الإثنين , 25 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

معادلات شرق وغرب الفرات والخروج الأمريكي من سوريا

المهندس: ميشيل كلاغاصي |

جاؤوا منذ عقودٍ قليلة، معذبين مقهورين مطاردين، سكنوا أرضنا وعاشوا بيننا، زرعوا وحصدوا وأكلوا وأنجبوا أولادهم، لم يحملوا أصلا ً واحدا ً ولا دينا ً واحدا ً ولا عرقا ً واحدا ً، هنا توحدوا وهنا اجتمعوا وهنا أصبحوا عائلة ً صغيرةً وجزئا ً من عائلةٍ سوريةٍ كبيرة، تحمّلوا ما تحملنا ونالوا ما نلنا، لم يكونوا إلاّ ضيوفا ً أعزاء وأصبحوا إخوة وأشقاء …

مالذي حدث… ومن أقنعهم بروايةٍ لم تحدث، وبحقوقٍ بلا حق … من أنتج وصنّع بينهم ساسة وشعراء ومؤرخين ومثقفين، غزلوا تاريخا ً من غير تاريخ ورسموا أرضا ً من غير أرض، وبنوا أحلاما ً وأحلافا ً لتحقيقها، من يقودهم ويسير أمامهم، ولماذا يظهر علم إسرائيل في مناسباتهم، ألانها تدربهم فقط، وهل من الصدفة أن يكون قادتهم من أصول صهيونية، لماذا يتمتع بعض قادتهم بعلاقة مميزة مع عدوهم اللدود أردوغان، عليكم إخفاء نلك الصور الفاضحة المنتشرة في وسائل الإعلام …

مالذي يدفعهم للتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية, أ لحماية أنفسهم من الإرهاب – كما يدعون – , أم لوعدٍ خبيث تلقوه على غرار وعد بلفور!, كيف لهم أن يقنعوا الناس بحربٍ يخوضونها بطريقة سلّم واستلم , كيف يبررون تكريد المنطقة ومناهج التعليم , وتغيير أسماء القرى والشوارع , وتهجير غير مكونات ممن لا يقاتلون إلى جانبهم ولا يسيرون بركبهم, كيف لهم أن يسعوا لتقسيم البلاد أو بإستخدام ألفاظٍ أقل سوءا ً كالفدرلة أو إدارة الحكم الذاتي , كيف يفسرون تعاونهم ورواتبهم وتدريبهم وتسليحهم الأمريكي والسعودي والإماراتي , وماذا تراهم يقولون عن علاقتهم بالقوات الفرنسية اللاشرعية التي تتواجد في مناطقهم ويعملون على خدمتها ويحفرون الخنادق لتحصين قواعدها …

من يستطيع في هذا الكون التطاول على سوريا، ولمن ينحني التاريخ إجلالاً، أليست سوريا أقدم الأوطان وأعرق الحضارات، هي من كتب الحضارة وصنع التاريخ، هي قصة تسعة ألاف عام ولا تزال الأرض المنجبة وحاملة الشعلة والقمر المنير وربة الحكمة والطقوس والأساطير والتراتيل … ولا نفهم قناعة “قسد” والقيادية المدعوة “إلهام أحمد” والتي تحدثت عبر الإعلام – أكثر من مرة – عن “الحضارة والديمقراطية التي نشات في الأرياف البعيدة , وحيث يسيطرون , والتي سيدفعون بها نحو المدن الكبرى كحلب ودمشق لمحاصرتها وإجبارها على الرضوخ للديمقراطية”..!, أي جحودٍ هذا وأي جنون , وسخافة!.

لماذا يطلبون في بياناتهم موقفا ً واضحا ً للدولة السورية وسط ضبابية وذبذبة مواقفهم , ألا يرون وضوح الدولة السورية التي تقاتل الإرهاب وكافة الغزاة منذ ثماني سنوات, وتسعى لتحرير كل مواطن وكل شجرة وكل ذرة تراب, ألم يتلقوا رسائل ودعوات الحكومة كباقي الأطراف السورية للإنخراط في الحوار الوطني , ألم يسمعوا كلام الرئيس بشار الأسد الذي تحدث عن الحوار مرارا ً وتكرارا ً قبل الحديث عن القوة, ألم يسمعوا كلام الوزير وليد المعلم عن الحوار وبإشاراته لإمكانية الحصول على كل مطلبٍ دستوري ومعقول ومتاح, لماذا يؤكدون وضع قواتهم بأمرة الجيش السوري “بعد التسوية” وماذا سيقدمون بعد نهاية “المسرحية” سوى الحصول على وظائف ورواتب لمقاتليهم, لماذا يعلنون القوات التركية قوات إحتلال ولا يرون القوات الفرنسية والأمريكية كذلك….

ألا يعلمون أن الخيار العسكري الأمريكي لإسقاط سورية وصل إلى نهاية الطريق واصطدم بالجدار المسدود, فتحولوا لإستراتيجية الحل السياسي الذي يقوم على تجميد الوضع الميداني القائم الحالي, والذي يصور أن سورية مؤلفة من ثلاث أقسام رئيسية , قسم ٌ تسيطر عليه الدولة السورية, وقسمٌ ثانٍ غرب الفرات تسيطر عليه قوات العدو التركي وجبهة النصرة وإرهابيو الحزب التركستاني وفصائل الإخوان المسلمين والفصائل الوهابية التي دُحرت في وسط وجنوب البلاد, وقسمٌ ثالثٌ شرق الفرات تسيطر عليه قوات الاحتلال الأمريكي والفرنسي وقوات “قسد” و “قوات الحماية الكردية”, فكما تغطي الميليشيات الكردية النهب الأمريكي لخيرات وثروات سوريا الباطنية في شرق الفرات , يفعل الشيء ذاته إرهابيو الجيش الحر ويغطون النهب التركي الممنهج للثروات والاّثار السورية غرب الفرات.

ألا يعلمون أن أمريكا تراهن على تفخيخ الحوار السوري – السوري بضغوط سياسة الأمر الواقع، ألا يعلمون أنها تسعى للسيطرة على اللجان الدستورية وعلى قرار السوريين ممن يدعون المعارضة، فيما هم عملاء لواشنطن ولأردوغان في شرق وغرب الفرات معا ً… ألا يعلمون أنهم يحاولون إصابة سورية بمقتل! … ماذا يسمون أفعالهم، وماذا ينتظرون من سورية وقيادتها وشعبها؟ … وعلى جميع الأحوال تبقى أحلامهم ومشاريعهم جزءً من مشاريع إنفصالية خاسرة حول العالم، وبالتأكيد لن تحصد النجاح في سورية وحدها، بعدما فشلت في كافة أنحاء العالم.

كنا نتمنى صحوتهم من تلقائهم، وليس بعدما صرح ترامب وأشار إلى خروج وإنسحاب القوات الأمريكية من سورية، وأكد أن: “وجود قواتهم في سوريا كان بهدف قتال داعش وقد تم هذا الأمر”، وسط تأكيد صحيفة الواشنطن بوست – العاجل –أن :” أمريكا قررت الانسحاب من سوريا نهائيا ً وفورا ً”…. حتى لو كانت أمريكا تناور عبر هذا التصريح، وتحاول ربطه بمقايضة إنسحابها مقابل إعترافها بقرار ضم الجولان السوري المحتل لصالح الكيان الإسرائيلي…. يبقى الانسحاب أمرا ً واقعا ً , وعلى البعض تلقفه بعيدا ً عن المرواغة والتذاكي.

من المؤكد أن المشاريع شرق الفرات وغربه، لن ترى النور، وانهم يتجهون نحو الهزيمة الحتمية، ولن يكون من صالح الولايات المتحدة أن تخرج مهزومة ً وسط دماء ونعوش جنودها، فأعمال المقاومة ضدها في تصاعد وخسائرها العسكرية لن تبقى بعيدة عن وسائل الإعلام طويلا ً، ويبقى للإنفصالين أن ينتظروا جحافل أمريكية وإسرائيلية وخليجية لن تأتي لدعم أحلامهم وأوهامهم، وسيترتب عليهم طلب العفو والحماية من الدولة السورية …..

كذلك سينسحب أردوغان، وسيترك ورائه من اشتراهم بالمال تحت عنوان المعارضة، فجل ما يستطيع فعله هو السعي لإدخال بعض الأسماء في اللجنة الدستورية السورية وهذا محال , فالقيادة السورية وعلى راسها الرئيس بشار الأسد أحرص الناس على حماية وتحصين النصر السوري الذي لفظ الخونة ودحر مشاريعهم إلى غير رجعة ….

وتبقى خلاصة السنوات الماضية تصب في الحقيقة الناصعة , وبإنتصار سوريا العظيم , ولمن لا يبصرون عليهم رؤية طليعة القادة العرب اللذين طرقوا أبواب دمشق في زيارة الرئيس السوداني أمس الأول , وفي حديث الرئيس التونسي اليوم عن ضرورة عودة سورية إلى الجامعة العربية , وسط دعم موسكو لهذا الخيار , ووسط الحديث عن إعادة فتح السفارات العربية , وعن إنتهاء الحرب على سوريا , ليكون بوابة عبور الحكومة اللبنانية إلى النور , وبوابة السلام في اليمن … وإنهاء الحصار العربي على قطر , وإجراء المصالحة العربية – العربية , وكل ما ساروا فيه بعكس طبيعة الشعوب العربية , ووفق نظرية الخروج من السرداب ,,, وبالتأكيد فإن نصر سوريا يعني وقف التطبيع , ووقف كافة مشاريع صفقة القرن , ووقف كل أشكال تصفية القضية الفلسطينية , وبإختصار هو إنقلاب العالم العربي والإقليمي والدولي بفضل إنتصار سوريا العظيم.

 

شاهد أيضاً

72 ساعة لولادة الشيطان الجديد.. أمريكا بلا مساحيق التجميل…بقلم م. ميشال كلاغاصي

ساعات قليلة تفصل العالم عن متابعة الحدث الكبير, ألا وهو الإنتخابات الرئاسية الأمريكية, و”العرس الديمقراطي” …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024