الأربعاء , 18 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

 مسيرة الأربعين رابطة الثورة والأخوة الإسلامية…بقلم محمد الرصافي المقداد

مازال نداء أبي الأحرار الإمام الحسين عليه السلام مستمرا في أدائه العميق، على مدى الزمن، مخترقا  الآفاق  والآذان والأفئدة، داعيا أهل الإيمان مستنهضا هممهم  مستفزا عقولهم وقلوبهم: (هل من ناصر ينصرنا أهل البيت)، ولم تكن صرخته تلك سوى عنوانا لحركة ثورية أسسها بخروجه على طاغية زمانه، يستلهم منها المؤمنون بولايته عبق الحرية من قيود الطغاة، ويستنسخ منها الكادحون إلى ربهم كدحا مقدمة التغيير في أنفسهم ومجتمعاتهم، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب كل كفؤ، حمل على عاتقه مسؤولية هداية الناس، والسير بهم نحو الحياة المثلى، حياة الإستقامة في الدين، ولا اعتقد أن الحياة لا تساوي شيئا وهي خاوية من قيم الإسلام، إنما  الحياة حياة الدين والأدب، فقد القيم من حياة الانسان عبث ليس وراءه سوى الخسران المبين نعوذ بالله من الاخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا.  ومن أصدق من سيد الشهداء عليه السلام عندما قال:  (إني لا أرى  الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما.)

واعية الحسين عليه السلام هي صرخة حق أطلقها يوم عاشوراء على قلة الناصر وندرة الموالي، أراد بها أولا تحريك ضمائر كتبت إليه سابقا، تستحثه وتستعجله على القدوم ليخصلها من طغيان بني أمية،  فإذا به يراها في مواجهته مع جيش الطاغية، ولم يكن ذلك مفاجئا له، وهو الذي عايش محنة أبيه أمير المؤمنين عليه السلام مع أهل الكوفة وعاين غصصه التي جرعوها له بتخاذلهم وتقاعسهم على الحق، وعاش تآمرهم على أخيه الإمام الحسن عليه السلام، حتى كادوا يقتلوه أو يسلموه غدرا إلى عدوه، فوقف كالأسد الجسور أمام ضباع الدنيا متحديا اجتماعهم وافتراق من افترق عنه، مؤمنا بأن رسالته التي أنيطت به تمثلت في موقف واحد، لا يتغير بأي حال من الأحوال، وهو منهج الإسلام المحمدي في مقارعة الظالمين وإنهاء ظلمهم، فالبراءة من الظلم وأهله، موقف تجسده في أعلى مراتبه الثورة ضد هؤلاء وليس مهما أن تكون النتيجة انتصارا عليهم  بقدر القيمة المعنوية الحاصلة من مواجهة حزب الشيطان والتي هي لبنة تضاف الى صرح العزة برفض الظلم وأهله.

من سلك نهج الحسين عليه السلام، فليوطن نفسه على أن يجعل حياته، ميدان مقارعة المفسدين في الأرض، ولا يدخر جهدا من أجل إعلاء قيم الله في دينه الخاتم، والعبادات التي لا أثر لها في إرادة المسلم وعزمه لا قيمة لها اذا لم تكن حافزا على التغيير نحو الأفضل، الإسلام في جوهره ولاية وبراءة،  ولاية أولياء الله، والبراءة من أعدائهم.

بقطع النظر عما قيل بشأن أربعين الإمام الحسين عليه السلام من تشكيك او تصحيح فإن هذه الحركة إيمانية دون شك، وقد أسست لحالة من العلاقة المتينة المتواصلة بأبي الأحرار، إحياء لنهج مقاومته للظلم والظالمين، ومسيرة الاربعين وإن تعددت طرقها إلى كعبة الأحرار من أفغانستان وإيران والعراق برا، ومن كافة منافذ إقطار العالم الجوية فهي تجسيد للحالة الإيمانية العميقة التي يمكن أن تصدر عن مؤمن بإمامة الإمام الحسين عليه السلام، ومدى الإرتباط به شخصا وفكرا وإرادة، فهذه الجموع التي تتألف تلقائيا كل مناسبة، تأتي كل عام تلبية لندائه الخالد على مدى الزمن ( لبيك يا حسين)، وهي في جوهرها تمثل اصطفافا صادقا مع حق هذا الإمام المظلوم، الذي للأسف فهمه بعض المسيحيين فانخرطوا في مسيرته، ولم يفهمه كثير من العرب، آثروا أن يكونوا مع حاربه وقاتله، اتباعا لسنن من خلوا من قبلهم، في السكوت على الظالمين والرضا بأحكامهم.

مسيرة أربعين الإمام الحسين عليه السلام تعطي زخما متواصلا لحركتها وتناميها كل عام، وقد بلغت في آخر  إحصائياتها الخمس وعشرين مليون نفس كلها جاءت ملبية نداءه، وقد جسدت في مظاهرها مشاهد رائعة من التلاحم والترابط والتكافل، وهي دلائل صادقة معبرة عن معاني الأخوة الإسلامية بين زوار سيد الشهداء عليه السلام واخوانهم العراقيين الذين لم يدخروا جهدا ولا قصروا عن حق من حقوق هذه الأخوة، مصداق وتجسيد قوله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة) تعبير صادقا منهم على قداسة كل ما تعلق بالإمام الحسين عليه السلام في شعيرته، أداء لواجب مولاته،  ونزولا عند ولاية ضيوفه، والعراقيون يجسدون في استقبالهم للموالين أحسن الأمثلة للأخوة الإسلامية، ومجالا رحبا لبناء هذه العلاقة كما ينبغي لها أن تبنى، لتكون منطلقا لتأسيس حقيقي وما أحسنه من مثال يكون مصدره الإمام الحسين عليه السلام، مدرسة الثورة والإباء، وصرح بناء رابطة الأخوة الإسلامية، في زمن نحن في أمس الحاجة إليهما، عندما تجتمع هذه الروابط القيمية العالية فليعلم العالم بأن زمن فرج المستضعفين أصبح قريبا. (إنما المؤمنون إخوة) حكم وأمر إلهي يجب على كل مؤمن تطبيقه، وزيارة الأربعين في جميع أبعادها، مثلت مظهرا إيمانيا تجلت فيه عرى الأخوة وأواصر روابط الإسلام، الذي جاء ليؤلف  بين قلوب أفراده، فيصهرهم في جسد واحد مصداق قول النبي صلى الله عليه واله (إنما المؤمنون في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم  كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له البقية بالسهر والحمى) دعوة إلهية ووطريقة نبوية تدعونا إلى العمل بها، فلنمتنها بالتعهد والصدق وصفاء النية وطوبى لمن كنت إسمه في رابطة الأخوة الإسلامية ونعم أجر العاملين.

شاهد أيضاً

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024