مايجري الان في العراق من تظاهرات واحتجاجات يمكن تلخيصه بانه كلمة حق يراد بها باطل , صحيح ان التظاهرات في جزء كبير منها مطلبية , وهناك اناس مضطهدون , منكوبون , محرومون , يطالبون بحقهم وحقوقهم , ولكن هناك من ادخل التظاهرات والمطالب المشروعة في نفق خطير وفي مسارب العنف والفوضى , وهناك من ركب الموجة واستغل مشروع محاربة الفساد الى افساد اخر , وهنا بدات خيوط الاندساس وحرف البوصلة تتكشف رويدا رويدا , لاننسى بان هناك تغييرات بنيوية طرات على الحالة العراقية لجهة ان غالبية شباب اليوم هم ابناء الفيس بوك واليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي المحكوم بمحركات صهيو – امريكية تستغل العقول وتنفث الافكار الصفراء , ولاننسى من جهة اخرى ان العراق محكوم بتبعات محاربة الارهاب وماتبعه من احداث ومؤامرات ادت الى الواقع الراهن الموبوء بطفيليات الفساد وجراثيم الوباء السلطوي. ولاننسى اننا اليوم في دائرة تصفية حسابات لدول عديدة تهدف الى الانتقام من العراق والعراقيين لاسباب عديدة ومعلبة , فبعد ان فشلت صفحة الغدر الاولى بداية شهر اكتوبر لمنع اقامة اربعينية الامام الحسين (ع) والتي تكللت بنجاح باهر وغير مسبوق حيث تمخضت عن تاليف قلوب اتباع اهل البيت(ع) في اطار (حب الحسين يجمعنا) , هذه النتيجة كانت بمثابة الكارثة بالنسبة للمتربصين بالشانين العراقي والايراني لتقوم القيامة وتترجم الى صفحة الغدر الثانية التي تحولت الى تصفية حساب مع القوى الجهادية او قوى المقاومة , حيث تم اغتيال العديد من القيادات التي لها تاريخ مشرف في وأد فتنة الطائفية بعد سقوط الصنم الوثني صدام وحزبه العفلقي , والتي ساهمت في اسقاط المشروع الداعشي المعد للعراق , انظروا فقط الى بعض الشعارات التي رفعت خلال هذه التظاهرات والى الاعلام العفلقية التي رفعت ورفرفت خلال هذه التظاهرات , وحتى الى صور مواقع بعض المشاركين الذين تلبسوا بصور الجوكر الامريكي الماخوذ عن فيلم الجوكر المسئ والارهابي , ان اغتيال اشخاص كالشهيد وسام العلياوي وشقيقه عصام وبطريقة يندى لها الجبين مؤشر على ان مايجري خطير ويذكرنا باعمال الحرس القومي وبحزب العفالقة وبصفحات الغدر الصدامية التي حولت العراق الى مقابر جماعية..
ماحدث من وقائع ومعطيات في الفترة الاخيرة انما هو نموذج لثقافة القطيع، التي يُراد لها ان تتحول مع مرور الوقت الى ثقافة التطبيع وهو ما نستشعره من وراء مايجري من فعاليات ونصب خيام في ساحة التحرير في بغداد , وتحريك الشارع السني في مناطق بغداد بعد افتعال تصادم شيعي – شيعي , لابقاء العراق في دوامة من الصدمات المتوالية , فما يكاد يخرج من صدمة حتى تفاجئه صدمة اخرى ,وهكذا دواليك حتى يضطر في النهاية الى الانحناء والاستسلام والقبول باملاءات الاخرين .
عزيزي القارئ هناك غرف وخلايا عمل (مود ) شكلت منذ عدة اشهر في اربيل والسليمانية وعمان الاردنية من اجل بلورة وصياغة الوضع العراقي من خلال اليتين , الاولى تتضمن مايسمى بالتاكل او القضم التدريجي للامن الوطني والحيوي للبلاد , والثاني تتضمن استمرار الفوضى الخلاقة عبر مصطلح التظاهرات والاحتجاجات على طريقة التمرحل التي انتجت في المناطق الغربية في العراق داعش الارهابي الوهابي , ومع استمرار هذه الاوضاع يتم تسريب الدواعش مجددا الى المناطق الشيعية التي فقدت حيويتها وقدرتها على الدفاع بسبب اجواء الخلافات والتشكيك وفقدان الثقة واليوم تؤكد المعطيات اقتراب المئات من الدواعش من المناطق الشيعية في كربلاء والنجف والسماوة , وبالتالي يقولب العراق في اطار الحلف الصهيو – وهابي ويدجن في اطار التسوية والتطبيع , لان الرهان اليوم على ما يمكن ان تسفر عنه صفحات الغدر التي تحاصره من داخل عنق الزجاجة ….والا لماذا تم فتح الجبهة السورية والهجوم التركي ونقل الدواعش من هناك الى العراق ولماذا تعلن امريكا اليوم وفي هذه الظروف عن مقتل ابو بكر البغدادي وكانها رسالة لخداعنا واستغفالنا لنطمان ونترك الحذر لتاتي به مجددا الى عقر ديارنا …
وبالمحصلة فان اية تظاهرات في اي بلد مهما كانت مطالبه مشروعة هي مظهر سلبي وخطير يفتح الباب امام الفتن والمتربصين وذوي الغايات الدنئية والشريرة خاصة وان العراق اليوم امام مفترق طرق وضبابية لاتوصف , وان اعداءه والمتربصين به – وهم كثر – لايمكن لهم ان يغفروا له محبته لال البيت (ع) ولا انفتاحه الاخوي على ايران ولا يطيقون وجود الحشد الشعبي فيه , مما يتطلب عودة الى العقل ومراجعة للحساب قبل فوات الاوان .