تؤكد الأحداث ضرورة التكاتف العربي بهدف تحقيق الانتصار ودفع الخطر المشترك، المتمثل مؤخراً بالإرهاب ومموّليه، ولا شك في أن كل مخرّب في مصر «إخونجياً» كان أو سلفياً جهادياً قد جمعته أو لا تزال تجمعه صلات مؤكدة بالمجموعات التخريبية في سورية وليبيا، ووفقاً للمعلومات المنشورة، فكثير من هؤلاء الإرهابيين قد ساهموا بالفعل في الحرب الدائرة هنا وهناك، ومن لم يساهم عملياً فقد أمدّ بالتبرعات، وشارك في التحريض الإعلامي الذي مثّل ركناً رئيساً في تلك الحرب.
ويكفي، كمثال، أن نشير إلى الإرهابي «هشام عشماوي»، وهو ضابط مصري تم فصله بعد محاكمة عسكرية، بسبب تسلل الأفكار المتطرفة دينياً إليه، ثم مع انطلاق المؤامرة في ليبيا، قام بعبور الحدود إليها، وقاتل بالتعاون مع المجموعات السلفية الجهادية وبدعم من الـ«ناتو» ضد الدولة هناك، ثم في عام 2013 سافر إلى تركيا- والتي هي تحت حكم «العدالة والتنمية» تستهدف بلادنا وتسهّل مرور المخربين لأرضنا العربية- فعبر إلى سورية، وقاتل لمصلحة «جبهة النصرة» الإرهابية وعمل تحت قيادة الإرهابي أبو محمد الجولاني، ثم بعد فترة عاد إلى مصر، واشترك – بعد الإطاحة بحكم محمد مرسي– في تأسيس أو تشكيل تنظيم «أنصار بيت المقدس» في سيناء، وهو أحد أخطر التنظيمات التي نفذت أعمالاً إرهابية داخل شبه الجزيرة السيناوية وفي عموم محافظات مصر (مثل: تفجير مديريتي أمن القاهرة والدقهلية- استهداف كمائن للشرطة ومبان عسكرية- اغتيال عدد كبير من الضباط، محاولة اغتيال وزير الداخلية، تخريب مصالح اقتصادية… الخ) لكن بعد مبايعة هذا التنظيم- المحسوب على تنظيم «القاعدة»- لـ «داعش» في النصف الثاني من 2014، هجره عشماوي ومعه رفيقه عمر رفاعي سرور (المقرب من أيمن الظواهري، وأحد أنصار حازم أبو إسماعيل) وانتقلا من جديد إلى ليبيا لينضما إلى المجموعات المسلحة المؤيدة للـ«قاعدة» و«الإخوان» كـ«أنصار الشريعة» و«كتائب راف الله السحاتي» و«مجلس شورى مجاهدي درنة».. وليساهما في استمرار تخريب حياة الليبيين.. واستفاد عشماوي من حالة الفوضى تلك، ودوام الدعم السخي من قطر وتركيا، لتقديم المساندة القوية إلى التشكيلات النشطة غرب مصر، وكان له دور في عمليات مثل (استهداف كمين الفرافرة في صيف 2014، وكمين الوادي الجديد في شتاء 2017، والهجوم على حافلة للأقباط في ربيع العام ذاته، ثم عملية الواحات في 20 /تشرين الأول).. إلى أن تم القبض عليه خريف عام 2018.
في الحقيقة نحن بصدد شبكة واحدة متصلة ببعضها، وتُعين بعضها، وهذا ليس داخل الوطن العربي فقط بل تمتد الآن من شينجيانغ الصينية حيث يحصل التخريب هناك بتدبير أمريكي وغطاء حقوقي (لاحظ أن الحزب الإسلامي التركستاني له فرع قاتل في سورية، كما كان لبعض الإيغور المتطرفين الدارسين بالأزهر دور داعم للـ«إخوان» في مصر) ويمتد إلى شرق أوكرانيا حيث تعمل بعض المجموعات السلفية القوقازية بالتحالف مع عناصر فاشية ضد روسيا وحلفائها.
صفحات الـ«فيس بوك» الخاصة بكثير من المتهمين بالعنف في مصر، توفّر ما يكفي من المعلومات التي تؤكد عمق الروابط، حيث ستجدها مملوءة عن آخرها بصور التحريض ضد سورية، ويتصدرها الوسم المشبوه «حلب تحترق» وتتضمن منشورات تبارك إعدام معمر القذافي على يد الـ«ناتو» وتدعو لخراب الصين وروسيا! (بما يعني مصلحة البيت الأبيض) إضافة إلى اللغة الطائفية والمذهبية المقيتة التي تُوظف باتجاه العداء لمحور المقاومة على المستوى الإقليمي، فتجد مثلاً مباركة للتفجيرات التي تحصل في محافظة «سيستان وبلوشستان» الإيرانية، واعتراضاً على عقاب من يثبت إدانتهم بارتكابها، وكذلك ورقة التجارة بالدين التي تُوظف باتجاه العداء لمحور الممانعة على مستوى أممي من بيونغ يانغ إلى كاراكاس.
العربي الذي يحب سورية وليبيا والجزائر، والذي يتمنى الخير لعموم البشر لابد من أن يصطف ضد تلك العناصر الإرهابية حيث تكون، لكون الخطر يهدد الجميع، ويستحق الوحدة والتكاتف في مواجهته.. الوحدة بين المتضررين منه، وليس مع داعميه ومهندسيه سواء كانت واشنطن أو وكلاءها.
* كاتب من مصر