الإثنين , 23 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

مالـك بـن نـبي… مشـروع نهضـة لـم يكتمــل؟..

بقلم عبد الحق خالد – كاتب من الجزائر |

” لا يجوز لأحد أن يضع الحلول والمناهج، مُغفلا مكان أمّته ومركزها، بل يجب عليه أن تنسجم أفكاره وعواطفه وأقواله، وخطواته مع ما تقتضيه المرحلة التي فيها أمّته، أما أن يستورد حلولا من الشرق أو الغرب، فإن في ذلك تضييعا للجهد، ومُضاعفة للدّاء.. إذ كل تقليد في هذا الميدان جهل وانتحار… فالفرق شاسع بين مشاكل ندرسها في إطار الدورة الزمنية الغربية، ومشاكل أخرى تولدت في نطاق الدورة الإسلامية” (1).                                                                                                                                                                                              – مالك بن نبي-

من “كفاحي”(2) لهتلر إلى “نهاية التاريخ والإنسان الأخير” لفوكوياما، إلى “صدام الحضارات” (3) لهتينغتون، إلى مقولة ذاك المفكر الفرنسي التي أعلن فيها أن: «حروب القرن الحادي والعشرين تكون دينية أو لا تكون» وغيرها.. كتابات وأفكار تُغذي نزعة الاستعلاء لدى الغرب وتفضح إيمان أصحابها بالتفوق المطلق للحضارة الغربية، وهـو كما يقول أرنولد توينبي « وهمٌ راجع إلى سيادة الحضارة الغربية الحديثة في المجالين الاقتصادي والسياسي، وأنانية تماثل ادّعاء اليهود بأنهم شعب الله المختار، أو قدامى اليونان أن غيرهم من الأمم برابرة..» ولا يدع مجالا للشك أن “البقاء عندهم للأقوى” وليس للأصلح؟ ومن جهة أخرى تكشف الأفكارُ هذه التناقضات والاضطرابات الرهيبة التي تحكم عالما محموما بتصادم مصالح الكبار، مشحونا بتصارع الأفكار والأيديولوجيات حتى بعد انتهاء ما كان يسمى بالحرب الباردة، إنه عالم لا مكان فيه للضعفاء، عقيدة واقتصادا وأسلوب حياة!.. ويكفي إلقاءُ نظرة فاحصة على خريطة العالم الممتد طولا وعرضا لنــرى كيف تنعـم دول النصف الشمالي من الكرة الأرضية بالأمن والاستقرار والرخاء بينما يعاني نصف الكرة الجنوبي إما تفككا أو حروبا وصراعات لا تنتهي.. ويبـدو أنه مقدّر لها ألا تنتهي؟ لأن استقـرار الشمـال ورفاهية الشـمال لا يصنعهمـا إلا فـوضى الجنوب ومشاكل الجنوب “المفبركة”؟..
هذه الألفية الثالثة التي يكاد ينسلخ الربع من قرنها الأول بسرعة البرق، لا يسعنا إلا أن نتذكر بإكبار شاهدا من شهداء القرن العشرين، وعلما من أعلام التنوير والحداثة… لا يذكره الدارسون إلا بمناسبة ذكرى وفاته، والحقيقة أن ميلاده كان إيذانا “بميلاد مجتمع”(4) رفض الاستعباد وطلب الانعتاق في كل مراحل التاريخ، وهي مناسبة لعرض أفكاره ونظرياته في مجال التفكيك والتركيب “أي بناء الإنسان الحضاري”.. ذلكم هو فيلسوف الحضارة بعـد ابن خلـدون “مالك بن نبي”… هذا التبسي (نسبة إلى مدينة تبسة، ولاية بالشرق الجزائري) الذي ولد في شهر جانفي من عام 1905، لكنه ترعرع بين أحضان سيرتا (قسنطينة) مسقط رأسه التي عشقها وعشقته، ومن خلالها أحب الجزائر كلها بإنسانها وترابها وتاريخها أيضا.. سيرتا التي تفتّقت فيها مواهبه على عالمين من حوله متناقضين، عالم الفقراء من أهل البلاد، وعالم الأغنياء الدخلاء من شذّاذ الآفاق المعمّرين، وفيها – في النصف الأول من القرن العشرين- أمكنه الاتصال بالماضي عن طريق آخر من بقي حيا من شهوده، والإطلال على المستقبل عبر الأوائل من رواده كما عبّر هو نفسه في كتابه “يوميات شاهد للقرن”(5)، ومن قسنطينة مدينة الإصلاح والعلم… والعيساوية أيضا (إحدى الطرق الصوفية) إلى تبسة بلد الطبيعة القاسية الصافية، والرجل البدوي الأبيّ، إلى آفلو وشلغوم العيد والعاصمة وغيرها من المدن.. كان الحب صادقا متبادلا وكانت الرحلة من طور الصبا إلى الشباب إلى الرجولة… نَصَبٌ وعذابٌ ودموعٌ ورحيلٌ بين الأمصار!.. وبعد إنهاء دراسته الثانوية بقسنطينة في حدود عام 1925، كانت باريس بلد النور والنار، المحطة التالية الكبرى، كغجرية فاتنة متبذّلة تداعب شبابه الغض الطري، فيتأبىّ هو عليها، ويهديه الله إلى زوجه الفرنسية – تسمّت بعد إسلامها على يديه خديجة- ويهديها إليه على حد تعبيره، وتستمر الرحلة وتستمر معها المعاناة والعذابات، ذلك أن هذا الشاب الأهلي (indigène) تفتّح وعيه أكثر فأكثر مع مر السنين على الظاهرة الاستعمارية وزادته التجاربُ يقينا أنها ظاهرة مَرضية يجب استئصالها، عندما وقف بنفسه – في قلب فرنسا- على حقيقة الفارق الرهيب بين شعب فرنسي مستعمِر يعيش الترف المادي والفكري حتى التخمة، وشعب جزائري مستعمَر – هناك في الضّفة الأخرى من المتوسط- يعاني ويلات الجوع و المرض و التبطّل والقحط الفكري والأدبي، وعانى هو نفسه ممارسات الإدارة الفرنسية ومعاملاتها الانتقائية، عندما رفضت دخوله معهد الدراسات الشرقية، فاختار النضال طريقا.. فمن جهة صبرٌ على الدرس و انهماك في العلم بعد دخوله مدرسة اللاسلكي – التـي تخرّج منها مهندسا كهربائيا عام 1935- ومن جهة أخرى مصارحة ومقارعة للاستعـمار و أشياعه في عقر داره ، بتوعية “العمـال المغاربـة” ومحـاولة تنظيمهم ، والاحتكاك بالنخبة المثقفة من الطلبة – الجزائريين خاصة – بغـرض توحيد الجهود و العمل للإصلاح، وكان الفيلسوف الجزائري الكبير حمودة بن الساعي – توفي في شهر ماي عام 1998- وأخـوه
صالح.. مـن بين هؤلاء الذين استفاد مفكرنا كثيـرا من مناقشتهم وطريقة تحليلهم وعرضهم للمشكـلات وأفاد…
في باريس إذن حاول الشاب مالك الانتساب لمعهد الدراسات الشرقية لكنه لم يوفق في ذلك لأن الانتساب لهذا المعهد بالنسبة لمسلم جزائري لا يخضع – على حد تعبيره- لمقياس علمي وإنما لاعتبارات أخرى (سياسية) فتوجّه إلى مدرسة اللاسلكي لدراسة هندسة الكهرباء، كما انضم إلى “جمعية الوحدة المسيحية للشبان الباريسيين” أين تكامل تكوينه الروحي – كما جاء على لسانه- وفي باريس أيضا تعرّف إلى المستشرق الفرنسي الكبير لويس ماسينيون وساءت العلاقة بينهما بسبب نشاط مالك التوعوي بين العمال والطلبة الجزائريين والمغاربة، وتيسّر له أن يقابل المهاتما غاندي، وفريد زين الدين – نائب وزير خارجية الجمهورية العربية المتحدة فيما بعد – وأن بتعامل عن قرب مع “أب الحركة الوطنية الجزائرية” مصالي الحاج وعاب عليه النزعة “الزعاماتية” كما التقى الشيخين ابن باديس والإبراهيمي وغيرهما من العلماء وأعضاء الوفد الذي سافر إلى باريس بعد مؤتمر 1936(6)، ولكن الإدارة الاستعمارية كانت ترقب تحركاته هذه عن كثب، فحاصرته هناك بأن حرمته الشهادة رغم تفوقه الصارخ حتى على الفرنسيين أنفسهم، ومنعته الوظيفة والسفر – إذ كان يخطط للسفر إلى آسيا وحتى بلدان أفريقية كالسودان للتخلص من هذا الحصار- و حاصرت الأسرة الكريمة هنا (في الجزائر) بتوقيف الوالد عن العمل فاضطرتها لحياة الفقر والفاقة… ومع ذلك لم يستسلم؟..
بعد الحرب العالمية الثانية استقر به المقام في مصر التي لجأ إليها عام 1956 وفيها اتّصل بقادة الجبهة (جبهة التحرير الوطني الجزائرية) ووضع نفسه في خدمة الثورة الجزائرية ولو كممرض، فلم يردَوا على رسالته، لكن هذا لم يُـثنه عن القيام بواجبه كمناضل ثوري عندما وردت الأنباء من الجزائر تتحدث عن المجازر الفظيعة للاستعمار الفرنسي بحق الجزائريين، فتـوجّه بوسائله الخاصة (دون أي تأييد مادي أو معنوي) بنداء إلى العالم الحر في رسالة بعنوان: “النجدة.. الشعب الجزائـــري يبــاد؟” ثـمَ تفـــرّغ لتأليــف كتبـه وتـرجمتهـا إلـى العــربية وكتابة بعضها الآخر بالعربية مباشرة بعد إتقانه لها أكثر ، كما اتصــل بالعــديـد مــن الطـلاب الجـــزائـرييـن والعـــرب وزار عـدة بلــدان عـربيـة شقيـقـة وأخــرى صـديقة وقفـت داعمـة للقضية الجزائرية… سفيـرا يشرح عـدالة القضية الجـزائـرية ويُجنـد لها الأنصـار ومفكـرا مـحاضـرا يتعمـق دراسـة ظاهـرة التخلـف والاستعمار وخطرهما على مستقبل الأمة العربية ودول العالم الثالث، إلى أن استعادت الجزائـر استقلالها، فعاد الابن البار إلى الأرض التي أنجبته وأنجبت الأبطال قبله وبعده ، عـاد إلى الجزائر وقد وهن منه العظم واشتعل الرأس شيبا، ومع ذلك كان يفيض حيوية ونشاطا وإرادة صلبة خيّرة لخدمة هذه الأرض التي سقاها ملايين الشهداء بدمائهم الطاهرة، وخدمة هذا الشعب الذي أخرجه الاستدمار من التاريخ و أدخله حالة إنسان “ما بعد الحضارة” بأن رمى به في غيابات الجهل والجوع والمرض؟… فشغل منصب مدير عام للتعليم العالي مدةً، ثم استقال منه سنة 1967، ليمكث بداره متفرغا بذلك للعمل الفكري، يعقد الندوات ويلقي المحاضرات، ويؤلف المقالات والكتـب، إلى يوم وفاتـه – رحمه الله- في الواحــد والثلاثين مـن أكتوبـر عام ثلاثـة وسبعيـن وتسـع مـائة وألـف (31 /10/1973) مخلفا وراءه تراثا فكريا ومولودا حضاريا مكتمل العافية والعاطفة والنماء ، نذكر منه على سبيل المثال لا الحصر : شروط النهضة ، الظاهرة القرآنية، مشكلة الثقافة، تأملات ، بين الرشاد والتيه ، آفاق جزائرية ، الفكرة الأفريقية الآسيوية في ضوء مؤتمر باندونغ ، المسلم في عالم الاقتصاد، يوميات شاهد للقرن بجزئيه: الطفل- الطالب، في مهب المعركة… الخ.
إن هـذا المفكـر الثـوري/ الإصلاحي ينتمي إلى مدرسة الــرفض الجــزائــرية، وهــي مدرسة تعمَقـت دراسة الثقـافة الغــربيـة والفرنسية منها بخاصة إلى جانب رصيد كبير من الثقافة العربية الإسلامية.. والتي تختلف عن مدرسة الرفض العربية الكلاسيكية في المشرق بقيادة الرواد السيد جمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده والكواكبي ورشيد رضا وغيرهم، والمدرسة الباديسية في المغرب العربي، وإن كان يعتـرف لها بدورها الإيجابي ومساهمتها الفعَالة في تنقية الدين من الأهواء والخرافات والشوائب التي علقت به على يد الطُـرقية بخـزعبلاتها وشطحاتها الصوفية، ويكنّ لرائدها الشيخ ابن باديس بالذات احتراما خاصا لأنه حاول إعطاء الفكرة الدينية بُعدها وقيمتها الاجتماعية بمحاولة تفعيلها في واقع الناس، فقُدّر لإشعاعه أن يبلغ أعماق الضمير الاجتماعي، ولهذا السبب بالذات كان بن نبي يُكنّ له كل إعجاب وتبجيل.. وإن كانت له ملاحظات إن لم نقل تحفظات حول الأخطاء التي انزلق إليها العلماء ولو عن غير قصد..
لقـــد كـان الصــوتُ المجـلـجـل لهـــؤلاء المصـلـحيـن – يقـول الأستــاذ مـالـك – زاجــرا فــي وجــه الاستعـمــار ودعــاة التقـليـــد والغربنة، وكان هو صوت النهضة الجديدة التي بعثت الحركة في كل مكان.. لكنه لم يقدّم مشروعا ثوريا متكاملا؟..
لذلك جاء بن نبي فيلسوفا للحضارة، يناقش من سبقوه و يكمّل ما نقص من مشروعهم، فكانت دراساته التي نهلت من مناهل “النزعة الديكارتية” في التفكير ثورة منهجية صدمت العقل العربي المعلّب المبرمج على نسق تفكير ستاتيكي في جانب منه، وصدمته في جانبه الآخر بقدرتها الخارقة على عقد الصلة بين القيم الاجتماعية والتقنية التي يراها هذا المفكر ويعيش في أجوائها، ثم صدمته (العقل العربي) بأصالتها الرافضة للتيار المقلد للآخر المنبهر به من غير تمحيص، حيث كان استبداد الألفاظ والصيغ به يخلع على أي تفسير للنهضة طابعا سطحيا؟..
لقد كان بن نبي أعمق فكرا وتحليلا وأوسع أفقا ممن سبقوه في معالجة الواقع المتخلف للعالم العربي والإسلامي وما تراكم من مشكلاته عندما تصدى لدراستها على أنها (مشكلات حضارة) فوظّــف عن مقدرة وإبداع علمين خطيرين في ميدان الدراسات الاجتماعية والإنسانية هما علم الاجتماع وعلم النفس، إذ الإنسان وما يتصل به هو ميدان دراسة هذه العلوم.. لذا نجد فيلسوفنا الكبير يؤكد أن أي عملية تنشد التغيير يجب أن تنطلق من ذات الإنسان كي تنتهي إليه (فالطبيعة توجِد النوع ولكن التاريخ يصنع المجتمع..)، وعلى هذا الأساس تكون الحضارة التي طابعها الاجتماع والعمران هي ( مجموعة الشروط المعنوية والمادية التي تتيح لمجتمع معين أن يقدم لكل فرد من أفراده في كل طـور من أطوار وجوده، منذ الطفولة إلى الشيخوخـة المساعدة الضرورية لـه في هذا الطور أو ذاك من أطوار نموه..)، وبهذا المعنى تكون الحضارة أيضا كلاّ متكاملا لا يقبل التجزئ ، فهي ابتداءً لا تُستورد وإنما هي عبارة عن إبداع و ليست تكديسا ولا جمعا لركام من الأشياء و إنما هي بناء وتركيب للعناصر الثلاثة: “الإنسان والتراب والوقت” وهذه العناصر لا تمارس مفعولها ضمن حالة “شتيتة” ولكن ضمن تركيب متآلف يحقق بواسطتها جميعا إرادة المجتمع المتحضر وقدرته، والفكرة الدينية هي التي تلعب دور هذا المركِّب.. وتحت هذا العنوان الكبير (مشكلات الحضارة) ناقش بن نبي وعالج ببراعة مسائل في غاية الأهمية والخطورة تتعلق بالتاريخ والحاضر والمستقبل، ومشكلة القابلية للاستعمار ومشكلة الثقافة والتربية والإصلاح والمفهومية والاقتصاد وغيرها… وهي مسائل قد نأتي على تفصيلها في مناسبات أخرى، إن شاء الله.
هذا بإيجاز شديد هو الأستاذ مالك بن نبي الذي عرف له الكثير من العلماء مكانته وأصبحت نظرياته تُدرّس في كبرى الجامعات في العالم (ماليزيا وإندونيسيا) وقال فيه الأستاذ أنور الجندي: « إن مالك بن نبي يختلف كثيرا عن المفكرين والكتاب، فهو فيلسوف أصيل له طابع العالم الاجتماعي الدقيق الذي أتاحت له ثقافته العربية والفرنسية أن يجمع بين علم العرب وفكرهم المستمد من القرآن والسنة والفلسفة والتراث العربي الإسلامي الضخم، وبين علم الغرب وفكرهم المستمد من تراث اليونان والرومان والمسيحية..».
إنه الرجل الذي يجهله جل العرب وجل الجزائريين حتى، ولا تكاد أجيال ما بعد الاستقلال عندنا تحيط بخيوط حياته عموما ناهيك عن تمثـّل أفكاره الألمعية، حاولت بمناسبة ذكـرى وفاته السابعة والأربعين (أكتوبر 2020) أن ألقي ضوءً ولو خافتا يسيرا على بعض أفكاره وآرائه في بناء الحضارة.. معترفا انه لم يتسنّ لي الإلمام في هذه العجالة بكل حياة الرجل الزاخـرة الطـافـرة الغـامـرة…

 

الهوامش:

(1) بن نبي، مالك، شروط النهضة، الجزائر/ دمشق ، دار الفكر ، ص 47 ، 48.
(2) “كفاحي” Mein Kampf هو عنوان الكتاب المشهور الذي ألَفه الزعيم النازي “أدولف هتلر” ( 1899- 1945) داخل السجن، وقد ضمَنه فلسفته القائمة على “نظرية الدم” و”المجال الحيوي” ومضمونها سيادة الجنس الآري، الذي يجب أن يفرض “السلم الجرماني” أي إقامة الرايخ الثالث لمدة ألف عام.
(3) صمويل ، فيليبس هنتنغتون (1927- 2008) كان عالما سياسيا أمريكيا، بروفسور بجامعة هارفارد لـ 58 عاما، وهو مفكر محافظ، يوصف بأنه معلم جيل من العلماء وأحد أكثر علماء السياسة تأثيرا في النصف الثاني من القرن العشرين. وعلى الصعيد العالمي، أكثر ما عُرف به هو أطروحته “صراع الحضارات” والتي جادل فيها بأن صراعات ما بعد الحرب الباردة لن تكون متمحورة حول خلاف إيديولوجيات بين الدول القومية، بل بسبب الاختلاف الثقافي والديني بين الحضارات الكبرى في العالم . وكتابه الذائع الصيت “صدام الحضارات.. إعادة صنع النظام العالمي” قام بترجمته وتحقيقه: مالك عبيد أبو شهيوة، ومحمود محمد خلف، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان- ليبيا، طبعة ثانية 1999.
(4) “ميلاد مجتمـع” هو عنوان كتـاب للأستاذ مالك بن نبي، طبعة مشتركة، دار الفكر المعاصر ، بيروت- لبنان مع دار الفكر، دمشق- سوريا.
(5) بن نبي، مالك “يوميات شاهد للقرن: الطفل – الطالب”، بيروت- لبنان/ دار الفكر المعاصر ، دمشق- سوريا/ دار الفكر.
(6) انعقد هذا المؤتمر الجامع بالجزائر العاصمة وضم كل الأحزاب الجزائرية آنذاك بما فيها جمعية العلماء وحزب الشعب وقد استطاعت– بالفعل- تجاوز خلافاتها، ولكن يقول الأستاذ بن نبي في كتابه “شروط النهضة” ص 37 طبعة دار الفكر:”بدلا من أن تكون البلاد ورشة للعمل المثمر والقيام بالواجبات الباعثة إلى الحياة – بعد الجهود العظيمة للعلماء والتي بدأت في تغيير الإنسان الجزائري فعليا عام 1925 – فإنها أصبحت منذ سنة 1936 سوقا للانتخابات، وكم رددنا عبارة (إننا نطالب بحقوقنا) تلك الحقوق الخلابة المغرية التي يستسهلها الناس، فلا يعمدون إلى الطريق الأصعب: طريق الواجبات”… لذلك يرى بن نبي أن هذا المؤتمر الذي كان يمكن أن يكون نقطة تحول حاسم في حياة الأمة الجزائرية قد تحول عمليا إلى زردة انتخابية – تهريج سياسي- بفضل اليد الخفية للاستعمار وأعوانه وعينه الساهرة التي لا تنام.. مما عطّل المشروع الثوري لسنوات أخرى؟..

 

شاهد أيضاً

عن سلبية المثقف الجزائري أتحدث؟…

بقلم: عبد الحق خالد – كاتب من الجزائر | “..كذلك فإن نقد المثقف يعني العمل …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024