تصلني دعوات من بعض البعثات الديبلوماسية لحضور مناسباتهم الوطنية و هذا أمر متعارف عليه كما لدى غيري من الموجودين في الشأن العام.الحق إني لا احضر أغلبها لأسباب مزاجية لا مزايدة “نضالية” و لا ألوم من يحضرها فهذا ما تجري به الأعراف لدى من اختار النشاط في الشأن العام إعلاميا أو سياسيا أو ثقافيا .
دعوة واحدة أحرص منذ سنوات الثورة على تلبيتها كلما سمحت ظروفي هي دعوة السفارة الإيرانية أو مركزها الثقافي بمناسبة عيد ثورتها و يوم القدس .هذا الحرص هو نكاية و بصورة أدق نوع من التحدي لزعيق التكفيريين من الوهابوصهيونيين المحمول كثير منهم على المزايدات الثورية ممن احترفوا طعن الناس في شرفهم الديمقراطي أو المذهبي .(بمعنى توة تعرضلي ).
حين تخرس هذه الأصوات نهائيا و ينتهي كل خوف منها سوف أعود إلى عزوفي عن حضور “الحفلات الديبلوماسية” التي لا تروقني و لا أحس أصلا أني أناسبها مزاجا و بروتوكولات .
في كل مناسبات تلبيتي للدعوة الإيرانية أجد كل الأطراف السياسية حاضرة (أقول جيدا كلها) . أهم الحاضرين عددا و نوعا هم القيادات النهضاوية من القمة إلى القاعدة و كان ذلك في أحلك فترات الاستقطاب “الثوري” في سوريا و ارتفاع منسوب استهداف شرف المقاومة و التشكيك في “نوايا إيران بالمنطقة” من طرف كبار كتاب و مدوني الإسلاميين العرب في تونس و خارجها .
لا يفاجئني الأمر .انا اعلم أن ما يتم تسويقه للأتباع و كتابته في منابر الرأي و الإعلام المحمولة على التيارات الإسلامية العربية يندرج ضمن الدور الوظيفي الذي وضع للإسلاميين مع الأسف في ما يسمى بمخطط “الدمقرطة الأمريكية” للمنطقة و أعلم أن المجاملات الديبلوماسية أو حتى “إعلان الحب ” تحت الطاولة لإيران أو غيرها هي تكتيكات تحضين مشروعة أو حتى إدارة للاختلاف حول القضايا الدولية بين قيادات الجسم الواحد.
لكن تخفي القائد و لبسه القناع في في معارك “دم” انخرط الأتباع فيها عبر الطعن في شرف المقاومين و ذممهم يصبح جريمة .
في احتفالية يوم القدس البارحة تحت إشراف السفير الإيراني بتونس و بحضور ابنة الإمام الخميني كان المتكلمون الرئيسيون من تونس نهضاويين :برلمانية و مثقف .و كانت النهضة اكثر الحضور عددا بحساب النسبة بين القيادات الحزبية و الإعلامية .
قلتُ في مزاح جدي لشخصية نهضاوية مرموقة حاضرة : “ما دمتم تحضرون باستمرار عند إيران في تونس و في طهران قولوا للمدونين و الكتاب و النشطاء المحمولين عليكم أن يكفوا ألسنتهم عنا حين نحلل أو نكتب بما ينصف الإيرانيين و حلفاءهم في المنطقة و قولوا لهم ان ينشغلوا بسب أعداء الأمة بنفس قدر سب حزب الله و ايران”.
القيادي البارز بدأ يتفلسف ليقترح محاضرات و حوارات لتغيير الأفكار.قلتُ: “لامحاضرات لا وذني ..انشروا صورحضوركم في المناسبات الايرانية كما تنشرونها في مناسبات ديبلوماسية أخرى سيسكتون ”
قال صديقي بحري وهو يمهد لقصيدته التي ألقاها البارحة:” إن صراعات كثيرة شهدتها منطقتنا لان سياسيين كُثر يعرفون الحقيقة و لكنهم يجبنون عن قولها في العلن خوفا من العوام ” وأضيف : و خوفا من “المسؤول الكبير” .
نلوم الإسلاميين لأنهم اكبر التيارات التي من خلالها تم تشريع أبشع الحرائق التي أشعلها الأعداء في المنطقة و هي حرب العقائد و ترتيب الاعداء.