بكل الطرق الخبيثة، تسعى أمريكا إلى إيجاد قناة حوار مع النظام الإسلامي في إيران، ومع تعدد الوسطاء من عمان الى فرنسا الى غيرهما من الوسطاء آخرهم الرئيس الباكستاني عمران خان، بقي الموقف الإيراني واحدا لا يتجزأ، لا في حكومة، ولا في شعب، ثابتا قراره، لا مفاوضات مع أمريكا، طالما أنها لا تزال مستمرة في نهجها العدواني ضد إيران، وما أسفر عليه من عقوبات اقتصادية مكثفة، لا تزال قائمة.
ولقائل ان يقول: لماذا هذا التوجه الامريكي الى الحوار والاصرار عليه مع علم ترامب ان بابه مغلق باقفال لا يمكن فتحها دون نزول عند الشروط الايرانية؟
ذلك ان الشيطان باعتباره لا ييأس من المراودة والاغواء، فان أسلوبه الذي امتهنه ونجح فيه مع دول أخرى يراه لا يزال فيه امل مع إبقاء الضغط الاقتصادي على ايران، وقد افلح ترامب في ثني الرئيس الكوري الشمالي عن مواقفه المتشددة من امريكا والدخول في مفاوضات مباشرة معه، أسلوب قد ينجح مع إيران، لذلك لم يقطع الرئيس الأمريكي امله بنزول ايران عند رغبته.
هذا من جهة، ومن جهة اخرى وهي الأقرب للواقع، فإن التوجه الدبلوماسي الغريب الذي يواصل ترامب اتباعه، لم يأتي من فراغ ذلك، ان أجهزته الاستخبارية على علم بالتطور التكنولوجي العسكري للقوات الايرانية، وقدرتها على الدخول في حرب مفتوحة مع امريكا، لم تعد خافية على الخبراء والمحللين العسكريين، خصوصا أولئك الذين يرون القوة العسكرية الأمريكية على كبر حجمها وكبر امكاناتها، ليست بذاك المستوى الذي يراه فيها المتأثرون بعظمتها، وان ضربة واحدة في مكان ما حساس من مستودعاتها، قد ينهي السيطرة الأمريكية على العالم، ويحولها الى مجرد بقية دولة منهارة على جميع الأصعدة.
وعلى أية حال فان كل شيء سابق لأوانه الان، ما يجب النظر إليه، وإعطائه أولوية، هو الجانب الأمني في الخليج الفارسي، والذي اتخذ منه أعداء إيران ذريعة لمهاجمتها، رغم أنها أبعد ما تكون من أن تشكل خطرا على أمن المنطقة، وتاريخها يشهد لها بانها كانت ضحية عدوان سافر، اشتركت فيه جميع الدول المعادية لها، والتي اصطفت اليوم وراء امريكا – كما هي شأنها دائما – في اعتبار النظام الاسلامي في إيران، يمثل خطرا على أمن الخليج والمنطقة.
وتسعى الدبلوماسية الايرانية بحكمتها المعهودة، من خلال الجمعية العمومية للامم المتحدة، الى استصدار قرار أممي، من شأنه أن يقطع طريق التحرش بإيران واستفزازها، فقد أعلن الرئيس الايراني قبيل مغادرته إلى نيويورك، لحضور الاجتماع الدورة السنوية للأمم المتحدة، عن مبادرة “هرمز للسلام” التي ستؤسس عند عرضها على الجمعية العمومية والمصادقة عليها، لشراكة جماعية، لحفظ الامن داخل منطقة الخليج الفارسي، تشارك فيها جميع بلدان المنطقة، ودون مشاركة دول أخرى، لان امن الخليج شأن يخص دوله فقط.
وفي هذا الخصوص صرح الشيخ حسن روحاني: “نحمل معنا إلى الأمم المتحدة، مشروعاً يهدف إلى تثبيت الأمن في المنطقة، تحت عنوان (هرمز للسلام)، وتأمين تعاون دول المنطقة، وقدراتها لحفظ الأمن”.
فهل ستستجيب الدول المعنية الى المشروع الإيراني وهو أمثل حل لإنهاء اطماع الدول الاستعمارية وغلق سبل ذرائع الدول المتآمرة معهم؟
انا لا أعتقد ذلك، وستسعى الدول المعادية لايران، الى إسقاط المشروع القيم، باستعمال الفيتو، إن غلبت نسبة الدول المصادقة عليه، نسبة الدول المعترضة، ما تسعى إليه إيران من وراء مشروعها، إثبات سوء نية الذين يسعون جهدهم لادانتها بأي شيء، حتى لو كان وهما لا اساس له، من صنع خيال الدعاية الامريكية الخبيثة، المضللة لدول وشعوب العالم.
استهداف إيران المتواصل، بسبب مشروعها الاسلامي الكبير، الذي يشمل الإطار العام، لعودة المسلمين الى العمل بأحكام دينهم، وابجديات آدابه السياسية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية، كمنظومة كاملة من الأطر الإصلاحية لدين خاتم، يريد أن يرسي قاعدة القسط والعدل في جميع اوجه الحياة، وحل الإشكالات والقضايا العالقة، المتصلة بالحقوق المهظومة للشعوب الإسلامية، وفي طليعتها حقوق الشعب الفلسطيني، التي كادت تضيع لولا وقوف إيران إلى جانبه، وابعد من ذلك كله استيفاء حقوق شعوب العالم المستضعف، الذي بقي يرزح تحت وطأة الاستكبار وظلامته، وهنا بيت قصيد معاداة ايران، والعمل على عرقلة مساعيها لتحقيق اهدافها، وكل يعمل على شاكلته.
الوسومحسن روحاني محمد الرصافي المقداد هرمز للسلام
شاهد أيضاً
الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد
لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …