الكثير من الاليات التي سيتعاون من خلالها كل قطاع لانجازها وقد نصت هذه الاتفاقات على تلك الاليات ومن أهم بنودها التي تسمح لنا بمعرفة قيمتها وفعاليتها وقيادة قاطرة الاشعاع التاريخي للمقاومات الشعبية والحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954 للجزائر من طرف وزارة المجاهدين وذوي الحقوق :

– المساهمة في صون الذاكرة الوطنية والمحافظة عليها وحمايتها.
نقل الموروث التاريخي والثقافي للأجيال الصاعدة عبر جميع الوسائط المتاحة . –
– إحياء الأيام و الأعياد الوطنية و كذا الذكريات و الرموز و الأحداث لاسيما المرتبطة بالمقاومة الشعبية و الحركة الوطنية و الثورة التحريرية المجيدة و نشر ثقافة الاهتمام بها. لاسيما لدى الشباب والناشئة. – المساهمة في ترقية وتبليغ رسالة التاريخ الوطني للأجيال
– غرس روح و مبادئ و قيم أول نوفمبر 1954(تاريخ اندلاع الثورة الجزائرية المظفرة) و جعلها مرجعا في تكوين الأجيال.
– الاهتمام بالشباب و تأطيره و تكوينه، من خلال ترسيخ تاريخ الجزائر في قلوبهم بهدف احتضان الذاكرة الوطنبة.
– الحفاظ على الموروث التاريخي للثورة التحريرية المجيدة.
– تنظيم الأيام الدراسية والندوات والملتقيات التي تعالج المواضيع ذات الاهتمام المشترك.
– المساهمة في جمع الوثائق التاريخية و الأشياء المتحفية، و كذا، تسجيل الشهادات الحية لكتابة التاريخ الوطني و تخليد مآثر الثورة و المحافظة عليه.
– مرافقة الشباب في مجال الدراسات و البحث التاريخي، بكل الوسائط المتاحة لاسيما في المواضيع ذات الصلة بالطرفين.
– إعداد برنامج عمل مشترك يهدف إلى الاهتمام بالشباب و تأطيره و تكوينه لاكتساب الكفاءات و المهارات و المساهمة في بناء وطنه. 

– تبادل المطبوعات و المنشورات المنجزة من قبل الطرفين .   

 هاته البنود الراقية بأهدافها وما تكتسيه من أهمية لتبليغ التاريخ الوطني ولكل ما يرمز للذاكرة الوطنية  تعد مرجعا للمصالح الخارجية لوزارة المجاهدين المنتشرة عبر التراب الوطني تبني به حصنا منيعا تحتمي به الاجيال محليا وخاصة مناطق الظل وهو الهدف الدائم لوزارة المجاهدين وذوي الحقوق  من خلال تصريحات وزير القطاع، وعليه وجب العمل على تفعيل الاتفاقيات المبرمة أو ابرام أخرى جديدة مع مختلف القطاعات والهيأت على المستوى المحلي وتجسيدها ميدانيا بأساليب علمية ومنهجية حديثة لتكون مساهمات القطاع محليا بناءة من خلال التربية والتنمية الاجتماعية والثقافية وحتى السياحة التاريخية . 

هذا الحديث يجرني الى تجربة المتحف الولائي للمجاهد بقالمة الذي أتشرف بتسييره منذ سنة 2015 ، من خلال وسيلة الاتفاقيات الثنائية للتعاون في مجال الحفاظ وإثراء وصون الذاكرة التاريخية للثورة  ، حيث لا يمكن تجسيد البرامج التاريخية والثقافية  المختلفة على المستوى المحلي دون التنسيق والاشتراك مع مختلف المؤسسات والهيأت الاخرى ولن تكون أنجع من وسيلة الاتفاقيات الثنائية الثقافية التي تسهل العمل وتجعله أكثر فعالية وينال رضا كل طرف ، وقد كانت لنا تجربة فريدة من نوعها مع مديرية التربية لولاية قالمة حيث أن اتفاقية مبرمة  مع مديرية التربية سمح لنا بتحقيق معدل عال من الانشطة المشتركة، بالوسائل المبتكرة ومنها السماح للمتحف الولائي للمجاهد بالتنقل وزيارة المؤسسات التربوية على مستوى الولاية بأطوارها الثلاث من أجل تنظيم معارض تاريخية متنقلة وعروض لأشرطة سمعية بصرية  بالخصوص المنتجة من طرف  وزارة المجاهدين وذوي الحقوق واختتامها بدروس تلقينية تاريخة متبوعة بتفاعلات ونقاشات تخرج عن الطابع التقليدي لدروس المقررات الدراسية، ينشط هاته التنقلات عبر تراب الولاية مدير المتحف و مجموعة من اطارات المتحف مرفوقين بأعضاء من المجلس العلمي للمتحف وبمساعدة أحيانا أساتذة المؤسسات المتنقل اليها ، وأخيرا توزيعا لجوائز رمزية للمجيبين على أسئلة تخص موضوع المناسبة ،وتكريما بشهادة تقديرية  كذلك لمدير المؤسسة وبعض الأساتذة لتوفيرهم لنا الظروف الملائمة للعمل، هذا الاسلوب والطريقة من أولها الى أخرها  مدروسة جيدا من كل النواحي حتى نضمن الاستمرار والاستحسان  ، أيضا تسمح الاتفاقية ببرمجة بعض الأدوار المتقدمة من مسابقات بين المؤسسات التربوية بقاعات المتحف للمحاضرات وما يتخللها من تنفيذ لبرنامج ونشاطات ثقافية وتاريخية تربوية بحضور أولياء التلاميذ مايزيد النشاط رونقا خاصا . 

نموذجا أخر للاتفاقيات الثقافية ولكن هذه المرة ثلاثية الاطراف  بين متحف المجاهد لولاية قالمة وديوان مؤسسات الشباب بالولاية والطرف الثالث جمعية أفاق للأنشطة الشبانية حيث أبرم متحف المجاهد اتفاقية نشاط ثلاثية تقوم من خلالها مؤسسات الديوان من دور الشباب ومراكز التسلية العلمية  والقاعات  متعددة الخدمات والمركبات الرياضية الجوارية  وغيرها المتواجدة عبر اقليم الولاية  بتأطيروتسيير قوافل زيارات دورية للمتحف خلال كل مناسبة وطنية لفائدة مرتديها ومنخرطيها بمختلف النوادي والجمعيات تختار المنطقة  الزائرة من البلدية التي تحتضن الاحتفالات الرسمية لكل مناسبة وتعطى إشارة انطلاق القافلة من طرف والي الولاية-المسؤول المحلي الاول- والتي يكون المتحف في استقبالها ببرنامج ثقافي و تاريخي ثري ويقوم الطرف الثالث وهو الجمعية الشبانية بمرافقة القافلة من حيث ضمان النقل ووجبة طريق خفيفة .

 أما النموذج الثالث للاتفاقيات المبرمة هي اتفاقية مبرمة مع المعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني للتسيير بقالمة حيث تم إعداد برنامج سنوي يشمل برمجة عديد النشاطات التاريخية بين الجهتين كالندوات التاريخية والمسابقات والزيارات الميدانية لأجنحة المتحف وعرض أشرطة تاريخية وغيرها من الأنشطة  بهدف كما تنص الاتفاقية على ذلك  بجعل المؤسسة المتحفية معلما تاريخيا تربويا حفاظا على الذاكرة الجماعية  التاريخية وغرسه لدى الناشئة ، ومن جهة أخرى كما تنص الاتفاقية أيضا على جعل معهد التكوين المهني للتسيير منارة سواء في مجال تكوين الأجيال في مختلف المهن ذات العلاقة بالتسيير وكذا المساهمة في ترسيخ بطولات الشهداء والمجاهدين لدى الممتهنين .

هذه نماذج من المتحف الولائي للمجاهد بقالمة  لاتفاقيات محلية بصبغة وطنية خدمة وحفاظا على ذاكرة الأمة لما تم انجازه في الماضي  بما يدفعنا معا لبناء الحاضر والمستقبل لجزائرنا الجديدة .

ومن شّأن هذه الاتفاقيات حال وضعها موضع التطبيق الميداني أن تحدث تحولا نوعيا ، وتضفي ديناميكية جديدة على علاقة قطاع المجاهدين وذوي الحقوق مع عموم المواطنين بشتى فئاتهم واهتماماتهم مما قد يجعل من مناسبة ستينية الاستقلال فرصة بالغة الاهمية في هذا الصدد. 

 وهو ما أكده وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة في تصريح  للإذاعة الجزائرية :” أن الاحتفال بالذكرى الـ 60 لاسترجاع السيادة الوطنية يكتسي أهمية بالغة تتعلق بصون ذاكرة الأمة الجزائرية والحفاظ على أمانة الشهداء، ويعد همزة وصل وتواصل بين منجزات معركة التحرير وبين إنجازات الجزائر المستقلة.”

* كاتب من الجزائر ومدير متحف المجاهد لولاية قالمة

شاهد أيضاً

على مشارف الذكرى السبعون للثورة الجزائرية: وزارة المجاهدين تنظم ملتقى الذاكرة واشكالية كتابة التاريخ الوطني…بقلم ياسين شعبان

يُكتب (بضم الياء) التاريخ في جانب منه من الذاكرة وكلما نشطت الذاكرة وأبدت القدرة على …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024