بقلم محمد النوباني |
بداية لا بد من الاشارة الى أن أتهام الرئيس الامريكي دونالد ترامب للصين بتخليق فيروس كورونا المستجد في أحد مختبرات مدينة آوهان الصينية وتهديده بطلب تعويضات منها ومقاضاتها امام المحاكم الدولية في حال اثبتت التحقيقات انها هي المسؤولة عن انتشاره وما نجم عن ذلك من اضرار بشرية ومادية قد صعد من حدة الخلافات الأمريكية-الصينية وأوصلها الى ذرى غير مسبوقة من التوتر ألأمر الذي دفع البعض الى الحديث مجددا عن حتمية نشوب حرب عسكرية ببن البلدين .
ولكي نكون صورة عما جرى فإن جائحة كورونا عمقت من ازمة الاقتصاد الامريكي و تسببت في اغلاقه وبخسارة ملايين الامربكيبن لوظائفهم وفي افلاس شركات كبرى نفطية وغير النفطية وبفقدان نمط الحياة الامريكية لبريقه حتى امام مواطنيه
ومقابل ذلك فإن الصين كانت قبل كورونا واثناءها تثير اعجاب شعوب العالم وتبرهن مع روسيا الاتحادية وجمهورية كوبا الاشتراكية من خلال المساعدات التي قدمتها وتواصل تقديمها للدول المتضررة من جائحة كورونا على تفوقها الاخلاقي على النظام الراسمالي الجشع الحاكم في الولايات المتحدة وبلدان الغرب الراسمالي.
وقد أدى صمود كوبا وأيران وفنزويلا وسوريا وفشل المؤامرات التي حاكتها و تحيكها واشنطن لاسقاط انظمتها المعادية للامبربالية واستبدالها بأنظمة اخرى عميلة وتابعة وزيادة الكراهية للسياسة الامريكية في مختلف انحاء العالم الى تعاظم القلق لدى الدولة الامربكية العميقة على مستقبل الامبراطورية الامريكية ومكانتها في اطار مفكرين وخبراء الاقتصاد ومنهم المفكر والفيلسوف وعالم اللغويات الامريكي ناعوم تشومسكيو الاقتصادي الاردني من اصل فلسطيني طلال ابو غزالة في التحذير من خطر لجوء واشنطن الى إشعال فتيل حرب عالمية للخروج من ازمتها الراهنة.
وفي حين تحدث تشومسكي عن خطرين سبحدقان بالبشرية بعد الانتهاء من جائحة كورونا هما خطر الحرب النووية والخطر الثاني هو خطر الاحتباس الحراري فأن طلال ابو غزالة ذهب الى ما هو ابعد من ذلك حيث حدد موعدا لنشوب عالمية بين الولايات المتحدة والصين هو شهر اكتوبر القادم.
وأشار في مقابلتين منفصلتين متلفزتين اجريتاها معه “آرتي” الروسية و “سكاي نيوز عربية” بأن هذه الحرب ستكون بين الولايات المتحدة الامريكية والصين فقط ولن تستخدم فيها الاسلحة النووية المتوفرة في البلدين بل اسلحة تقليدية وستنتهي باتفاق الدولتين على اقامة نظام دولي جديد تهيمنان عليه وتتقاسمان النفوذ فيه.
غني عن القول أن توقع ناعوم تشومسكي نشوب حرب عالمية جاء في سياق حديث مطول له عن جائحة كورونا وخطابات ترامب التي شبهها بالخطابات التي كان يلقيها الزعيم النازي الالماني ادولف هتلر وبالازمات التي تعاني منها الراسمالية الامربكية وصولا الى حديثه عن احتمال لجوء تلك الرأسمالية في لحظة ما الى الحرب للخروج من ازمتها ولذلك فانه يبقى في اطار المجرد وليس الملموس.
ولكن طرح طلال ابو غزالة لا يمكن وصفه لا بالاستشراف العلمي للمستقبل ولا بالتنبؤ ويمتاز بالعمومية وفيه الكثير من التناقضات المستعصية على القهم ،فهو من ناحية يؤكد بان الحرب سوف تندلع في شهر اكتوبر من العام الجاري وكأنه يوجد اتفاق ببن الدولتين على الموعد ثم يعود للقول بأن على دول العالم التحرك لمنع وقوعها قبل هذا الموعد.
وبعد ان يؤكد بان عالم ما بعد هذه الحرب سيكون ثنائي الاقطاب يعود في معرض اجابته على احد الاسئلة لكي يعطي لروسبا دورا فيه وكان الادوار في اي نظام دولي هي حصيلة لتسويات وليس لمعادلات قوة واقتدار وروسيا بحكم قوتها العسكرية الهائلة مؤهلة لان تكون في مقدمته لأن لو كان الإقتصاد لوحده هو ااذي يحدد مكانة الدول في النظام الدولي لما عالم ما قبل انتهاء الحرب الباردة ثنائي الاقطاب امريكي وسوفباتي .
وبالعودة الى الحرب العالمية فان الدولة الامريكية العميقة تدرك بأن الصين دولة نووية جبارة ولذلك فأنه في حال نشوب حرب معها فانه لا احد يستطيع ان يضمن بان لا تتدحرج تلك الحرب الى نووية الامر الذي سيؤدي الى دمار البلدين وربما الى زوالهما عن الخارطة.
وكلنا يذكر في هذا المجال انه عندما تأكدت الدولة الامريكية العميقة ان كوريا الشمالية باتت دولة نووية قادرة على الحاق اذى كبير بالولايات المتحدة الامريكية في حال حدوث حرب بين البلدين كيف اوعزت لترامب بلحس تهديداته لبيونج يانغ وعقد قمتين مع زعيمها الشاب جيم كونج آون وبالتالي فانها لن تسمح لترامب بالذهاب الى حرب مع الصين التي تعتبر ترسانة كوريا الشمالية مجرد لعبة اطفال مقارنة مع ترسانتها النووية ومديات صواريخها العابرة للقارات..
كما يجب ان لا ننسى بان توازن الرعب النووي هذا هو الذي منع نشوب حرب عالمية ثالثة في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 من القرن الماضي وحتى يومنا هذا لان كل الدول النووية تدرك بانه لا يمكن لاحد ان بخرج منها منتصرا.
إن اخذ هذه الامور بعين الاعتبار ضروري لكي الحديث عن الحرب هو ترفا فكريا او مهارة لا تفيد احدا او محاولة لجني أرباح على حساب أعصاب الناس.
ومع ذلك فأن لا احد يستطيع ان يضمن بان لا يؤدي خطأ ما في الحساب او سوء ما في التقدير الى وقوع المحظور.