فؤاد الجنيد |
مختلفةٌ هي أساليب الإمتهان وطرق التعذيب التي تمارس في سجون عدن، لكن أكثرها قسوة وبشاعة ما يُمارس في سجن تحالف العدوان الذي تديره دولة الإمارات، وبموازاته ما يمارس في سجن شلال، مدير أمن عدن، الملحق بمنزله، وثمة سجونٌ أخرى تمارس فيها صنوف تعذيب متفاوتة وفاشية في التعذيب، منها الضرب، وصعقات الكهرباء، واعتداءات جنسية، كل ذلك يحدث بضوء أخضر أمريكي، وبمشاركة علنية مباشرة.
شاهدٌ من أهله
في جرأة عالية تعبر عن حجم الإنتهاكات التي يقوم بها العدوان بحق اليمنيين الأبرياء، كشف تقرير صحفي نشره موقع “المصدر اونلاين” الموالي لتحالف العدوان، عن ممارسات وحشية تقوم به دولة الإمارات ضد المعتقلين في سجونها السرية في مدينة عدن. ويبين التقرير أن المعتقلين في عدن يتعرضون لتعذيب مرعب وبوسائل مروعة، من بينها الاعتداءات الجنسية وتسليط الكلاب البوليسية لنهش أجسادهم، لافتاً إلى أن عدداً من المعتقلين قضوا بفعل هذه الممارسات. وقال التقرير إن الإمارات التي جاءت إلى اليمن بمزاعم تحرير اليمنيين: نقلت تجربة معتقلي غوانتنامو وأبو غريب الأمريكيين إلى عدن، وهو الأمر ذاته الذي أكدته منظمة هيومن رايتس ووتش وكشفه تحقيق صحفي لوكالة اسوشيتد برس الأمريكية العام الماضي.
دور أمريكي
يعتبر السجن الواقع ضمن معسكر التحالف في البريقة بمثابة المعتقل المركزي الرئيسي للإمارات، ويديره محققون وضباط وجنود إماراتيون وامريكيون، ويحرسه مجندون من جنسيات أجنبية، فيما تدار المعتقلات الأخرى من قبل تشكيلات أمنية وعسكرية موالية لها كالحزام الأمني، وإدارة أمن عدن، لكنها تخضع لإشراف إماراتي وامريكي. ويتناول التقرير الصادر من موقع -يتبع قوى العدوان نفسها- البيئة المحيطة بالمعتقلات، وأساليب التعذيب المفتوحة التي تمارس في سجون الإمارات والتشكيلات الأمنية التابعة أو الموالية لها في عدن، وظروف الإعتقال، وطبيعة المحققين والمعذبين، ويستشهد بقصص إنسانية لعدد من الضحايا القابعين داخل أسوار المعتقلات الحصينة، وتؤكد القصص على لسان أصحابها وجود بصمات أمريكية في وسائل التعذيب وهوية من يقومون به.
وسائل أمريكية
يروي المعتقلون قصصهم في المعتقلات، ووسائل تعذيبهم، ومنها أن جنوداً مقنعين يقومون بتعريتهم وإدخال عصي حديدية خشنة مختلفة الأحجام في أدبارهم، ما يجعلهم ينزفون دماً لأيام، خصوصاً عند محاولة التبرز. وللإماراتيين كلبة بوليسية مدللة يطلقون عليها “شاكيرا”، يخوفون بها المعتقلين بعد تعريتهم، وحدث أن نهشت بعضهم في أجزاء متفرقة من أجسادهم، وقضى آخرون بسبب ذلك النهش. ومن الأساليب أيضاً، إبقاء المعتقل أياماً متوالية ليلاً ونهاراً، في حفرة ضيقة في العراء، لا تكفي لجلوسه بشكل كاف،ٍ ناهيك عن الاستلقاء والنوم. ويستخدم الجنود في سجن شلال، أحد أساليب التعذيب الشهيرة لدى الأمريكيين والمتمثلة في الايهام بالغرق، حيث يغطى وجه المعتقل ويوضع في فمه قطعة قماش لامتصاص الماء، ويتم تثبيته مستلقياً على الأرض، ثم يصب الماء فوق وجهه بشكل مستمر في وضع يحاكي وضعية الغريق في الماء.
لا سلطة لحكومة الرياض
لا توجد آلية محددة للتعامل مع المعتقلين “المشتبهين” بالإرهاب في جميع السجون، غير ما يقرره الإماراتيون، فبعضهم ينقلون مباشرة إلى سجن التحالف، وآخرون يُعتقلون ويعذبون مؤقتاً في سجن شلال، أبو اليمامة، مكافحة الإرهاب، أو غيرها من سجون الحزام الأمني، لكنهم يحالون إلى سجن الإمارات، مرفقين بحصيلة اعترافاتهم التي انتزعت في المرحلة الأولى. ويخضع الأمر لمدى ازدحام زنازين سجن التحالف ومزاج المعنيين الإماراتيين، وكلما فرغ المحققون الإماراتيون من مجموعة -خلال أيام أو أسابيع وأحياناً أشهر- أحالوهم إلى سجن آخر -أشبه بالاحتياطي-، ليطلبوا غيرهم من سجون الوكلاء، وأحياناً يستدعون آخرين سبق أن أحالوهم للسجون الاحتياطية للتحقيق معهم مجدداً. وفي كل الأحوال؛ لا يفرج عن المعتقلين المشتبهين على ذمة الإرهاب إلا بموافقة السلطات الإماراتية في عدن، ولا تملك الحكومة اليمنية المزعومة أية صلاحيات في هذا الجانب، وهذا ما تؤكده تصريحات المسؤولين الأمنيين اليمنيين وآخرهم وزير الداخلية في حكومة العدوان، أحمد الميسري الذي صرح قبل أيام أن السجون تخضع للإمارات ولا تملك وزارته أي سلطة عليها.
صحوة متأخرة
طالب مجلس النواب الأميركي بإجراء تحقيق علني وشفاف في طبيعة الدور الأميركي في عمليات استجواب المعتقلين داخل السجون السرية التي تديرها الإمارات وحلفاؤها جنوبي اليمن. ويقول النواب أنه من غير المقبول أن يشارك موظفون أميركيون في التعذيب، أو أن يعتمدوا على دولة حليفة مثل الإمارات في استخدام هذه الأساليب. وكان تحقيق لوكالة أسوشيتد برس قد أورد أن مسؤولين أميركيين بارزين أقروا بانخراط القوات الأميركية في عمليات استجواب المعتقلين باليمن، غير أنهم نفوا معرفتهم بحدوث أي انتهاكات لحقوق الإنسان أو المشاركة فيها.
#ملتقى_الكتاب_اليمنيين