من الجلي، دون أن ندخل فيما يفعله ويقوله مجلس الأمن القومي التونسي وخاصة في مستوى تصريحات رئيس الجمهورية أو مستشاريه، من الجلي ان خللا ما عميقا يشوبه. ومن الجلي أيضا أن غالبية التونسيين لا يعلمون شيئا عن استراتيجية الأمن القومي التونسي المفترضة لتعزيز القوة ومواجهة التهديدات كما يتوجب العلم بها مثل كل دول العالم.
ولذلك نرى ان الأمر الحكومي عدد 70 لسنة 2017 المؤرخ في 19 جانفي 2017 والمتعلق بمجلس الأمن القومي لا يفي بالغرض. وعليه، نرى على سبيل المثال ان النقطة الثانية من الفصل الأول من القسم الأول والمتعلقة ب “تقييم التحديات الداخلية والخارجية وتدابير التعامل مع التهديدات… ” تحتاج التدقيق والتعميق وتبيان القواعد والضوابط والحدود الفاصلة بين الاستغلال المفرط والتسييس العشوائي والالتزام بالأمن المحض، وإن نسبيا. وكذلك على سبيل المثال أيضا الفصل السادس من القسم الثالث والذي يتعلق بإحداث اللجان الخاصة والدائمة. وقد يشمل ذلك مجالات تمتد من علم الدفاع وفن الحرب وتكنولوجيا الاستخبارات وغيرهمم إلى الاتصال والإعلام الحربي والأمني والميداني وغيرهم مرورا بتقدير الموقف والجيوسياسة وغيرهما. وما يشمل الموقف والقرار والتعبير عنه ونشره وبروتوكول الأمن القومي الذي يجب أن يدخل ضمن نطاق قانون الأمن القومي التفصيلي أو مرسوم الأمن القومي دون أن ندخل في الصلاحيات وكيفيات الإحداث أو التعديل أو غير ذلك من المتعلقات، على حيوية وإلحاحية وحتمية ذلك.
وذلك وأنه من بين القواعد البسيطة للأمن القومي ما يلي:
* ادماج الجانب الشعبي في العملية الاتصالية وفي عملية إبداع وعي عام بمقتضيات الأمن القومي الشعبي من تفهم ضرورات تقدير الموقف إلى تفهم درجات استخدام القوة مرورا بتفهم ظهور التهديدات
* انتاج نظام تعامل صحافي واعلامي مع قضايا الأمن القومي
* إثبات تعرض الأمن القومي للخطر في صورة المس بالحريات والحقوق وإثبات مشروعية التدابير
* تجنب إساءة استخدام قواعد الأمن القومي
* تخفيف الطابع العام والغامض الملازم لمفاهيم الأمن القومي والنظام العام
* اضفاء طابع ملموس على الخطاب وتفادي الدعوات الغامضة لمصلحة غير محددة في الأمن القومي
* تحديد ابجديات الوعي العام بالعدو وبالتهديدات طبق العقيدة الاستراتيجية للدولة.
وبالرغم من كون الأمن القومي والنظام العام يمثلان مصلحة اجتماعية من الطراز الأول حيث ان كل الحقوق دونه معرضة للخطر، فإنه يصعب جدا في الوقت نفسه تعريف ذلك بدقة، ومن ثم فإن الأمن القومي معرض في كل لحظة لسوء الاستخدام السياسي لحساسيته وتعقيده.
اما في خصوص استراتيجية الأمن القومي التونسي المأمولة، مع انه لا علم عند العموم بماهية الاستراتيجية النافذة حاليا، فعليها أن تراعي الاعتبارات التالية:
* التعاون بصورة تامة في مكافحة كل التهديدات وفقًا لالتزامات القانون الدولي مع الأصدقاء المشخصين خاصة
* تكثيف التعاون حسبما يقتضيه الحال في تبادل المعلومات الدقيقة المتعلقة بمنع التهديدات ومكافحتها في الوقت المناسب وطبق التشخيص المطلوب في النقطة السابقة
* تعزيز التنسيق والتعاون فيما بين الدول في مواجهة التهديدات الأمنية التي قد تكون ذات صلة بالجرائم العابرة للقوميات، ومن بينها الاتجار بالمخدرات بجميع جوانبه والاتجار غير المشروع بالأسلحة وغسل الأموال وتهريب المواد التي يمكن أن تكون فتاكة
* النظر في الانضمام إلى الاتفاقيات الأممية المتخلف عنها وبروتوكولاتها
* الخروج من الاتفاقيات المهددة لأمننا القومي
* تشجيع النخبة والمؤسسات البحثية الإستراتيجية التونسية، إن وجدت، على إنشاء آليات أو مراكز للمشاركة الفعالة في الجهد الوطني، أو تعزيز الموجود منها.
* العمل إلى جانب الأمم المتحدة، مع إيلاء الاعتبار الواجب لطابع السرية واحترام حقوق الإنسان والامتثال للالتزامات الأخرى المنصوص عليها في القانون الدولي على مزيد
تنسيق الجهود المبذولة على الصعيد الوطني التونسي وكذا الدولي والإقليمي لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره على الإنترنت
* تكثيف الجهود الوطنية والتعاون الثنائي والإقليمي والدولي لتعزيز أمن الحدود والضوابط الجمركية
* مضاعفة جهود حماية الأهداف المعرضة للخطر بشكل خاص
* اتخاذ تدابير بناء القدرة والاستفادة السيادية من كل الأطر المتاحة
* مواصلة العمل على دعم إصلاح وتحديث نظم ومرافق ومؤسسات الدولة التونسية في إدارة الحدود وخاصة مع الإتحاد الافريقي
* تفعيل الإتفاقية العربية والإفريقية لمنع التطرف ومكافحة إرهاب مع منع كافة الأنشطه اﻹرهابية السياسية واﻹعلامية والإقتصادية وتحذير كل من ينتمى إليها بأنه سيصنف إرهابياً. ويتم ذلك بواسطة السلطة التنفيذية: وزارات الداخلية والعدل والدفاع. ويتم تنفيذه فورًا و يتم متابعته على المدى القريب و المتوسط
* تفعيل سياسة الردع فى المنظومة الأمنية بالإصرار على محاكمة كل من يتم القبض عليه من المجرمين الإرهابين وسرعة إصدار الأحكام وإعلانها إعلاميًا لردع كل من يفكر فى تحدى الدولة والخروج عن القانون دون المساس بحقوق الإنسان وحماية حرياته الأساسية
* الإستمرار فى تطوير وتحديث قوات الأمن التي يعتبر بمثابة الخط الأول للأمن الداخلى والتقارب من الناحية الأمنية الداخلية وكذلك القوات القتالية العسكرية مع الإستفادة من الخبرات العسكرية المتراكمة والتى إكتسبتها القوات المسلحة والأمنية فى مكافحة الإرهاب منذ تسعينيات القرن الماضى وخاصة مع الجزائر الشقيقة ويتم من خلال (الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب ووزارء الدفاع) وتنفيذه ومتابعته على المدى القريب والمتوسط حتى يتم القضاء نهائيا على الإرهاب
* إتخاذ كافة التدابير لاستخدام الأدوات الحديثة غير المعرضة لاختراق العدو للتعامل مع اتجاهات التهديدات أولا بأول
* العناية بالمهارات المتاحة من أجل ضبط خطة تموقع استراتيجي للأمن القومي التونسي والدولة التونسية.