الإثنين , 25 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

محمد أمين: حان الوقت ليعلن الأوروبيون استقلالهم عن أميركا!

وجّه الصحافي البريطاني في صحيفة فايننشال تايمز البريطانية فيليب ستيفنز، انتقادات لاذعة للرئيس الأميركي دونالد ترامب لإقراره الانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران. وقال ان حلفاء أميركا صرّوا أسنانهم، وعضوا على شفاههم وكظموا غيظهم وأظهروا ابتساماتهم المصطنعة، وعاملوا الرئيس ترامب بالتودد والاطراء، ولكن دون جدوى. فترامب هو كما كان دائما: ذلك البلطجي المتعصب قوميا والعازم على استغلال القوة الأميركية لإظهار أنه قادر على فعل ما يشاء. فالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني ليس نهجاً في السياسة الخارجية. بل ضرب من ضروب التحدي والتباهي.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يواجه فيها الأوروبيون ازدراء ترامب للنظام الدولي الذي ضمن قيادة عالمية للولايات المتحدة. ففي المرة الاولى، انسحب من اتفاق باريس حول التغير المناخي، ثم تخلى عن فكرة حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ومزّق عددا من الاتفاقات التجارية وشكك بحلف الناتو.
وهناك سلسلة تغريداته على تويتر التي تتهم أوروبا بأنها متساهلة مع الإرهابيين أو تقبل بمناطق وهمية تخيلها للمهاجرين المسلمين داخل القارة الاوروبية. وقد حافظ الحلفاء في معظم الحالات على رباطة جأشهم. أما الآن، فإن الخروج من الاتفاق النووي الايراني يمثل «أكبر شرخ في العلاقات عبر الأطلسي منذ الحرب الباردة».

بنزين على النار 
فخروج ترامب من الاتفاق مختلف هذه المرة. فهو يُحدث اكبر خلاف في العلاقات بين الولايات المتحدة واوروبا منذ نهاية الحرب الباردة، ويزدري جهود الغرب للحفاظ على نظام دولي يستند الى قواعد. فالولايات المتحدة – بقرارها هذا – إنما تسلم الساحة الدولية للنظام في طهران، وتصب البنزين على منطقة مشتعلة أصلاً، وهي منطقة – بالمناسبة – مجاورة لأوروبا. رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو يقرع طبول الحرب ضد إيران منذ سنوات، والآن، انضم اليه ترامب.
صحيح ان الاتفاق الذي يقيد أنشطة إيران النووية لم يكن يلبي كل المطالب الغربية. لكن، من دونه، تكون لدى طهران الوسائل والحوافز لصنع القنبلة النووية. وبالنسبة لصانعي السياسة الأوروبيين، هناك بعد إضافي. فإذا احتاجت إيران، أو أي نظام آخر “مثير للمتاعب ” ، إلى مبررات لبناء برنامج نووي، فقد وفر لهم الرئيس السابق جورج دبليو بوش ذلك من خلال شعار «محور الشر» الذي اطلقه قبل خمسة عشر عاما، ثم اقدامه على غزو العراق.
ومن المرجح أن تضع كوريا الشمالية هذا الدرس نصب عينيها عندما يلتقي كيم جونغ أون ترامب الشهر المقبل لبحث الترسانة النووية لبيونغ يانغ. لقد كان الاتفاق النووي تتويجا لعشر سنوات من الدبلوماسية المضنية وغالبا المؤلمة. وتدرك كوريا الشمالية، وأي شخص آخر الآن، أنه لا يمكن الوثوق بتعهدات أميركا حتى لو كانت جزءاً من اتفاق دولي رسمي، طالما كان ترامب في البيت الأبيض.

دولة مارقة
ففي معظم العواصم الأوروبية، كانت ردة الفعل الاولى على هذه الاستراتيجية المدمرة هي القول ان أميركا أصبحت الآن بمفردها. وانه إذا كانت الولايات المتحدة تعتزم أن تتصرف على اساس انها دولة مارقة، وتغض الطرف عن وجهات نظر حلفائها، فإنه لا يعود هناك ما يحفظ تماسك شراكة الأطلسي التي تفترض منذ فترة طويلة، تلاقياً في القيم والمصالح.
إن اغلاق جهاز التلفزيون بينما يتحدث ترامب هو أكثر من مجرد خداع للذات يمارسه الاوروبيون. وللأسف، إنه يتحدى أيضا حقيقة أن أوروبا تعتمد على الولايات المتحدة في الدفاع عن القارة. ففي العام الماضي، وفي لحظة من الإحباط العام، قالت المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل إن وصول ترامب إلى البيت الأبيض يدعو أوروبا إلى تحمل المزيد من المسؤولية عن شؤونها. ولكن كل ما فعلته المستشارة منذ ذلك الحين يشي بأن ألمانيا أقل رغبة في تحمل تكاليف أمن المانيا ذاتها. فلن تضمن أوروبا استقلالها عن الولايات المتحدة، إلا عندما تكون مستعدة لدفع الثمن. ومع ذلك، فإن الواقعية لا تعني الخضوع. يجب أن تكون الأولوية هي الحفاظ على ما تبقى من الاتفاق النووي.

تصعيد متبادل
ربما تكون الولايات المتحدة قد نكثت بتعهداتها، لكن أوروبا – وبقية المجتمع الدولي – يمكنها أن تثبت أنها على استعداد للحفاظ على الاتفاق مع إيران الذي يقضي برفع العقوبات مقابل امتثال طهران. لقد صرح سياسيون أوروبيون بانهم سوف يسعون للحصول على إعفاء لشركاتهم من عقوبات ترامب. وقد يحتاجون للذهاب أبعد من ذلك. فإذا أصر الرئيس على معاقبة شركات ألمانية أو فرنسية أو بريطانية، مثلا، يجب على أوروبا الرد عليه. والامر لا يتعلق بالدفاع عن مصالح تجارية، بل بإقرار بأن إيران لن تلتزم بالاتفاق الا إذا تم تخفيف العقوبات المفروضة عليها. وفي حال رفضت واشنطن استثناء الشركات الاوروبية من العقوبات، سوف يتعين على حكومات الاتحاد الأوروبي تعويض الشركات الاوروبية التي ستطالها العقوبات الأميركية جراء تعاملاتها التجارية مع إيران.
ويجب على دول الاتحاد الاوروبي الرد على معاقبة شركاتها بفرض غرامات مقابلة على الشركات الأميركية. وسيكون هناك خطر من التصعيد المتبادل، ولكن إذا كانت أوروبا جادة، فعليها تحمل المخاطر. والحتمية الثانية هي أن على القادة الأوروبيين ان يوضحوا قدر الامكان انهم يعارضون بقوة توجيه أي ضربات عسكرية لإيران، وأنهم لن يسمحوا للولايات المتحدة باستخدام القواعد الأوروبية في اي نزاع كهذا.
الكل يتفق على ان الحرب التي تسعى إليها إسرائيل ستكون أكثر خطورة. ويجب على الأوروبيين ألا يركنوا لحقيقة ان قرار ترامب قد وضعهم في معسكر واحد مع روسيا والصين، ففي حرب 56 على مصر، اصطفت واشنطن مع موسكو في التنديد ببريطانيا وفرنسا في الأمم المتحدة. ولكن السؤال يبقى قائما: كيف عزلت الولايات المتحدة نفسها عن حلفائها واصدقائها، وبالتالي عملت على تقوية خصومها؟

 

شاهد أيضاً

العلماء الإيرانيون ينجحون في إنتاج “نواة السيزيوم 137 المشعة”

    نجح العلماء النوويون والمتخصصون في الصناعة النووية الايرانية لأول مرة في إنتاج “نواة …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024