الفيلسوف الفرنسي ميشال أونفري دعا الأميركيين، الذين يفترض أن تكون الكورونا قد زعزعت مفهومهم للسلطة، ومفهومهم للثروة، الى انتخاب رئيس يمتلك الحد الأدنى من مواصفات… كائن البشري!
رأى «أن طبيعة هذه الأمبراطورية تقتضي أن يحكمها نبي أو فيلسوف». ربما تاثراً بافتتانه بالفيلسوف الرواقي ماركوس أوريليوس، وقد اعتبره أحد أفضل خمسة أباطرة في روما.
أونفري لاحق دونالد ترامب خطوة خطوة، تغريدة تغريدة. في نهاية المطاف كتب «علينا أن نسأل تشارلز داروين عن جنس هذا المخلوق العجيب. قطعاً لم يسقط من سروال آدم. قد يكون الحلقة الداروينية المفقودة بين القرد والكائن البشري».
البديل ليس جو بايدن. نائب باراك أوباما الذي شغل، لسنوات، منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، ليس بالشخصية الصاخبة. لم تعرف عنه النرجسية أو الغوغائية. غير أن مواقفه المتعرجة أفقدته الكثير من الكاريزما. اذ يقترب من الثمانين، لم يطلق أي موقف يمكن أن يخترق جدران البيت الأبيض. دونالد ترامب، بمنتهى السخرية، قال «أن أهم ما يمكن لجو فعله، أن يداعب ظهور القطط »، بعدما أخذ عليه أنه ربّت، للتحبب، ظهر امرأة.
بايدن الذي يرجح أن يكون مرشح الحزب الديموقراطي للثلاثاء الكبير في تشرين الثاني المقبل، عاشق لاسرائيل. في خطاب له أمام الايباك قال ان حاخاماً كان يزورهم، بانتظام، كل يوم أحد، و«لقد أثّر فيّ الى حد بعيد، حتى أن أكثر أفكاري تبدو وكأنها مستوحاة من التوراة».
هو مع تجزئة العراق الى ثلاث دول. دولة سنية، ودولة شيعية، ودولة كردية. ايرانياً، لا يعارض العقوبات اذا ما توخت وقف «الجموح النووي أو الجموح الجيوسياسي». لكنه وقف ضد تصنيف الحرس الثوري تنظيماً ارهابياً…
كلام وراء الضوء. حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو، الوحيد المؤهل لكسر دونالد ترامب. الانسان بكل معنى الكلمة. هو من أنشأ مؤسـسة الاسـكان للمــعوزين (Help U. S . A)، كما أنه عضو في لجنة العناية بالمشردين الذي يمشي لساعات، ليلاً، على أرصفة نيويورك لمساعدة من يتوسدون صناديق القمامة أمام ناطحات السحاب.
كومو، الديناميكي المرهف، هو ابن ماريو كومو الذي انتخب مرات ثلاث حاكماً للولاية، وقد رحل يوم تنصيب ابنه الذي يحكى الكثير عن «البعد الرومانسي» في شخصيته ما دام آتياً من الثقافة المتوسطية (ايطاليا). ربما لهذا عرف بشغفه بأغنية داليدا Love in Portofino.
حين كان دونالد ترامب يتعامل بالقفازات مع صرخات مدينة نيويورك التي ولد فيها، كان كومو، ابن الحي نفسه (كوينز)، ينزل الى الأرض ليواجه الجانحة حتى ولو اضطر الأطباء الى ارتداء أكياس القمامة.
الى جانبه طبيب، وباحث، فذ من أصل لبناني، يدعى علي المقداد، رئيس مركز الأبحاث في جامعة واشنطن، والذي وضع السيناريوات الخاصة بمواجهة كوفيد ـ 19 قبل استشرائها على ذلك النحو الكارثي، تبعاً لما أوردته شبكة CNN. اسمه وارد بقوة ليكون وزير الصحة في الولايات المتحدة اذا ما تسنى لكومو الوصول الى البيت الأبيض.
أونفري وصف الحاكم بـ«صاحب القلب الذي صنع من الكريستال». بالكثافة الأخلاقية التي اتصف بها، لا يمكن أن يكون شايلوك، أو دراكولا، أو كاليغولا، كما هي حال دونالد ترامب. نظرته الى الشرق الأوسط متوازنة الى حد ما. ليس بالشخصية الملتبسة، أو المعقدة. يعارض «مهنة تصنيع الصراعات وادارتها».
كومو يعتقد أن البيت الأبيض تصرف، أخيراً، بمنتهى الحماقة، كما بمنتهى الزبائنية، في موضوع النفط. دعا السعودية الى رفع انتاجها، في زمن الكورونا، على أساس تحطيم الاقتصاد الروسي، فاذا بشركات النفط الصخري في الولايات المتحدة تطلق صيحات الاستغاثة.
مثل أوباما، ليس من رجال «الدولة العميقة». يرى أن السياسات الراهنة كادت تحوّل الكرة الأرضية، الى مقبرة.
الكورونا حطمت نصف دونالد ترامب. من يحطم النصف الآخر…؟!
الديار اللبنانية