بقلم: محمد النوباني |
بتناغم واضح مع موقف حكومة بلادها المتماهي اصلاً مع مواقف واشنطن وتل ابيب وابو ظبي والقاهرة وعواصم أخرى كلها تدور في الفلك الامريكي-الإسرائيلي من بعض قوى الإسلام السياسي، أصدرت هيئة كبار العلماء في ألسعودية أمس قراراً إعتبرت فيه حركة الإخوان المسلمين العالمية منظمة إرهابية. رغم ان الحكومة السعودية تعاونت مع هذه الحركة تاريخياً ضد نظام حكم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وفي أفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي السابق وفي سوريا ضد نظامي حكم الرئيس الراحل حافظ الاسد والحالي بشار الاسد ولا زالت تتعاون مع فرعها اليمني حزب الإصلاح ضد الحوثيين.
وقد لاحظ المراقبون السياسيون بأن توقيت قرار الهيئة والذي جاء مباشرة بعد رسالة التهنئة التي بعث بها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي عهده محمد بن سلمان للرئيس الامربكي المنتخب جو بايدن الامر الذي يشي بأن المستهدف من القرار ليس كل الاخوان المسلمين بل جزءا منهم وهو القريب من محور المقاومة في المنطقة.
وفي هذا الإطار، صحيح أن لنا ملاحظات كثيرة على تأييد حركة الإخوان المسلمين لما سمي زوراً وبهتاناً بألثورة السورية و كذلك على مشاركة فرعها السوري في العمليات العسكرية ألتي إستهدفت الجيش العربي السوري منذ العام 2011 وكذلك للخطيئة الإسترتيجية الكبيرة التي آرتكبتها
قيادة حركة حماس، السابقة في الخارج بمغادرة سوريا التي احتضنتها واستقبلتها بعد ان سدت في وجهها كل العواصم العربية في عملية نكران جميل مخجلة.
وصحبح ايضاً أن لنا ملاحظات على مواقف الجناح التونسي من الحركة واقصد حركة النهضة، التي صوت ممثلوها في البرلمان التونسي ضد مطالبة الحكومة الفرنسية بالاعتذار وتقديم التعويضات عن الجرائم التي ارتكبتها ضد الشعب التونسي اثناء الحقبة الإستعمارية، و كذلك على الدور التخريبي الذي لعبته تركيا في سوريا وليبيا، فتلك مواقف يستحيل الدفاع عنها او تبريرها.
ولكن هناك حقيقة مكملة أخرى وهي أن هذه الحركة، بما لها وما عليها هي تيار سياسي منظم وله قاعدة جماهيرية واسعة وعريضة، لا يستهان بها، كما إن لها علاقات مع قوى اقليمية ودولية وازنة ومؤثرة على المستويين الدولي والاقليمي وفي مقدمتها تركيا، ناهيك عن أن لفرعها الفلسطيني حركة المقاومة الاسلامية “حماس” جناح عسكري قوي تمكن مع غيره من فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، من تحقيق توازن رعب وردع مع الجيش الإسرائيلي الذي يعتبر خامس اقوى جيش في العالم.
ولذلك فإن وضعها من قبل مصر والسعودية والامارات على قائمة الارهاب حتى لو كان كلمة حق فإن ما يراد به باطل، والهدف منه هو حجب انظار العالم عن مصدر الارهاب الحقيقي في المنطقة وهو الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين .
ولذلك فإن المطلوب من القوى العربية والإسلامية الحريصة على مستقبل الأمة ليس الدخول في معارك جانبية إضافية مع هذه الحركة وانما فتح حوار استراتيجي معها على قاعدة ان مواقفها بحاجة إلى تطوير وتعديل، وليس إعتبارها تنظيماًً إرهابباً كما فعل ويفعل بعض العرب بأوامر من واشنطن.
ويحضرني في هذا السياق ما قاله السيد حسن نصر الله امين عام حزب الله اللبناني العام الماضي حينما قال بان السعودية والامارات تعتبران تركيا أكثر خطورة على مصالحهما من ايران وإعلان وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف بأن بلاده ترفض وبشكل مطلق لمحاولات الرئيس الامريكي دونالد ترامب تصنيف حركة الاخوان المسلمين منظمة ارهابية.
بقي القول ان ما كتبته من راي في هذه المقالة لا يتناقض مع موقفي الرافض لبعض مواقف وممارسات حركة الإخوان المسلمين إزاء الكثير من القضايا الوطنية والقومية ومع رفضي للاحتلال التركي لأجزاء عزيزة من سوريا ولكنه ينطلق من فهمي لما قاله امام وملهم الثورة الجزائرية عالم الاسلام الجليل عبد الحميد بن باديس ذات يوم ” لو ان فرنسا طلبت مني ان اقول لا اله الا الله محمد رسول الله لما قلتها ابدا”
وهذا يعني بأنني أرفض ان يتماثل موقفي مع موقف من يعتبرون حركة الاخوان المسلمين منظمة إرهابية.