#الناشط السياسي محمد إبراهمي |
ضباب كثيف يخيم على المشهد السياسي يلقي بظلاله على البلاد أثناء الازمة الوبائية و يبدو أنها في طريقها إلى للإنفراج إلا أن الأزمة السياسية بعد هدنة كورونا تعود لتفقد مناعتها من خلال التجاذبات و المهاترات و الدعوات للتحريض و الفوضى و يبدو أن لعنة قوى الشر عادت لتلاحق الإستقرار و نجاح التجربة الديمقراطية في تونس.. لغايات خارجية إنتهازية تخدم قوى دولية و إقليمية..
وفي سبيل هذه الغاية المشؤومة اعتمدت السياسات الفوضوية بإغراق بعض البلدان بالفوضى العارمة، بطريقة مريبة تهدف إلى تفخيخ الاستقرار الحقيقي وترك إشكالات عالقة تعمل على ديمومة الصراع الداخلي؛ هذه الأنظمة الفوضوية تسعى جاهدة لتضمن استمرار هذا الصراع الداخلي الذي يعرقل حركة التغيير ويدعم الثورات المضادة ويربك ثورات ربيع الحرية والديمقراطية التي تهدف إلى تحرير إرادة الشعوب.. في جميع الأحوال، إذا لم تتوفر الإرادة السياسية و المجتمعية لمجابهة هذه الجائحة الفوضوية فإننا سنظل نراوح في مكاننا تتحكم بمصائرنا أنظمة مستبدة فاسدة وتابعة تفتقد إلى الشرعية الشعبية، وتستمد مشروعيتها من الدول الداعمة، ومن صناعة الفتن وصناعة جماعات العنف و الفوضى و التخريب لتبقى البلاد رهينة التجاذبات السياسية الضيقة لا تخدم سوى أجندات داخلية و خارجية لتسميم المناخ السياسي و إرباكه..
المشهد السياسي التونسي و تحركات مشبوهة وتجاوزات بالجملة تمس الأمن القومي لتونس، تضاف إلى ما يعانيه الشعب من أزمات متتالية فاقمها فيروس كورونا، و مخاوف كبيرة تنذرنا بأن البلاد مرشحة للمرور من طور الغضب الشعبي إلى الغليان والانفجار إن لم يتم التعامل مع هذه الأزمة بحكمة و عقلانية.. في الأيام الأخيرة بدأت دعوات تتوسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تطالب بإسقاط البرلمان و تغيير النظام السياسي برمته تحت العديد من الألوان و الشعارات بدايته كانت الإثنين الموافق لـ “غرة جوان 2020” __ “إعتصام الرحيل 2 ” بقيادة بن حليمة إلا ان الفشل كان حليفه و يبدو ان فشل او نهاية إعتصام الرحيل 2 قبل بدايته و خير دليل على وعي الشعب و عدم السماح بالزج به في مهاترات سياسية ضيقة و بان بالكاشف انه بات يدرك جيدا بأنه كان مجرد حطب لحملات فوضوية لنشر الفتنة واللا استقرار و جر البلاد إلى مالا يحمد عقباه ، عن طريق جهات أجنبية لاستخدام هذا المد الثوري بما يسمى ب ” ثورة الجياع ” و في الحقيقة هي مؤامرة سياسية بالأساس و ثورة مضادة ، لإشعال الحماس الشعبي وتوجيه الشعب بأيادي خفية لتحقيق مصالح أجنبية. وهذا أمر وارد، .مستغلين هذا الظرف الإستثنائي في ظل الأزمات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية.. ما نخشاه هو أن هناك جهات كثيرة تترصد وتحاول استغلال نقاء وعفوية ومشاعر الشعب ، وتوجيهها في اتجاهات أخرى عكسية ومضادة تماما لمصالح الشعوب والأوطان لتبقى اسيرة الفوضى و تندثر تحت ركام اللا إستقرار و التبعية المقيتة.. تحت غطاء بما يسمى بـ ” الثورات ” او إعتصام الرحيل الذي وبدأ التحشيد الإعلامي له و بات واضحا أن هذا التحرك لا يملك رؤية سياسية محددة، ولا برنامجا واضحا ، على الرغم من الادعاء أن الغاية منه هو التغيير، محاولين الاستفادة من تململ الشعب التونسي من الصراع الحزبي المتواصل في البرلمان، وإستيائه من السياسيين و السياسة و مستغلين هذه الظروف لخدمة لمصالحهم الشخصية، و تنفيذا لأجندات مشبوهة لقوى إقليمية عرفت بمحاربتها الربيع العربي و إجهاضه بأي شكل من الأشكال..
لا شك و ان ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺕ ﺧﻄﻴﺮﺓ يستغلها البعض ، ﻭ يبدو أنه يوجد ﻣﻦ ﻻ ﻳﺤﺐ ﺍﻟﺨﻴﺮ للوطن وللشعب و ﻳﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺣﺮﻣﺎﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺘﻪ ﺑﺚ ﺍﻟﺬﻋﺮ ﻭﺍﻟﺮﻋﺐ ﻭ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﻓﻲ ﺍلبلاد . ﻟﺬﺍ ﻓﺈني أدﻋﻮ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﻮﺧﻲ ﺍﻟﺤﺬﺭ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻭ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ ﻭ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺘﺮﻙ ﺛﻮﺭﺗﻪ الحقيقة تتلاشى و تذهب أدراج الرياح.. وادعوهم إلى الإبتعاد عن الأفكار الضالة و عن الذين يعملون على إشاعة الفوضى وإقلاق الأمن والاستقرار خدمة لمشاريع تآمرية ضد الوطن و إستقراره..
سؤال أرى من الضروري طرحه : إلى متى سيبقى الوطن اسيرا للفوضى ؟ و متى سيستفيق الشعب والنخب السياسية و التخلص من هيمنة النظام السياسي الغربي و نتجنب تآمره و تدخلاته في شؤوننا.. لابد من ذلك.. وإلا فلن تقوم لنا قائمة و سيبقى الوطن منكوبا بنخبته المتأمرة عليه..
حكموا عقولكم قبل فوات الأوان يومها ستبكون كالنساء على وطن لم تحافظوا عليه كالرجال !!
إلى أين بهذا الوطن ؟