بفعل الجهود الجبارة التي بذلها الحكام العرب على كافة الاصعدة, تبنت الامم المتحدة اواخر القرن الماضي قرارا بشان اعتبار الصهيونية شكل من اشكال العنصرية, نظرا لتمييزها بين سكانها المنضوون اليها غصبا وفق قرار التقسيم وفق الديانة والعرق ومحاولتها اقامة دولة دينية بحثة,لم يكتف الصهاينة بمحاولة تهويد المناطق المغتصبة (1948), بل يسعون جادين منذ حرب العام 1967 الى اقامة المستوطنات بأراضي الضفة, واستقدام اليهود من كافة اصقاع العالم للإقامة بها والتضييق على السكان الاصليين من خلال منع منح الرخص الخاصة بالبناء او مزاولة الحرف الصناعية والتجارية لاجبارهم على ترك اراضيهم لصالح الصهاينة.
محكمة الجنايات الدولية, رغم ان قراراتها غير ملزمة, الا انها بقرارها الاخير بخصوص تجريم نتنياهو ووزير دفاعه السابق, تدق ناقوس الخطر بشان الابادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة على مدى عام كامل, اصبح القطاع مدمر بالكامل حيث سويت المباني بالأرض,ولم تسلم دور العبادة واماكن الاستشفاء, والتضييق الكامل على عمل منظمة غوث وتشغيل اللاجئين unrwa واعتبار العاملين بها اناس غير مرغوب فيهم ونعتهم بانهم يساندون الفلسطينيين!, اما سكان القطاع فانه يتم اجلائهم من مكان الى اخر (بدعوى اماكن اكثر امنا ) ويتعرضون للقتل والاعاقة المستديمة لتفريعه من سكانه الاصليين والنازحين اليه عقب حرب 67 ومن ثم اعادة احتلاله واقامة حكم عسكري صهيوني به, انها حرب تهويد بمساعدة الدول الكبرى التي كانت سببا في نكبة فلسطين واقتطاع جزء منها لصالح اقامة دولة للصهاينة بها(وعد بلفور المشؤوم/ اعطاء من لا يملك لمن لا يستحق), ما يحدث في غزة هو صورة طبق الاصل لما قامت به روما في حربها ضد قرطاجنة الافريقية, حيث تم تدميرها بالكامل, في محاولة لطمس حضارة شهدتها المنطقة.
لقد كشف لنا ساسة الصهاينة, ما كانوا يخفونه على مدى سبعة عقود, انهم لا يؤمنون بحل الدولتين ولن يقبلوا بان يعيش الفلسطينيون بين ظهرانيهم.
لقد اثبتت احداث غزة ان هناك دولا لاتزال تسيطر عليها عقلية انهم خير شعوب الارض, وان الاخرين مجرد كائنات بشرية خلقت لخدمتهم,على سبيل المثال لا الحصر دولة المانيا المتهمة بانها ضد (السامية) ومن قامت بالجرائم ضد اليهود عبر المحارق المزعومة, ربما للتكفير عن جرائمها تلك, ولكن كان الاجدر بها ان تمنحهم حق الاقامة بإحدى مقاطعاتها واقامة دولتهم المستقلة بدلا من ابادة شعب بالكامل, لا لشيء الا لأنه اراد ان يعيش حرا مستقلا فوق ارضه.
نتمنى على المجتمع الدولي الحر المتمدن, ان ينتقل بقراراته في المرات القادمة الى ادانة المزيد من ساسة العدو, وكذلك توجيه اصابع الاتهام الى الدول التي تزود الصهاينة بمختلف انواع الاسلحة والعتاد, ومساندتهم سياسيا في المحافل الدولية, لارتكاب المزيد من الجرائم البشعة التي تقشعر له الابدان, ومحاولة افراغ الارض من ساكنيها, واقامة كيانهم المزعوم بين الفرات والنيل.
نتوجه بجزيل الشكر والتقدير لحكومة جنوب افريقيا التي كانت السباقة الى طرح القضية بالمحفل الدولي, المستقلة حديثا, والتي عانت كثيرا من نظام الميز العنصري.. والتحية للشعوب المستنيرة بالدول الغربية التي ناصرت القضية الفلسطينية عبر التجمعات الجماهيرية على مدى اشهر, تعرضت خلالها لكافة انواع العنف من قبل مكافحي “الشغب” ببلدانها, لن يضيع حق وراءه مُطالب مهما طال الزمن.