الأربعاء , 18 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

كذبوا على التشيع من قبل ولا يزال أحفادهم يكذبون…بقلم محمد الرصافي المقداد

” مخز ومقرف ما نشر على صفحات بوابة الحركات الاسلامية تحت عنوان التشيع والدور الايراني الواقع والمستقبل الكاتبين علي رجب وهند الضوي(1)، وان لم يكن بحاجة الى ردّ لبعده عن الواقع تماما، تلافيق جمعاها من مصادر معادية لإيران والتشيع، وإنّ الدافع للرد على مقترياتهما هو فقط لإنارة من فيه عقل ولا يريد ان يكون ذيلا.”

صناعة البلوط (الكذب باللهجة العامّية) في تونس هي من الصناعات العاطلة الرائجة في بلادنا، خصوصا في مجال الإعلام، المكتوب والمرئي والمسموع، زمن الجمهوريات الثلاثة بلا فرق بينهما، ومن كتبت اسماؤهم في دفتر الكذابين، زمن إعلام العار، فانه من الصعب أن يتحولوا الى الصدق، بعدما تعودت عقولهم والسنتهم على صياغة ما احتبس فيهم من تصحر ثقافي، ليقدم على موائد المزايدين على خلق الله، هدفهم ما تجود به الأيدي القذرة لمن سخّروا أنفسهم لخدمة الشيطان، من أجل متاع زائل مهما كبرت قيمته المادية، والباقية تبعاته الى يوم القيامة، ويومئذ يخسر المبطلون (2)، ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا (3).

في شهر أوت سنة 1985، وبسبب وشاية خبيثة المصدر، اعتقلت انا وثلاثة من المؤمنين بالتشيع لأهل بيت النبي (ص)  بعدما اقتحمت بيوتنا، وارعبت عائلاتنا، وحملنا الى وزارة الداخلية بعد تحقيق في فرع الارشاد بمنطقة الشرطة بقابس، واطلق سراحنا بعد اعادة التحقيق هناك، اللافت انه خلال تلك الايام، خرج عدد من جريدة (البطل) (وهي صحيفة رياضية أسبوعية ) معنون على راس الصفحة الاولى (القبض على عصابة شيعية مسلحة بقابس)، وكان ذلك بداية الكذب والافتراء علينا، منطلقا للتضييق على حرياتنا في العهدين السابقين، خلافا لما روجوه، من أن التشيع وجد حاضنة نظام بن علي، لينتشر بتشجيع منها، وهي لعمري كذبة سمجة.

والكذب على التشيع وعلى الشيعة بدأ قديما، وكان الهدف منه محو آثاره، فكرا ومبادئ وأتباعا، بدأ منذ زمن معاوية بن ابي سفيان، واستمر الى زماننا هذا، تحريفا لأصوله التي لا تعدو شجرة الاسلام، الوارفة بظلالها على المسلمين، وفتكا بأهله الآمنين في أرض الله، التي ضاقت عليهم بما رحبت، وتشويها لهم، بالافتراء عليهم، لشرعنة قتلهم، فمن ثبت عند السلطات منذ ذلك الزّمن، أنه محب لعلي (وشاية ) حتى شبهة، ومن روى شيئا في فضائل أهل البيت، برئت ذمة السلطان منه، ومحي اسمه من دواوين العطاء، ونكّلوا به، وهدموا داره، وامتثل العمال(الولاة) أمر سيدهم، فقتلوا الشيعة تحت كل حجر ومدر، وطردوهم وشردوهم، وقطعوا الأيدي والأرجل، وسملوا الأعين، وصلبوهم على جذوع النخل.(4) واستمر العدوان على المسلمين الشيعة قرونا طويلة، من العصر الأموي الى العباسي الى المماليك العثمانيين، تفنن فيه كل سلطان، بما لم يخطر على بال الآخر من عدوان، ولو تصفحنا كتاب مقاتل الطالبيين، لأبي الفرج الأصفهاني، لكان كافيا، للدلالة على ما عاناه الشيعة من اضطهاد بحقهم.

أسباب اضطهاد الشيعة، تعود إلى معتقدهم في كون الامامة منصب رعاية وهداية للأمة، اعطاه الله للإمام علي والأحد عشر من أبنائه،  ليؤدّوا تكليفهم حفظ الشّريعة الإسلامية، أحكاما وآدابا وعقائد، وهو منصب قيادة الأمة، من بعد رحيل نبيها (ص)، على أساس خصائصهم التي تميّزوا بها، وأهّلتهم لذلك المقام الجسيم، وهذا يشكّل خطرا على الانظمة المتعاقبة، باعتبارها غير شرعية في نظر الشيعة، وأئمتهم (أولي الأمر الحقيقيين، وأهل الذّكر، والصادقين بالمنطوق القرآني) أولى بالحكم ممن جهل تفاصيل الدين وأفسد فيه، والشواهد على هذا كثيرة جدا.

وان كان لابد للمشتبهة عليهم السّبل، عن سبيل الله وصراطه المستقيم، فليعودوا إلى سيرة الإمام علي الذي بذل وضحّى في سبيل اعلاء كلمة الله وإعزاز دينه ما لم يدانيه أحد فيه، ولو اجتمعوا له، وقابله الله ورسوله على ذلك بأن قدّمه على غيره، بخصائص قال بشأنها سعد بن ابي وقاص عندما أمره معاوية بسبّه:

))أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسبّ أبا تراب؟ فقال: أمّا ما ذكرت ثلاثا قالهنّ (له) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن تكون لي واحدة منهمّ أحب إليّ من حمر النّعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له وقد خلّفه في مغازيه، فقال له عليٌّ رضي الله عنه: يا رسول الله خلّفتني مع النساء والصبيان، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبوة بعدي؟ وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، قال: فتطاولنا لها. قال: ادعوا لي عليّاً. فأتي به أرمد، فبصق في عينيه، ودفع الراية اليه، فتح الله عليه ولما نزلت هذه الآية: فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ(5) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللهمّ هؤلاء أهلي (( (6)

هذا والمسلمين الشيعة يعتقدون بأن الله واحد ليس كمثله شيء، خلاف غيرهم من المسلمين الذين يعتقدون فيه باعتقادات فاسدة كخلق آدم على صورته ونزوله الى السماء الدنيا ووضع رجله في النار، أنه يتنكّر للمؤمنين يوم القيامة فينكرونه، واعتقادهم برؤيته مع أن الله سبحانه قال ليس كمثله شيء واوحى الى موسى بقوله لن تراني ( لن التأبيدية).

ويعتقدون بأن النبي محمد بن عبد الله خاتم الانبياء والمرسلين(ص) معصوم من الخطأ منذ ولادته الى آخر يوم في حياته، للضرورة التي تستوجبها البعثة ويقتضيها الاصطفاء الإلهي لتمام أداء الدور وتسهيل تمام الاعتقاد بأن كل ما عنده هو من الله سبحانه فلا يتطرق اليه شك كما يعتقده غير الشيعة من ان النبي أخطأ في تابير النخل وسحر أشهرا حتى أنه أصبح يخيّل اليه، وعبس وتولى في وجه الأعمى وانه وقف ليصلى بالناس فالتفت أنه مجنب، وانه كان يقبل ويباشر وهو صائم، ويقرب نساءه وهن حيّض، وانه لم يعلم بأنه مرسل الا لما أخبره ورقة بن نوفل، ولا اعتقد أن مسلما عاقلا يقبل بأن يتقرب الى الله بهذه الترّهات.

وحتى لا اطيل في بيان حقيقة الاسلام الشيعي الإمامي الاثني عشري، مستعينا بالإشارة الى بعض معتقدات مخالفيه المخلوطة بدسائس بني اسرائيل، لكي يفهم من يفهم ذلك، ويرتدع من يرتدع عن التهجم على المسلمين الشيعة، المعتمدين في اتباع صراط الله المستقيم، بواسطة عباده الهداة المهديين أئمة أهل البيت، الذين اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

أما من رفع عقيرته بالصياح، وكرر مقالة ان ايران ترعى التشيع في تونس أو في خارجها، وتنفق عليه الأموال الطائلة، وهي تهمة كيدية صهيونية غربية، روّجوا لها مع عملائهم من الانظمة العربية، لتخويف المسلمين من مقاربة فكر وعقيدة التشيع، المناهض للاستكبار والصهيونية، والعمالة والظلم، وهو العدو اللدود لكل هؤلاء، وليس لهم من طريق للخلاص، من التفات المسلمين اليه، بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران، وقيام نظامها الاسلامي، وتأثرهم بهما، خصوصا وهي تنادي الى تفعيل المصطلحات القرآنية، والعمل بها، وفي مقدمتها الوحدة الاسلامية، والدفاع عن شعوبها المضطهدة، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني، وتحرير ارضه التي أصبحت منذ سنة 1979 عهدة وأولوية السياسة الخارجية الايرانية، ولو كان لإيران نية في تشييع المسلمين، كما يدّعيه سفهة إعلام العمالة والعار، لكان السهل عليها تشييع قرابة 20 مليون مسلم إيراني، حنفية وشافعية، يعيشون شرق (بلوشستان سيستان)وغرب (كردستان) وجنوب ايران(الاهواز).

والمتابع لسياسات ايران في الدفاع عن المسلمين عموما، رغم العقوبات والحصار المضروب عليها على مدى 40 عاما، أخرجها بريئة من تهمة نشر التشيع، فما قدّمته من أسلحة لشعب البوسنة السنّي، للدفاع عن نفسه أمام مخطط الابادة الصربي ضدهم، وما قدمته لفصائل المقاومة الفلسطينية بغزة ولا تزال، وهي فصائل سنيّة، يبعد عنها أي شبهة توسّع أو نشر للتشيع، وما يراج من دعاية ضدّها يقف وراءها أعداء ايران الحقيقيين، فمن أراد أن يكون معهم فليكن، لأنه لا يظلمن سوى نفسه.

بالنسبة للمكتبة الشاملة فهي مفتوحة للعموم، وليذهب من أراد معرفة الحقيقة ليرى اسعار الكتب التي لا تختلف في شيء عن بقية المكتبات، والادعاء بانها تبيع الكتب باسعار رمزية كذبة عميان القلوب الصّدئة بالدعاية ضد كل ما يتّصل بالتشيع بصلة حتى لو كان كتابا علميا، وما خطر الكتاب في زمن لم يعد لأهله ذكر في مجتمعاتهم، فهم قلة قليلة ممن بقي يستنير ببطونه من معارف.

وأقول إن الذي جعلنا نتخلى عن المذهب المالكي – وان كان تقليدنا له وراثيا شاننا في ذلك شأن بقية التونسيين – هو قوة الأدلّة التي استدل بها علماء الشيعة، على أحقية منهجهم الفقهي والعقائدي، من كتب مخالفيهم دون الحاجة الى الاستدلال بها من كتبهم، وهذا جعلنا نتقبل التشيّع بسرعة ليس باعتباره مذهبا اسلاميا فقط، بل على أساس انه الاسلام المحمدي الأصيل، في أجلى مظاهره الفكرية، وان الدعايات التي تطلع هنا وهناك بعد جهد أصحابها، ليس بإمكانها أن تطفئ نور الله، عن مواصلة انتشاره، ليصل الى القلوب الطاهرة التي تتقبل ضياءه فيها.

وما خطر التشيع والشيعة على تونس وغيرها، وذنبهم الوحيد الذي اخذوا به هو معاداة الظالمين ومحاربتهم، وكان حريا بمن كتب ضد الشيعة افتراء عليهم، أن يكتب عن المعضلات الحقيقية التي ابتليت بها تونس، كشرعنة المثلية الجنسية، وفتح المجال لعبدة الشيطان والالحاد، ومحاولة تغيير احكام الله في الميراث تطاولا عليه، هذا دينكم قد اهترأ بخذلانكم فأصلحوا شأنكم العقائدي والسياسي أولا، ثم تعالوا لنلتقي على كلمة سواء، بعيدا عن الصهيونية والاستكبار وعملائهما.

التشيع لم تستطع دول بأحبارها وأزلامها أن تؤثر فيه، ولن تستطيع الصهيونية اليوم وأمريكا وعملاءها أن توقف نبض محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين في جسد الأمة فشريان الاسلام أهل البيت عليهم السلام وروحه الثورة على الظلم والظالمين، وويل لأتباع الظالمين من العبث بأولياء الله، ونصب العداوة لهم، ومن عجزت عليه أمريكا وطوابيرها العميلة، فكيف بالذّيول بعد استسلام رؤوسها؟

المصادر

1 –https://www.islamist-movements.com/45491/preview

2 – سورة الجاثية الآية 27

3 – سورة الفرقان الآية 27

4 – نهج البلاغة ابن أبي الحديد المعتزلي ج 11 ص 44

5 –  سورة آل عمران الآية61

6 – صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة باب فضائل علي بن ابي طالب ج7ص120ح2404

 

شاهد أيضاً

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024