أكّد رئيس حركة النهضة والبرلمان راشد الغنوشي في حوار لـ”الجزيرة نت” أنّ دعاوى حلّ البرلمان خارج النص الدستوري وبعيدا عن القانون فيها الكثير من الالتباس، وتُحيل في سياقها الحالي إلى مخططات لضرب الاستقرار في البلاد وإرباك مؤسسات الدولة وتعطيل مصالح المواطنين، وهي مخططات لم تعد خافية على أحد، وتتقاطع مع أجندات محلية وإقليمية لتعطيل مسار الانتقال الديمقراطي الذي تعيشه تونس وإسقاط تجربة فريدة باتت تقضّ مضاجع الانقلابيين والفوضويين، وفق تعبيره.
وأضاف أنّ حملات التحريض وصناعة الأوهام عن احتجاجات في تونس في وسائل إعلام أجنبيّة مشبوهة، هو دليل إضافي على ما تجابهه التجربة التونسية من مشاريع تخريب.
أمّا بخصوص دعوات إسقاط الحكومة أو سحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب، فشدّد رئيس البرلمان على أنها مسائل محسومة بالدستور والنظام الداخلي للمجلس وتضبطهما إجراءات وترتيبات محددة يجب احترامها، “وإلا ذهبنا بالبلاد إلى الفوضى”.
وتابع الغنوشي “الدستور حدّد صيغا وآليات لحل مجلس نواب الشعب، أمّا أن يركب البعض ظرفيّة اقتصادية واجتماعية صعبة تمرّ بها البلاد والعالم بأسره، ويسعون إلى التلبيس ومحاولة مأسسة المغالطات والأكاذيب على أنّها حقيقة، ونشر الفتن، فذلك مرفوض ويجب أن يُجابه بالإدانة والاستنكار.. الشعب التونسي ليس من أولويّاته اليوم تغيير النظام السياسي ولا حلّ البرلمان.. أولويات المواطنين الحقيقيّة اليوم هي تطلّعهم المشروع إلى تغيير واقعهم وتحسين ظروف عيشهم، وإيجاد حلول لمشاكلهم في الشغل، وتطوير البنية الأساسيّة والارتقاء بالخدمات العموميّة وخفض الأسعار ومكافحة الاحتكار وكلّ مظاهر السمسرة والفساد”.
وأقرّ أنّ المسار الديمقراطي في تونس بات مهدّدا أكثر من أيّ وقت مضى من أطراف سياسيّة تحاول بث الفوضى، مدفوعة بقوى أجنبية ودول خليجية تكنّ العداء للثورة التونسيّة ولحركة النهضة تحديدا، قائلا “المتابعون للأحداث والتطورات، ليس في تونس فقط بل في المنطقة بأسرها، يلاحظون دونما عناء ما يتمّ التخطيط له لإفساد موجة الربيع العربي ومحاولة تشويهها وترذيلها عبر دعم الإعلام المشبوه وشنّ حملات التحريض والشيطنة، بل وبلغت الهجمة حدّ تأجيج الصراعات والحروب الأهليّة ودعم المرتزقة ومليشيات الهدم والتخريب وتمويلهم بالأموال والسلاح والعتاد لضرب استقرار الدول التي حدثت بها ثورات شعبيّة وللإطاحة بالحكومات الشرعيّة، كما هو الحال اليوم في ليبيا، وإعادة المنطقة إلى الانقلابات وحكم العسكر، وهذا الأمر في الحقيقة ليس بجديد، فهو متواصل منذ العام 2011، وشهد أطوارا مختلفة”.
وفي سؤاله عن علاقته برئيس الجمهورية قيس سعيّد وما يُشاع عن صراع نفوذ بين المؤسستين التشريعيّة والتنفيذيّة، أكّد راشد الغنوشي أنّ بعض الأطراف تبحث دائما عن العيش في الأوهام، والسياسة لا تُقاد بالأحلام أو بما يتمنّى المرء وقوعه.. يبحث البعض عن صناعة وهم صراع صلاحيات بين المؤسستين التشريعيّة والتنفيذيّة.. ربّما ذلك ما يودّون وقوعه، ولكن الحقيقة عكس ذلك، فالعلاقة متينة بين مؤسّسات الحكم في تونس، والتنسيق يومي بين مجلس نواب الشعب والحكومة عبر مختلف الهياكل وآليات العمل الرقابي والتشريعي، ولقائي يوم الجمعة 29 ماي 2020 يفنّد زيف ما يُروجّه البعض من وجود خلاف بيني وبين السيّد رئيس الدولة، حسب قوله.