اليقين1:
لا نشك لحظة ان منظومة 24 جويلية كانت فاسدة وتابعة وفاشلة ومفلسة في جوهرها وفي مظهرها، لباسها ديمقراطية شكلية وحقيقتها من الداخل اجتماع غرائز المال والعصبيات وو نزعة التسلط …و قد افتضح واقعهم وخرجت الحقائق المفزعة. اللوبيينغ الذي يستعين به حزب قلب تونس وحركة النهضة وغيرهم من الأحزاب، وقصة “المقرونة” التي تحولت إلى أكبر مهزلة في تاريخ الانتخابات.
وحتى المشهد الديمقراطي فقد انكسرت واجهاته كلها بعد ما انتهى مجلس النواب ليصبح مسرحا للعنف والكراهية وسوقا تباع فيه الفصول القانونية ويشهد حالة السياحة البرلمانية التي تضرب مصداقية العملية الانتخابية في حد ذاتها،فما معنى أن الناخبين اختاروك في حزب معين فإذا بهم يجدونك في حزب آخر ومشروع آخر.
اليقين 2:
إن دستور 2014 يحتوي فصولا تحظى بإجماع التونسيين، ولكنه يحتوي فصولا تؤسس نظاما سياسيا هجينا يهدد وحدة الدولة ويجعلها معرضة باستمرار للأزمات.و لعل أكبر مثال هو سلطة تنفيذية برأسين،،و يضع الهيئات الدستورية تحت محاصصة الأحزاب،
وهو دستور يسمح بنشوء دكتاتورية رؤساء الأحزاب الكبرى، من خلال قاعدة التصويت على القائمات، بدل التصويت على الأفراد، ويهمّش عددا هائلا من الأصوات.
اليقين 3:
ان منظومة 24 جويلية تهرب من مواجهة النتائج الكارثية التي انتهت اليها الدولة التونسية بسبب العشرية السوداء التي سرقت الانتفاضة الثورية لـ17ديسمبر، وسرقت جميع الثروات وأسقطت جميع مظاهر الدولة والسيادة. وتحاول من خلال شعار الانقلاب تزييف المشكلة كما قامت بذلك طيلة العشرية.
ويمكن أن نعود الى عمليات التزييف الكبرى التي وقعت طيلة العشرية:
فقد تحدثوا كثيرا عن الباجي وانه رمز الثورة المضادة وقادوا الناس في معارك طاحنة تحت هذا الشعار،،،ليذهبوا بعد ذلك الى التحالف معه والإشادة بحكمته.
وقد بدأت الانتفاضة التونسية ذات طابع اجتماعي ثم نقلوها بشكل منظم لتصبح صراعا حول الهوية وحقنوها عنوة بتيارات سلفية ثم تكفيرية ثم إرهابية.
وقد كان شعار الانتفاضة المركزي “التشغيل استحقاق يا عصابة السراق” فإذا بمنظومة 24 جويلية تدمج جميع السراق وتفتح لهم باب محلس النواب وباب القصبة وكان دخولهم الى قصر قرطاج مسألة وقت، وعاش التونسيون حقيقة في قمة البشاعة والحقارة.
وكانت الانتفاضة الثورية مرتبطة في مظاهرها ووجدانها بقضية الكرامة العربية والإسلامية والإيمان بأن تحرر شعوبنا العربية من الاستبداد يؤدي ضرورة إلى دعم.الشعب الفلسطيني وجميع المستضعفين ضد الإمبريالية والصهيونية، ولكن منظومة 24 جويلية تناقضت مع هذه الحقيقة التاريخية واختارت في رسالة طمأنة إلى العدو بتعيين خميس الجهيناوي وزيرا للخارجية التونسية، وهو الذي كان مسؤول المكتب التونسي في دولة الاحتلال الصهيوني واختارت روني طرابلسي ليكون وزيرا للسياحة وغيرهم من وجوه التطبيع مع العدو الصهيوني.
اليقين 4:
ان مرحلة 25 جويلية مازالت في بدايتها ليس لها من امتياز الا محاولة القطع مع منظومة الفساد والإرهاب والتبعية، ومازال رصيدها لا يحتوي الا قرار تجميد المجلس النيابي وإزاحة الكابوس الذي كان يطل على التونسيين في كل مدة .
ويصعب أن تصمد أمام النقد العميق، وسيكون الحكم لها او عليها سهلا كلما طالت بها الأيام، وظهرت حقيقة قدراتها في البناء ومعالجة المشكلات الاقتصادية، والحديث عن الانقلاب لا يصدر إلا من داخل المنظومة القديمة المتضررة من الإجراءات الاستثنائية وتعطلت برامجها في نهب الدولة وتفجيرها من الداخل.