الإثنين , 23 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

ناتنياهو يذكّر المطبعين العرب بحلمه…بقلم محمد الرصافي المقداد

 

بلغت وقاحة عدد من حكام العرب في اطار خيانتهم للقضية الفلسطينية، على حساب الشعب الفلسطيني، فوق استحقاقات وأولويات شعوبهم، أن ظهروا علينا في ثوب المذلّة، خضوعا لسياسة أمريكا، واستجابة لمخططها في التطبيع مع الكيان الغاصب، وهم يعلمون قبل غيرهم أن النزول عند رغبتها، رهْنٌ للقضية الفلسطينية العادلة في مسار التفويت فيها، وهو مسار خيانيّ لم يكن لترضى عليه شعوبهم، وهي التي تأمل في تحرير كامل الأرض الفلسطينية، وتاريخها متلازم مع قضيتها، قد تبنّتها منذ بداية أزمتها، وقدّمت من أجلها شهداء في الحروب التي نشبت، من أجل تخليصها من براثن الصهيونية.

 

هؤلاء الحكام المطبعين يعلمون يقينا أن الكيان الصهيوني الغاصب، لا تقف أطماعه عند حدود فلسطين، فمخططاتهم في ضم أراض أخرى لم تعُد خافية، وإسرائيل الكبرى هي هدف يسعى إليه بأيّ طريق ممكن، وهذا ما كان قد نبّه إليه قائد الثورة الإسلامية الإيرانية الإمام الخميني رضوان الله عليه بالقول: (على الجميع أن يعلموا أن هدف الدول الكبرى من إيجاد إسرائيل لا يقف عند احتلال فلسطين، فهؤلاء يخططون للوصول بكل الدول العربية إلى نفس المصير الذي وصلت إليه فلسطين) .(1)

 

وقادة الكيان الصهيوني قد عبّروا مرارا وتكرارا على حقيقة نواياهم بما يتناقض مع حلّ الدولتين الذي مازال يتشبّث به الحكام العرب الذين يرونه مناسبا لهم للتخلّص من القضية الفلسطينية، ولو كان ذلك على حساب حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، ففيما مضى من وجود الكيان الغاصب كان هدفه التوسّع خارج الحدود الفلسطينية، عبّر عنها (الحاخام ميلاميد)

 

الذي تحدث عن أرض إسرائيل من النيل إلى الفرات، لها بطبيعة الحال دوافع استراتيجية، أبعد من النصوص التوراتية، والذي يؤكد ذلك أمران، أولهما المعلومات أو (الادعاءات)، وأيضاً الخريطة المنشورة في كتاب (( A Zionist Primer، الذي أصدرته منظمة (Young Judaea ) في نيويورك عام 1917، لتثقيف الشباب اليهودي في أمريكا، وتعريفهم بتاريخهم التوراتي وأرضهم الموعودة، حسب زعمهم، والثاني، الخريطة التي رسمت على العملة المعدنية الإسرائيلية (10 أغورة) التي صدرت في الثمانينيات، وعليها الشمعدان السباعي، وخلفه خريطة محفورة، تحيط بثلث أرض الحرمين، وثلثي العراق، ونصف سوريا، وكل الأردن ولبنان وفلسطين)(2)

هذه المخططات لم تكن خافية على من طبّع من حكام العرب مع الكيان الصهيوني، ومن لم يكن عارفا بها متقينا منها، فقد أُخْبِر بها من طرف مستشاريه، فلا عذر له بالادّعاء أنه يجهل البعد الصهيوني، في صراعه مع الوجود الإسلامي في المنطقة، وليس الوجود العربي، لأن الصهاينة يتحركون من أجل بناء كيانهم بدافع عقائدي، خلافا للعرب الذين حصروا القضية الفلسطينية في اطار عرقي ضيق، أثبت فشله الذريع.

 

كلمة رئيس حكومة الكيان الصهيوني ناتنياهو التي القاها في الأمم المتحدة خلال دورتها 78 تمحورت حول الإنجاز الذي حققه كيانه من خلال دخول دول عربية في إطار التطبيع المخطط له أمريكيا، معتبرا أن ذلك كسب حققه، عارضا على الدول المجتمعة في المنتدى الدولي (خارطة شملت مناطق مكسية باللون الأخضر الداكن للدول التي تربطها اتفاقات سلام مع إسرائيل أو تخوض مفاوضات لإبرام اتفاقات سلام مع إسرائيل. وضمت المناطق المكسية باللون الأخضر دول مصر والسودان والإمارات والسعودية والبحرين والأردن، ولم تشمل الخريطة أيّ ذكر لوجود دولة فلسطينية، حيث طغى اللون الأزرق الذي يحمل كلمة إسرائيل على خريطة الضفة الغربية المحتلة كاملة، بما فيها قطاع غزة.(3)

 

ولم يخفي رئيس حكومة الكيان الغاصب ارتياحه من النتائج الحاصلة، من خلال مساعي التطبيع المختلفة، التي نجحت في إنجازها بمساعدة أمريكا، مؤكّدا أن إسرائيل تقترب من تطبيع العلاقات مع السعودية، وأنّ تلك الخطوة ستغير خريطة الشرق الأوسط برمتها، مؤكّدا من جهة أخرى أن السلطة الفلسطينية ليس لديها مانع من إقامة كيانه علاقات مع الدول العربية الراغبة في ذلك، ومن جهة أخرى وكعادته في التحريض على إيران، قال بأن إيران تنتهك الإتفاق النووي ولا تخضع لأي عقوبات، مؤكدا أنه سيفعل ما بوسعه للحول دون حيازة طهران سلاح نووي (4).

 

كلام في منتهى الخبث عبّر فيه عن حقد على النظام الإسلامي لا مثيل له، مع أنّ كيانه يمتلك أكثر من 200 رأس نووي في ترسانته العسكرية، ويرفض كيانه الخضوع لتفتيش منظمة الطاقة النووية الدولية، والعالم بأسره متأكّد من خلوّ البرنامج النووي الإيراني من أي شبهة أو نشاط عسكري، والهدف من وراء تهويل البرنامج إعلاميا وتصويره على أنه خطر محدق، هو قطع الطريق أمام إيران للتقدّم بمشروعها السلمي، والتفوق فيه على دول الغرب بما فيها أمريكا.

 

فأيّ عذر يمكن أن يلجأ إليه العرب المطبعون من حكام ومثقفين وفنانين، بعد الذي أظهره رئيس الحكومة الصهيونية نتنياهو، وقد كشف عن نوايا كيانه في هضم الحق الفلسطيني، وضم اقسام كبيرة من الأراضي العربية المحيطة بفلسطين؟ لا أعتقد أنهم سيردّون على هذا البيان الواضح من عقر الكيان، فالخائن عندما يفقد الحياء لن يتراجع ولو على جثته، والأمل معقود في الشعوب، فهي وحدها من تملك لجم الخونة ولو بعد حين.

 

المراجع

 

1 – الإمام الخميني : «إسرائيل» .. غدة سرطانية لابد أن تزول

https://www.asriran.com/ar/news/6936/

 

2 – شعار “اسرائيل الكبرى” يعود للواجهة… وحديث عن حدود اسرائيل من النيل الى الفرات

https://www.alshiraa.com/posts/shaaar-asrayyl-alkbr-yaaod-lloagh-ohdyth-aan-hdod-asrayyl-mn-alnyl-al-alfrat-alaaalamy-ahmd-hazm-559

 

3 – ماذا تحمل خريطة الشرق الأوسط الجديد التي رفعها نتنياهو أثناء خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة؟

 

https://www-bbc-com.cdn.ampproject.org/v/s/www.bbc.com/arabic/articles/ 1695546322915

 

4 – الجمعية العامة للأمم المتحدة.. نتنياهو يعرض خريطة بعنوان الشرق الأوسط الجديد

 

https://www.shorouknews.com/mobile/news/view.aspx?cdate=22092023&id=70c69dd7-908e-4b46-bb5b-394

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شاهد أيضاً

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024