في كتابها بعنوان “عقيدة الصدمة.. صعود رأسمالية الكوارث” تشرح المؤلفة الكندية ناعومي كلاين “أسطورة انتصار اقتصاد السوق الحرة عالمياً بطريقة ديمقراطية”، وتكشف “أفكار ومسارات المال، وخيوط تحريك الدمى” وراء أزمات وحروب غيّرت العالم في العقود الأربعة الأخيرة, حيث يقوم مذهب “رأسمالية الكوارث” على استغلال كارثة ما، سواء كانت انقلاباً، أم هجوماً إرهابياً، أم انهياراً للسوق، أم حرباً، أم تسونامي، أم إعصاراً، من أجل تمرير سياسات اقتصادية واجتماعية يرفضها السكان في الحالة الطبيعية.
وما جرى في مرفأ بيروت ومحيطه هو كارثة كبرى لا تخرج عن الحالات والتوصيفات المذكورة في كتاب ناعومي كلاين، وله تداعيات خطيرة على لبنان كله ومنها “فرض واقع جديد عليه” ولعل تهافت دول غربية وشركات معروفة بأطماعها لاستغلال الكارثة تحت عناوين “المساعدات الإنسانية” يحمل في طياته مخاطر جمة ربما تفوق أضرار انفجار المرفأ, فما رشح من شروط مرافقة لهذه المساعدات يؤكد أن هناك أجندات مخفية لم تظهر بعد.
والسؤال المشروع: هل يحتاج تقديم مساعدات إنسانية إلى تحريك أساطيل حربية وحاملات طائرات؟ وهل المساعدات الطبية وغير الطبية تحتاج إلى سلاح وعسكر أم وراء الأكمة ما وراءها؟ ففي أعقاب الانفجار حركت واشنطن بوارجها باتجاه السواحل اللبنانية كما أرسلت فرنسا حاملة طائرات هليوكوبتر تحمل على متنها 700 عسكري مدججين بالسلاح وحذت حذوهما كل من ألمانيا وبريطانيا, حتى إن أحد الصحفيين وصف المنظر قبالة شواطئ لبنان بـ”عجقة” عسكرية أجنبية غير معهودة.
وبالطبع لا يحتاج إسعاف لبنان لهذا الحشد العسكري وإلا صارت المساعدات الإنسانية احتلالاً عسكرياً فاضحاً وهو ما يبدو من التسابق الأمريكي والأوروبي إلى لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت, ومن هنا ليس مصادفة أن تطالب مجموعة منافقة في بعض الأوساط اللبنانية “بعودة لبنان إلى زمن الانتداب أو الوصاية” إلا أن ذلك لن يكون سوى أضغاث أحلام لمن لازالوا ينكرون أن لبنان كسر شوكة ما كان يسمى “الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر” وساهم مساهمة كبيرة جداً في هزيمة “مشروع الشرق الأوسط الجديد”.
tu.saqr@gmail.com