مُبَاركٌ لتونس أن تنتخب رجُلاً يؤمن بدولة القانون، وبسيادة الشعب.
لقد رضي «قادة» «ثورة» تونس رجلاً من النظام القديم رئيسًا لجمهورية «الثورة»- المؤقت، ورضوا برجل آخر من النظام القديم رئيسًا لحكومة «الثورة»، ثم «أجبرتنا» «الأكثرية» في البرلمان على رئيس كان من «أصدقاء» سوريا، ولم يكن من أصدقاء العدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية؛ وكذلك – خلفه…
انتخبناك، وكانت فرحة الشعب بحجم فرحته بهروب رأس النظام السابق.
ما أريده منك أن لا تخذله..
وما أريده منه أنْ لا يخذلك.
أريدك رئيس القِيَم..
ما أريده منك أن تكون رئيس الشعب، وليس رئيس النخبة.. أن تكون رئيس الجماهير لا رئيس البورجوازية الصغيرة والطبقات الوسطى فحسب…
نعم لإصلاحات عميقة للنظام السياسي والنظام الانتخابي، مع اجتثاث الدولة العميقة للنظام القديم…
لكنَّ ذلك غير كافٍ، حتى إن كان ناجحًا…فشعبك يريد تغييرًا جذريًّا في خريطته الاقتصادية… يريد منوال تنمية عَدَالي، يريد اقتصادًا اجتماعيا حقيقيًّا، يراه رأي العين، ويعيشه واقعا.. وهو يتطلب مهندسًا أمينًا، من نوع حسين الديماسي وعبد الجليل البدوي…
لا ترهن نفسك للذين يريدون إعادة إنتاج النظام القديم، سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا، من الدساترة والإخوان وأدعياء اليسارية… حافظ على استقلاليتك تجاههم، ولتكن ابن شعبك، شعب علي بن غذاهم وفرحات حشاد، ومحمد علي الحامي، والطاهر الحدّاد، وأبي مدْين الغوث وأبي الحسن الشاذلي (مقاوِميْ الصليبيين والفقر وتفكك الأمة المغربية) والقدّيس دونات، وأبي القاسم الشابي…
لا تخف من الإمبريالية…هل يكون تْشافيز شجاعا أمامها، ويكون كاسترو ومورَالِس وموخيكا شجعانًا أمامها وأنت تحاف منها؟!!(سيصلك كتابي التحليلي عن تجاربهم التغييرية قريبًا)…
أنتظر منك أن تقطع مع كل الاتفاقيات التي باعت وطننا (الفصلان 33 و34 من وثيقة الاستقلال الداخلي، اتفاقيات التخلي عن ملحنا ونفطنا وغازنا وسِباخِنا وصحرائنا…). أنتظر منك القطع مع قانون 1972 الذي جعل الكثير من نِساء بلدي إمَاءًا لدى رأس المال الأجنبي.
أنتظر منك الانتماء إلى المغرب الكبير اقتصاديًّا وسياسيًّا وثقافيًّا (وسيصلك كتابي الجماعي في هذا الشأن)… أنتظر منك الانتماء إلى الوطن العربي الكبير، وأن تكون شجاعا في أن تقول «لا» للتَذيّلية الخليجية، وأن تقول «نعم» لمحور الممانعة للإمبريالية (الصين، روسيا، جنوب إفريقيا، الجزائر، إيران، فينزويلا، كُوبَا، الإكوادور، بوليفيا، سوريا…)…
أنتظر منك، أن تكون مثل تْشافيز، مناهضا للصهيونية، متجاوزا للحصار الإمبريالي على الدول الحرّة، لا مثل أردوغان الذي له عضوية بحلف شمال الأطلسي، وذي النزعة التوسعيّة- العثمانية، وذي العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل…
أنتظر منك تكون شجاعا في إعادة العلاقات مع دولة سوريا المظلومة…
أنتظر منك أن تنتصر للبيئة المتدهورة في كل الوطن، وللفلاحة البيولوجية…
أنتظر منك عقد علاقات متينة (بواسطة وزارة الخارجية) مع كُوبا النجاح الطبّابي والدوائي والفلاحي، ومع الصين لنبيع لها ديوننا (وإن اضطررنا: لنستدين منها دون فوائد)، ومع الدول الإسكندينافية ذات النجاح البيئي والاقتصادي- العَدَالي والسياسي… أنتظر منك سعيًا نحو كُتلة عربية- عالم ثالثية صمَّاء ممانعة…
أَحِبَّ شعبك الفقير، حتى الذوبان في الحب. قُدْ إعادة بناء تونس أخرى، تونس المتدامجة، شرقا- غربًا، جنوبًا، شمالا…
إنها فرصة…لإعادة بناء وطننا الذي خسر سيادته منذ قرون.. أعِنَّا على عدم إضاعتها…
لا تكن نُخبويًّا، كُنْ نبض شعبك…
أريدك تشافيز تونس… حُرًّا، وحُرًّا، وحُرًّا..
*-*-*
لتشافيز طعم رياح بعيدة
ونجمة حبٍّ تضيء افتتان الزمان وحزن شتاء
وأيقونة من سماء تدلَّتْ
كروح العنب
**
له شكلنا كحرف الصلاةِ
التي رفرفت مثل عُمْر السجود
ملاكًا أراك بأحزان شعبي
وعشبًا يهدهد دوحَ الضياء
المسجّى أمام العيون التي علقت حبًّا
هذي شفاه الحبيب
**
يغني ملاكًا صوتُهُ عُمْرًا
كما الكبرياء
له طعم حقلي رملي ومائي القديم
وكل انتماء الحقول التي مسَّها كفُّ أم اليتيم
**
سأهديك نبتة حبّي وعشق النساء السواقي
وكل الملائك، وكل الهوى،
وأهديك روحي
فلسطين روحي
وهذا الجدار جداري
وهذا التراب ترابي
وهذي أمي،
قريبٌ إلى كل حزن قريب
**
أنتَ الحياةُ
وحكامُنا بعيدون جدًّا عن ترابنا
مائِنا، نخلِنا، قبرنا، وجداري الحزين
وأنت القريبُ
وهَمُّ كلِّ وجه بعيد
وأنت القريبُ القريبُ
*-*-*
ختامًا… قيس سْعَيّد… الحياة قصيرة جدًّا… ولكنّ الأفعال التاريخية فيها خالدة.. دَعْنا، نحن: شعبك وأنتَ، نستثمر هذه الفرصة من أجل تونس عدالة اجتماعية، تونس المستقلة، تونس المنتمية إلى التحرّر العربي- العالمي ثالثي…
* باحث أنثروبولوجي، جامعة تونس