الأحد , 24 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

بأيّ مسوّغ يقتل أطفال اليمن؟

بقلم: محمد الرصافي المقداد |

ما حصل في (ضحيان) بمحافظة (صعدة) اليمنية أول امس، ليس جديدا على اليمن وأهله، فهو جزء بسيط من سلسة الجرائم التي استهدفتهم، ولم تفرق في عدوانها الظالم، بين هدف عسكري وآخر مدني.

ما ظهر جليّا ولاحظه المجتمع الدولي، سلسلة الإنتهاكات المتكررة بحق المدنيين اليمنيين، وتنوّع أهدافها (مدارس أسواق أحياء سكنية مشافي …) وكثرة ضحاياها (أطفال نساء شيوخ عائلات بأسرها مرضى ومعاقين)، الذين سقطوا بين قتيل وجريح، نتيجة غارات طيران تحالف العدوان الامريكي السعودي الاماراتي، في مقابل الصمت الدولي إزاء ما جرى ويجري، وعدم اهتمام بما يتعرّض له الشعب اليمني، من هذه الهجمات المتكررة، بلا رادع يجبرها على إنهاء العدوان، والتراجع عما بقي من أهدافه التي لم تتحقق.

آخر المجازر – وسوف لن تكون الأخيرة حتى بعد تحرك مجلس الامن الدولي هذه المرة – مجزرة يوم الخميس 9/8/2018، ارتكبها طيران عدوان التحالف المشؤوم، استهدفت حافلة كانت تقل أطفالا يمنيين، مشاركين في دورة صيفية لتحفيظ القرآن الكريم، أثناء مرورها في سوق (ضحيان) بمحافظة (صعدة)، أدّت إلى استشهاد 52 طفلا وجرح 77 آخرين، حسب مصدر الصليب الأحمر في اليمن.

اجرام التحالف الذي يتكرر كل مرة، دونما حساب لما سيترتب عنه، من مساءلات قانونية ومحاكمات دولية، يضعنا أمام حقيقة تقول: إن أمريكا وبريطانيا وفرنسا على وجه التحديد، شركاء أساسيون في العدوان المرتكب بحق اليمن وأهله، وشراكتهما متمثلة في دعمهما اللوجستي، وفرض وضمان صمت مجلس الأمن حيال العدوان وتفاصيله.

وقد تبدوا فظاعة الجريمة الاخيرة محفّزا قويا، وأكثر استفزازا لمشاعر المجتمع الدولي، فقد تحرّك مجلس الامن الدولي بطلب من دول: السويد، وبوليفيا، وهولندا، وبيرو، وبولندا، لبحث الجريمة المرتكبة بحق أطفال صعدة، وفي تصريح لها على أثر جلسته المنعقدة، قالت كارين بيرس مندوبة بريطانيا – التي تترأس مجلس الأمن في دورته الحالية – إن المجلس سوف سيتخذ الإجراءات اللازمة، ويتشاور مع الأمم المتحدة، لاتخاذ قرارات صائبة، بشأن الهجوم على حافلة الأطفال في صعدة شمال اليمن.

عندما يقتل غربيّ أمريكي كان ام بريطاني أم غيره، تقوم دنيا عالم السياسة الغربي ولا تقعد، وعندما تردّ المقاومة في غزة أو في لبنان على عدوان صهيوني، أو عندما تنعدم وسائل الدفاع عند الفلسطيني الاعزل، امام همجيّة وغطرسة الالة العسكرية الصهيونية، فلا يجد لها ردا بغير السكين كسلاح بسيط، تنعت العمليات الفردية بالإرهابية وأهلها بالإرهابيين، وعندما يقتل الصهاينة الفلسطيني بدم بارد، وهو يطالب بحقه في العودة، ينظر اليه بانه دفاع مشروع عن كيان يجب ان يبقى على حالته العدوانية ويشرعن لها دوليا، وعندما يشن عدوان على اهلنا في اليمن، فيفتك بأهله، بمختلف انواع الاسلحة، بما فيها الممنوع استعمالها دوليا، ينظر اليه بأنه اعادة شرعية وهميّة الى اليمن، في مفارقات عجيبة، أثبتت نفاق ومكر وخبث مؤسسات هذا المجتمع الدولي، التي لم يؤسسها الغرب المستكبر، الا على أساس محاصصة استعمارية، تراعي مصالحه فقط دون غيره.

مفارقة عجيبة في التجاهل الدولي خصوصا منه المجتمع الغربي الذي يبكي أهله بكل أسف وحرقة عندما يموت لهم كلب أو قط، وتتحجر قلوبهم وأعينهم أمام مشاهد، أقل ما يقال عنها أنها في منتهى الفظاعة، بقتل اطفال اليمن، كأنهم في نظر الغرب نفسه، ممول العدوان بأدوات جرائمه ( طائرات قنابل وصواريخ فتاكة متنوعة)، ليسوا في مستوى كلابه وقططه.

هذا الغرب الذي كذب علينا عشرات السنين، بإصدار الاعلان العالم لحقوق الانسان، في 10 ديسمبر سنة 1948، ودعوة دول العالم الى احترامه، يكون هو المبادر الى انتهاكه بسياساته الخرقاء، التي لا تقيم وزنا له، ولا للشعوب التي انضوت تحته، يقدّم مصالحه الاقتصادية والاستفادة من العدوان، ببيع اسلحته وذخائره اليه، في انتظار تحقيق ما يرجوه منه، في اخضاع اليمن الى إرادة عملائه، وابقائه خاضعا لهم.

ويبدو هذا التحرك الذي دعا مجلس الامن الى الالتئام، مجرّد امتصاص لصدمة المجتمع المدني الدولي من هذه الجريمة، التي نقلت اليه ببشاعتها المرتكبة، وسوف لن يصدر عن هذا المجلس، الذي عبثت بقراراته أمريكا وبريطانيا طويلا، شيء يعيد لليمنيين بعض حقوقهم، ويوقف عنهم عدوانا أتى على الاخضر واليابس في اليمن، فلم يفلت من نيرانه بشر ولا حيوان ولا حجر.

الملفت هذه المرة أن صدى الجريمة صم آذان العالم شعوبا وساسة، وهو ما سيزيد في فضح المتورطين فيها من عالمنا العربي والاسلامي خاصة، ولست بصدد الخرس والصمّ، فهؤلاء رضوا بأن يكونوا شهودا، مع كتم الشهادة وعدم الادلاء بها، ومن كتم شهادة حق فقد اثم، وانما أقصد الدّول العربية المشاركة في العدوان على اليمن، طمعا فيما أبرم من صفقات سرّية بينها وبين السعودية، ويرجّح أن تكون تونس من بين هؤلاء، فقد نقل أنها مشاركة في العدوان على اليمن، ب420 عسكريا منذ ستة اشهر تقريبا، وقد قتل منهم 7 أفراد، فما هو ردّ الحكومة التونسية عما بدأ يروج؟

لقد أثبت الغرب مرّة أخرى أن تربّعه على قيم حقوق الانسان، وادّعاءه حمايتها ليست سوى دعايات جوفاء مفرغة، من أي حقيقة تثبت ذلك، والادلّة أمام أعيننا اعتداءات على أطفال اليمن وأهله بمباركة غربية، ومشاركة أعرابية، وصمت دولي، فيا لله و يا لليمن المظلوم.

شاهد أيضاً

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024