الترويج لإخوانية أردوغان، فكرة “إسرائيلية” لتمرير المشروع الصهيوني
السيد رجب طيب أردوغان رجل متدين ونشأ في عائلة متدينة، إلا أنه يحمل فكرا علمانيا وشعورا قوميا قويا وسلوكا براغماتيا، يرأس دولة ينص دستورها في المادة (2) على علمانية الدولة، ووجوب الولاء لقومية أتاتورك وفكره العلماني، فهو رجل علماني ويؤكد ذلك في تصريحاته… يعتبر نفسه الوفي الدائم لأتاتورك، ويرفض أن ينسب نفسه لـ”الإسلام السياسي” كما يريد له ذلك بعض أنصاره، وهو يدرك تماما استحالة أن تتحول تركيا العلمانية إلى عثمانية… تركيا عليها ما على الدول الأعضاء في حلف شمالي الأطلس، من واجب الحفاظ على وجود وأمن وسلامة “إسرائيل”، ولـ”إسرائيل” مستشارون عسكريون يعملون في القوات المسلحة التركية، وإتفاقيات بمليارات الدولارات في مجال التدريب العسكري والتسليح والتحديث والصيانة، وتركيا تكاد تعتمد بالكامل على التقنية “الإسرائيلية” في الصناعات الحربية والإستخباراتية… العلاقة التركية “الإسرائيلية” نسجتها أمريكا، ولا ترغب في الإستغناء عنها، وجعلتها على حد تعبير أحد خبرائها العسكريين بمثابة المسدس الأمريكي في المنطقة، “إسرائيل” زناده وتركيا ذخيرته… الترويج لإخوانية أردوغان، ولعداء وهمي بين تركيا و”إسرائيل”، فكرة “إسرائيلية” لتمرير المشروع الصهيوني، ومن ثم أصبحت تركيا محل ثقة وقبلة الحركات الإسلامية والإخوانية، فتم استثمار ذلك لتمرير مواقف صهيونية ضد المقاومة ونشاطاتها ومحاصرة فعلها والتشكيك في جدواها، بدعوى أولوية الدعم للدولة “الإسلامية” الناشئة في تركيا، وما تبشر به وَهْمًا من عودة “الخلافة العثمانية”… وقد قبلت هذه الحركات اعتراف أردوغان بالقدس كعاصمة يهودية لـ”إسرائيل” أثناء زيارته لتل أبيب، وفي مراسلاته الرسمية مع الكيان الصهيوني، وتم ذلك حتى قبل وصول ترامب إلى البيت الأبيض وإهدائه القدس لـ”إسرائيل”… وقبلت منه تصريحه بأنه أحد المسؤولين عن إنجاز مشروع الشرق الأوسط الجديد الأمريكي، والذي تم إعداده من قبل استراتيجيين من المنظمة الصهيونية العالمية… أردوغان أقنع اليهود والأمريكان بأن وصاية تركيا تحت شعار العثمانية الكاذبة على العرب، فيها ضمان لسلامة وأمن “إسرائيل”، وضمان لمصالح الغرب في المنطقة، وفيها إبعاد لخطر القومية العربية وكذا المد “الصفوي الشيعي”… أردوغان لم يطرح على الفرقاء الليبيين حلا سياسيا تفاوضيا يوحد كل ليبيا، ولم يسعى لتقريب وجهات النظر بين حكومتي الوفاق والمؤقت، ولا يمكن أن يقنعنا أحد عاقل بأن ما يفعله أردوغان في ليبيا هو انتصار لجماعة “الإخوان المسلمين”، فقد تم سحق الإخوان في مصر ولم يحرك ساكنا، واغتالت وقتلت “إسرائيل” خيرة القيادات الإخوانية ولم يحرك ساكنا… ما فعله أردوغان في سوريا والعراق، وما يفعله اليوم في ليبيا، وما سيفعله غدا في تونس واليمن، وربما في مصر والجزائر، هو ادخال هذه البلدان في فوضى المرتزقة والتوحش والإرهاب من أجل إنهاء الدولة وإلغاء استقلالها، وتهيئتها لوضعها تحت وصاية العثمانية الجديدة، ومن ثم السيطرة على ثروات هذه البلدان العربية وقدراتها شراكة مع “إسرائيل” وأمريكا.