الدكتور بهيج سكاكيني
فشلت كل المحاولات المستميتة للقوات الاماراتية والسعودية وجوقة المرتزقة التي جيء بها والعديد من الخبراء والمستشارين العسكريين من اسرائيليين وبريطانيين وأمريكيين وقوات فرنسية في السيطرة على ميناء الحديدة. ليس هذا وفقط بل تكبدت القوات الخليجية والمرتزقة خسائر كبيرة في العتاد وعدد كبير من القتلى على أيدي الجيش اليمني الشرعي والحوثيين والقوات الشعبية التي تقاتل معها من القبائل وأهالي مدينة الحديدة. وهذا بالرغم من القصف الجوي الذي لم ينقطع على مدار الساعة وحصار بري وبحري مطبق ومحاولة عمليات إنزال متكررة.
ولقد سطر الشعب اليمني أسطورة وملحمة جديدة في الصمود والمقاومة وصد قوى البغي والعدوان على إحدى أهم المناطق الاستراتيجية. هذا الاصرار على التحدي والتصدي والصمود بالرغم من شحة الامكانيات المادية بالمقارنة مع أعداء الشعب اليمني يذكرنا بصمود الشعب الفيتنامي وأصراره على الانتصار في معركة ديان بيان فو ضد المحتل الفرنسي وكذلك ضد الغزو الامريكي الذي تلاه الى ان تحقق النصر في منتصف السبعينات من القرن الماضي …. ويذكرنا بصمود ستالينغراد اثناء الحرب العالمية الثانية..وبصمود وتحدي المقاومة الفلسطينية في غزة …وبصمود وإنتصار المقاومة اللبنانية…وإنتصار الشعب السوري على جحافل تتار القرن الواحد والعشرون ومشغليهم… ويحق للشعب اليمني بكافة مكوناته ان يفخر بهؤلاء الابطال اللذين ضحوا بحياتهم واستشهدوا دفاعا عن الارض والعرض. لا اريد التعرض الى تحليل لماذا الهجوم على ميناء الحديدة وتوقيته من قبل قوى العدوان الصهيو-أمريكية فقد تعرضت لهذا في مقال سابق هنا ولكن اود الاشارة الى عامل يغض الطرف عنه أو يتوه البعض منا عنه في خضم الاحداث الجارية.
الامارات والسعودية تستطيع ان تشتري افضل الاسلحة الفتاكة من أحدث المصانع الحربية الامريكية والبريطانية والفرنسية لانها تمتلك مليارات الاوراق الخضراء وتستطيع أن تأتي بالمرتزقة من كل انحاء العالم وقد فعلت حيث جاءت بهم من دول امريكا اللاتينية عن طريق شركة بلاك ووتر سيئة الصيت والتي اشتهرت بوحشية وهمجية مرتزقتها أثناء وبعد غزو العراق عام 2003 من قبل القوات الامريكية، كما وأتت بقوات خاصة بريطانية وامريكية واسرائيلية لمساندتها وخاصة في معركة الحديدة هذا بالاضافة الى مرتزقة الجيش السوداني الذي ارسلهم البشير لنصرة “خادم الحرمين” والدفاع عن “الاراضي المقدسة” كما يقال ( مقبوضة الثمن بالطبع).
كل هذا استطاعت كل من السعودية والامارات شراءه ولكن ما فاتها هو الاهم الذي لم ولن تستطيع شراءه بكنوز الدنيا… وهو الانسان المؤمن بقضية والذي يمتلك العقيدة… والمؤمن بمبادىء الحق والعدل والانسانية…الانسان الذي يضع روحه على كفه ويذهب للقتال لرفع الظلم والضيم عن شعبه…الانسان الذي يمتلك الشجاعة للتصدي والصمود في وجه الاعداء مع إيمان بعدالة قضيته…هذا الانسان لن يترك ساحة الوغى الا منتصرا او مستشهدا….ولهذا انتصر اليمني وانهزمت الجيوش الجبارة ومرتزقتها…ولهذا فر المرتزقة وأضطرت الطائرات الاماراتية لقصف وقتل العديد من مرتزقتها الهاربين من ساحة المعركة عقابا لهم على امل أن يعود من تبقى منهم الى مراكزهم للقتال…..هذا ما لم تستطيع الزمرة الحاكمة في السعودية والامارات فهمه. ولهذا وبالرغم من مضي اكثر من ثلاثة سنوات على الحرب الاجرامية التي شنها “التحالف العربي الاسلامي” على اليمن في شهر مارس 2015 وما انتجته هذه الحرب المجنونة من دمار على المستوى البشري والمادي لليمن لم ولن تنتصر ولن تحقق أي من أهدافها السياسية ولم ولن تخضع شعب اليمن البطل وتعيده الى مظلة الهيمنية والتسلط السعودي وغيره.
الخلاصة نقول العبرة في الانسان وما يحمله من مبادىء وقيم والاستعداد للتضحية بكل ما هو نفيس من أجل الوطن. هكذا فعل الشعب الروسي والفيتنامي والفلسطيني واللبناني والسوري واليمني والعراقي فهل تعتبرون؟