بداية لا بد من الإشارة إلى حقيقة مهمة وهي ان استعداد بعض العرب التفريط بالقضية الفلسطينية وتأييد المشروع الصهيوني في فلسطين تعود جذوره إلى العام 1917حينما أعرب الملك السعودي عبد العزيز في ذلك الوقت عن تأييده لوعد بلفور المشؤوم وتعاطفه مع المساعي التي يبذلها “اليهود المساكين” لإقامة وطن قومي لهم في فلسطين .
وكذلك لا بد من التنويه إلى حقيقة مهمة أيضاً وهي أن إتفاقية كامب ديفيد التي وقّعها الرئيس المصري المقبور أنور السادات مع رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق الراحل مناحبم بيغن عام 1978 هي التي دشنت لعصر التسويات المنفردة بين العرب وإسرائيل ومن ضمنها إتفاقية آوسلو عام 1993 ووادي عربة عام 1994 وأخيراً الإنفاق الإماراتي الإسرائيلي وليست إتفاقية آوسلو رغم تداعياتها الكارثية.
صحيح أن إتفاقية آوسلو ألحقت اضراراً كارثية بالقضية الفلسطينية ومكنت اسرائيل من إطلاق العنان لمختطاتها الإستيطانية والتهويدية وشوهت جوهر القضية الفلسطينية وحولتها من قضية تحرر وطني إلى قضية استجداء مساعدات إنسانية.
ولكنه ليس صحيحاً على الإطلاق انه لولا آوسلو لما كانت الخيانة العربية او انه لولا آوسلو لما نقلت دولة الامارات علاقاتها مع إسرائيل من السر إلى العلن وقررت توقيع معاهدة سلام معها.
فألسبب الرئيس لهذه الهرولة التطبيعية هو قناعة بعض الحكام العرب بأن التقرب من إسرائيل والتحالف معها ضد ايران ومحور المقاومة هو اقصر الطرق للتمتع بالحماية العسكرية الامريكية.
وبهذا المعنى صحيح أن الاتفاق الإماراتي-الإسرائيلي طعنة في الظهر للقضية الفلسطينية ولكن إسقاطه ومنع دول عربية اخرى من الحذو حذو الإمارات وتوقيع المزيد من معاهدات العار مع إسرائيل يتطلب العودة عن خطيئة آوسلو وليس التمسك بها وتحريم ذلك على الآخرين.
وليكن معلوماً بهذا الإتجاه ان للسلطة الفلسطينية سوف ترتكب خطأ مميتاً إن توهمت بأن مناشداتها للجامعة العربية التي تسيطر على قراراتها وتوجهاتها دول الإعتدال العربي سوف يخرجها من المأزق الراهن أو إن صدقت بأن السعودية السائرة بخطى حثيثة نحو عقد معاهدة سلام مع إسرائيل كما أكد كوشنير قبل أيام سوف تقف إلى جانبها او لو صدقت أن مصر الضعيفة والمكبلة بإتفاقات كامب ديفيد سوف تخف الى نجدتها فهذا لن يحصل ابداً .
ولذلك فإن سحب الذرائع والمبررات التي إستند إليها حكام الامارات لتبرير تفريطهم بالقضية الفلسطينية ومنع دول عربية اخرى من الجذور حذوهم يتطلب إلغاء آوسلو وحل السلطة الفلسطينية .
ختاماً فإنني حينما أشير إلى هذا المخرج فإنه لا يغيب عن ذهني كما يتبادر للبعض ان آوسلو كانت بالنسبة للبعض خياراً طبقياً وسياسياً او ان هنالك منظومة مصالح وإمتيازات قد تعرقل إتخاذ قرارات جريئة بهذا الإتجاه ولكن لا بد من المحاولة لأن الحديث لا يجري عن نخب سياسية فقط بل عن جماهير ايضاً.
الوسومالامارات السلطة الفلسطينية اوسلو محمد النوباني
شاهد أيضاً
الحاجة اليوم لمنظمة التحرير أكثر من أي وقت مضى…بقلم إبراهيم أبراش
بيان الرئاسة الفلسطينية حول مجزرة خانيونس يوم ١٣ من هذا الشهر وتحميل إسرائيل المسؤولية المباشرة …