الأربعاء , 20 نوفمبر 2024
Breaking News

يوم القدس العالمي ونداء الواجب…بقلم محمد الرصافي المقداد

صفحة جديدة عطرة، افتتحها الشعب الإيراني المسلم، في سجلّ القضية الفلسطينية، بانتصار ثورته المباركة في 11/2/1979، مختلفة تماما عمّا سبقها من الصفحات، التي لم تكن نتائجها في مستوى التحدّي المطلوب، لنصرة شعب أنهكه أسوأ استعمار عرفه تاريخ البشرية، وخذله القريب والبعيد، حتى إذا ضاقت الأرض بما رحبت على هذه القضية العادلة، وشعبها المشرّد أغلبه من أرضه ودياره، والباقي يرزح تحت القمع والاهانة والحصار الخانق، جاء النّداء من قوم سلمان، بلسان مصلح العصر، ورافع راية الإسلام المحمدي الأصيل الإمام الخميني، ليقدّم القضية الفلسطينية، ويجعلها أولوية من أولويات، شعبه وبلاده، وتتحوّل من إطارها العربي الضيق، الذي عجز عن تحقيق شيء يفيد هؤلاء المظلومين، الى إطارها الإسلامي الواسع، حيث يكون مجاله أكثر قدرة على العمل الجهادي، والإعداد لمرحلة اسلامية، واعدة بالمقاومة الصلبة، ومبشّرة النتائج الجيّدة، في مواجهة كيان صهيوني، ما كان له أن يستوطن قطعانه الأرض الفلسطينية، لولا المؤامرات الدّوليّة والخيانات العربية.

بعد أسبوع واحد فقط من انتصار الثورة الاسلامية اعلنت ايران يوم 18 فيفري ( فبراير) 1979 قطع جميع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وتسليم مقرّ السفارة الى منظمة التحرير الفلسطينية، ليصبح أوّل سفارة لدولة فلسطين في العالم، ثم جاء بيان الإمام الخميني بعد أقلّ من ستة أشهر من ذلك التاريخ، بإعلان آخر جمعة من شهر رمضان، يوما عالميا للقدس في 7 من شهر أوت (أغسطس 1979) جاء فيه: «أدعو عامة المسلمين في العالم والدول الإسلامية، للتضامن والتكاتف والتآزر، من أجل قطع دابر هذا الكيان الغاصب وحماته.. إنني أدعو المسلمين كافة إلى إعلان آخر جمعة من شهر رمضان، التي هي من أيام القدر ومن الممكن أن تكون حاسمة في تعيين مصير الشعب الفلسطيني، يوماً للقدس وأن يحتفلوا به، ويعلنوا عن تضامن المسلمين الدولي، في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني المسلم.» 

ليسجّل الشعب الإيراني بعد نداء قائد ثورته، بانضباطه ووعيه ووفائه، ملحمة جديدة من الجهاد، بافتتاح مهرجان يوم القدس، ويحوّله بعد ذلك الى تظاهرة عالمية، تبنّاها كل مؤمن بعدالة القضية الفلسطينية، شكّلت تعبيرا جماهيريا بمختلف فعالياته، على مدى مظلومية الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته.

إيمان الامام الخميني بضرورة تعديل بوصلة الصراع القائم، ووضعه الموضع الذي كان يجب أن يكون فيه منذ بدايته، بحشد الفعاليات الإسلامية حوله، واعطائه بعدا عالميا، يتجاوز حتى الإطار الإسلامي، لما في القضية الفلسطينية من مؤشر دال على حالة شعب مستضعف، وقع ضحية مخطط استكباري غربي خبيث، وهذا الجانب يمسّ شعوبا أخرى مستضعفة، تعاني من نفس العدوان، وإن كان بدرجة أقلّ، وهذا الإحياء يكتسي صبغة إعلامية ودعائية، من جهة شعاراته الثورية، من شأنه أن يفرض حقانية القضية الفلسطينية فتبقى حاضرة، دون أن يصيبها إهمال أو نسيان على الصعيد العالمي، يعمل على أن يكون يوم القدس العالمي، محطّة تشحن فيها الجماهير، وتدفعها قدما إلى الأمام، من أجل توحيد صفوفها، في مواجهة أعداء فلسطين والأمة.

وبفضل الله وهمة أحرار الأمة الاسلامية وشرفاء العالم، تطوّر التعامل جماهيريا مع هذه المناسبة الهامة، بحيث عمّت مسيرة يوم القدس العالم بأسره، وأصبح في زخمه المتعاظم كلّ سنة، يستفز أعداء الانسانية والسلام، من صهاينة ومستكبرين، ويحرّكهم للعمل على منع إحيائه، بالقوة حينا وبالحيلة والخبث حينا آخر، لكن يبدو أنه فاتهم ركب تقدّم مشروع الامام الخميني، بحيث أصبح تعبيرا صادقا، على عدالة قضية طال بها الزمن، ويجب أن تحلّ بما يعيد حقوق الشعب الفلسطيني كاملة غير منقوصة.

وبتقدّم الزمن أثبت الامام الخميني صواب مشروعه الإسلامي، ليس من جهته الإعلامية والتوعوية الجماهيرية فقط، وإنما من جانبه العملي، الذي مضى فيه أهله يعدّون العُدّة للمواجهة الفاصلة، غير عابئين بالعراقيل والعقوبات العديدة، التي سلطها اللوبي الصهيوني الحاكم في أمريكا على ايران، ومن ثمرات هذا الإعداد الجاد الذي دخل فيه قوم سلمان، نجاحهم في بناء فيلق عسكري خاص، أطلقوا عليه اسم القدس، وقد ساهم بشكل فعال بخبرائه وكبار ضباطه، في تقديم المساعدة والدعم في القضاء على الارهاب التكفيري، في كل من العراق وسوريا، وقدمّ من أجل ذلك تضحيات وشهداء عزّ مفارقتهم.

أما على الصعيد التقني واللوجستي، فقد حققت إيران اكتفاء ذاتيا في صناعة الأسلحة، والمعدات العسكرية، بمختلف أنواعها، البرية والبحرية والجوية، ووسائل الدفاع الجوي، ومنظومات الصواريخ البالستية المتنوعة، قدّمت منها للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، ما شكلت  به تلك الفصائل، وسائل ردع لعربدة الآلة العسكرية الصهيونية، فلم تعد اعتداءاته مجرّد نزهة فيما مضى، بل أصبح عليه أن يحسب أل حساب، قبل أن يقدم على حماقة من حماقاته.

إنّ إحياء يوم القدس العالمي، يرى من المنظور الشرعي، واجبا مقدّسا على كل مسلم، قادر على التواجد في ساحات التظاهر، مساندة للشعب الفلسطيني، في التخلّص الغدّة السرطانية الصهيونية الجاثمة على أرضه، ومساهمة من كل مشترك في فعالياتها، بالتظاهر والتعابير الفكرية والفنية المختلفة، دعما لقضية يراها الامام الخميني، مفتاحا لحل جميع القضايا الاسلامية العالقة، واعتبرها قطب رحاها الدائرة عن حلّ ضروري.  

Check Also

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024