أخبار عاجلة

قوى الشرّ .. إمّا أن يرحلوا كي يكون لنا وطن.. وإمّا أن يبقوا فيرحل الوطن !…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

يحقّ لنا نحن الشعب التونسي ان نقول بكل فخر و إعتزاز أنّنا الإستثناء في زمن الإستثناء، وأننا فخورون بالمسار التصحيحي التاريخي ، وماضون في تعزيز مسارنا الديمقراطي رغم كل العراقيل المفتعلة و المصاعب الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية، وإذ يعمد البعض لإستغلال هذه الظروف ، لترويج حنينهم إلى العودة إلى العشريّة السّوداء و يحاولون خرق سفينة الوطن أو إسقاط سقف الدولة على رؤوسهم..

تعيش تونس فى الآونة الأخيرة معركة تضليل على مواقع التواصل الاجتماعي بنشر دعاوى مزيّفة وأكاذيب مغرضة، من قبل شرذمة من الهاربين يدفعهم عملاء وخونة وسط تعمد لجر التونسيين لـ”تضليل الوعى وإبطال السعي”، بالإضافة إلى تجاهل حقيقي لقيم المجتمع وأعرافه، لنصبح أمام مظاهر غوغائية خرجت عن المسار الوطني المجمع عليه إلى مسارات تنتهك وحدة الصف وشق الشمل، والتشكيك فى ثوابت الدولة الوطنية، والدعوة إلى الفوضى و الفتنة وإدمان الكذب والخداع لبث أهدافها المسمومة، و بالتالي هذه الأطراف السياسية و الكيانات الموازية تحاول أن تتغذى من تفكيك و إنهيار الدولة و مؤسساتها الشرعيّة .. لا يوجد خطر داهم على الأمن القومي، وعلى وحدة الدولة، أكثر من محاولات هذه الأطراف لتقسيم البلاد في سابقة خطيرة لزعزعة الإستقرار و تفكيك مؤسسات الدولة على غرار ما هو قائم في دول أخرى.. وهنا لابدّ أن يكون لدينا وعي حقيقي بعدة محاور، لحماية أنفسنا من السقوط في بئر الخيانة.. و إن الحفاظ على المجتمع والارتقاء به ليست مسئولية الأنظمة والحكومات وحدها ، بينما هيّ مسئولية مجتمعية يشترك فيها الفرد مع الجماعة، ولذا مطلوب المساهمة في بناء وتطوير مؤسسات المجتمع المختلفة حتى يصبح المجتمع عصيّا على الانتكاس أو اختطافه من قبل مأجورين يعبثون بمقدراته كيفما يريدون!، لنغلق الأبواب في وجه كل ناقص خائن لنفسه ولوطنه.. حفظ الله تونس بأبنائها المخلصين..

تعيش بعض الأطراف السياسية المحسوبة على المعارضة حالة تخبط شديدة وسقوط على جميع المستويات، وصل ذلك إلى حدّ التواصل مع قوى واذرع اجنبية من طرف سياسيون هربوا إلى الخارج قبل و بعد الإجراءات الاستثنائية التي اتّخذها الرئيس قيس سعيد، وتحولوا من هناك إلى أبواق تهاجم البلاد أو الى عملاء ضدّ مصلحة الدولة، فهم أصبحوا اعداء الدولة عندما سُحب بساط السلطة منهم.. لقد باتت قصة الإحتماء بالخارج أو الإستقواء بالتدخل الأجنبي جزءا من التكوين النفسي للطبقة السياسية التونسية التي جاءت للحكم بعد 2011.. و لم يكن إلتجاء بعض السياسيين إلى وسائل الإعلام الأجنبية لإظهار معارضتهم لإجراءات الخامس والعشرين ذا قيمة في نظر الشارع الذي كان همّه الاساسي قوته اليومي بقطع النظر عن مشروعية ما يقولونه من عدمها، وما كان يراه الناس في تلك الإجراءات أنها حرّرتهم من مرحلة صعبة وقاسية أغرقت البلاد في الشعارات والوعود ووظفت كل إمكانيات البلاد في خوض الصراعات ذات الأجندات الحزبية والخارجية طيلة السنوات الماضية ..

الثابت اليوم أنّنا نعيش أزمة اقتصاديّة خانقة لكنّ المسؤول عن ذلك هيّ الأطراف التي حكمت في العشريّة الأخيرة التي كان هدفها البقاء في السّلطة فانتهجت حلولا ترقيعيّة للمحافظة على الموازنات الماليّة من خلال التداين الخارجي وغياب تصوّرات ومنوال تنمية ، فملفّات الإصلاح الجوهرية لم تعد تحتمل التأجيل وفي مقدمتها توجيه الدعم لمستحقيه فقط، وإعادة حوكمة المؤسسات العمومية و تطهيرها من كل من اندسّ داخلها ، وتحمّل الدولة مجددا مسؤولياتها في قيادة قاطرة التنمية بالجهات الداخلية خاصة، وتفعيل الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص، باعتماد مشاريع تنمويّة واقعيّة تفعّل قانون الاقتصاد الاجتماعي والتضامني وتستفيد من خصائص الجهات وتلبّي حاجياتها في التشغيل وتُحسّن مستوى عيش أهلها، ولأنه لا ديمقراطية ناجزة وناجحة دون تنمية اقتصادية وعيش كريم، فلا بدّ أن يكون الملف الاقتصادي والاجتماعي أولوية المرحلة القادمة، حتى نستثمر النجاح السياسي اقتصاديا وندعم التوافق السياسي بالسلم الاجتماعي ونؤمّن مستقبل مطمئنا في محيط عربي وإقليمي ودولي مضطرب ومنذر بمخاطر حقيقية .. إنّ تحسّن الوضع الاقتصادي يتطلّب عناصر موضوعيّة منها الاستقرار السياسي والشفافيّة ومكافحة الفساد وتهيئة الأطر التشريعيّة للاستثمار الداخلي والخارجي وبالتالي فاستعادة الاقتصاد لعافيته يتطلّب عملا جادّا ومتواصلا لسنوات من خلال تصوّرات علميّة تستند لمنوال تنمية واضح يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات النسيج الاقتصادي والاجتماعي..

إنّ الحديث عن أزمة معقدة هوّ مغالطة تسوّقها القوى المفلسة سياسيا لأنّ الصراع حُسِم لصالح الخطّ الوطني الذي تُمثّل مؤسّسة الرئاسة أحد أركانه، هذه القوى اليوم هيّ خارج السلّطة وخارج المشهد وهي تخوض صراعا وهميّا افتراضيّا بعد أن فقدت وزنها في الشارع ومصداقيتها ممّا دفعها للبحث عن سند خارجي، ولكي لا نطيل أكثر هنالك فجوة عميقة بين خطابها ووزنها يعلمها الجميع في الداخل والخارج.. و بالتالي لا وجود لأزمة سياسية في تونس، هنالك مخاض سيؤدّي إلى ولادة مشهد جديد يستثني الإسلام السياسي وحلفاؤه وأعوانه ..ليس أمام هذه القوى المفلسة سياسيا و الساقطة أخلاقيا و شعبيا سوى خيار التصعيد وتحشيد الشارع لافتكاك مساحات تسمح لها بالمناورة، ولكنّها عجزت عن ذلك في عدّة مناسبات بعد أن فقدت مصداقيتها ولفظها المزاج العام الذي ينتظر محاكمتها على الجرائم التي ارتكبتها في حقّ الدّولة والشّعب. إنّها محاولات يائسة وعبثيّة للإفلات من العقاب بعد أن وصلت الأوضاع لنقطة اللاّعودة بإعلان الاستفتاء والانتخابات كعناوين لمرحلة جديدة ولمشهد جديد و طيّ الصفحة التعيسة من تاريخ تونس .. إنّ معالجة مسألة إنقاذ البلاد يتطلب نظرة محلّل يجرّد نفسه من النزعات والعواطف والأهواء ولا يتأثر بالسياسة الضيقة ولا يميل إلى العقيدة المتطرّفة، كمّا أن الموضوع لا يمكن تناوله بعيدا عن شعار تونس الثورة الذي أصبح علامة مسجٍلة لشعب أراد الحياة واستجاب له القدر..

الحقيقة التي لا يختلف عليها إثنان هي أنّ تونس قد تعرضت إلى ظلم أبنائها من المحسوبين على المعارضة، بالقدر الذي تعرضت فيه إلى ظلم قوى خارجية، وقد تحالف عليها الطرفان، لكن غالبية التونسيين واثقون أن بلادهم تسير على الطريق الصحيح.. و كأن هؤلاء المتباكين على حقوق الإنسان و حرية التعبير في تونس والمحذرين من تحطيم المؤسسات الدستورية، لم يتعلموا من أبسط أبجديات الديمقراطيات الغربية ألاّ تستقوي المعارضة بقوى خارجية في هذه الظروف واستغلالها لصالح قوى أجنبية متربصة، لها أذرعتها في الداخل، فهذا أمر غير مقبول بل ويرتقي إلى درجة الخيانة الموصوفة وما دور المعارضة في الديمقراطيات السائدة إلاّ النقد بقصد التقييم و التقويم وتقديم البدائل، أما الاستقواء بالأجنبي لأجل التخريب والتدمير و حتى التآمر ، فهذا لا يمكن قبوله إطلاقاً.. سيادة الأوطان من الثوابت التي لا يمكن المساس أو المتاجرة بها ، أو الأخذ والرد بشأنها ، أو المزايدة عليها على الإطلاق ، بمعنى أنها ليست خاضعة للرغبات والأمزجة والمصالح الشخصية والمكاسب والصفقات وتصفية الحسابات، ولا يحق لأي طرف كان، التفريط بها مهما كانت المبررات وتحت أي ظرف من الظروف ، فالتفريط بها لا يقل فداحة ووضاعة وجرما عن التفريط بالعرض والشرف والكرامة ، ولهذا تعد خطاً أحمر غير قابل للتجاوز مهما كان الثمن..و على هؤلاء الشرذمة إمّا أن يرحلوا كي يكون لنا وطن، وإمّا أن يبقوا فيرحل الوطن.

عاشت تونس حرّة مستقلّة
عاش الشعب التونسي العظيم

شاهد أيضاً

القضية الفلسطينية.. بين الصمت والتآمر والتضليل!!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

يرى كثيرون ان أصل الشرور في الشرق الاوسط في المائة سنة الاخيرة هو (اغتصاب فلسطين) …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024