نتابع مواقع التواصل الاجتماعي و يعتصر قلوبنا الألم والوجع على ما تُنتهَكُ من حرمة القدس الشريف في أيام الشهر الفضيل ويزداد الألم أضعافاً حين اطّلعنا على هاشتاگ أطلقه وشارك فيه كبار الكُتّاب في السعودية والمؤثرين في الوسط السعودي ولوهلةٍ سيتبادرُ لذهنك أن الهاشتاگ تضامني مع الشعب الفلسطيني لما يحصل في حي الشيخ جراح واعتداءاتٍ على المصلين في الأقصى، لكن ستُصدَم حين تعرفُ أنَّ الوسمَ كان (#صفر تعاطف مع الأنذال) وفيه كتب المدونون السعوديون أنهم لا يتعاطفون أبداً مع ما يحصل في فلسطين لأن المقدسيينَ يرفعون صور الحاج قاسم سليماني وينادون باسم الخميني في الشوارع يرعبون بهذه الأسماء قوات الاحتلال،
أقول رداً عليهم أن أهل فلسطين لو أنهم علموا في أمة العرب خيراً لاستنجدوا بها لكنهم لم يجدوا إلا الخذلان والخيانة والتطبيع من زعماء العرب أمثال محمد ابن سلمان وابن زايد الذين باعوا القضية وساوموا شرف القدس، يعلم أهل فلسطين أن السلاح السعودي لا يستهدف إلا أطفال اليمن والمدنيّين العُزّل ولم تنطلق منه رصاصةً واحدة صوب إسرائيل فطبيعيٌّ جداً أن نجدهم يستغيثون بصواريخ غزة ومحور المقاومة، ماذا نعرف عن السعودية غير الغدر والخيانة ودعم الحركات الإرهابية الإجرامية منذ أن نشأت وحتى الآن فموّلت ودعمت إسرائيل حرب 1967 تنكيلاً بعبد الناصر وأسقطت الوحدة التي كانت قائمةً بين مصر وسورية ثم عادت لتدعم إسرائيل مجدداً في 2006 ضد حزب الله الذي ما انفكّ يوجه فوهة سلاحه نحو الصهاينة ويتلقى خناجر الغدر من العرب من خلفه، ثم خرّجت جامعاتها التكفيرية “الجهاديين” لأن ذلك كان يتوافق مع رغبة أميركا مثل داعش والمتطرفين في العراق وسورية والمشاركة في الحصار الاقتصادي المفروض على الجريح لبنان (وآخرها كانت أضحوكة عدم استيراد الفواكه من لبنان، التي يبدو أن سببها الحقيقي هو أن فواكه إسرائيل ألذُّ طعماً لعيال ابن سلمان) وقمع البحرين المظلوم بواسطة قوات درع الرذيلة والعدوان الغاشم الوحشي على اليمن العزيز والوقوف إلى جانب تل أبيب وواشنطن ضد فلسطين،
وليس عنّا ببعيد احتفالاتُ الإماراتيين في الإمارات بعيد الشعلة اليهودي على غرار الاحتفالات في جبل الجرمق ثمّ نجدُ عبدالله ابن زايد يعزي إسرائيل بسقوط قتلاها في جبل الجرمق، أو سفارتُهُم في إسرائيل التي تقدمت للشعب الإسرائيلي بالتهاني بمناسبة العيد الثالث والسبعين لاستقلال إسرائيل (تهنئتهم باحتلال فلسطين وقتل مئات المدنيين في عام 1948 وتهجيرهم من أراضيهم وقراهم)
وحين فضح نتنياهو ابن زايد وصرّح بأن 11 مليار أُرسلَت لإسرائيل ليس كاستثمارات إماراتية بل مشاركة تطوّعية من ابن زايد في إنعاش الاقتصاد الإسرائيلي،
حين وقع الفلسطينيون في محنتهم لم يجدوا من يدعمهم إلا مراجع الشيعة وعلى رأسها مرجعية النجف الأشرف المتمثلة بسماحة السيد السيستاني (دام ظله) الذي يقول: (إن المرجعية الدينية تؤكد وقوفها مع الشعب الفلسطيني المظلوم في تمسكه بحقه في استعادة أراضيه المحتلة وإقامة دولته المستقلة، وتدعو العرب والمسلمين وجميع أحرار العالم إلى مساندته في ذلك) 2020/01/31
والإمام الخميني(قدس سره) الذي أسس ليوم القدس العالمي، وفصائل المقاومة وحزب الله والحشد الشعبي، لذلك لن نستغربَ أبداً حين نرى الفلسطينيين يرفعون ويقبّلون صور قائد الفيلق القدس الشهيد الحاج قاسم سليماني فهو أكثر من خدم فلسطين وقضيتها أكثر مما خدمها العرب أنفسُهم، حارب الإرهاب في أربع دول وقضى عمراً بكامله في جبهات القتال يذود عن حمى حرائر العرب ومقدساتهم وحرماتهم، وقد يسأل بعض قليلي الفهم من صغار الحلوم ما الدليل على ذلك؟
نقول لهم انظروا إلى طريقة استشهاده، كيف اغتالوه بأبشع طريقةٍ هذا أوضح دليل على أنه أوجعهم كثيراً و حطم مخططاتهم في الشرق الأوسط ولو أنه لم ينجزْ شيئاً وظل في إيران متكئاً على الأرائك لما كان من داعٍ لاستهدافه أبداً،
إنه من مهازل الدهر أنَّ قضيتنا تخلى عنها العرب وسلاحهم لا يتوجه إلا ضد إخوانهم العرب المسلمين بينما يسلَمُ منه الصهاينة وعبيد واشنطن،
ثمّ إنه ليس العرب فقط من خانوا وباعوا بل حتى من يتغنى بحقوق الإنسان وحقوق الطفل والمرأة نجده يُصابُ بالصمم والعمى حين يصلُ الأمر إلى فلسطين، كل منظمات المجتمع المدني والفمنست يغضضن أبصارهنّ عمّا تتعرضُ إليه نساء فلسطين من اعتداءات من قبل جيش الاحتلال الذي لم يترُك حرمةً للعرب إلا وانتهكَها، انتهكوا حرمة الشهر الفضيل، وحرمة المسجد والمصلين فيه، وحرمة الصائمين وقتَ إفطارهم، وحرمة البيوت الآمنة، روّعوا النساء والأطفال وقتلوا صبياً بعمر 16 عاماً فقط، وأطلقوا النار على سيدة فلسطينية مسنة ذات 60 عاماً،
وكما حصل في اليمن سابقاً ستجد منظمات أميركا والأمم المتحد لحقوق الإنسان مشغولون بإنقاذ قطة على شجرة، والنسويات يصارعْنَ من أجل نقضِ قوانين الميراث والحجاب وقوامة الرجل في الإسلام بما يتماشى مع رغبة النيوليبرالية التي تدعمهنّ، ولا نسمع لهم همساً من أجل فلسطين أو اليمن أو الأيزيديات في العراق.
إن العيون عبرى والصدور حرّى على ما يجري في عروس عروبتِنا، لكن كما قال الإمام المُغيّب موسى الصدر: (إن شرف القدس يأبى أن يتحرر إلا على أيدي المؤمنين الشرفاء)،
ارفعوا شعارات “فلسطين ليست قضيتي” سنرد عليكم طبيعيٌّ جداً فهي قضيةُ الشرفاء الأحرار فقط..
*كاتبة عراقية