محمود كامل الكومى |
تاريخ طويل لجهاز المخابرات المركزية الأمريكية فى الأغتيالات السياسية وهو يتلاقى فى ذلك مع الموساد الأسرائيلى , فالتعاون بين C I A والموساد يكاد يتلاشى فى الهدف ليصير بديلا عن التعاون , الأندماج فى كيان واحد ممثلا فى تجنيد العملاء ومنفذى جرائمهم القذره (الأغتيالات)ليضحى أيهم عميلا هنا او هناك لافرق طالما الصيد مناضلا من اجل الحرية والأستقلال والتفرد بالقرار بعيدا عن أيادى الأمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية وميكانيزمهما المتمثل فى البنك والصندوق الدوليين هذين الجهازين اللذين لاهم لهما سوى تكبيل شعوب عالم الجنوب او العالم النامى , فى أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية, بقروض يسبقها شروط تأخذ بفقراء هذه الدول الى الهاوية , وتضحى الفائدة العالية والفوائد المركبة وأعباء خدمة الدين وتدنى العملة المحلية ,جديره بأن تجعل الدول المقترضة مدينة على الدوام للبنك والصندوق الدوليين , لتظل غير قادرة على الانتاج او الاكتفاء الذاتى , والى النهاية تصير سوق رائج لمنتجات الدول الرأسمالية والأستعمارية وشركاتها المتعددة الجنسيات والتى يسيطر عليها ممولى الصندوق والبنك الدوليين وأغلبهم من الصهاينة ومافيا رجال الأعمال المكونين للأمبريالية العالمية .
فى عالمنا العربى شذ الزعيم جمال عبد الناصر عن هذا المخطط الأستعمارى , وأتخذ طريق الأستقلال السياسى والأقتصادى وحارب البنك الدولى وكسر أحتكار السلاح الغربى الأمريكى – وقاوم الأستقطاب العالمى والأحلاف وكون مجموعة دول عدم الأنحياز التى قاومت السيطرة الأمريكية الغربية على شعوبها ولم تنحاز للمعسكر الغربى ووقفت على مسافة مع المعسكر الشرقى , بل أنه أتخذ موقف النضال ضد الأستيطان الأسرائيلى فى فلسطين , وأعتبر الصراع مع اسرائيل صراع وجود , لذلك كان جمال عبد الناصر هدفا أسترتيجيا لتحالف الC I A مع الموساد , ودبرت محاولت عديده لأغتياله ,وقد كشفت بفعل قوة جهاز المخابرات المصرى انذاك , أو عن طريق المنفذين ذاتهم الذين أتوا الى جمال عبد الناصر وأخبروه بأنهم جندوا لأغتياله ( عبد الحميد السراج –مثال -) وأخرها محاولة أغتياله آبان مؤتمر القمة الأسلامى المنعقد بالرباط 1969مما حدا بالرئيس ناصر ان يرسل نائبه بديلا عنه فى حضور المؤتمر.
وكذلك أستشهاد الرئيس (عرفات) على يدعملاء تحالف ال C I Aمع الموساد.
فى الخمسينات والسيتينات حظيت جرائم الأغتيال السياسى من جانب تحالف ال C I Aوالموساد بنشاط ملحوظ وجندت العملاء فى كل الأرجاء خاصة الوطن العربى بأعتبار اسرائيل وقد زرعت فى قلبه ,فكان لابد من ضربات استباقيه لكل من يحاول أن يتصدى لمخططها الآنى بقضم كل فلسطين وعلى أمل أسرائيل الكبرى من النيل للفرات , وقد وقفت المخابرات المصرية فى تلك الفتره تتصدى للموساد وعملائه وبادرت وزرعت عملاء لها عرب داخل أسرائيل – وبعد أتفاقية كامب ديفيد , صار التعاون مع العدو الصهيونى ومخابراته يضفى خيبة على الطريق , وصار دحلان فلسطينى فى الآمارات يدشنه الموساد .
وعلى جانب آخر فى أمريكا اللاتينية و هى ثمثل حزام حول خصر أمريكا وهى القادره لو خرجت عن الطوع وبادرت بتحقيق مصالح فقرائها ونشطت على طريق الأستقلال السياسى والأقتصادى , لقصمت ظهر أمريكا وباتت شركاتها المتعدة الجنسيات فى خبر كان – لذا فالسياسة الأمريكية على الدوام تعتبر دول أمريكا اللاتينية مزرعة موز خلفية لأمريكا أو حديقة لها تتنفس على وقع استغلالها أبشع استغلال أقتصادى لتحقيق مصالح شركاتها العملاقه .
ولكى تظل كذلك فكان فعل تحالف الC I Aمع الموساد لصنع حكامها وحقنهم بمورفين الأنصياع لأمريكا والأعتراف بأسرائيل والعداء للعرب ومن يشذ فأن الأغتيال سيلاحقه اِن عاجلا أو آجلا – ومن يناضل ضد الحكام عملاء أمريكا وأسرائيل ,أو يبتدع سياسة أستقلاليه فى القرار السياسى ويتفرد بأقتصاد بلده وخيراتها – فهو صيد ثمين للمخابرات الصهيو أمريكية وجرائمها القذره المنافيه للأنسانية ,والمعادية لحركة الشعوب ونضالها من اجل الحرية والأستقلال .
كان –جيفارا مناضلا ثوريا وقد إحس بوحدة أمريكا الجنوبية وبالظلم الواقع من الأمبريالية، والرأسمالية، والاحتكارية، حيث رأى جيفارا أنّ الحل في إنهاء جميع الصراعات الإنسانية من خلال الثورة العالمية،وتعاطف مع قضايا العرب وخاصة قضيةالشعب الفلسطينى ولذلك صار هدفا للتحالف المخابراتى الصهيونى الأمريكى,وتم تصفيته جسديا فى أحراش بوليفيا – وتابع التحالف الدموى الصهيونى الأمريكى محاولات أغتيالات يندى لها الجبين فدبرت العديد من المحاولات لقتل العديد من زعماء أمريكا اللاتينية المناضلين ضد الأمبريالية والصهيونية وكان الزعيم الكوبى فيدل كاسترو ومن صار على نهجه (هو جو شافيز) رئيس فنزويلا السابق.. مثالا حيا على المحاولات الفاشلة للأغتيال من جانب التحالف المخابراتى الصهيو أمريكى .
فى شيلى… أرقه جدا وضج منامه أن يرى فى شوارع العاصمة سانتياجو الأطفال يتضورون جوعا , فثار( سيلفا دور الليندى) وناضل وحقق الحلم وحكم شيلى من 1970 الى 1973 وقضى على الجوع بعد التأميم , ولأن هذا مايؤرق الكيان المخابراتى الدموى الصهيو أمريكى فقد دبروا الانقلاب العسكري الدموي الذي أطاح بحكومة سلفادور الليندي المنتخبة ديمقراطيًا في شيلي الذى اسفر عن ذبح عشرات الآلاف من المناضلين الاشتراكيين النقابيين، من بينهم الليندي نفسه.
بديلا عن الأغتيالات السياسية صار التمويل للأطاحة بالحكام المعادين للأمبريالية والصهيونية العالمية عن طريق التدخل فى الشؤن الداخلية من جانب قوى التحالف المخابراتى الصهيو أمريكى وتمويل المعارضين –وعلى ذلك أنتهى التنظير لمفهوم الأغتيالات الشخصية من السياسة الدولية – لكنه عاد ليطل الآن وبقوة اليوم 582018حين استهدف هجوم بطائرات مسيرة تحمل متفجرات السبت الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أثناء إلقائه كلمة خلال عرض عسكري، دون أن يصاب بأذى. واتهم مادورو الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس والمخابرات الأمريكية بالوقوف وراء محاولة الاغتيال، مشيرا إلى أن العديد من ممولي ومخططي الهجوم يعيشون في الولايات المتحدة.
مادورو ذلك الفتى الذى جاء خلفا للزعيم شافيز , فكان للأستقلال عنوان وللنضال ضد الأمبريالية العالمية مثال يحتذى ولصالح الفقراء يناضل ويحاول انتشالهم من براثن الرأسمالية التى تريد أن تمص دمائهم – ناصر الرجل الحق العربى والنضال الفلسطينى ضد اسرائيل ووقف فى جميع المحافل الدولية يدين الغطرسة الأسرائيلية وقتلها للشعب والأطفال الفلسطينين العزل – لذا فحيكت ضدة المؤامرات من جانب التحالف المخابراتى الدموى الصهيونى , لتحويل فنزويلا بعيدا عن عصيانها على الهيمنة الأمريكية وأستقلال أرادتها الى خضوعها من جديد لحظيرة الأمبريالية ومسايرة العنصرية الصهيونية – لكن صارت خيبة المخابرات الصهيو أمريكية حين فشلت فى أغتيال مادورو السبت الماضى دليل على أن ارادة الشعوب لاتلين ولا تنكسر , أذا كان يقودها قائد تدرب على يد الزعيم شافيز الذى ارق الأمبريالية والصهيونية طوال فترة حكمه حتى قبل وفاته .
فشل تنظير الأغتيالات الشخصية فى الماضى وصار وصم المخابرات الأمريكية الصهيونية جديرا بمعادة الشعوب والحريات وكفاح الفقراء من اجل عيشهم أحرار , وهاهو يفشل الآن بعد أن حاولوا أن يحيونه ويستدعونه من قاموس الضلال والحرام وسفك الدماء فهم الشيطان سيحرقون بمارج من نار , وسيبقى الأنسان ممثلا فى كل المناضلين من اجل الحرية والأستقلال والتحرر من التبعية الأستعمارية الأمبريالية الصهيونية, وتحية الى نيكولاس مادورو وشعب فنزويلا المقدام , والمدافع عن قضايا أمتنا العربية وأشرفها قضية الشعب الفلسطينى ضد قطعان المستوطنين الصهاينة .
كاتب ومحامى – مصرى