ما تزال الكفاءات الإيرانية تثبت يوما بعد يوم قدرات مثيرة للعجب في جميع المجالات، ويأتي الجانب العسكري في مقدمتها، باعتباره أولوية في مجال الدفاع والأمن للنظام الإسلامي المستهدف من أعداء كثر، متربصين به ضعفا أو غفلة، فليس أقسى على هؤلاء من بقائه طيلة 44 عاما، يزداد في كل عام قوّة ورسوخا وثباتا، محافظا على مسيرته، صلبا أمام التحدّيات.
كشفت إيران اليوم على اقتدار جديد، في مجال تصنيعها العسكري، تمثل نجاحها في تجربة صاروخ جديد، اطلقت عليه اسم (فتاح)، وهو صاروخ متطور، فرط صوتي، مدى هذا الصاروخ إلى 1400 كيلومتر، وتصل سرعته إلى 13 و15 “ماخ” (وحدة لقياس السرعة)، كما أنه “قادر على التغلب على كافة الأنظمة الدفاعية الجوية التابعة للأعداء،(1) هذا الإنجاز الجديد سيعزز القدرات العسكرية للقوات الإيرانية، التي من شأنها أن تجعل أعداء إيران، يفكرون ألف مرة قبل أن يرتكبوا حماقة ما، تذهب بما بقي لديهم من أمل، بدأ يتضاءل من بقاء على صرحهم الكرتوني قائما، إيران التي أعجزت أعداءها منذ 44 سنة – وهي لا تملك كل هذه القدرات العسكرية – ليست إيران المتطورة اليوم وما أصبح بين ايدي رجالاتها الأكفّاء، من أسلحة رادعة لمن تسول لهم أنفسهم الإضرار بها.
مشاريع الصواريخ الباليستية الإيرانية والجيو فضائي والطائرات المسيّرة آخرها طائرة (مهاجر 10) بقدرة طيران 24 ساعة متواصلة بارتفاع 7000 متر ومدى 2000 كلم(2)، افزعت أعداء ايران فزعا لا يمكن وصفه، وقد أحكم هؤلاء الطوق حوله لكي لا تنتشر نجاحاته، لكن أنّى لهم أن يحجبوا حقائق إيران عن الظهور، وقد سطع شمسها وظهرت نجاحاتها، وقد صدق رسول الله عندما قال: (لو تعلّق الإيمان بالثريا لناله رجال من هؤلاء)(3).
استعدادات إيران في المجال العسكري وصناعاته المعقدة والدقيقة، وتحسبها لكل صغيرة وكبيرة استعدادا لساعة الصفر، أكدت لنا تحقق الوعد الإلهي في نصرة دينه، واعلاء كلماته التامات عن طريق قوم سلمان المحمدي، فمن شاء فليلتحق بالركب المبارك، ومن تأخر فلن يدرك الفتح، وفتاح وما بعد فتاح، ساعات فرح للمؤمنين وغم وهمّ لأعداء الدين والإنسانية، من لم يعتبر بأن هذا زمن المبادئ بتعهد رجالها لها، فليعدّل بوصلته قبل أن يتيه به اتجاهها، وليصحّح موقفه منها قبل أن يفوتهم الفوت، فلا الصدمة يتحمّلونها ولا النتيجة يتوقّعونها، ويومها لا ينفع استكبار قوته مهما بلغت، ويجدي أحلافه نفعا.
ولقد عنْونت هذا المقال القصير، ليقف عالمنا العربي والإسلامي على حقيقة الجهود الإيرانية المبذولة، في جميع المجالات العلمية والتقنية، من أجل بلوغ وتحصيل القوّة التي تخيف أعداء الإسلام، وتوقفهم عند استهتارهم وعبثهم بمستقبل الشعب الإيراني والشعوب الإسلامية الأخرى، وهذا الزمن هو زمن كل نظام وشعب شمّر على ساعد الجدّ، واستعمل علماؤه أفكارهم وعلومهم وتجاربهم، في مجالات تطوير انجازاتهم، وطموحهم يدفعهم دوما نحو تحقيق المزيد من النجاحات، فليس أقسى للأعداء والمبغضين من أن يروا إيران، وهي موفقة في مسارها التصاعدي، نحو تمام الاقتدار العلمي والإقتصادي والعسكري.
نجاحات إيران المتسارعة – وهي حقيقة توفيقات إلهيّة لا يمنّ بها الله الا لعباده المؤمنين – عمل الإعلام المعادي لها، وأذياله من قوم تُبّعٍ على تجاهلها والتقليل من شأنها، فلم يشيروا إليها في أخبارهم ولو ببعض حقائقها، استكمالا لدورة العداء التي انخرطوا فيها مع أحلافهم، وقد بذلوا ما في وسعهم من مساعي، من أجل الحاق أكبر قدر ممكن من الأضرار بها والإساءة إليها، وها قد مرّ اليوم ما يزيد على أربعة عقود من الزمن، دون أن تنجح تلك المساعي في إرباك إيران، وزعزعة ثوابتها التي قام عليها نظامها، هذه الحرب الإعلامية صدّقها المتأثرون بزيف بهارج دعايات الغرب زمنا، لكنّه أمام ما تعرى منها أمامهم وقفوا مندهشين في حالة صدمة، يتساءلون أهذه ايران التي روّج الإعلام الغربي وتوابعه عنها كل سيئة نسبها إليه من انتهاك حقوق الانسان الى رعاية الإرهاب، وكل الأكاذيب التي حاكوها لتنفير العالم منها، تساقت كما تتساقط أوراق الخريف عند هبوب الرياح.
ايران التي تتبوأ المرتبة الأولى في رعاية حقوق الانسان الإسلامية ورسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام التي يعتبرها النظام الإسلامي ميثاقا عالميا للحقوق العامة الاجتماعية والسياسية والحقوقية مستنبط منها القانون الإسلامي، فليس هناك دولة تجاريها في هذا المجال الحقوقي، وليست ايران في مجال الإرهاب سوى ضحيّة من ضحايا اعتداءاته، الممولة أمريكيا وصهيونيا، ولا تزال الوسيلة الوحيدة التي يمسك بها أعداء ايران، ويسعون من خلالها لزعزعة أمنها الداخلي المستتبّ بين شعبها ومدنه، وتصنيف أمريكا حركات المقاومة الفلسطينية، واللبنانية، والحشد الشعبي، وأنصار الله، وكل حركة تحررية معادية للإستكبار، على أنها حركات إرهابية، وأنّ إيران دولة داعمة لها، لن يغطي حقيقة تلك الحركات من كونها حركات تحرّرية لا علاقة لها بالإرهاب، وإنّ الإرهاب منشأه وتمويلاته صادران فقط من الغرب بزعامة أمريكا، فكيف يمكن أن نصدّق راعية للإرهاب، وهي تتهم غيرها بما هو مرتبط وملتصق بها، تأسيسا وتمويلا وتوجيها؟
ايران الإسلامية تسير بمحورها المتماسك – وهو يزداد يوما بعد يوم قوة وصلابة- نحو هدف تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، وانهاء وجود الكيان الصهيوني، فليس هناك أخطر من وجود كيان عنصري خبيث على أرضنا الفلسطينية، ولن تنفتح آفاقنا المستقبلية على مصراعيها في ظل وجوده، وكل من أمّل فيه خيرا وذهب إليه في سياسة تطبيع، ستكون عاقبته وخيمة في الدنيا، بتحمّله تبعات بهتانه وتأييده له، وسيكون جزاؤه في الآخرة عذاب عظيم، هذه إذا بعض ما كشفت عليه إيران من قوّة، ويقينا أنّ لديها مزيد.
المراجع
1 – الحرس الثوري الإيراني يلمح إلى زيادة مدى صاروخ “فتاح” الفرط صوتي إلى 2000 كيلو متر https://sputnikarabic.ae/20230622
2 – مهاجر 10 مسيرة إيرانية جديدة متطورة بمدى معزز
https://www.alraimedia.com/article/1653551/
3 – جامع أحاديث البخاري كتاب التفسير باب تفسير سورة الجمعة ج 6 ص151 ح4897 /سنن الترمذي أبواب تفسير القران ومن سورة محمد ج5 ص303 ح 3260