رأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الهجوم على كازاخستان “عمل عدواني وكان من الضروري الرد عليه دون تأخير” وأن بعض القوى الخارجية والداخلية “استغلت الوضع الإقتصادي في كازاخستان لتحقيق أغراضها” مشيراً إلى أن منظمة معاهدة الأمن الجماعي “تمكنت من اتخاذ إجراءات مهمة لمنع تدهور الأوضاع في كازاخستان” , وتمكين ما أسماه بـ “الإرهاب العالمي” الذي استهدف كازاخستان.
وبناءً على طلب الرئيس الكازاخي قاسم توكاييف ، وصلت قوات حفظ السلام التابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي إلى كازاخستان التي مزقتها الإحتجاجات ، والإضطرابات , والمذابح والقتل بسرعة لافتة … وبعدما قيّم توكاييف أن بلاده تحتاج إلى مساعدة منظمة معاهدة الأمن الجماعي “للتغلب على التهديد الإرهابي” و “العدوان الخارجي” في عدد من المدن ، من بينها ألماتي ونور سلطان .. وسط إعتقادٍ كبير , بوجود تأثير تركي وبريطاني قوي للغاية , وبأن ما حدث ليس أعمال شغب ، بل إجراء مسبق التخطيط والتحضير.
وكما رصد الجميع , فإن قوات حفظ السلام التابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي ، التزمت بإعادة الإستقرار وساعدت في حماية المنشآت الهامة كمحطة الطاقة الحرارية وغيرها من المرافق الإستراتيجية , الأمر الذي سمح للقيادة الكازاخية باتخاذ القرارات الفعالة اللازمة بشكل سريع , كما شكل لها عاملاً هاماً على مستوى الدعم المعنوي العسكري والسياسي.
ومع إنتهاء العملية “الخاطفة” خاطفة في كازاخستان , أعلن الرئيس الروسي , استكمال قوات حفظ السلام مهمتها بنجاح , من خلال ما نصت عليه معاهدة الأمن الجماعي , الموقعة مع وزرارة الدفاع والحكومة الكازاخية , وقال : “لقد أنجزنا مهمتنا .. ويجب أن نعود إلى الوطن” , وبالفعل بدأ عملية إنسحاب القوات الروسية عن طريق قواتها الجوية في 13 كانون الثاني/يناير , والتي ستحتاج إلى حوالي 10 أيام لإتمام إنسحابها .. فيما ستنسحب القوات القيرقيزية براً .
فقد نفذت قوات حفظ السلام التابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي , مهمتها بنجاح منقطع النظير دون أن تطلق رصاصة واحدة – بحسب مصادر في وزارة الدفاع الروسية – , وكان تدخلها جراحياً دقيقاً , وسط الماكينات الإعلامية الغربية التي حرصت على نشر الشائعات , وتحدثت عن “إحتلال روسي جديد” , و”أفغانستان جديدة”, وبالمقابل أكد الروس أن التدخل لم يكن لصالح السلطة الكازاخية بل لأجل عموم البلاد.. كما أوضح الرئيس الكازاخي قاسم توكاييف , أن المساعدة التي قدمتها دول المنظمة , كانت بمثابة الكتف القوي , الذي أتاح إعادة توزيع القوات , ووصفها بالمساعدة “المهمة والقيمة”.
ومن خلال تتبع ما حدث في خضم الأزمة , يبدو أن “الكتف” الذي تحدث عن توكاييف , لم يقتصر على كونه كتفاً عسكرياً , بل كان سياسياً وإقتصادياً أيضاً , وفرّ على كازاخستان زيارة الجحيم الذي تخطط له الثورات الملونة , والتي شهدها العالم في غير دول .
إن مغادرة القوات الروسية وقوات حفظ السلام التابعة لمنظمة الأمن الجماعي السريعة , تنسف كل الإدعاءات الغربية , كما أن عودة البلاد السريعة إلى الإستقرار , ساعدت على رفع حالة الطوارئ في البلاد , وقدمت للدولة والشعب الكازاخي إجاباتٍ حاسمة حول من هو الصديق ومن هو العدو , وكشفت المنظمات غير الحكومية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا , والتي تحاول العبث بالحياة السياسية الداخلية للبلاد , واستغلال نفوذها , لتحويل الأرض الكازاخية إلى بؤرة للتطرف وملعباً جديداً للتنظيمات الإسلامية التي تتبع تنظيم القاعدة , إما مباشرةً , أو عبر مشروع العثمنة التركية الجديد , ومركزاً لإستقبال “الوجبات الجاهزة” مسبقة التحضير على الأراضي الأوكرانية , وعلى يد الراديكاليين الأوكران , على غرار تلك التي تم إرسالها إلى بيلاروسيا , و”ينعم” بها الأوكرانيين اليوم.
من جهةٍ أخرى أظهرت كازاخستان نفسها كدولة ضعيفة وغير مستقرة ، وهذا يعكس سلبيةً كبرى بالنسبة لإستقرارها الداخلي , وسلبيةً أكبر بما يتعلق بوجودها على حدود دولٍ أخرى , وعلى مقربة من مراكز القوة العالمية , وهذا ما تم استغلاله خارجياً ومن أعداء روسيا والصين , بمحاولة إقحام كازاخستان بموقعها الجغرافي والجيو – سياسي , وبإستقرارها وثرواتها وأمن مواطنيها في سوق النخاسة الأمريكي والغربي ..
ما لا شك فيه , أنه لولا مساعدة قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي ، السريعة والحاسمة , لكان المجهول يسيطر الاّن على الأوضاع في الداخل الكازاخي , وهذا بالضرورة يفترض أن يكون درساً خاصاً للدولة والشعب الكازاخي , ولغير دول وشعوب , لمنع تكرار السيناريوهات المشابهة في المستقبل.
وهذا يفترض تحليلاً لأسباب اندلاع الإحتجاجات , والتي تعتبر فيه الأسباب الإجتماعية والإقتصادية , من أهم الأسباب , والتي فجرها رفع أسعار مواد الطاقة وتحديداً الغاز , في الوقت الذي يرى فيه البعض أن العوامل السياسية لا تقل شأناً عن تلك الإقتصادية , وتتمثل بوجود مطالب تتعلق بالذهنية القديمة للسلطة , التي تظهر الكثير من العناد لإحداث تغييرات شاملة في البلاد , وهذه النغمة تم سماعها سابقاً في بيلاروسيا وأوكرانيا وغير مكان , وتقوم على محاولات استغلال السخط الإجتماعي لتقويض النظام السياسي الذي لا ترحب به واشنطن وغير عواصم , وتديره قوى خارجية من خارج الحدود وداخلها عبر عملاء متخصصون بإثارة الفتن والشائعات وشيطنة الأنظمة… وتبقى العبرة لمن يعتبر.
الوسومكازاخستان ميشيل كلاغاصي
شاهد أيضاً
72 ساعة لولادة الشيطان الجديد.. أمريكا بلا مساحيق التجميل…بقلم م. ميشال كلاغاصي
ساعات قليلة تفصل العالم عن متابعة الحدث الكبير, ألا وهو الإنتخابات الرئاسية الأمريكية, و”العرس الديمقراطي” …