من يتابع المشهد الليبي على مدار السنوات العشر المنقضية والتي عاشت فيها ليبيا -بكلّ مكوناتها- أياماً وشهوراً وسنوات ليست صعبة فحسب، بل كارثية، دفع أبناؤها ثمناً باهظاً من أموالهم وأرواحهم وأمنهم واستقرارهم، ربما يدرك أهمية توجه الليبيين نحو الحل السياسي.
وما لاشكّ فيه أن اتجاه الليبيين نحو هذا الحل، وتغليب لغة الحوار والتفاهم لم يكونا ممكنين إلا بعد أن تيقّن جميع من هم في مركز القرار والفعل والتأثير استحالة الحسم العسكري نظراً للتدخلات الخارجية مع أطراف النزاع وعدم السماح لطرف بهزيمة الطرف الآخر وفق قاعدة إدارة الصراع ورعايته وليس حسمه وإنهاءه.
وفق هذا المنظور لابدّ للمتابع من أن يطرح تساؤلاً في غاية الأهمية، وهو: هل ذهب الليبيون إلى الحوار، أم إنهم دُفعوا إلى ذلك من الجهات الدولية التي تقف خلف كل طرف منهم لقناعتها باستحالة الحصول على «الكعكة» الليبية كاملة، فقبلت بالحصول على جزء منها في أسوأ الأحوال؟.
ما يؤكد ما أوردناه آنفاً بشأن الشكوك والتساؤلات هو أن الاجتماعات المنعقدة في تونس والتي تأتي استكمالاً لاجتماعات «بو زنيقة» في الجزائر بشأن تقاسم السلطة بين الأقاليم الثلاثة «الشرق والغرب والجنوب» والسماح للنفط الليبي بالتدفق بسلاسة، وإمكانية إقالة المعارضين لتوقيع اتفاق والسماح للمجتمعين بإقرار الاتفاق في حال عارضه البرلمان، وما إلى ذلك من عوامل تكرّس وضعاً قلقاً لا يبشر بالاستقرار المنشود لهذا البلد، وقد يهدد وحدته الجغرافية على المدى المتوسط والبعيد.
في المحصلة، وبعد كل جولات الحوار والتفاوض والقتال والصراع والتي لم يُكتب لها أن تحقق النجاح؛ لابدّ لنا من طرح السؤال الآتي:
هل فعلاً ملّ الليبيون الحرب والقتال، أم إنهم على أبواب حرب مؤجلة؟ سؤال برسم الليبيين والأطراف التي تتدخل بشؤونهم خدمة لمصالحها الدنيئة.