أخبار عاجلة

انفجارات على طريق التطبيع… بقلم: محمد عصمت

لم يعد تطبيع العلاقات الإسرائيلية ــ الخليجية يجرى داخل أقبية مظلمة أو فى غرف مغلقة كما كانت الحال من قبل، ولم يعد يقتصر على قيادات الصف الأول أو الثانى فى هذه الدول، أو ينحصر فى مجرد علاقات سرية لها طابع مخابراتى تبحث قضايا سياسية واقتصادية وأمنية، أو حتى فى جس نبض الشعوب العربية عبر الإعلان عن زيارات متبادلة بين مسئولين خلايجة وصهاينة، الآن يبدو أن الوقت قد حان لكى يبدأ اللعب على المكشوف، لكى تستعد المنطقة للخطوة الكبيرة التالية وهى الاعتراف الرسمى بإسرائيل وتبادل فتح السفارات معها!.

كانت مبادرة السلام العربية التى أطلقها العاهل السعودى الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز فى قمة بيروت العربية 2002، نقلة نوعية فى علاقات دول الخليج بإسرائيل، صحيح أن المبادرة اشترطت انسحاب إسرائيل لحدود 5 يونيو 67 مقابل الاعتراف الكامل بها وإقامة علاقات تجارية واقتصادية معها، رغم أنه قيل ساعتها إن الهدف الحقيقى من ورائها هو تخفيف الضغوط الأمريكية على المملكة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، ومع ذلك فقد فتحت هذه المبادرة ــ والتى رفضتها إسرائيل بالمناسبة ــ الأبواب أمام زيادة وتيرة العلاقات التجارية غير العلنية بين الخليج وإسرائيل، حتى أصبحت لإسرائيل مكاتب تجارية رسمية علنية فى العديد من العواصم الخليجية، وهى خطوة توجت بزيارات متعددة قام بها مسئولون إسرائيليون إلى قطر والإمارات والبحرين وعمان، والتى تزامن معها الإعلان عن زيارة اللواء السعودى أنور عشقى المقرب من العائلة الملكية لإسرائيل، إلى أن جاء اليوم الذى قام به رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو بزيارة رسمية لسلطنة عمان، فى خطوة فاجأت الجميع، وأثارت العديد من التساؤلات حول أسبابها والنتائج التى يمكن أن تترتب عليها.

بالقطع لن يمكن فهم هذه التطورات بعيدا عما يسمى بصفقة القرن، ودعوة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لإقامة ما يسمى بـ«ناتو» عربى يضم دول الخليج ومصر والأردن وإسرائيل لمواجهة ما يدعى الارهاب والخطر الشيعى القادم من إيران، لكن ما لا يمكن فهمه وقبوله هو هذا القدر الهائل من التنازلات التى يقدمها العرب لإسرائيل، وكأنهم يكافئونها على اعلان القدس عاصمتها الأبدية، وإصدارها قانون القومية الذى يسلب كل حقوق الفلسطينيين فى الداخل وفى الشتات، وعلى توسعها فى الاستيطان، وعلى حصارها لغزة وتجويع أهلها، ودون أن يوضحوا لنا ما الذى يدعو إسرائيل لإعادة القدس الشرقية للعرب، أو إعطاء الفلسطينيين حقوقهم وعلى رأسها إقامة دولتهم المستقلة، وهى أبسط ملامح ما اصطلح الرسميون العرب على وصفه باتفاق سلام عادل وشامل، بعد أن حصلت مجانا ومسبقا على أكثر مما كانت تحلم بالوصول إليه!

قد تكون هناك ضغوط أمريكية عنيفة على الحكومات العربية لتطبع العلاقات مع إسرائيل تحت مزاعم وهمية حول التصدى لخطرى إيران والإرهاب، لكن البعض يذهب إلى تفسيرات أخرى لهذه الهرولة العربية نحو إسرائيل، يأتى على رأسها ما رفعته ثورات الربيع العربى من مطالب وشعارات هددت استقرار النظم العربية الحاكمة، ودفعتها ناحية إسرائيل لكى تحظى بدعم أمريكى تحتاجه لتشديد قبضتها الأمنية على تحركات شعوبها ناحية قيم الحرية والعدالة الاجتماعية، ولبقاء الأوضاع غير الديمقراطية فى العالم العربى على ما هى عليه!

ما تتجاهله الحكومات العربية أن الهرولة نحو إسرائيل لن يكون لها أى جدوى سوى شراء الوقت حتى يأتى ربيع عربى جديد، وأن إيران مهما بلغت حدة الخلافات والمكايدات معها لن تكون أكثر من نقطة فى بحر الخطر الصهيونى على الأمة العربية، وأن التطرف والإرهاب لن يعالج بالحلول الأمنية وحدها لكن بإرساء مناخ عام من الحريات والممارسات الديمقراطية.

كل الاستراتيجيات التى تتبعها الحكومات العربية فى معالجة قضايانا مآلها الفشل الذريع، والأكثر من ذلك أنها تحمل فى طياتها كل الأسباب التى ستؤدى لا محالة إلى انفجارات اجتماعية وسياسية واسعة سنراها بالتأكيد إن عاجلا أو آجلا!

شاهد أيضاً

تماشيا مع الخطوات التطبيعية: قرار يسمح للاسرائيليين زيارة المملكة السعودية

ذكر التلفزيون الإسرائيلي أن وزير الداخلية الإسرائيلي يوقع مرسومًا يسمح لمواطنيه بالسفر للسعودية في رحلة …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024