الإثنين , 23 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

تدبّر طالب التيسير في فضاء القرآن الكريم: تدبر في سورة الإسراء

مشروع الإسراء: في ليل الطغيان الرومي الكبير والاستعلاء اليهودي

د. نعمان المغربي (مختص في علوم الأديان المقارنة، جامعة الزيتونة – تونس)

 

§       قَلْبُ السورة المفترَضُ:

﴿وَيَقولونَ مَتى هُوَ؟ قُل عَسى أَن يَكونَ قَريبًا (سورة الإسراء ،الآية 51).

 

 

§       المقولات المركزيّة للسورة:

1-  العبودية: هي مقام الذلة والافتقار. وهي مقامات أعلاها العُبُودة دون نسب وهي تتطلب معرفة الألوهية أوّلا، وأن العزة بها وحدها، من أجل ماء حبّها: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّـهِ. ففي ذروة الفعل التاريخي المحمدي يكون سجوده الشكري: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَالْفَتْحُ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّـهِ أَفْوَاجًا، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا(سورة النصر).

2-  الإسراء: هو باطنا خروج الإنسان الكامل (عبد الله) مِن ﴿المَسْجِد الحَرَامأي مقام القلب الذي يحرّم كل شرك أخلاقي واعتقاديّ، إلى ﴿المَسْجِد الأَقْصَىأي أقصى ما يُمكن مِن المَسَاجِد في الكَدْح الإنساني: ﴿أَنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَت أَودِيَةٌ بِقَدَرِها(سورة الرعد، الآية 17).

أما فعلاً اجتماعيًّا-تاريخيا، فهو خروج المَسْعى المحمّدي مِن مَركز الرحمة للعالَمِين إلى مُنْتَهاها حيث غَلْبُهُ الرُّومَ في ﴿أَدْنَى الْأَرْضِ(سورة الروم، الآية 3)، أفي الأرض المبارَكة: فلسطين، أعوانهم المدّعين-زورًا- النبوّة النَّسَبية والروحية لإسراء الإيل: يعقوب عليه السلام.

3-   الموسى: «الوساية»هي الإستقامة والإستواء والعدل(ابن منضور، لسان العرب مادة  « وَسِيَ »)، فالموسى هو القائد الإلهي للوساية البشرية، أي القائم. وأعظم موسى هو سيدنا محمد (ص).

4-   العيسى: هوالمصلح التاريخي. فالعَوْسُ هو«اصلاح المعيشة» فابن مريم هو مصلح الشام التاريخي ، وهو مصلح «الروم»(الغرب) بين يدي الإمام المهدي.

  1. مكانة سورة الإسراء:

«من قرأ سورة الإسراء كل ليلة جُمعة لم يَمت حتى يُدْرك القائم، عليه السلام، فيكون من أصحابه»

 

ما العلاقة بين سورة الإسراء وبين يوم الجمعة والقائم؟

ذلك أن بداية الثورة المهدوية-الصّالحية (نِسْبَةً إلى ﴿أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ تبدأ يوم الجمعة. فالسورة تحتوي على برنامج الثورة تمهيدًا وقيامًا وانتصارًا :«يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورًا».

إنّ سورة الإسراء تتقاطع أيضا مع سورة الروم، في استيعاب طوْر ملء الأرض عَدْلاً كما ملئت جورًا وإنهاء الطغيان الرومي المستقوي بالاستعلاء اليهودي الرّبوي). وهنا يمكن أن نتدبّر كيانًا سُوريّا بجمع السورتين (الإسراء والروم) لوحده الموضوع، مِنْ وِجهة أخرى. وتلك هي من قرائن بِكْرِيّة القرآن الكريم ووَلوديّته.

 

*** لا وجود لعلاقة قرآنية متزامنة بين الإسراء المحمدي وبين عروج الإنسان الكامل إلى  «سدرة المنتهى»، أي المقام الأعلى للإنسان الكامل. ومنطقيا، يجب أن يكتمل مقامه الشريف قبل أن يمتلك وسائل مشروع  «الوساية» (مشروع الأبوة الإنسانية الجامعة ) بإمامته الأنبياء بالمسجد الأقصى.

 

  1. في اللغة العربية-السّريانية: ما العلاقة بين «الإسراء» و«إسراء الإيل»[1]؟

 

اللسان العربي لغاتٌ: اللغة الحِميرية واللغات اليمانية، اللغة السِّريانية (ومنها اللهجة الفينيقية واللهجة العِبرانية[2]…) واللغة المُضَرية (اللسان العربي المبيّن). ولقد كانت سِرْيانيا (أو سوريانيا أو سوريا) أو آرامِيا (=«عَرَبِيا» أي بلاد العرب. لاحظ هنا اشتراك الألف والعين مخرجًا)، أو الشام (=شمال، شامَال، بالنسبة إلى الجزيرة العربية، مُقابل اليَمن/ يامان / يامال/ يَمان/ يَمَنَتِ). ونلاحظ التشابه الحُرُوفِيَّ بين«آرام» و« إرَمَ ».

إن تأكيد القرآن الكريم للبداية السرْيانية/السورية للإسلام (أي للنوحوية والإبراهيمية) إنما هو تأكيد لأن هذا الدين ليس ﴿بِدْعًا﴾ (سورة الأحقاف، الآية 9 )، بل هو دين الإنسان الأوّل، الذي أكّده نوح فإبراهيم إن هذين الرسولَيْن العالَميين انطلقا مِن سِرْيانيا، التي كانت قبل انقسَامها تضم ما يسمَّى الآن: العراق وسوريا الكبرى (أو الشام). ونحن نجد اليوم آدم ونوحًا «ضجيعيْن» للإمام علي بن أبي طالب بالعراق، ونجد مقام إبراهيم في الخليل بسوريا التاريخية، تلك ﴿الأَرضِ الَّتي بارَكنا فيها لِلعالَمينَ﴾ (سورة الأنبياء، الآية 71).

لكل دورة رسالية «إبْ-رَاهِيمٌ » خاص بها (باللغة العربية-السريانية=«أبٌ رحيم» باللغة العربية-المُضَرية). ﴿مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ﴾ (سورة الحج، الآية 78). وأعظم الآباء الرحماء هو سيدنا محمد (ص): ﴿بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَحيمٌ(سورة التوبة، الآية 128)، ﴿رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ (سورة الأنبياء، الآية 107)، ﴿وَأَنا [محمد] أَوَّلُ المُسلِمينَ (سورة الأنعام، الآية 163)، بينما سيدنا إبراهيم بن تَارح (ع) [الذي عمّه: آزر] هو كنوح ﴿مِنَ المُسلِمينَ(سورة يونس، الآية 72)، فأبوه الروحاني هو سيدنا محمد (ص) الذي هو الأب الروحي للعالمين منذ آدم (ع).

«إسراء» في اللغة العربية-السريانية، تعني «الأسير» و«العبد». وهي ﴿عَبدهِ﴾باللغة العربية-المُضرية، اللسان العربي المبين (سورة الإسراء، الآية1)، هي «إسراءُ إيلِـ[ـهِ]»، باللغة العربية-السريانية. وتكون ﴿أَسرى بِعَبدِهِ﴾(سورة الإسراء، الآية1)،معناها: عَبَّدَ عَبْدَهُ، أي وَصَلَ به أعلى درجات العبودية والحب: ﴿قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾(سورة النجم، الآية 9)، ليكون الطريق المعبَّدة (﴿الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾) لـ«العالمين»، ﴿لِلنَّاسِ كَافَّة﴾. فـ«المسجد الحرام»، و«المسجد الأقصى»، إنما يعنيان أن رسول الله (ص) كان مَسْجِدًا بدَايَةً، فهو ﴿أَوَّلُ المُسْلِمِين﴾، أي أبو البشر أرْوَاحًا، وأبو آدم أبي البشر أجسادًا، فهو آدم الروحاني، بينما آدم الجسداني هو في حاجة إلى محمد (ص)، كبقية الناس كافة، بما هو ﴿رَحْمَة لِلْعَالَمِين﴾، للبشريين جميعًا منذ ظهور جنسهم.

وبذلك، يكون إسراءُ الإيل (=﴿عَبْدُ اللَّـهِ﴾– كما في سورة الجن، الآية 18)، الحقيقيُّ، والجوهري، والدائم، لا الوقتيّ، هو محمد (ص)، مِن آدَمَ (ع) حتى آخر إنسان على الأرض. وما يعقوب (ع)، إلا إسراءُ إيل وقتيّ، باعتبار أنه هو مؤسس ملة التوحيد، أو ملة «الأب الرحيم» (الإِبْ-رَاهيم)، في سوريا (=«بلاد الإسراء» = بلاد العبد لله = بلاد العبودية للإله الواحد الأحد). ومِنْ ثمة كانت ﴿الأَرضِ الَّتي بارَكنا فيها لِلعالَمينَ﴾(سورة الأنبياء، الآية 71). فلقد كانت إرادة الله تعالى أن تكون سِرْ-يانِيا، هي بلاد إسراءِ الإيل، إذْ أسرى بعبدِه، إبراهيم بن  تارح، مِن بَابل ﴿إِلَى الأَرضِ الَّتي بارَكنا فيها لِلعالَمينَ﴾ (سورة الأنبياء، الآية 71).

لن تكون سِرْ-يانِيا، مباركة على السِّرْ-يَان وحدهم، بل على العالمين جميعًا. ومِن الاندساس اليهودي في ملتنا أن نعتقد أن «بنو إسراءِ الإيل» (=«بنو عبد الله») هُم أبناء يعقوب الجسدانيّون. فبنو إسراءِ الإيل، مَبْدئيا هُم كل سكان سِرْ-يانيا في عهد يعقوب، وفي عهد موسى، لأنَّ ﴿أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ﴾ (سورة الحج، الآية 78) لا تعني الأبوة العنصرية، الجسدانية، بل تعني الأبوة الروحية-الملكوتية. فمن أراد أن يكون ابن إسراء الإيل، عليه أن يكون مثله إسراءًا للإيل: ﴿وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ (سورة آل عمران، الآية 102)، أي إلا وأنتم عِبَادًا لله تعالى وحده، لا عبيدًا لبشر مثلكم.

وبذلك لن تكون بلادُ إسراءِ الإيلِ (بلادُ سِرْ-يانيا) بلادَ عنصرٍ جَسداني، بل يجب أن تكون بلاد ﴿العَالَمِينَ﴾، هكذا كانت إرادة الله تعالى فيها، وتلك هي الوظيفة التاريخية العظيمة للشعب السوري العظيم، الذي أنجب داود وزبوره، وأنجب سليمان ونشيد أَنشاده المبشر بالنرجسية*  ، أي المهدويّة، وأنجب عَدْل سليمان وحكمة أمثاله… وذلك حتى تكون مهيَّأة لإنجاب عيساها، أي «مصلحها »، ذلك الرسول السوريّ العظيم، ليكون فوق سور دمشق، ثم مُؤتمًّا، بالإمام المحمّدي-الإسْرائيّ إلى المسجد الأقصى كجده محمد (ص)، ليجاهِد معه بالحِكمة والموعظة الحسنة بَدْءًا بأرض إسراءِ الإيل، أرض سوريا، التي أرادها الله تعالى بَرَكة لكل العالمين.

ولقد كان التطويبُ الأرقى لعبودية سِر-يانيا، عندما «سَارَ»/ ﴿أَسْرَى﴾ أكمل إنسان، «الإنسان» الوحيد فِعْلاً، الذي «لَوْلاَهُ ما خلق الله تعالى»، إلى أرض العبودية لله تعالى والبَركة للعالمين. وبذلك تمت واكتملت الرحمة للعالَمين بالأرض المباركة للعالَمين.

فعندما يقول الله تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (…) وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العَالَمِينَ(سورة البقرة، الآيتان40 و47)، إنما يعني: (يا بني -سِرْيانيا، يا بني الأرض التي أسْرى إليها عبدنا الإبْ-ٱلرّاهيم ابن تارِح، رسالتكم التاريخية أنني فضلت أن تكونوا أنتم أصحاب الوطن الذي تنطلق منه دعوة الإسلام، دعوة إبراهيم بن تَارِح، دعوة الأب الرحيم: محمد بن عبد الله. فإن لم تستجيبوا بهذه النعمة وكفرتم بها (أو بعضكم) فسيحلّ عليكم غضبي!). فنجد من بينهم «سَدُوميون» رافضين التطهّرِ الأخلاقي اللّوطيّ، وثموديين (مِن كلْبِيين وغيرهم مِن السوريين)، حتى عصر الظهور.

 

  1. بنو«إسرائيل» ادّعَاءًا يخونون العهد الإلهي:

 

اختار الله تعالى أن تكون فلسطين «أرضا مقدسة»[3]. و«فضّل» بني إسرائيل[4] على كثير من الشعوب، تفضيلا تكليفيا، لا تفضيلا تشريفيا أو تمييزيا (تمامًا كما فعل مع الشعب المكي والشعب الحجازي)، إذ جعلهم المدعوّين الأوائل لرسالة موسى«العبد الشكور»[5] حتى ينشروها سلميًّا لدى شعبي مصر والشام، وأن يكونوا محاربين للطغاة في بلاد الشام، الذين حاربوا الرسالة الإلهية.

ولكنهم خانوا الأمانة، حتى في عهد موسى بن عمران عليه السلام، فنَكَصُوا إلى عبادة آلهة شعوب مجاورة لبلاد الشام، وإلى عبادة المال والمترفين (قارون) وكادوا يقتلون وزيره ووَصِيِّهِ هارون عليه السلام. وفي نهايات أيامه لم يجد إلى جانبه سوى أخيه، الوزير هارون عليه السلام، الذي سرعان ما توفي، ووَصِيِّهِ الثاني يوشع بن نون عليه السلام، الذي تركه بعد وفاته وحيدًا يواجه تبعات «التيه» في الصحراء.

وتاب الله تعالى عنهم مرة أخرى، وبعث إليهم أنبياء وأئمة يهدون بأمره، ولكنهم تمرّدوا عليهم وحرّفوا المشروع الإلهي وقتلوا الكثير منهم وتآمروا على عيسى عليه السلام في تحالف مع الطغيان «الروميّ» (أي الغربي بلغة القرآن الكريم).

وكان العقاب الإلهي لِخيانتهم العهد، فشتّت الله «المُسَوِيِّينَ» ادّعَاءًا في العالم، وشتت «العيساويين» ادّعَاءًا مللا متناحرة  وجعل الثمودية الأموية في نفوس الكثير من الذين ادعوا المحمدية منهم .ولكن اليهود أصبحوا متحكمين بِمَعَاش العالم ثم بمساره السياسي والانتحالي، فقال لهم: ﴿اسكُنُوا الأَرضَ﴾، و«السّكن» هو منع الحركة الإنسانية مَعَاشًا (بواسطة الدّولة الرِّبَويّة) وانتحَالاً («باستخفاف» عقول الناس تدينا وفنا وإعلامًا وسياسةً، وبيئةً بإفساد البرّ والبحر والجو).[6]

وقد كان من أسباب «السّكن» اليهودي الأَرضَ ، خيانة أكثرية العرب التدريجية للعهد المحمّدي بوفاة الرسول محمد صلى الله عليه وآله: ﴿أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ﴾ (سورة آل عمران، الآية 144). وهنا كان تهديد الله تعالى العرب وغيرهم من الشعوب التي تصلها الدعوة، بأنه سيفضّل شعوبا أخرى في حال الخيانة :﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾ (سورة محمد، الآية 38)[7].

وقد كانت ﴿الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ﴾، فلسطينُ، في المشروع الموسَوِي-الشامي وفي المشروع المحمّدي-العالمي، هي الحِمَى المركزي المقصود لتجلّي الآيات الكبرى وظهور الدين الحق على الدين كله بعد «ليل»«الجور» العالمي الطّويل. فهي خط الدفاع الأوّل عن مكَّة، أي عن المشروع المحمّديّ.

 

فلسطين، ﴿أَدْنَى الْأَرْضِ﴾ (سورة الروم، الآية 3): هي أدنى الأرض السورية، بل أدنى كل الأرض. هي بداية «النهار» البشري، وانتهاء الاستكبار الرومي الذي بشرت به سورة الروم: ﴿لِلَّـهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّـهِ﴾ (سورة الروم، الآيتان 4 و5). إنها «مُخْرَج الصدق» الأوَّل من «ليل» الطغيان البشري الطويل، وهي «مُدْخَل الصدق» الأول في «النهار الإنساني المُبْصِر»: ﴿وَقُل رَبِّ أَدخِلني مُدخَلَ صِدقٍ وَأَخرِجني مُخرَجَ صِدقٍ وَاجعَل لي مِن لَدُنكَ سُلطانًا نَصيرًا﴾(سورة الإسراء، الآية 80)، والسلطان الذي سينصر محمدًا (ص) هو ابنه الإنسان «الأهدى» في زمانه[8].

 

 

  1. ﴿عَبْدهالرّسول محمد صلى الله عليه وآله يدشّن إسراء «العباد الصالحين» لفلسطين:

 

كان الإسراء النبوي أوّل حَدَث يخرج به الرسول (ص) والمسلمون الأوائل من «ليل» الحصار في شِعْبِ أبي طالب عليه السلام، قبل الهجرة وتأسيس الدولة النبوية.

إن الله تعالى ينزّه نفسه، ويدعو نبيّه، «العبد» الأصلح، إلى «تسبيحه» إلى (تنزيهه) من قبائح «الليل» الاستكباري البشري، وخاصة «الليل» الأخير من التاريخ البشري: ليلَ«السّكن» الرومي-اليهودي، الذي دنّس «الأرض» التي هي «طَهُور»[9] في الأصل. و«التسبيح» المحمدي للخالق لا يكون إلاّ بالدعاء التسبيحي الذي يضمّ الإسراء التسبيحي أي الحركة النبوية المطهِّرة للأرض حتى لا يغدو فيها «جَوْر» وتنتشر العبودية لله بين الناس: ﴿سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ﴾ (سورة الإسراء، الآية 1).

مكة المكرّمة هي مقدّمة الإسراء التسبيحي المحمّدي لاقتلاع الليل البشري، وفلسطين ضمن سوريا الكبرى، هي «الحَوْلية» المبارَكة للمسجد الأقصى، هي مَقصد هذا المشروع الإسْرائي العالمي.

ومن الضروري أن يُجسّد إمام «الهُدى» الأخير هذا المسار الجغرافي (مكة المكرّمة ← الأرض المبارَكة حول المسجد الأقصى)، بأن ينطلق من المسجد الحرام مرة أخرى باتجاه المسجد الأقصى مع: ﴿عِبادًا لَنا أُولي بَأسٍ شَديدٍ﴾ (سورة الإسراء، الآية 5). نَفْس خَارِطة الطريق سيخُطّها المهديُّ (ع)، تلك التي ضبطها جده (ص).

الرسالة المحمّدية هي «المهيمنة»[10] على إسراء «عبادٍ لنا» المؤطَّر بطَوْر إمام «الهدى» الأخير، فـ﴿إِنَّما أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَومٍ هادٍ (سورة الرعد، الآية 7). فالرسالة المحمدية تُقرأ ﴿عَلَى مُكْثٍ﴾ (سورة الإسراء، الآية 106)، بواسطة الأئمة القارئين لها، فلكل رسالة إلهية أئمتها الأطواريون، ﴿وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحويلًا﴾ (سورة الإسراء، الآية 77).

 

  1. مسؤولية الإمامة في إسراء «عبادٍ لنا»:

 

كتاب الرسالة الخاتمةّ، رسالة النبي محمد صلى الله عليه وآله، تتجلَّى ﴿عَلَى مُكْثٍ﴾، أي يُقرأ بِكْرًا في كل عصر، فلكل عصر له مهماته التي يفرضها: ﴿وَقُرآنًا فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلَى النّاسِ عَلى مُكثٍ (سورة الإسراء، الآية 106). فمهمّاته التاريخية، فرّقها الله على أطوار، لتُقْرأَ، تَدبّرا وعملا، تدريجيا. وهذه القراءات الأطوارية، المُكْثِيّة، سورة الإسراء ﴿أَحَاطَ﴾ (سورة الإسراء، الآية 60) بها الله تعالى، أي «هيمنت» عليها «الرؤية» المحمدية التي رآها، من خلال سورتي النجم والإسراء: ﴿لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا﴾ (سورة الإسراء، الآية 1)/ ﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ (سورة النجم، الآية 18). فإنجازات النبي وآله (صلى الله عليهم) و«عبادٍ لنا»، هي آيات في كل طَور مُكْثِي، ضمن «المقام المحمود» للرسول الخاتم (الآية 79).

وداخل التاريخ المحمّدي، الممتدّ من حين وفاة النبي الجسدية، حتى يوم القيامة، إمامات «هُدًى» تجدّدُ قراءة القرآن الكريم، تقرؤه على مُكْث، حتى تحقيق الانتصار النهائي على الباطل. وكل قراءة مسؤول عنها بدايةً، قَبْلَ العلماءِ والثَّقِفِين: الأئمة المحمّديون، أي الأئمة الذين نصبهم الرسول «المهيمن» على الرسالة الخاتمة. وكل مُسلمي كل طور يُدْعَوْن، تاريخيا وآخرةً، بإمامهم، بإمام طَوْرهم، فإن لبّوا الدَّعوة الإمامية وتسلّموها من يمين الإمام كانت قراءة القرآن الكريم وإن رفضوها استمرّ الظلم التاريخي عليهم ولم يساهموا في تقليصه أو القضاء عليه: ﴿يَومَ نَدعو كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِم، فَمَن أوتِيَ كِتابَهُ بِيَمينِهِ، فَأُولـئِكَ يَقرَءونَ كِتابَهُم وَلا يُظلَمونَ فَتيلًا، وَمَن كانَ في هـذِهِ [في هذه الدنيا] أَعمى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعمى وَأَضَلُّ سَبيلًا (سورة الإسراء، الآيتان 71 و72). إن الذي لا يتسلم القرآن الكريم من يمين الإمام المحمدي جاحدًا سيكون أعمى: لا يستطيع أن يقرأ عصره، ولا يستطيع أن يرى طريقا لتقليص الجَوْر الذي امتلأت به الأرض أو القضاء عليه. وآخر إمام في سلسلة «الهيمنة» المحمدية هو الإمام المهدي. فإيتاء الله الكتاب والقراءة للمسلم يكون بإيتاء أهل بيته الإثني عشر وفاطمة حقَّهم الإمامي: ﴿وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ﴾ (سورة الإسراء، الآية 26).

 

  1. الهُدى والمَهدي والمهتدون في سورة الإسراء:

 

الهُدى هو مضمون الرسالة القرآنية: ﴿إِنَّ هـذَا القُرآنَ يَهدي لِلَّتي هِيَ أَقوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤمِنينَ الَّذينَ يَعمَلونَ الصّالِحاتِ﴾ (سورة الإسراء، الآية 9).

والمهتدون هم الذين أكملوا إيمانهم بإيمانهم بالإمام: ﴿وَإِنّي لَغَفّارٌ لِمَن تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا ثُمَّ اهتَدى﴾ (سورة طه، الآية 82)[11].

وباعتبار أن الله تعالى نصّ على ﴿ما فَرَّطنا فِي الكِتابِ مِن شَيءٍ﴾ (سورة الأنعام، الآية 38)، وأنه «تبيان» لكل شيء (سورة النحل، الآية 89)، وأنه فيه ﴿صَرَّفنا في هـذَا القُرآنِ﴾ (سورة الإسراء، الآية 31) من كل مَثَل أعلى، وقد سمّت سورة الإسراء الإمام المهدي عليه السلام «أهدى» المؤمنين في طوره، أي الأكثر مَهْديةً وهدايةً في زمانه: ﴿فَرَبُّكُم أَعلَمُ بِمَن هُوَ أَهدى﴾ (سورة الإسراء، الآية 84). وأعْلَمِيّة الله بالمهدي هي إحاطته بأمره وحفظه لحياته ولمهمته ومسدّدًا لمساره الإِسْرائِي.

ومن كان «مهتديا» أي قابلاً لسلسلة الهدى التي نصبها رسول الله صلى الله عليه وآله، فإنه يسعى لصالحه: ﴿مَنِ اهتَدى فَإِنَّما يَهتَدي لِنَفسِهِ، وَمَن ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيها﴾ (سورة الإسراء، الآية 15). إنه على الصراط المستقيم، ﴿أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ﴾ (سورة النساء، الآية 69)، فطاعة الرسول صلى الله عليه وآله تعني طاعة من نصبهم ﴿وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم﴾.

والمهدي والأئمة قَبْلَهُ، عليهم السلام، هم الصّدّيقون القائمون على مشروع الإسراء المحمّدي في الليل البشري الأخير حتى «إظهار» الدين العَدْلي على هذا الليل، وهم ﴿مِن آياتِنا﴾ (سورة النساء، الآية1)، أي حججه وعلاماته، بل هم ﴿مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ (سورة النجم، الآية 18). وهم ضمن الرؤية النبوية-التاريخية التي جلاّها له الله في المعراج ثم في الإسراء ، وهي ذات ﴿مِرَّةٍ﴾ (سورة النجم، الآية 6)، أي ذات عقل تاريخي انتصاريّ، ومشروعه هو الذي سيستوي، أي سيظهر وينتصر نهائيا على الباطل والجور، فمحمد ﴿ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى﴾ (سورة النجم، الآية 6)، وليس ذا منطق هَوًى، بل هو منطق الانتصار التاريخي الناجز، منطق قراءة القرآن الكريم على مُكْثٍ، منطق أعلى أُفُقٍ نبوي في آفاق الأنبياء.

إن «فؤاد» النبي الأكرم، صلى الله عليه وآله، قد استوعب كل ليل البشرية الأخير وكل طَوْرِ ملْء الأرض عدْلا وقسط العظيم، الممتد زمنيا امتدادَ الليل البشري ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (…) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (…) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (…)مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (سورة النجم، الآيات 3-4-6 و11). فلن يكون مسعى « الوساية»الإنساني الأعظم إلا اذا «استوى» قائده بسدرة المنتهى الإنساني . وقد كان ذلك قبل قرابة 5 سنوات من اسرائه (ص).

وهذا المَنْطق المِرِّي يستحق طاعة أهل المِرَّات، ولا يستحق «المماراة» أي المعاندة والمعاكسة، فذلك في غير صالح الإنسان ﴿أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى، وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى؟! (سورة النجم، الآيات 12-13 و14)، أي عند الطور التاريخي النهائي من صراع الحق مع الباطل، تلك السّدرة النهائية الملاصقة لساحة الآخرة والجنان: ﴿عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى (…) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (سورة النجم، الآيات 14و15). ولقد رأى رسول الله صلى الله عليه وآله كل الأطوار التي يحيط بها، المُسَامِتَة لِجَنَّةِ المأوى، ورأى ما يغشى تلك السدرة من عَدْل وأخلاق إلهية وسعادة بشرية: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى، عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى، إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى. مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى. لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ (سورة النجم، الآيات من 14 إلى18). فليس الطغيان من خصائص الساسة النبويين، فضلا عن الأنبياءـ الذين ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّـهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ (سورة الحج، الآية 41).

إن «الأهدى»، بمنطق سورة الإسراء، أو «المهدى» بلغة التاريخ، هو «آية كبرى» بمنطق سورة النجم. إنه «الأهدى سبيلا»، لأن سبيله هو «الصراط المستقيم»، صراط الرسالة المحمدية الخاتمة: ﴿فَرَبُّكُم أَعلَمُ بِمَن هُوَ أَهدى سَبِيلاَ﴾ (سورة الإسراء، الآية 84). ألا يكون ﴿الآيَة الكُبْرَى﴾ للنبي وهو الذي سيتجسد على يديه كل ما يريده محمد (ص) والأنبياء جميعا: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ (سورة الحديد، الآية 25)؟!

فالصراط، الطويل على طول المرحلة الأخيرة من التاريخ البشري، هو صراط محمد، صلى الله عليه وآله؛ وسبيل الطَّور الأخير من هذا الصراط، إذ هذا الصراط متكوّن من سُبُل مترابطة تمثل أطوار المرحلة، هو سبيل الإمام المهدي عليه السلام.

والإمام المهدي، هو «الحقّ»، بمنطق سورة الإسراء. «فالحقّ» الرسالي الأوّل هو النبي محمد القارئ الحقيقي للتنزيل، و«الحقّ» الأخير في قراءة التنزيل القرآني هو الإمام «الأهدى»، الإمام «المهدي» عليه السلام، «الأهدى» من كل المؤمنين في طوره التاريخي. لقد جاء التنزيل الحكيم مِن أجل الحق الأول البشير النذير، ومن أجل الحق الثاني «المَحُوط» بالحق الأوّل. جاء في سورة الإسراء: ﴿وَبِالحَقِّ أَنزَلناهُ وَبِالحَقِّ نَزَلَ وَما أَرسَلناكَ إِلّا مُبَشِّرًا وَنَذيرًا﴾ (الآية 105). والنبي صلى الله عليه وآله، هو «المحيط» على الطور الأول وبقية الأطوار، حتى ظهور الحق الأخير مبشرا ونذيرا باسْمه، أي هو «المهيمن» على ﴿مُدْخل﴾ المرحلة المحمدية من التاريخ وعلى «مُخْرَجها»أي عتبة ﴿سِدْرَةِ الْمُنتَهَى﴾ بجنة المأوى. ولذلك، كان النبي الأعظم، صلى الله عليه وآله، ليلة الإسراء العظيمة، ليلة الرؤية المِرِّيّة لبقية الصراع مع الباطل، يدعو: ﴿وَقُل رَبِّ أَدخِلني مُدخَلَ صِدقٍ وَأَخرِجني مُخرَجَ صِدقٍ وَاجعَل لي مِن لَدُنكَ سُلطانًا نَصيرًا﴾ (سورة الإسراء، الآية 80). و«الصّدق» هو الإعداد الروحي التريِيضي؛ و«السلطان النصير» هو الإعداد التاريخي-السَّوْقي بقيادة «السلطان النصير»/الإمام.

وكان من وراء القرون يرى مجيء المهدي وعَصْر ﴿عِبادٍ لَنَا﴾، فيطمئن الله ﴿عَبْدَه﴾ في لحظة صعبة، لحظة حصار الرسالة والمسلمين في شعب أبي طالب عليه السلام، على قُرب مجيء «الحقّ» الثاني عليه السلام و«إزهاق الباطل» أي اضمحلاله نهائيا من الأرض[12] دون رجوع: ﴿وَقُل جاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ الباطِلُ. إِنَّ الباطِلَ كانَ زَهوقًا﴾ (سورة الإسراء، الآية81). ومن العلامات على طريق هذا «الزُّهوق» انهيار سلطة قريش وآلهتها رغم تحالف الجزيرة العربية واليهود معها، ولذلك كان يقرأ هذه الآية الكريمة في فتح مكة المكرَّمة مع الإمام علي عليه السلام، الذي رفعه رسول الله، صلى الله عليه وآله، إلى سطح الكعبة، ليكمل تطهيرها[13]. وهنالك سيمْحُو رسول الله، على يد المهدي، عليهما السلام، آية الليل البشري: ﴿فَمَحَونا آيَةَ اللَّيلِ وَجَعَلنا آيَةَ النَّهارِ مُبصِرَةً﴾ (سورة الإسراء، الآية 12)، وبذلك يكمل الإسراء البشري الصالح: ﴿وَاللَّـهُ مُتِمُّ نُورِهِ﴾(سورة الصف، الآية 8).

 

  1. مسؤولية المؤمن والأُمّة في طور الإمام «الحق» على سبيل «الإسراء»:

 

إن مقصد الرسالات الإلهية هو «تكريم» الإنسان وإسعاده: ﴿وَلَقَد كَرَّمنا بَني آدَمَ﴾ (سورة الإسراء، الآية 70). وما «الكتاب»، أي القرآن الكريم، إلاّ كتاب الناس، والمطلوب هو قراءته في الحياة الدنيا، فإذا «هُجر» في الدنيا[14]، كانت قراءته في الآخرة تعني الشهادة عليهم. فمن الضروري أن يتحمّل الإنسان مسؤوليّتَهُ تجاه هذا الكتاب، أي تجاه نفسه: ﴿وَكُلَّ إِنسانٍ أَلزَمناهُ طائِرَهُ في عُنُقِهِ وَنُخرِجُ لَهُ يَومَ القِيامَةِ كِتابًا يَلقاهُ مَنشورًا . اقرَأ كِتابَكَ كَفى بِنَفسِكَ اليَومَ عَلَيكَ حَسيبًا (سورة الإسراء، الآية 14). فلن يتحمَّل فردٌ «وِزْر» آخر، أي مسؤوليته، ولن تحمل أُمَّة وِزْر أمة سابقة، حتى وإن كانوا ينتسبون إلى بعضهم أو معاصرين لبعْضهم: ﴿وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزرَ أُخرى﴾ (سورة الإسراء، الآية 150)/ ﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى﴾ (سورة النجم، الآيات 38-39 و40).

فالإحساس بالمسؤولية، فعلا، يَعني «السَّعْي»، أي «الكَدْح» على الصراط المستقيم لملاقاة الله رضيًّا عند ﴿جَنَّةُ الْمَأْوَى﴾، وهذا السعي يراه الله والنبي وأهل بيته المؤمنون الأثني عشر، ويباركونه ﴿وَقُلِ اعمَلوا فَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُم وَرَسولُهُ وَالمُؤمِنونَ (سورة التوبة، الآية 105).

ومن الضروري أن يلتزم المؤمنون بـ«عهدهم» للنبي صلى الله عليه وآله، في عقدهم الصّحيفة (دستور يثرب) وفي بيعتهم لفتى النبي/ أي «نَفْسه» التي بين جَنْبَيْه، صلى الله عليه وآله، وأئمة الحق عليهم السلام بعده، يوم غديرخُم، لما طلب منهم رسول الله صلى الله عليه وآله، ذلك، لأن وفاءهم بذلك العهد سيجعل إسراء أهل البيت بالمسلمين أسْرَع، أما «توَلّيهم» عن عهدهم، فيعني تأخير «سِدْرَة المنتهى» البشرية المليئة عدْلا: ﴿وَأَوفوا بِالعَهدِ إِنَّ العَهدَ كانَ مَسئولًا﴾ (سورة الإسراء، الآية 34)، فستكون النتيجة عقاب الله تعالى للأمة الإسلامية، قرونًا عديدًا، باستمرار «الليل» و«الفتنة»، وطول «الإسراء».

لقد أعلم الله تعالى نبيه ليلة إسرائه بأن هناك من أتباعه من سيضل عن السبيل الإلهي، وهناك من سيبقى «مُهتديا». فالضالون كانوا على السبيل، ثم «تولّوا» أي تراجعوا ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ (سورة النجم، الآية 29). أما «المهتدون» فسيكون الله تعالى «أعلم» بهم أي محيطا بهم دنيا وآخرة بالتسديد والصلاح والهداية ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى﴾ (سورة النجم، الآية 30).  فبعض المسلمين رآهم رسول الله، صلى الله عليه وآله، في رؤيته الواسعة، التاريخية، أنهم «سيتولّون»، أي سيتراجعون ويمسكون بالسلطة التي عشقوها بعد أن «أعطوا قليلا» في سبيل الله، و«سيُكْدُون» أي سيقطعون عطيّتَهُمْ للإسلام ولأنفسهم: ﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى، وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى﴾ (سورة النجم، الآيتان 33 و34). إنهم في الحقيقة لم يكونوا شديدي الإيمان بالآخرة، وكانوا من الذين لا يؤمنون ﴿إِلّا وَهُم مُشرِكونَ﴾ (سورة يوسف، الآية 106)، فبقوا مؤمنين دون وعي بآلهة بني أمية، دون عِلْمٍ ﴿وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ﴾﴿وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ﴾ (سورة النجم، الآيتان 23 و28).

لقد رأى الرسول صلى الله عليه وآله، في منامه، قبل ليلة الإسراء العظيمة، افتتان أكثر المسلمين بعده بالشجرة الأموية وأهواء أنفسها وظنونها، فحزن رسول الله صلى الله عليه وآله، وجَزع، فقد أعلن له الله تعالى مسبّقا أن تخويفه[15] أكثر المسلمين بالانتقام الإلهي من التحالف مع بني أمية ومِلتهم الثمودية-السدومية، لن يُجدي من سوء الحظ: ﴿وَإِذ قُلنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنّاسِ وَما جَعَلنَا الرُّؤيَا الَّتي أَرَيناكَ إِلّا فِتنَةً لِلنّاسِ وَالشَّجَرَةَ المَلعونَةَ فِي القُرآنِ(بنو أمية والسفياني) وَنُخَوِّفُهُم فَما يَزيدُهُم إِلّا طُغيانًا كَبيرًا(سورة الإسراء، الآية 60).

فإيمانهم بالغيب ضعيف، فستكون «الفتنة» التي تبدأ محدودة لتتسع وتتسع حتى تكون اللعنة الإلهية بِاحْتِوَاش الأمم على الأمة الإسلامية «اجتماعَ الأَكَلة على قصعتها»[16]. قال تعالى لحبيبه ليلة الاختلاء: ﴿وَأَوفوا بِالعَهدِ إِنَّ العَهدَ كانَ مَسئولًا﴾ (سورة الإسراء، الآية 60). وهذا «الطغيان الكبير» يتمثل في الشراكة العَدَوية مع الشجرة الملعونة، الشجرة الأموية، إذ «تولّى» أي أمسك بالسلطة وتراجع عن «العهد»، بتحالفه مع بني أمية إذ قايضهم على دعمهم له بولاية الشام (يزيد بن أبي سفيان ثم معاوية)، وكانوا الولاة الوحيدين الذين لم يعزلهم ولم يناقشهم، رغم وصول عديد التظلمات منهم، وآذى أهل البيت، الأربعة المعاصرين لهم، وتسبّب في إذابة أشد لهم بعده. وباعتبار أنه يتبع «الظن» و«هوى الأنفس»، وليس له «عِلم من الكتاب»، وليس «الأهدى»، تسبب في الكثير من الضلالات والمظالم: ﴿وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ، وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ. وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّـهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ (سورة البقرة، الآيتان 205 و206).

وهُنا تُرَمِّزُ سورة الإسراء عن التحالف السوري الشّرّير مع الشجرة الملعونة وهُم: الكلبيّون، ووزير معاوية ويزيد: «القدّيس» يوحَنَّا، والجنود السّوريون الذين بقوا في القلاع البيزنطية ببلاد الشام… فـ«الثَّمود» هو العَصبيّة الإِثمِديّة، أي العصبية المكرِّسة لسواد الليل الاستكباري.

كما تُرمِّز عن أهل البيت بـ﴿النَّاقَة﴾، وهذه الكلمة هي جَمْع «أنيق»[17]. وهل هُناك مَنْ هُمْ أكثر طمنهم جمالاً وأناقةً إنسانيّيْن؟!

لقد اضطهدتْ الشَّجَرَة الأُمَوِيَّة الْمَلْعُونَةُ ﴿ النَّاقَةَ ﴾ المُحَمديين، بتحالفها مع ﴿ثَمُود﴾ عصرها. وأبْشع مَظاهر ذلك الاضطهاد، هو ﴿عَقْر﴾ هؤلاء ﴿النَّاقَة﴾ في كربلاء: وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴿وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا  الإسراء آية59. ولذلك أعتبر سيدنا «الصالح»: الحسين عليه السلام الشَّهِيدَ عَبْدَ الله الرضيع فصيلا لهؤلاء الناقة، فقال وهو يرفع دمه إلى السماء : «هوِّن ما نزل بي أنه بعين الله تعالى، اللهم لا يكون أهون عليك من فصيل ناقة صالح»، أي«صالح»السابق.

إن سورة الاسراء تشبه ما تفعله الشجرة الملعونة بجسد ابليس لآدم  (من 61-65) وهي تعتبر أن الطغيان الكبير الأموي-الثمودي حتى عصر الظهور بتعبئة من الشيطان، ولكنه لن يحقق أغراضه ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا﴾ وهذه الحصانة بفضل «الفلك» في كامل «بحر» عصر الغيبة (الآية 66) إذ أن ﴿كل أناس بامامهم ﴾ ، (الآية 71) حتى ينجوا من رياح هذا «البحر» (الآية 69) .

وسيستمرّ ذلك في طَور الإمام المهدي، فمازال في سوريا الكبرى (ومنها فلسطين) «ثموديون» إلى اليوم، ومازال فيها «أمويون»، مِلَّةً وتحالفًا مع «الروم» (الامبريالية الغربية) ومع «بني إسرائيل» ادّعاءًا (الكيان الصهيوني). وسيكون من هؤلاء الثموديين والأمويين: الوهابيّين، و«السفياني»، والحكام المسْتَزْلَمين لـ«الروم». ولكنْ مِن الأكيد، حسب سورة الروم، سيكون انتصار الأخيار مِن سوريا الكبرى على ثمودِها. فالسفياني (الأموي-الثمودي مِلّةً) سيجد أمامَه مقاومةً قوية مِن «أبْدال الشام» (راجع: ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق).

وذلك ما تسبب في استمرار «الليل» الاستكباريّ على البشرية منذ أحقاب طويلة، رغم بزوغ «النجم» المحمدي: ﴿فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ (…) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (سورة الأنبياء، الآيتان 109 و111). وعند إتمام نور النجم المحمّدي، هنالك يراه البشرُ «الشّمسَ»: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾(سورة الشمس، الآية 1)، ليروْا ضحاها، المهديَّ.

 

  1. «الإمام»«الأهدى» يجاهد «المترفون» و«الطغيان الرومي الكبير» و«السّكن اليهودي»:

 

لقد قضى الله تعالى أن «القَرْية»[18] (النسق الاجتماعي) إذا أرادت الاستمرار والنمو، فعليها أن تقيم «علاقة بين الاستقامة وتطبيق أحكام الله سبحانه وتعالى وبين وفرة الخيرات ووفرة الإنتاج، وبلغة اليوم بين عدالة التوزيع وبين وفرة الإنتاج»[19].

أما إذا أرادت «الهلاك»، فإنها تجعل «المترفين»«أمراءها» فنشروا فيها «الفسق»، فيكون الدمار: ﴿وَإِذا أَرَدنا أَن نُهلِكَ قَريَةً أَمَرنا مُترَفيها فَفَسَقوا فيها فَحَقَّ عَلَيهَا القَولُ فَدَمَّرناها تَدميرًا﴾ (سورة الإسراء، الآية 16).

وإذا رأينا «سَكن» القرية الرّومية منذ ما أكثر من عشرين قرنا، قد نظن استعصاءها عن الدمار خاصة بتحالفها مع «السَّكن» الإسرائيلي ادعاءًا، ولكنّ سورة الإسراء تُعلن: ﴿وَإِن مِن قَريَةٍ إِلّا نَحنُ مُهلِكوها قَبلَ يَومِ القِيامَةِ أَو مُعَذِّبوها عَذابًا شَديدًا﴾ (سورة الإسراء، الآية 58). فلن تُغني الْقَرْيَة الرُّومِيَّةَ مَصَادِرُ قوتها الاستكبارية وتحالف «السكن» الإسرائيلي معها التي أسّست كيان «إسرائيل» عام 1948 م غ.

إن الشيطان، لعنه الله ،يصل أقصى مؤامراته على الإنسان بمشاركته في القرية الرومية-الإسرائيلية إعلاما وفنا («صوتا») وقوة عسكرية («خَيْلاً» و«رِجْلاً») وأموالاً وسوادًا: ﴿وَاستَفزِز مَنِ استَطَعتَ مِنهُم بِصَوتِكَ وَأَجلِب عَلَيهِم بِخَيلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكهُم فِي الأَموالِ وَالأَولادِ وَعِدهُم وَما يَعِدُهُمُ الشَّيطانُ إِلّا غُرورًا﴾ (سورة الإسراء، الآية 64). فهذه القرية الأخيرة في الليل البشري ستكون على يد «العباد الصالحون»، «عباد لنا»، ولن تستطيع إفناءهم: ﴿إِنَّ عِبادي لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكيلًا﴾ (سورة الإسراء، الآية 65)، فالعبودية لله تعالى، نِحلة تحميهم من سلطانها.

 

  1. «إسراء»«عبادٍ لنا»إلى الأرض المباركة حول المسجد الأقصى:

 

إسراء «عبادٍ لنا» نحو فلسطين واسترجاعها من «عُلُوّ» بني إسرائيل ادِّعَاءًا، سيكون على «مرَّتين»، على «وعْدَيْن».

فبنو إسرائيل ادِّعَاءًا (كالخَزَر)، حسب سورة الإسراء، «يُفسدون في الأرض» المبارَكة بـ«نفير» استكباري عالمي: ﴿وَقَضَينا إِلى بَني إِسرائيلَ فِي الكِتابِ لَتُفسِدُنَّ فِي الأَرضِ مَرَّتَينِ وَلَتَعلُنَّ عُلُوًّا كَبيرًا﴾ (سورة الإسراء، الآية 4).

  • أما الوعد الانتصاري الأول لـ«عباد لنا» فيكون دون ظهور «الإمام»«الأهدى»، بـ«جَوْس» هؤلاء العباد بين المغتصَبات الصهيونية ﴿الدِّيَار مشروط بأن يكون لهم «بأس شديد» أي مصادر القوة الرمزية والعسكرية والسَّوْقية: ﴿فَإِذا جاءَ وَعدُ أولاهُما بَعَثنا عَلَيكُم عِبادًا لَنا أُولي بَأسٍ شَديدٍ فَجاسوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعدًا مَفعولًا (سورة الإسراء، الآية 5).

وهذا المسعى الإسرائي الأوّل هو شرط للمَدد الإلهي وظهور «الإمام»«الأهدى»، لمَّا يواجه هذا المسعى الأوّل بـ«نفير» عالمي- رُومي استكباري يواجه «عبادًا لنا» وكالةً عن بني إسرائيل ادِّعَاءًا. ذلك المدد هو «رؤية» الله لعباده: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (سورة النجم، الآيتان 39 و40).

  • إن انتصار «السّارين» إلى فلسطين وهروب بني إسرائيل ادِّعَاءًا إلى خارجها لن يَدُوما طويلا، فستعود الكَرّة للمُدَّعين بوكالة «الرّوم» وحلفائهم بالعالم، إذ ينفر هؤلاء المستكبرون بأكبر «نفير» في ليل التاريخ الاستكباريّ البشري: ﴿ثُمَّ رَدَدنا لَكُمُ الكَرَّةَ عَلَيهِم وَأَمدَدناكُم بِأَموالٍ وَبَنينَ وَجَعَلناكُم أَكثَرَ نَفيرًا (سورة الإسراء، الآية 6)

إن «سَكَن» مُدَّعي الإسرائيليةَ في الأرض يجعلهم قادرين على الاستنفار العالمي، ولكن جَمْع لفيفهم بفلسطين مقدمة لتتْبيرهم: ﴿اسكُنُوا الأَرضَ فَإِذا جاءَ وَعدُ الآخِرَةِ جِئنا بِكُم لَفيفًا(سورة الإسراء، الآية 104).

نفس الجماعة التي حرّرت «الأرض المباركة» في المرة الأولى، هي التي ستحرّرها في المرة الآخرة، ولكن برَفد من إمامة «الأهدى» عليه السلام، وبمقصد جديد هو التدمير الكلي النهائي علوّ مُدّعي الإسرائيلية واستكبار الروم العالمي. فالنفير الرومي العالمي يتطلب «التَّتْبير» (التدمير الكلي) لأن هذا «النفير» يريد القضاء على أسباب الحياة ومَصَادِر الحق، ولأنه «مَلأ الأرض» منذ قرون مديدة ظلما وجورًا: ﴿فَإِذا جاءَ وَعدُ الآخِرَةِ لِيَسوءوا وُجوهَكُم وَلِيَدخُلُوا المَسجِدَ كَما دَخَلوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّروا ما عَلَوا تَتبيرًا (سورة الإسراء، الآية 7).

كان بأس الناس «السارين» إلى فلسطين يحمل ذكاءًا تِقانيًّا غير معهود، ومنه استخدامهم لطاقة الريح: ﴿أَن يَخسِفَ بِكُم جانِبَ البَرِّ، أَو يُرسِلَ عَلَيكُم حاصِبًا (…) فَيُرسِلَ عَلَيكُم قاصِفًا مِنَ الرّيحِ فَيُغرِقَكُم بِما كَفَرتُم ثُمَّ لا تَجِدوا لَكُم عَلَينا بِهِ تَبيعا (سورة الإسراء، الآيتان 68 و69).وذلك تحدّ لتطور آلة نفير الطغيان الرومي: ﴿كونوا حِجارَةً أَو حَديدًا (سورة الإسراء، الآية 50).

  • وبعد الكَرّة الأخيرة، التتبيرية، ستكون ﴿جَهَنَّمَ لِلكافِرينَ حَصيرًا (سورة الإسراء، الآية 8).

وأما المتواطئون من مدعي الإسلام على الإسراء إلى فلسطين، فسيُعذِّبهم «عباد لنا»«عذابًا» يوازي «العذاب» الذي مارسوه في حق أمتهم من «طغيان كبير». هؤلاء الذين لا يؤمنون بوعد  المرّة الآخرة، سيكون عقابهم من «الإمام»«الأهدى» عقابا شديدًا، إذ ترك هؤلاء «المترفون» الثموديون أمتهم و«المسجد الأقصى» و«الأرض التي بارك الله حولها» (بلاد الشام) تحت «السكن» الرومي-الإسرائيلي، وقد جعل الله تعالى لهم فرصة التوبة أثناء الإسراء الأول ثم الإسراء الثاني، ولكنهم بالعكس كانوا مع «النفير» الرومي-العالمي: ﴿وَأَنَّ الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِالآخِرَةِ أَعتَدنا لَهُم عَذابًا أَليمًا﴾ (سورة الإسراء، الآية 10). واهم قادة هؤلاء الذين يتواطؤون مع «الروم» ضد «عباد لنا» بالوعديْن السُّفياني ذو الملّة الأموية-الثمودية و«خليفة بالحجاز»[20]، وهم استمرار«الطغيان الكبير» الذي دشنه العَدَويّون.

إن الإسراء الأول إلى فلسطين هو شرط ظهور «الإمام» «الأهدى» عليه السلام، ليقود الإسراء التتبيري. والإسراء التتبيري هو شرط إنهاء «ليل» التاريخ البشري وبداية «آية النهار البشري المبصرة»، وآيتها هو ظهور «الحجة»، «الإمام الأهدى»، التي تعني ظهور الدين الحق على الدين كله. وبانتصار الإسراء المهدوي، الإسراء الثاني، تكون بداية ﴿النَّشْأَةَ الْأُخْرَى﴾ (سورة النجم، الآية 47) للتاريخ البشري، نشأة وِرَاثَةِ ﴿عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ (الآية 105، سورة الأنبياء) وإعادة إنشاء الإنسان.

 

 

  • «النشأة الأخرى» للإنسانية: الطور الأهْدَوِي ووراثة العباد الصالحين:

 

محور طور «وراثة الأرض»، (طورِ «آية النهار المبصرة»، هو طورُ الآية العظيمة: الإمام الأهْدَى عليه السلام)، هو «كرامة الإنسان»: ﴿وَلَقَد كَرَّمنا بَني آدَمَ وَحَمَلناهُم فِي البَرِّ وَالبَحرِ وَرَزَقناهُم مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلناهُم عَلى كَثيرٍ مِمَّن خَلَقنا تَفضيلًا﴾ (سورة الإسراء، الآية 70).

يكتمل الإنسان، ويكون إنسانا، عندما يكون في هذا الطور الطويل السعيد، منتحلا «العبودية»لله، ليكون صالحًا للخلافة. تلك هي«النشأة الأخرى» لنبي آدم عليه السلام. يكون في هذا الطور الوفاء «بالعهد» الإنساني مع الله تعالى ﴿وَأَوفوا بِالعَهدِ إِنَّ العَهدَ كانَ مَسئولًا﴾ (سورة الإسراء، الآية 34).

ستعود لأهدى الناس الموقعية المتقدمة: ﴿وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ﴾ دينيّا وسياسيا (سورة الإسراء، الآية 26). تتجسد في «مدينة» العباد الصالحين، الوارثين في الأرض، مطالب الرسالات الإلهية وأولها بعد التوحيد ﴿لا تَجعَل مَعَ اللَّـهِ إِلـهًا آخَرَ﴾ (سورة الإسراء، الآية 22)، حسب سورة الإسراء، هو الإحسان للوالدين: ﴿وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا. وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا﴾ (سورة الإسراء، الآيتان 23 و24). فمطلب توحيد الله تعالى هو الوحيد الذي يسبق الإحسان للوالدين.

سينبسط الرزق، لأنّ هناك «إيمان» و«تقوى»: ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ﴾ (سورة الأعراف، الآية 96)، ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشاءُ﴾ (سورة الإسراء، الآية 30). جاء في الحديث الشريف أن «الإمام»«الأهدى»«يَحثو المال حَثيا لا يعدّه عدًّا»[21].

ولكن تؤكد سورة الإسراء أن التدبير المعاشي المقبول ليس «تبذيرا» ولا «إسرافًا»: ﴿وَلا تُبَذِّر تَبذيرًا. إِنَّ المُبَذِّرينَ كانوا إِخوانَ الشَّياطينِ وَكانَ الشَّيطانُ (…) وَلا تَجعَل يَدَكَ مَغلولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبسُطها كُلَّ البَسطِ (الآيات 26 و27 و29). وهذا السلوك التدبيري هو المطلب الثاني في سورة الإسراء: فهو البَديل عن تبذير «النفير» وعن الابتزاز الريوي-اليهودي.

ثالث المطالب للنشأة الأخرى هو «القول الحسن»: ﴿فَقُل لَهُم قَولًا مَيسورًا(…)وَقُل لِعِبادي يَقولُوا الَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ الشَّيطانَ يَنزَغُ بَينَهُم إِنَّ الشَّيطانَ كانَ لِلإِنسانِ عَدُوًّا مُبينًا (سورة الإسراء، الآيتان 28 و53).

رابع المطالب هو حِفظ النسل البشري: ﴿وَلا تَقتُلوا أَولادَكُم خَشيَةَ إِملاقٍ نَحنُ نَرزُقُهُم وَإِيّاكُم(…)وَلا تَقرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبيلًا(…)وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلّا بِالحَقِّ (الآيات31 و32 و33). وقد حَصَرت سورة الإسراء حق القصاص للقتلى ظلما في سلطان الولي (القضاء): ﴿وَمَن قُتِلَ مَظلومًا فَقَد جَعَلنا لِوَلِيِّهِ سُلطانًا﴾ (سورة الإسراء، الآية 33). فلقد أسرف «النفير الرومي» في تدمير النسل البشري حتى بالتدمير الجرثومي والفيروسي.

خامس المطالب حفظ مال اليتامى: ﴿وَلا تَقرَبوا مالَ اليَتيمِ إِلّا بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ حَتّى يَبلُغَ أَشُدَّهُ﴾ (سورة الإسراء، الآية 34).

سادس المطالب يَهم عدالة المعاش ووزن الأجور بالميزان الحق: ﴿وَأَوفُوا الكَيلَ إِذا كِلتُم وَزِنوا بِالقِسطاسِ المُستَقيمِ﴾ (سورة الإسراء، الآية 35).

سابع المطالب هو جعل «فؤاد» النبي، صلى الله عليه وآله، قدوة في التدبير وعدم التدخل دون علم: ﴿وَلا تَقفُ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولـئِكَ كانَ عَنهُ مَسئولًا﴾ (سورة الإسراء، الآية 36).

ثامن المطالب هو التواضع: ﴿وَلا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخرِقَ الأَرضَ وَلَن تَبلُغَ الجِبالَ طولًا﴾ (سورة الإسراء، الآية 37).

تاسع المطالب هو إقامة الصلاة كما أرادها رسول الله شكلا ومضمونا: ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلوكِ الشَّمسِ إِلى غَسَقِ اللَّيلِ وَقُرآنَ الفَجرِ. إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهودًا. وَمِنَ اللَّيلِ فَتَهَجَّد بِهِ نافِلَةً لَكَ (سورة الإسراء، الآيتان 78 و79).

إن تمثل العبودية لله تعالى يصنع «الحكمة» في الإنسان، فتلك المطالب ﴿مِمّا أَوحى إِلَيكَ رَبُّكَ مِنَ الحِكمَة﴾ (سورة الإسراء، الآية 39)، وهي وراثة رسالات إبراهيم وموسى وداود عليهم السلام: ﴿ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى، وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (سورة النجم، الآيتان 36 و37).

هذه «الحكمة» عندما تتجسد في دولة الوراثة، هي البعث التاريخي للنبي المقام الأكثر محمودية إذ هو الذي جعل «آية النهار» التي كانت متخفية، خائفة على حياتها لأن حياتها تعني حياة العالَم، مترقّبة اللّحظة المناسبة للظهور التمكيني. إنه ثمرة قدرة «فؤاد» النبي، صلى الله عليه وآله، على استيعاب «القول الثقيل»[22]، ثم قدرته على قراءة ذلك القول ﴿عَلَى مُكْثٍ﴾، مع ما يعني ذلك من قدرة على استيعاب قرون متطاولة، إنه ثمرة دعاء الرسول، صلى الله عليه وآله، وعُبُودَته لله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ (…) وَمِنَ اللَّيلِ فَتَهَجَّد بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَن يَبعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحمودًا (سورة الإسراء، الآيتان 78 و79( .محمد صلى الله عليه وآله، هو مُدْخَل الصدق للنشأة الأخرى الإنسانية، وهو مُخرج الصدق باكتمال النشأة الأخرى. فهو الذي جاء بالحق الأخير، المتجسد في ابنه محمد بن الحسن العسكري: ﴿وَقُل جاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ الباطِلُ﴾زهوقا نهائيا تَتْبيريًّا، و«السَّارين» على هُدَاهُ.

 

   خلاصة: رؤية النبي (ص) هي رؤية العالمين لامتلاء الأرض عدْلاً:

 

1)   إن رؤية النبي محمّدًا، صلى الله عليه وآله، هي التي جعلت العالم يرى، لأنه أوّل العالم خلقًا، فهو الأب الروحي للعالم. ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُبعد أن رأى ﴿مِن آياتِنا(سورة الإسراء، الآية 1) إذ ﴿رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (سورة النجم، الآية 18). فينبغي أن نرتقي لرؤيته لنرى مشروع «الإسراء»، ونشارك في تحقيق مشروع الخروج من «الليل» التاريخي البشري الطويل، ونبلغ «آية النهار المبصرة»، التي ما زالت متخفية، خائفة، تترقب.

2)   إن الرؤية المحمدية 《محيطة 》-بحفظ الله تعالى-  ﴿بالناس ﴿حتى يوم الحساب: ﴿  وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ﴾ ( الإسراء،  60)،فهي المشروع الإنساني-النبوي المهيمن ولن تقف أمامه ملة ﴿الشجرة الملعونة﴾ الملة الوريثة للثمودية والسدومية، والمتحالفة مع الإستكبار«الرومي» (الغربي) : ﴿فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا﴾ (الإسراء،60).

3)   هذا المشروع الإسْرائِيّ صُعُودّي، ينزّه الله تعالى من «الليل» البشري، يُسبّحه، لأنّ البصيرة تعني عدم العلوّ وعدم الطغيان: ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (سورة النجم، الآية 17). وهو في الآن نفسه نزولي، يحمد الله على نِعمه، إذ بدأت سورة الإسراء بالتسبيح وانتهت بالحمد ﴿وَقُلِ الحَمدُ لِلَّـهِ (سورة الإسراء، الآية 111). تمامًا مثلما بدأت سورة النجم صعودية، تنزيهًا عن آلهة الليل البشري ورفعًا للعبد المُحَمَّد، لتنتهي بالسجود ﴿فَاسْجُدُوا لِلَّـهِ وَاعْبُدُوا (سورة النجم، الآية 62).

وقد كانت نهايات سورة الإسراء أيضا سجدة حَمد وتسبيح أيضا: ﴿(…) إِنَّ الَّذينَ أوتُوا العِلمَ مِن قَبلِهِ إِذا يُتلى عَلَيهِم يَخِرّونَ لِلأَذقانِ سُجَّدًا. وَيَقولونَ سُبحانَ رَبِّنا إِن كانَ وَعدُ رَبِّنا لَمَفعولًا. وَيَخِرّونَ لِلأَذقانِ يَبكونَ وَيَزيدُهُم خُشوعًا (سورة الإسراء، الآيات 107 و108 و109). فتبدأ السورة بتسبيح الله لنفسه وتنتهي بتسبيح ﴿عِبَادٍ لَنَا﴾.

إنه سجود الشكر والحمد الإنسانيين على بلوغ البشريّة مقامها المحمود بتماهيها أخيرًا في العبودية المحمّدية على يد الإمامة الأهْدَويّة: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَالْفَتْحُ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّـهِ أَفْوَاجًا، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾(سورة النصر)، هناك السجود لله تعالى على توبته على البشرية نهائيًّا وعلى قبوله استغفار رسول الله، الرحمة للعالمين (ص): ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّـهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّـهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا﴾(سورة النساء، الآية 64).

 

 

اللوحة للرسام المصري محمد حجي من ديوانه التشكيلي رسام يرسم القرآن

[1] راجع مراجعتنا لهذه المسألة القرآنية في تدبّرنا في سورة الحشر أيضا.

[2] لا وُجود لشيء اسمه: «اللغة» العِبرانية. فهناك لهجة عبرانية باللغة العربية-السريانية، فقدت الكثير من خصوصياتها بتأثرها باللغة المضرية منذ أواسط العصر الوسيط.

*«نرجس يا سوسنة الأودية»، المدونة الإفتراضية: كتابات في الميزان .

[3] في الآية 21 من سورة المائدة: ﴿ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ﴾.

[4] بنو إسرائيل: بنوّتهم لإسرائيل (يعقوب) عليه السلام بنوّة ادعائية لملّته، وكذلك بالمعنى النَّسَبِي. فهل عبد الله يعقوب كان مستعليًا على الناس؟! وهل إن الخَزَر هم عبرانيون؟!

[5] ﴿إِنَّهُ كانَ عَبدًا شَكورًا، الآية 3، سورة الإسراء.

[6] ابن منظور، لسان العرب، مادة «سَكن».

[7] راجع هنا: تدبّرنا في الكيان السُّوَري: محمد والفتح والحجرات.

[8] راجع: تدبرنا في سورة الحشر وسورة الروم وسورة الكهف.

[9]«جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا» (حديث نبوي).

[10] الآية 48، سورة المائدة: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ، مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ. فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ.

[11] انظر فهم التِّجاني السماوي لهذه الآية في كتابه: ثم اهتديتُ.

[12] الزمخشري، تفسير الكشّاف، دار المصحف، القاهرة، د. ت، الجزء 3، ص 190.

[13] م. س، ص 190 أيضا.

[14] ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَـذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا، (الآية 30، سورة الفرقان).

[15] قال لهم رسول الله، صلى الله عليه وآله؛ «اللهَ اللهَ في أهل بيتي!»، رواه مسلم وابن حنبل والترمذي والنسائي والسيوطي.

[16] الحديث رواه ابن حنبل والسيوطي.

[17] راجع تدبرنا في سورة الأنعام وسورة الشمس .  

[18] «القَرْيَة»: مِن «القَرْو» وهو تتبُّع أعيان جنس معيّن (مَوَاطِنُ أرض، أفْرادٌ، أثمانٌ…)، فتكون «القَرْيَة» في الاصطلاح القرآني هي النسق الاجتماعي الذي يُمكن وضعه ضمن جنس انتحالي-سياسي-معَاشي واحد. فأنطاكية سورة ياسين «مدينة» تنتمي إلى «قرية» معيّنة (سورة ياسين، الآية 13، والآية 20).

[19] الصدر (محمد باقر)، مقدمات في التفسير الموضوعي للقرآن الكريم، ضمن: المدرسة القرآنية، مركز الأبحاث والدراسات التخصصية للشهيد الصدر، 1426 هـ، ص65.

[20] جاء ذلك عند أبي نعيم وابن ماجة وأبي عمروالداني.

[21] رواه مُسْلم.

[22]﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا، (سورة المزمل، الآية 5).

شاهد أيضاً

تدبّر في سورة القمر: سورة «القمر» الذي إسمه الحسين وأختِه ذاتِ «الرّيح الصرصر»…بقلم د. نعمان المغربي

تمهيد: مُفترَض أن سورة القمر تغطي ﴿ ٱلنَّبَأ﴾ الكربلائي:   كلنا نعلم حديثيْ رسول الله(ص) …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024