يُراد لتونس أن تصبح النموذج السيء في المنطقة ومضرب للأمثال في الفساد بكل أشكاله وأنواعه وفروعه وتشعباته ومن العوامل الأساسية التي ساعدت على تدهور أوضاعها و فساد ساستها وازدواجية الولاء الوطني طيلة السنوات العشر الماضية ، و أماّ الشرفاء فيتألمون لألام التونسيين ولما يتحملونه من قهر وخراب وطنهم المهدد بالإنهيار وضعف الدولة التي هي الأخرى في طريقها للإفلاس إذا لم يتم الإسراع باتجاه تحقيق الإصلاح والتغيير والتخلص من مافيات الفساد وقياداتها التي أمسكت بشرايين الدولة.. ولا يكون ذلك إلاّ بتطهير القضاء، و حل المجلس الأعلى للقضاء خطوة أساسية و مفصلية نحو إرساء دولة العدل و القانون..
الرئيس التونسي قيس سعيّد أعلن عن حل المجلس الأعلى للقضاء و في إطار الاستثناء جاء هذا القرار إستجابة لإرادة شعبيّة وهو بداية الإصلاح الحقيقي ولا بدّ من تفعيله لضمان عبور تونس لدولة ديمقراطية مدنية حقيقية، للرئيس قيس سعيّد مشروعيّة شعبيّة ومداً شعبيًا تزول بموجبهما الشرعيّة الدستوريّة ، الخطوة التي إتّخذها الرئيس تستند على مشروعيّة شعبيّة و بالتالي المشروعيّة الشعبيّة والإرادة الشعبية تطالب بحل المجلس الأعلى للقضاء و محاسبة الفاسدين و إرساء دولة القانون.. و ما حدث و يحدث ليس خروجا عن الشرعيّة بل إنقاذاً لها من الطغمة الحاكمة قبل 25 جويلية وقواها السياسية و مافيا الفساد التي هددت أركان الدولة.. وهذا الأمر لا يوجد به ثغرات يمكن من خلالها إيجاد حيلة للكذب على الرأى العام أو تضليله، فالأمر محسوم، و الشرعيّة الوحيدة هي شرعيّة الشّعب صاحب القرار و الحسم ،و لاشك و أنّ كل ما فعله الرئيس التونسي قيس سعيّد هو أنه خاف على الوطن من الكذّابين والمزوّرين والانتهازيين وتجار الدين والمتآمرين.. قرارات الرئيس قيس سعيّد خطوة هامة في اتّجاه إنقاذ البلاد من منظومة التدمير الممنهج للدولة وتأكيد خيار القطع مع عشرية الخراب والدمار والفساد والإفساد ومع خيارات حكومات و أنظمة لم تكن سوى واجهة لحكم بارونات المافيا بقيادة حركة النهضة وحلفائها..
إنّ الذين سارعوا إلى إبداء الضيق و المخاوف من قرارات الرئيس التونسي، قيس سعيّد ، وأبدوا مخاوفهم على الديمقراطية و على إستقلالية القضاء ، أو الذين اتهموه بالإنقلاب و الأطراف التي تتطلع للتدخل الخارجي والاستقواء به والتذيل للبلدان الأجنبية و الإستنجاد بها ضدّ سيادة تونس و شعبها من أجل إعادتها إلى سدة الحكم أو فرض حلول لا تخدم مصلحة الشعب قد فقدوا علاقتهم بالوطن والشعب وصاروا مجرد أدوات لقوى خارجية لا يهمهم غير مصالحهم في المنطقة وفي البلاد، فإن ما تقوم به بعض الأطراف السياسية المحسوبة على منظومة الخراب و أذيالها ، يؤكد ما تعيشه المنظومة الساقطة من زلزال ومن تخبط أثّر على سلوكها السياسي الذي بلغ عبر الاستنجاد بالقوى الأجنبية، وتحريك لوبيات وتأليب الرأي العام الدولي على الدولة التونسية.. بيان الخارجية الأمريكية و الإتحاد الأوروبي و القوى الخارجية الذي هلّل له المهلّلون و هرول له المهرولون بالنشر على حساباتهم و صفحاتهم على مواقع التواصل الإجتماعي، يعدّ تدخّلا سافرا في الشأن الوطني الداخلي ومسّا من السيادة الوطنية من دول أجنبية، و لابدّ من احترام القوانين الدولية وفق ما نصّ عليه ميثاق الأمم المتحدة ولا شيء غير ذلك.. سيادة تونس غير قابلة للنقاش.. و على المجتمع الدولي أن يحترم التعامل مع الدولة التونسية بنديّة بعيدا عن الاملاءات و التدخل في شؤوننا الوطنية ، فتونس سيدة نفسها وهي التي تقرر ما سيصدر عنها وفق الإرادة الشعبيّة و السيادة الوطنية.، لعلّ الكثير من دُعاة الديمقراطيّة وخصوصاً في مجتمعاتنا العربية و من بينهم دُعاة الديمقراطيّة و المتآمرين من داخل وخارج تونس الذين يهلّلون و يعتبرون أنّ التدخل الأجنبي في الشأن الوطني الداخلي إنجازاً عظيماً و مدعاة للتفاخر والتباهي ، و يرون أن الولايات المتحدة الأمريكية أحد العناوين العالمية لحرية الرأي والتعبير والديمقراطيّة (المُزيّفة).. الولايات المتحدة تتعامل بوجهان كلاهما قبيح، إدّعاء الديمقراطيّة زوراً وبهتاناً من جهة ، وتصدير الديمقراطيّة الخارجية المُزيّفة من جهة أخرى ، من أجل تمزيق المجتمعات والشعوب وتعزيز سيطرتها الاستعمارية ، فلهذا كله كان ومازال للديمقراطيّة الأمريكية وجه آخر.! إنّ الديمقراطيّة الامريكية المُزيّفة قد انكشفت لجميع شعوب العالم فأين ماتحل أمريكا يحل معها الدمار والحروب والظلم والاستبداد والاستعمار الجديد..والديمقراطيّة هي اكذوبة العصر.. فبحيث تونس ليست للبيع ولا للمساومة و لا حاجة لنا بديمقراطيّة مزيفة و إستقلال القرار الوطني خط أحمر ..فالأوربيّون والأمريكيون ديمقراطيون في بلدانهم، نعم، وبدون شك، ولكنهم يبكون على الديمقراطية حسب الطقس وتقلب الرياح، وتباعاً للمصلحة والمزاج والمنافع السياسية والاقتصادية في البلدان الأخرى ، فيُسارعون إلى الإدانة و إبداء المخاوف و الإعراب عن القلق العميق خوفاً على مصالحهم و على لوبياتهم و أذرعتهم ، هؤلاء المستفيدون المتباكون و المتمعشون من الداخل والخارج يصاحبون ويساندون من يدوس على الديمقراطية بقدميه و على إرادة شعوبهم ..
تونس تمر اليوم بمرحلة مفصلية في تاريخها نحو بناء ديمقراطية صلبة ترتكز على السيادة الوطنية والسلطة للشعب بإغلاق دكاكين الإرتزاق والإرتهان للخارج، وسيذكر التاريخ أن الحركة التصحيحية التونسية ليس انتصارًا لشخص بل للوطن..لابدّ أن يدرك الشّعب التونسي بأنّ لا فائدة تُرجى بعد، إلّا بأن يتّحد التونسيون جميعاً في رفض ومواجهة هؤلاء الفاسدين المفسدين وأن يقطعوا الطريق على من يريد لهم أن يواجهوا بعضهم بعضاً وينجرّوا إلى الفوضى التي يسعى إليها الكثير من الطامعين والمفسدين من الداخل والخارج ، وأن يعلموا يقيناً بأنّ لا حل ولا دواء يخرج تونس من محنتها و أزمتها الحالية إلّا بأن يُحاسَب الفاسدون جميعاً على كلّ جرائمهم وانتهاكاتهم ونهبهم وسرقاتهم ، من أيّ موقع كانوا ولأيِّ جهة إنتموا.. هؤلاء المستفيدون من دولة الغنيمة، مخاوفهم المُبالغ فيها ليست خوفاً على الديمقراطيّة و إنّما خوفاً من ضياع المغانم.. و المرحلة القادمة ، معركة شعبنا ضد لصوص وعملاء الداخل ورُعاتهم في الخارج الذين يضغطون اليوم من أجل منع إنهيار منظومة الفساد والعمالة حفاظا على مصالحهم.. و على الشعب التونسي وقواه الوطنية رصف الصفوف و محاربة الفساد و المافيا و الأنظمة الخفية و أذرعتها بكل الأشكال القانونية و السلميّة والتصدي لخطرهم على الوطن والمجتمع، و تجفيف المستنقعات الموبوءة التي يتواجد وينشط من خلالها المنافقون والمزايدون والانتهازيون بكل ألوانهم ومواقفهم، والواجب الوطني يفرض الحذر منهم وتعريتهم بإستمرار حتى لا يظلّوا في تزييف الوعي والاستمرار في خداع الشّعب ، و لعب دور الضحية لإستعطاف الرأي العام الدولي..و تبين أن دُعاة هذه الحقوق الحريات و الديمقراطيّة لا يؤمنون بها، ولا يريدونها لأي مواطن تونسي ، بل يريدون فقط، زعزعة الاستقرار، ونشر الفتن، وتقسيم الوطن إلى دويلات، يسهل السيطرة عليها، واقتيادها، إلى طرق مجهولة..
اليوم و أكثر من أي وقت مضى لابدّ أن يعي الشعب التونسي بحساسية المرحلة والتضامن مع الدولة حتى تنتصر في معركتها المعلنة على عدة واجهات ، و الإستشارة الوطنية أو الإستفتاء هو الخيار الحاسم بعد المرحلة الحاسمة في 25 جويلية وما قبلها من أجل إحداث تغيير جذري وبناء أنظمة ديمقراطية حقيقية بمشروع شعبي متكامل لتونس جديدة، إذا أردنا فعلا التغيير .. نحو إرساء ديمقراطية حقيقية يكون فيها الشعب التونسي بالفعل صاحب السيادة و إرساء دولة القانون ، وصيانة استقلالية القرار الوطني وتحرير المنظومة الاقتصادية الوطنية من أسر الإقتصاد الريعي ومافيات التهريب ولوبيات الفساد والإفساد وإصلاح المنظومة القضائية لإكسابها مزيدا من الفعالية والحيادية، لمواجهة قوى الردّة التي تحن لمناخ الفساد والاستئثار بغنائم السلطة على حساب كرامة المواطنين وحريتهم.. و من أجل تحصين و حماية مسار الـــــ 25 جويلية والتأكيد على أنه لا عودة إلى الوراء، وليُبرهن الشّعب التونسي العظيم على أنّه يدرك خياراته جيدا، وان تونس نهضت ولن يستطيع أحد في الداخل أو الخارج أن يعوقها أو يقوض مبادئها أو أن يعيدنا إلى الوراء ..
عاشت تونس حرّة مستقلّة
عاش الشعب التونسي العظيم