عاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خالي الوفاض وخائباً من زيارته إلى الصين مع ممثلة الاتحاد الأوروبي فقد علّق آمالاً عريضة هو والرئيس الأمريكي جو بايدن على هذه الزيارة بزحزحة الصين عن علاقتها مع روسيا أو حتى إدانة لحربها في أوكرانيا، بل عاد ماكرون يُكرر مواقف سابقة ألا وهي العمل على استقلال أوروبا وإنهاء تبعيتها للولايات المتحدة الأمريكية وهي مطالب تزعج واشنطن ومن الصعب تحقيقها في ظل هيمنة أمريكية مطلقة على القرار الأوروبي.
وعلى الرغم من الضغوط التي مارستها واشنطن على الصين قبل زيارة الرئيس الصيني الأخيرة إلى موسكو فقد كانت مخرجات الزيارة مخيّبة لآمال إدارة بايدن، وصدر بيانها الختامي ليؤكد عمق العلاقات ومتانة الشراكة التي تربط البلدين إضافة إلى التوقيع على اتفاقيات اقتصادية بعشرات المليارات، وحتى خطا البلدان خطوات غير مسبوقة بالتعامل بالعملة المحلية «اليوان» و«الروبل» وإنهاء التعامل بالدولار فيما بينهما، وانتقلت عدوى التخلي عن التعامل بالدولار إلى دول أخرى، فبدأت إيران تعاملها مع روسيا أيضاً بالعملة المحلية، وهناك دول أخرى على الطريق تستعد للتخلي عن الدولار الذي بدأ يتدحرج عن عرشه يوماً بعد يوم.
وليس هناك من أفق لتحسن العلاقات الصينية الأميركية بعد لقاء رئيسة تايوان مع مكارثي رئيس مجلس النواب الأميركي في كاليفورنيا التي أدت إلى حصار الصين لجزيرة تايوان وإجراء مناورات صينية بالذخيرة الحيّة حول الجزيرة لمدة ثلاثة أيام، وفيما تزداد العلاقات الروسية الصينية متانة تزداد العلاقات الصينية الأميركية تدهوراً ،ولاسيما بعد تزويد واشنطن أستراليا بالغواصات النووية وعقد تحالف موجه ضد الصين مكون من اليابان وأستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة.
زيارة ماكرون للصين لم تحقق أي نتائج ملموسة، على الصعيد الشخصي ولا على الصعيد الأوروبي، وخاصة أن ماكرون مُحاصر في فرنسا بأوضاع صعبة، كما أنه ليس بيد فرنسا ولا أوروبا القارة العجوز الضعيفة ما تقدمه للصين بعد أن رهنت نفسها للسياسة الأميركية، وبعد أن بدأت حتى واشنطن بالنزول مرغمة عن عرش القطبية الأحادية، وبعد أن كثر المتنافسون بالحلبة الدولية، فيما تسجل الصين كل يوم تقدماً على الولايات المتحدة الأميركية التي تزداد كراهية شعوب العالم لسياستها الغارقة بالظلم والهيمنة والتسلط .
tu.saqr@gmail.com