الأحد , 17 نوفمبر 2024
Breaking News

ما جدوى اعتبار بريطانيا حركة حماس إرهابية؟…بقلم محمد الرصافي المقداد

تصنيف حركة حماس من طرف بريطانيا حركة إرهابيّة، وقاحة متكرّرة تأتي كلّ مرّة بشكل مستفِزٍّ من جهة، لا تتحرّج في إتخاذ قرارات سياسية مصيرية مجانبة للحق، من شأنها أن توقع ضررا بالغا بشعوب واقعة تحت سيطرتها، قد اشتهرت بذلك منذ قيام دولتها، فلا عجب فيما يصدر منها من مواقف معادية لنضالات تلك الشعوب، خصوصا فيما تعلق بنضالاتهم، من أجل استعادة حقوقهم المشروعة، وليس هذا جديدا على مملكة متورّطة في جرائم استعمارية،برهنت فيها على عدائها لشعوب أفريقية وآسيوية وأمريكية لاتينية.

فبعد القرار الأمريكي الظالم، الذي افتتح طريق تزوير نضالات الشعوب المستضعفة، والذي نسجت على منواله عدد من الدول الأوروبية، لترتكب نفس الحيف الذي بدأته حامية الكيان الصهيوني، عبّرت وزيرة الداخلية البريطانية (بريتي باتلPriti Patel)(1)، أن حكومتها تسعى لتصنيف حركة حماس الفلسطينية بكاملها منظمة إرهابية، بما فيها الجناح السّياسي،بعدما كانت قد صنّفت سنة 2001، الجناح العسكري (كتائب عزّ الدين القسّام) للحركة، منظمة إرهابية.(2)

وجاء تصريح الوزيرة البريطانية على هامش زيارتها لواشنطن دالّا على عزم حكومتها المضيّ في تصنيف الجناح السياسي للحركة ارهابيا فقد قالت:نحن نرى أنه لم يعد بإمكاننا الفصل بين الجناحين العسكري والسياسي للحركة. وكتبت باتيل في تغريدة على تويتر أن “حماس تمتلك قدرات إرهابية كبيرة بما في ذلك الوصول إلى ترسانة (أسلحة) واسعة ومتطورة فضلا عن معدات إرهابية”. وأضافت “لهذا أتحرك اليوم لحظر حماس بالكامل”.(3)

ويبدو من خلال ما تترصّده المخابرات البريطانية، وتقاريرها التي تصل دوريا الحكومة البريطانية،عن نشاطات المناصرين للقضية الفلسطينية، بالتظاهرات وبالفكر وبالأموال، أنه لم يعد بالإمكان فسح المجال داخل بريطانيا لكل من يمُتّ للحركة بعلاقة أو صلة، ويعتبر القانون البريطاني الانتماء لمنظمة محظورة أو حشد التأييد لها أو ارتداء ملابس يمكن أن تعبر عن الدعم لها جريمة جنائية، وتصل عقوبة هذه الجريمة إلى السجن 10 سنوات كحد أقصى، ودفع غرامة مالية أو إحدى العقوبتين.وفيما رحّب الكيان الصهيوني بالقرار البريطاني، معبّرا عن رضاهبذلك، في حين نددت حركة حماس به (4)

وتعليقا على ذلك قال الناطق باسم حركة حماس (فوزي برهوم)المجتمع الدولي وفي مقدمته بريطانيا، الدولة المؤسس في عصبة الأمم، والأمم المتحدة بعد ذلك، التوقف عن هذه الإزدواجية والإنتهاك الصارخ للقانون الدولي، الذين يدعون حمايته والإلتزام به.وأضاف :”على بريطانيا أن تتوقف عن الإرتهان للرواية والمشروع الصهيوني، وأن تسارع للتكفير عن خطيئتها بحق شعبنا في وعد بلفور، بدعم نضاله من أجل الحرية والإستقلال والعودة”.

ودعا كل قوى الشعب الفلسطيني وفصائله الحية والمناصرين لقضية شعبنا العادلة، في بريطانيا خاصة وأوروبا عامة، إلى إدانة هذا القرار واعتباره استمرارا للعدوان على شعبنا وحقوقه الثابتة، والذي بدأ منذ أكثر من مائة عام. (5)

هكذا تواصل بريطانيا سياساتهاالعدوانية، على حركات المقاومة الفلسطينية،في مواجهة الكيان الصهيوني الغاصب، أملا في خنق مجالاتها السياسية، ودفعها بسبب ذلك للتخلّي عن خيارها العسكري، المقاوم لوجود الكيان الصهيوني الغير شرعي، وبريطانيا – كما يعلم الجميع – هي واضعة حجر الأساس لمحنة الشعب الفلسطيني في اغتصاب أرضه، منذ وعد بلفور المشؤوم، إلى تأليف عصابات الصهاينة لكيانهم، بمساعدة قواتها العسكرية المحتلّة لفلسطين واضحة منذ سنة1948.

وفيما ادانت فصائل وحركات المقاومة الفلسطينية الأخرى وعموم الشعب الفلسطيني القرار البريطاني، باعتباره منحازا لكيان صهيوني من باب اولى ان يُصَنّف وحده إرهابيا بما ارتكبه من جرائم ترقى إلى جرائم حرب وارهاب،دان وزير الخارجية الإيراني (حسين أمير عبد اللهيان) قرار بريطانيا تصنيف حركة “حماس” الفلسطينية منظمة إرهابية، “في تشويه للحقائق وقلبها”.كتب الوزير على “تويتر”: “ندين قرار بريطانيا إعلان حركة المقاومة الشعبية حماس منظمة إرهابية.. لا يمكن المساس بحقوق الفلسطينيين بتشويه وقلب الحقائق”.وأضاف: “الحل السياسي الوحيد لفلسطين يكمن في إجراء استفتاء بين جميع السكان الأصليين”.(6)

ومن جانبه قال القيادي في حركة انصار الله “محمد علي الحوثي” اليوم السبت، في تغريدة على تويتر: ندين تصنيف “حماس” بالإرهاب وإن كان غير مستغرب من بريطانيا المؤسس للاحتلال.وأضاف الحوثي: ان القرار يتزامن مع مرور ذكرى وعد بلفور الإجرامي فهو تأكيد على استمرار بريطاني في إرهاب الضحية ودعم الكيان المجرم.وتابع الحوثي: إننا على يقين أن التصنيف سياسي ولايمثل لقيادة حماس ومناصريها إلا عزيمة لاستمرار تحرير القدس وكل فلسطين.(7)

وبقدر ما يبدو القرار متوقعا من طرفٍ عُرِف تاريخيا، بتسهيل سيطرة وتمكين عصابات (الهاجاناه) الصهيونية المؤسسة سنة 1921(8)،من الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية بارتكاب مجازر فيها، ذهب ضحيتها المئات من الفلسطينيين، وتمكينها من إقامة كيان غير شرعي هناك، غصبا عن أهلها الشرعيين، أوجدوا له شرعية دولية بالترغيب والتّرهيب، وعلى مدى تاريخ قيامه وإلى يوم النّاس هذا،عُفِيَ عن جميع جرائمه، فلم تؤخذ بعين الإعتبار دوليا وأسقطت، بسبب المواقف السياسية لدول الغرب، المناصرة للكيان في المنتظمين الأميين، الجمعية العمومية للأمم المتّحدة، ومجلس الأمن الدولي.

ليس مستغربا ما أقدمت عليه بريطانيا، في شخص وزيرة خارجيتها الحاقدة، ومن السّذاجة أن ينتظر أحد من أنصار القضية الفلسطينية، أن يأتي خير من دولة عنصرية مستكبرة، سوّدت تاريخها بجرائم عديدة، لا يمكن ان تمحى من ذاكرة الشعوب، ولا من إمرأة متنكّرة لأصولهاكمهاجرة ولدت هناك، وتحصّلت على الجنسية البريطانية، بعد أن اصطبغ تعليمها العلمي وتكوينهاالثقافي بصبغة صهيونية لم تعُدْ خافية من خلال مواقفها.

خلاصة القول: أنه مهما تفننت بريطانيا وأمريكا في محاولاتهما اليائسة، لوقف نموّ وتطور واستقواء فصائل المقاومة، فإن جميع محاولاتهم ستبوء بالفشل، ذلك لأن من ملك حاضنة شعبية قوية مع إصرار واستماتة تلك الفصائل على استكمال الطريق الوحيد المؤدي إلى النصر واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني كاملة غير منقوصة ولا مجزأة، فلا يجدي بريطانيا وأمريكا محاولاتهما الإبقاء على كيان مرفوض فلسطينيا وعربيا وإسلاميا، ولن تنفع الكيان الصهيوني المساندات ولا جرعات التطبيع من عملاء الخليج، لقد حصحص الحق وتبيّن من هو واقف حقيقة مع الفلسطينيين من أجل استعادة كامل أرضهم، ومن هو متخاذل وبائع للقضية، وهو يحسب نفسه مناصرا كذبا ونفاقا.

المصادر

1 – بريتي باتل Priti Patel من أبوين هنديين، ولدت ببريطانيا في 29/3/1972 ، عضو في حزب المحافظين، اشتهرت بمواقفها المثيرة للجدل، كمناهضتها للهجرة، ومناصرتها للإنفصال عن الإتحاد الأوروبي، ودعمها القوي لإسرائيلhttps://ar.wikipedia.org/wiki/

2 – المواقف الدّولية بشأن طبيعة حماس

3 – بريطانيا تعتزم تصنيف حركة حماس الفلسطينية “منظمة إرهابية”

https://www.bbc.com/arabic/middleeast-59350753

4 – ضربة قاصمة” لحماس” الفلسطينية في بريطانيا.. هل تحيي مسار السلام المتعثر؟

https://www.alhurra.com/arabic-and-international/2021/11/19/

5 –تنديد فلسطيني لقرار بريطانيا تصنيف حماس “منظمة إرهابية”

https://ar.irna.ir/news/84547768/

6 – عبد اللهيان يدين تصنيف بريطانيا “حماس” منظمة إرهابية

https://arabic.rt.com/middle_east/1295927-

7 –أنصار الله تدين قرار بريطانيا تصنيف “حماس” كمنظمة ارهابية

https://ar.irna.ir/news/84548270/

8 – هاجاناه https://ar.wikipedia.org/wiki/

Check Also

ارزة لبنان…. تعانق زيتون فلسطين…بقلم ميلاد عمر المزوغي

ما يجري على الساحة العربية مخطط له منذ عقود, فأمريكا كانت تحارب حلف وارسو الذي …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024